الحجّ وأهميّته

الشيخ د عبدالرحمن السديس

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات: الحج
عناصر الخطبة
1/نعمة الحج وفضله 2/من خصائص البلد الأمين 3/أسس ومرتكزات يجب توافرها من قبل الحاج 4/دعوة إلى الوحدة    5/أهمية وفضل العشر الأول من ذي الحجة الحرام.

اقتباس

أيا من أنضيتم الأبدان وفارقتم الولدان والأوطان وتجشمتم الفيافي والأقطار وجزتم الأجواء والبحار حاسري الرؤوس خاشعي النفوس امتثالا لأمر المنان وداعي خليل الرحمن: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [ الحـج:27] والإيمان المضطرم يعرف أقداكم والحنين الكمين حادي إقدامكم كي تنيخوا مطايا الشوق بأعظم بقاع الله تفضيلا وأكرمها جملة وتفصيلا ..

 

 

 

 

الحمد لله.. جعل البيت العتيق مثابة أمن لمن تذلل له وناجى، وأعظم الأجر لقاصديه عمارا وحجاجا، وألظوا: "لبيك الله اللهم لبيك" وحدانا وأفواجا، وأشهد ألا إله الله وحده لا شريك له شهادة تكون لجنانه مرتقى ومعراجا، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله.. خير من سلك للمناسك سهولاً وفجاجاً.. اللهم فصل عليه وعلى آله وصحبه الذين هفت قلوبهم للكعبة الغراء تأويباً وإدلاجاً، والتابعين ومن تبعهم بإحسان يرجو ازدلافاً إلى ربه وابتهاجها، وسلم يا رب تسليما كثيراً ما همت المزن غيثا ثجاجاً.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: خير ما يوصى به ويدرك وينحى في العظات ويعتبر وأزكى إبهاجا لكل قاصد وحاج.. وصية الله في أفضل منهاج: (وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ) [النساء:131]

أيها المسلمون: أيها المسلمون في سائر الأمصار والأقطار حجاج بيت الله الأبرار هاهو موسم الحج الأزهر ويومه الأغر الأكبر قد أضاءت في سماء الأمة أنواره وتلالأت لياليه وأشرق نهاره، وعبقت بالبشائر أزهاره وبالخيرات والبركات ثماره، وسطعت بأفئدة الحجيج فضائله وآثاره، فهيجت لواعج الأشواق، وأفاضت دموع الأحداق لكل قاصد تواق..وكم هي أمة الإسلام المباركة في لهف إلى فيئه الحنون وظله الوارف الهتون.. أليس هو رحلة التوبة والمغفرة والصفاء، والطمأنينة والسناء والتآلف والإخاء؟ أما وقد اكتنز منائح الأجر والرجاء والحرمة والابتهاج والدعاء

حطت مواسم للحجيج متاعها *** والكل من فرط السعادة يجأر
زهدوا عن الدنيا وباطل لهوها *** وتذكروا الآثام لو تتذكروا

أيها الوفد الكرام حجاج بيت الله الحرام: بكل الشرف والفخار وباسم قاطني هذه الديار نزف لكم ولأمتنا الإسلامية التهاني مضمخة والتحايا معطرة بإطلالة هذه المناسبة المبجلة وحلول أيامها الغر المحجلة.. جعلها الله -بمنه وكرمه- فواتح خير وبركة وانتصار واجتماع تآلف وعزة واستبصار؛ إنه هو الجواد الغفار.

أحبتنا الحجيج: بلاد الحرمين الشريفين رعاةً ورعايا أرضاً وسماءً صبحاً ومساءً جبالا ًووهادا ً، سهولا ومنآداًً يستبشرون بكم ضيفاً عزيزاً مرقوباً ووفداً كريماً محبوباً.

مرحبا بكم في مهبط الوحي *** التي حطها الطهر وفيض المنعم
أمرها في الناس ما أعظمه *** أذهلت قلب وعقل المسلم

فطبتم وطاب ممشاكم، ورمتم وكرم مسعاكم، وبلغكم المولى رجاكم ومناكم.. شعاركم تلبية مجلجلة بالتوحيد

لبيك يا رب الحجيج *** جموعه وفدت إليك
ترجو المثابة في *** وتبتغي الزلفى لديك
لبيك والآمال والأفضا *** ل مـن نعمى يديك

ضيوف الرحمن: أيا من أنضيتم الأبدان وفارقتم الولدان والأوطان وتجشمتم الفيافي والأقطار وجزتم الأجواء والبحار حاسري الرؤوس خاشعي النفوس امتثالا لأمر المنان وداعي خليل الرحمن: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [ الحـج:27] والإيمان المضطرم يعرف أقداكم والحنين الكمين حادي إقدامكم كي تنيخوا مطايا الشوق بأعظم بقاع الله تفضيلا وأكرمها جملة وتفصيلا: (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [آل عمران:97] وترتاد الحِمامان حمى الواحد الديان: ... (وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا...) [آل عمران:97].

هنيئا لكم وقد كحلتم أعينكم برؤية أرض درج عليها الحبيب وانبثق منها نور الرسالة الرحيب.. على صاحبه صلاة تترى وسلام عبق رطيب؛ فليكن ذلك تقوية لإيمانكم وبعثا لعزائمكم وشحنا لهممكم.. نعمى أيتها الوفود المباركة.. ها قد حقق الله سؤلكم وبلغكم مأمولكم، فعاينكم البيت الأطهر والمكان الأزهر الذي استبى حبات الشغاف فأزهر ولسان حالكم ما أطمر بل أظهر.

قد هجرنا الديار والأهل شوقا *** وقطعنا القفار وعرا وسهلا
وأتينا شعثـا وغبــرا نلبي *** ودموع الأشواق تزداد هطلا

أما فاءت منكم القلوب إلى البيت العتيق محبة وإجلالا، وعنت إليه المقل وقد طوت رجاءات وآمالا.

بيت له الشرف المؤثل والسنا *** وله العلا والمجد والإيثار
حنت له حبا قلوب أسلمت ***وعنت له من عزه الأمصار

فيا لله: كم لهذه البقاع الشريفة والمشاعر المنيفة من محب يكابد الحنين وضرامه، والتبريح وسقامه، ليتضمخ في جنباته بعبق المغفرة والتقوى، وليبل هيامه برحيق الرضا والهدى.. كيف والدموع الحراء على الوجنات تنضح، والتباريح تترى في الأقوال لا تبرح.. حتى إذا قابلها من لا يملك دمع العين من حيث جرى فيا لمشاعرهم يردد هاتفهم:

وسرنا نشق البيض للبلد الذي *** بجهد وشق للنفوس بلغناه
رجالا وركبانا على كل ضامر *** ومن كل ذي فج عميق أتيناه

 

أيها الحجاج الميامين: وهذا البلد الأمين قد اختصه العليم الحكيم بخصائص لا تبلى وأحكام في التنزيل تتلى.. يأتي في اللآبة منها الأمن الوارف الموطد والآمان السابغ المؤكد.. قال تعالى: مقسماً ومنوهاَ: (وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) [التين:3]، وقال عز شأنه: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً...) [البقرة:125]

ولعظم منزلة هذا البيت وسمو مكانته.. هاهو الحبيب -صلى الله عليه وسلم- ينثر بين يدي أم القرى ثوب إحساسه المتصعر في شريف أنفاسه بقوله -عليه الصلاة والسلام-: "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي، والله لولا أني أخرجت منك ما خرجت " أخرجه الإمام أحمد والترمذي.

وقد أحاط -جل جلاله- هذا الأمن بحصن منيع وتهديد مريع لمن قصده بريبة أو أمه بخبث وخطيئة: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الحـج:25]

ذلكم -يا رعاكم الله- الأمن الأزلي المستمر والاطمئان الرباني المستقر، ولا غرو؛ فهو:

بلد شريف بالمناسك مجده *** مرت على تعظيمه الأعصار
ما زاغ فيه زائغ إلا غدا *** داء له أ و غالــه إعصـار

أخي الحاج المبارك الكريم: لا يخفى على شريف علمكم أن قدسية الحرمين الشريفين الشامخة وحرمتهما العظيمة الراسخة عقيدة أزلية ثابتة لا تغيرها العصور والمستجدات والأزمات، وكلا أن تنقضها الأزمان والمدلهمات، وحاشى أن تخضع للمساومات والمزايدات.. زادها الله تشريفا وتنويها، وبلغ الحجيج منها أماني لم تزل تنويها.

 

فلواحد كن واحدا في واحد *** أعني طريق الحق والإيمان

عن جابر -رضي الله عنه- قال: "فأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك".

وكذلك التحقق بالإخلاص لأنه الأصل والنبراس، وهو في الأقوال والأفعال أهم بمال وأساس: (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ..) [الزمر:3] يقول -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع: "اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة".. أخرجه ابن ماجة بسند حسن.

 

مواكب الحجيج: ويلتحق بتلك الأصول النفاع أصل المحبة والتأسي والإتباع؛ فمحبته -صلى الله عليه وسلم- اقتداءً واهتداءً لا امتحاناً وادعاءً: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ...) [آل عمران:31]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "خذوا عني مناسككم" ولكن يا عباد الله دون زيادة وإحداث أو نقص أو إنكاث مع استشعار لعظمة هذه الفريضة الجليلة ومقاصدها السامية النبيلة..

أليست هي الركن الخامس من أركان الإسلام وإحدى شعائره العظام.. في الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".. أخرجه البخاري.

ألا فليكن ملء دروبكم قول الحبيب -صلى الله عليه وسلم- مبشرا: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه".. متفق عليه.

فكم حامداً وكم ذاكرًا ومسبحاً *** وكم مذنبٍ يشكو لمولاه بلواه
وظل حجيج الله لليل واقفاً *** فقيل انفروا فالكل منكم قبلناه

أمة الإسلام: وفود بيت الله الحرام: إن شعيرة الحج في جوهرها البديع ومظهرها الأنيق المنيع، لتدعونا لاتخاذها منعطفا عملياً ومناراً ووقفة جادة لحل قضاينا ومسارا.

فحتام الشتات والاختلاف حتاما *** وإلى ما التناثر والتنافر إلاما

لقد حل الأوان وحان الآن لاجتناب شرف الزمان والمكان لمعاجلة محن الأمة ونزعاتها ووحر صدورها وخلافاتها إقليمياً ودولياً وعالمياَ، وأن يكون هذا الاجتماع الرباني مسباراً للأعمال ورائدا للآمال وعهدا للتناصر وتثبيت الأواصر، ومستأنفاً لنبذ التراخي وتأسيس التآخي: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) [آل عمران:103]؛ لاسيما في أولى قضاينا الكبرى..

قضية إخواننا في الأرض المباركة فلسطين.. الذين جرحتهم ظلمات الحصار والخطوب وانقسامات الإخوة على شتى الأهواء والدروب، وإخواننا في بلاد الرافدين الذين قرحتهم مآسي الحروب.. فأين رابطة العقيدة؟ أين إخوة الإيمان؟ (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10]

 

إننا باسم جموع الحجيج ننادي إخواننا في مواطن الحدث أن كفى الأمة خلافات ونزعات وانقساما كادت أن تضيع جوهر قضاياها وتحبط آمالها وتجرئ عليها أعداءها.. لكننا -بحمد الله- رغم ذلك كله لمتفائلون؛ فلتستبشري يا فلسطين وغزة بالنصر والشموخ والعزة.

إن هذه الشعيرة المباركة لمناسبة عظيمة لأن نزجي للعالم أكتع الهدايات الربانية والرحمات المحمدية التي تهتف بالحق والعدل والأمن والسلام، وترفرف بالرحمة والتسامح والصفاء والوئام، ونبذ الظلم والفساد والعنف والإرهاب والتفجيرات -والقرصنة بآخرة- والإجرام مهما كانت أسبابه ودوافعه.

 

وما المبادرات البطولية الإنسانية العالمية إلا خير ما يختتم به العام ويزداد شرفاً به الهام، وتلك -وأيم الله- أمارة الكياسة والحكمة والتبجيل بين الأنام كلل الجهود بالقبول والتسديد والتوفيق المزيد ودوام التأييد؛ إنه جواد كريم.

معاشر الحجيج تلكم -يا رعاكم الله- إشراقات ونفحات من روحانية الأنساك تضيء المبهم وتنير الأحلاك فالله الله في تعظيم البلد الحرام عما يدنسه حساً ومعنى، والبدار البدار في تعظيم هذه الشعيرة المباركة روحاً ومبنى.. (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) [ الحـج:32] ولتحذروا -وفقكم الله- لمراضيه تعريضها للنقائض والهنات والفرطات.. بوركتم بالفقه في أحكام المناسك والتبصر فيها.. اسلكوا لذلك كل سبيل وفج؛ سلوا العلماء والدعاء عما أشكل عليكم؛ فهم -بحمد الله- على طرف السنان منكم.. اجعلوا من هذه المناسبة المناحة فرصة سانحة لإسعاد القلوب وحط الأوزار والذنوب وتكفير الخطايا والحوب، ونميراً عذباً لاكتساب الحسنات ورفعة الدرجات قبل الندم والفوات والحسرات على الهفوات: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) [البقرة:197].

نسأل الله -عز وجل- في أول الأمر وبادئه وختامه وعائده أن يوفق حجاج بيته الحرام وأن يعينهم على أداء مناسكهم على التمام، وأن يجعل حجهم مبرورا وذنبهم مغفورا وسعيهم مشكورا، وأن يعيدهم إلى بلادهم سالمين غانمين مأجورين غير مأزورين.. وتحية تقدير وإجلال وإعلان للعاملين على راحة الحجيج في كافة الأصعدة والمواقع المدنية والأمنية، وهنيئا لهم هذا الشرف العظيم والمرتبة السنية.. لا زال العون والسداد أليفهم والإخلاص والاحتساب حليفهم.. اللهم آمين.

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة.. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربي رحيم ودود.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله امتن على الحجيج بالنفحات والألطاف وخصهم بالتلبية أزكى هتاف، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أتم المناسك بشعيرة الطواف، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله سني الشمائل زكي الأوصاف، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، الألى انتفعوا بمقاصد الحج بين نهل واغترافا ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين-.

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- اتقوا الله يا حجاج بيت الله واعمروا أوقاتكم الشريفة بالطاعات وازدلفوا في أيام العشر بمزيد القربات فنعمة الفضائل في هذه الأيام القلائل.

أمة الإسلام: من المنن التي ينشرها لسان الشاكرين ولهج بها ذكر الذاكرين التواصي على العشر الأول من ذي الحجة الميمون، كيف وقد أقسم بها الباري في محكم كتابه وعظم شأنها في بديع خطابه فقال -سبحانه-: (وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [الفجر:1-2] قال الحافظ ابن كثير وغيره من المحققين -رحمهم الله- المراد بها عشر ذي الحجة وقال -جل اسمه-: (ليذكروا) كما حث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- على احتساب أوقاتها وانتهاز ساعاتها فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله -عز وجل- من هذه الأيام قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" أخرجه البخاري في صحيحه..زاد أحمد في مسنده: "فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد"

الله أكبر الله أكبر: بشراك يا أمة الإسلام ويا نعماً لكم أيها الحجاج الكرام، ويا له من فضل عظيم وموسم بالخيرات وفير جليل، فأكثروا فيه من الإحسان والبر والطاعات والخير، مع التحلي بجميل السجايا وشريف الأخلاق والشمائل ولزوم السكينة والتزام النظام، ويخص بكريم الوفادة ونبل الرفادة وحسن الإفادة الحجاج الميامين؛ لأنهم الأحرى من حيث الهدوء والرفق والرحمة والتوجيه والإرشاد وحسن التعامل، ويتأكد ذلك بحق القائمين على مؤسسات وحملات الحج والعمرة؛ فليتقوا الله في وفود الرحمن وضيوف الملك الديان، وإنهم -بإذن الله- لفاعلون وعند حسن الظن بهم صائرون والله المسئول بمنه وكرمه أن يتقبل منكم ومنا فضلا منه وجودا ومنا إنه خير مسئول ومدعو وأفضل مأمول ومرجو.

هذا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على النبي المصطفى والرسول المجتبى والحبيب المرتضى بأبي هو وأمي -صلى الله عليه وسلم- خير من وقف بالمشاعر وأدى المناسك وأبان أحكام الحج لكل ناسك فقد أمركم بذلك المولى الجليل فقال في محكم التنزيل وأصدق القيل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]

والله ما ذرأ الإله ولا برى خَلقاًَ *** ولا خُلقاً كأحمد في الورى
فعليه صلى الله ما قلم جرى *** أو لاح ضوء في الأباطح والقرى

اللهم صل وسلم وبارك على سيد الأولين والآخرين ورحمة الله للعالمين نبينا وحبيبنا وقدوتنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين والتابعين ومن تبعهم بإحسان يا رب العالمين..

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وسلم الحجاج والمعتمرين في جوك وبرك وبحرك أجمعين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين وأصلح لنا شأننا كله..اللهم انصر المسلمين في كل مكان..اللهم انصر المسلمين المستضعفين في دينهم في كل مكان..اللهم انصرهم في فلسطين على الصهاينة الغاصبين المحتلين..اللهم انصر إخواننا هناك وفي بلاد الرافدين وفي كل مكان يا حي يا قيوم يا ذ الجلال والإكرام

يا رب فاغفر ما يكون وحسبنا *** رضاك فإنا لا نرد ونطرد
وهيئ لنا بالعفو منك عناية *** فحاشا لأبواب العناية توصد

 

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار..ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين..اللهم خص بالتوفيق والتأييد والتسديد إمامنا وولي أمرنا.. اللهم وفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وهيئ له البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه.. اللهم وفقه ونائبه وإخوانه وأعوانه إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد..اللهم اجزهم خير الجزاء وأوفره جزاء ما قدموا ويقدمون لحجاج بيتك الحرام..اللهم اجعله خالصا لوجهك الكريم واجعله في صحائف أعمالهم وفي موازين حسناتهم يا ذا الجلال والإكرام..اللهم وفق جميع قادة المسلمين لتحكيم شرعك واتباع سنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- يا رب العالمين..

اللهم وفق رجال أمننا، اللهم وفق رجال أمننا، اللهم وفق رجال أمننا وأعنهم على خدمة الحجيج يا ذا الجلال والإكرام..اللهم وفقنا جميعاً لما تحب وترضى وخذ بنواصينا للبر والتقوى واجمعنا في دار كرامتك يا حي يا قيوم..تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال بمنه وكرمه نسأل الله لنا ولكم الإخلاص والعون والقبول؛ إنه جواد كريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

 

 

 

 

 

 

المرفقات

وأهميّته

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات