عناصر الخطبة
1/ مفاسد جهاز التليفزيون 2/ ذكر نماذج لبعض مواده المفسدة 3/ الآثار السيئة التي تركها هذا الجهاز في واقعنا 4/ خطورة التلفزيون على العقيدةاقتباس
نزع هذا الجهاز الحياء بالكلية من البيوت، وقضى تماماً على الفضائل والأخلاق الإسلامية حتى لتجد الأسرة كاملة أمام هذا الجهاز وقد تبلدت أحاسيسهم من التعود على رؤية المنكر وإقراره، فأصبحت...خامساً: المسلسلات الخاصة بحروب الفضاء، وهي من أخطر المسلسلات إفساداً لعقيدة التوحيد والأخلاق الإسلامية، فقد وضعوا...
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، …
أما بعد: لا أحد ينكر أن وسائل الإعلام المسموعة، والمقروءة، والمرئية، احتلت مكانة كبيرة بين العالم في توجيه البشر نحو عادات وتقاليد وأفكار ومخططات مختلفة وعديدة.
وقد كان من المفروض عقلاً وديناً وخُلقاً أن تكون تلك الوسائل في بلاد المسلمين، يحرص القائمون عليها بأن تكون أداة بناء للمجتمعات، ولكن الواقع ومع كل أسف يخالف ذلك، فأصبحت وسائل الإعلام بجميع شُعَبه وفي بلاد العالم الإسلامي أداة هدم وتخريب، فأصبحت تبث سموماً على الهواء وغير الهواء تُفسِد العقيدة والأخلاق، وتأمر بالمنكر وتنهى عن المعروف.
وإن من أخطر وأشد هذه الوسائل إفساداً وتأثيراً جهاز التلفاز، وذلك للأسباب الآتية:-
أولاً: الصورة والحركة واللون، وذلك من خلال الإشارة بالحركات والصور؛ حيث فيه حواس السمع والبصر، فهذه الخاصية تجعل الرسالة التلفزيونية أكثر قدرة في الوصول للمشاهد وأكثر تأثيراً.
ثانياً: قدرته على الالتقاء بالجماهير، وكأنه يخاطبهم، بل هو يخاطبهم فعلاً ويرونه ويشاهدونه بخلاف الوسائل الأخرى.
ثالثاً: قدرته على التكرار. التكرار أيها الإخوة.. من الأمور المملة، وغير المحببة إلى النفوس.
ولو كان هناك مدرس يعيد كلامه ويكرره، لأُصيب كثير من الطلاب بالملل، ولكن هذا الجهاز من خصائصه أنه يكرر ويكرر والناس لا تمل منه؛ لأنه يعرضها بأشكال وصور وألوان مختلفة، فيحسبها الناس أشياء جديدة، وهي في الواقع مكررة، دون شعور من المشاهد بهذا التكرار.
لهذه الأسباب وغيرها نزع هذا الجهاز الحياء بالكلية من البيوت، وقضى تماماً على الفضائل والأخلاق الإسلامية حتى لتجد الأسرة كاملة أمام هذا الجهاز وقد تبلدت أحاسيسهم من التعود على رؤية المنكر وإقراره، فأصبحت نفوسهم تقبل أن يحتضن رجل امرأة ويقبّلها؛ لأنه يمثل دور أبيها أو دور زوجها، وصدّق الناس ذلك ولم يعد ينكر.
وأصبحت الأسرة المسلمة لا تنكر وجود رجل وامرأة في وضع الزوجين؛ لأن هذا تمثيل، وهذا ممثل محترم، وإنها ممثلة قديرة!!!
كما أصبحت المناظر والمشاهد لشرب الخمر وحفلات الرقص والتدخين والاختلاط وسفور المرأة وغيرها من المفاسد أمراً واقعاً في المجتمع ولا نكارة فيه.
هذا مع مصادمتها الظاهرة لشرع الله تعالى ومحادتها لله تعالى ولرسوله، وأصبح الاجتماع الأُسري الذي يقوم رب الأسرة بغرس القيم والأخلاق والمبادئ الإسلامية في أفرادها صار نسياً منسياً، فماذا حلّ محلها؟!
حل محلها القيم التلفزيونية، والأفلام الكرتونية، والأخلاق العلمانية، المشتقة من أفلام العنف والقوة، ومسلسلات المكر والخداع والرذيلة، وتمثيليات الجنس والإثارة والجريمة، ومن ثم نحى هذا الجهاز الأسرة عن دورها التربوي الأصيل، فتعرض فيها قصص مصورة، أو مسموعة، أو الاثنان معاً، أو ألعاب مسلية، أو مسابقات وفوازير. المهم أنه يغلب عليها طابع القيم والأهداف القومية، والانتماء العرقي وهو مخالف بجملته لشريعة الإسلام.
والإحصائيات التي أُجريت مؤخراً وتبين سلبيات هذا الجهاز كثيرة جداً، منها دراسة أُجريت على عدد من الشباب اللبناني من الذكور والإناث تتراوح أعمارهم بين الحادية عشرة سنة والثامنة والثلاثين سنة، فأكدت الدراسة على أن التلفاز يؤدي إلى: انتشار الجريمة والعنف، وشيوع الرذيلة والجنس، وشيوع أساليب النصب والاحتيال، وانشغال المشاهد عن القراءة والاستذكار، والسلبية والتراخي وتقييد حركة الجسم وضعف البصر وغير ذلك من المشاكل والبلايا. فأنتج هذا الجهاز مجتمعات منحلة، انتشر فيها شرب الدخان، بل وشرب المسكرات والمخدرات، وشاعت الفاحشة والرذيلة.. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
من أجل هذا وغيره فقد عزمت بإذن الله أن أخصص جمعتين أتحدث فيهما عن هذا الجهاز، ولن يكون حديثي عن حرام وحلال، وأفتى العالم الفلاني، وقال الشيخ الفلاني، مع أن الأصل لو علم المسلم بأن هذا حرام فالأصل عليه تركه ولو أفتى عالم رباني موثوق في دينه وأمانته، فالأصل قبول المسلم فتوى عالمه ، ولكن حديثي عن استعراض بعض ما يُبَث فيه، ثم التعرض للسلبيات التي تركها هذا الجهاز في واقعنا.
أيها المسلمون: وقبل أن أعرض لكم الآثار السيئة التي تركها هذا الجهاز في واقعنا، لعلي أعرض عليكم بعض ما يُعرض في هذا الجهاز، وهو عبارة عن مقتطفات فقط اخترتها من بين ركام كثير، وأستميحكم عذراً أيها الإخوة، أن أذكر أسماء بعض الأفلام التي تُعرَض علينا، أو أسماء شخصيات وإن كان هذا المنبر يجب أن يتنزه عن هذه الألفاظ، لكن أحياناً يكون لا بد منه؛ لأن البعض قد لا يدرك بالإشارة، فلا بد من العبارة، وقد لا ينفع التلميح فلا بد من التصريح.
فمما يُعرَض في واقعنا في هذا الجهاز..
أولاً: برامج من إنتاج مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربي، وهذه البرامج خالية تقريباً من الأهداف التربوية الإسلامية، فهي لا ترمي إلا إلى التسلية والفكاهة، فمن برامجها: برنامج – افتح يا سمسم – وهو أمريكي الأصل، ففكرة البرنامج أمريكي ويعرض هناك لأهداف تعليمية، بينما التقليد الذي يعرض عندنا يندر بل ينعدم فيه إبراز الأهداف الإسلامية، وكأنه لا يُعرَض على مسلمين.
وفي بعض حلقاته تبرز أهداف وقيم بعيدة عن الإسلام، وإن كانت تسمى قيماً مثل حب العمل، واحترام العمل، والنظافة والنظام، فإن غرس هذه القيم على أساس الإيمان بالله واليوم الآخر وما عند الله تعالى من الثواب في عملها والعقاب في تركها، يجعل لها صفات الاستمرارية والدوام، بعكس أن تقوم على أساس الأخلاق العلمانية اللادينية التي تدعو إلى المصلحة الفردية والجماعية.
والذي يزيد الطين بلة، هو أن تقوم بتقديم برامج الأطفال ممثلة هابطة أو راقصة ماجنة، وتظهر أمام الأولاد في صورة مبتذلة بكامل تبرجها وزينتها وتميعها وسيقانها العارية، وهي تعلّم الأولاد الفضيلة والقيم والأخلاق، فهل هناك تناقض أكثر من هذا؟!!
ثانياً: مما يُعرَض على نسائنا وأولادنا.. برامج منتجة في بلاد عربية مثل الأردن ومصر ولبنان، ونجد أن القائمين على الإنتاج اللبناني نصارى، ومن ألد أعداء الإسلام وأهله، ويغلب عليها الحوار بين الحيوانات والآدميين، ومأخوذ أغلبه من كتاب كليلة ودمنة، مع ما هو معروف عن صاحب الكتاب من زندقته وأهدافه الهدامة ضد الإسلام، ولأجل ذلك اختاروا هذا الكتاب، كما يستخدمون أسماء للشخصيات الممثلة أغلبها نصارى، وهو ما يدل على هوية القائمين على تلك البرامج.
ثالثاً: ومما يُعرَض برامج منتجة أجنبياً وهي معظمها بالإنجليزية وأمريكية الصنع، وتقوم بترجمتها مؤسسة الكويت سواء أفلام أو مسلسلات يُنشر في بعضها أفكار المؤسسات التنصيرية في ديار المسلمين بغرض تبديل عقيدتهم.
وهي بصفة عام تتسم بـ:
- خلوها تماماً من القيم الإسلامية وهدفها الأساس هو التسلية فقط.
- دسّ السموم فيما ظاهره التسلية بحيث لا يتفطن لذلك المشاهدون، فيضعون خلال هذه البرامج السموم التي يريدون نشرها، وجميعها مخالف للقيم والأهداف الإسلامية، وتسبب خطراً على عقيدة وأخلاق الصغار حيث ينشئون عليها.
رابعاً: عرض أكثر من مرة مسلسل كرتوني بعنوان (الإله زيلا) يدور مضمون القصة حول أسرة تجوب البحار والمحيطات، ثم تعترضها وحوش خرافية تهدد هذه الأسرة فلا ينقذها إلا (الإله زيلا) الذي تستدعيه الأسرة البشرية بجهاز إلكتروني فيجيب في الحال، وينقذ الجماعة البشرية من الوحوش المعترضة بالصراع معه ثم بهزيمتهم.
ولهذا الإله زيلا ابن يصاحب الجماعة البشرية يدعوه فيجيب وهي صورة مصغرة لاعتقاد النصارى في الأب والابن، ولا شك أن هذا تصور وثني للألوهية عنواناً وشكلاً وموضوعاً، إن لم يفهم الولد أو الطفل العربي بسبب اللغة؛ فإن الأحداث والمشاهد أمام الأعين تترك بصماتها في نفسه، مما يشكّل خطراً على فطرته الموحدة؛ إذ يكفي في تصور الطفل أن هناك كائناً بهذه القوة، وبهذا النفع للإنسان يُدعى فيجيب في الحال؛ فيكون ذلك جرحاً وخدشاً لفطرة التوحيد التي هو عليها.
خامساً: المسلسلات الخاصة بحروب الفضاء، وهي من أخطر المسلسلات إفساداً لعقيدة التوحيد والأخلاق الإسلامية، فقد وضعوا أسلوب الإثارة فيها بكميات هائلة لجذب أكبر كمية من المشاهدين؛ حتى انكب عليها الكبار قبل الصغار.
وهي تقوم على افتراض وجود أعداء للبشر في كواكب أخرى يهددون الأرض، وهذا الافتراض مخالف للواقع الكوني الذي أخبرنا عنه الله عز وجل في القرآن؛ فالمخلوقات الحية في هذا الكون هي الملائكة والجن والإنس، ولم يخبرنا الله عز وجل في كتابه ولا نبيه صلى الله عليه وسلم في سنته بأن مخلوقات فضائية تغزو الأرض وتهلك الإنسان.
وهذا من شأنه أن يجعل الأولاد يعتقدون بالتفسير الأسطوري الخرافي لنشأة هذا الكون، ومحو ما ثبت في القلوب من أن كل شيء في الكون قد تم – ويتم – بأمر الله تعالى وإرادته بما خلق ودبر وأحكم وصنع، وهذا من شأنه إفساد عقيدة الأطفال التي فُطروا عليها.
ومن أخطر نتائج هذه المسلسلات: صرف عقول الأولاد وقلوبهم عن العدو الحقيقي وهم شياطين الإنس والجن إلى تصور واعتقاد عدو وهمي، وهو العدو الحقيقي في نظرهم الفاسد، وأنه لا عدو سواه، فهو عدو قادم من الفضاء وهذا تصور كاذب.
ومن النتائج السلبية لهذه الأفلام: تصور وٍحدة البشرية بإزاء عدو قادم من الفضاء وهو تصور كاذب؛ حيث أخبرنا الله عز وجل في كتابه بحتمية الصراع، والخلاف بين البشر بسبب اختلاف الدين، فقال تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) [هود: 118- 119].
وقد أنبأنا الله سبحانه وتعالى بعداء المشركين واليهود والنصارى الدائم للمسلمين، وهو ما يجب تربية أبنائنا عليه، وليس على أساس وحدة البشرية المواجه للغزو الفضائي الذي لن يحدث حتى قيام الساعة. وهذا يصرف أولاد المسلمين وكذلك كبار المشاهدين لتلك المسلسلات عن الإيمان بالتبرؤ من أعداء الله تعالى من اليهود والنصارى المتمثل في قول الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) [الممتحنة: 4].
سادساً: تعمد أفلام ومسلسلات غزو الفضاء وحرب النجوم إلى إلغاء جانب الألوهية تماماً؛ حتى تغرس في نفوس الأولاد – عن طريق غير مباشر – الإلحاد والكفر بوجود إله حق، فيعمدون إلى تفسير الكون تفسيراً وثنياً صريحاً. فهناك فيلم عن الفضاء عُرض في كثير من البلدان العربية يحكي عن عقل مركزي للكون يُعزى إليه تنظيم الكون، وهو كفر صريح وعودة إلى مذهب الرواقية اليوناني الذي يفسر تدبير كل شيء في الكون بالعقل الكلي. كما يعرض فيلم قامت بترجمته (مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك) عن الفضاء يدعى (صفر صفر واحد) وهو يتحدث عن مخلوقات خرافية تغزو الأرض، وأحداث الفيلم تدور حول ما يقع في سنة 2999م فهي عن أحداث في المستقبل لم تقع بعد.
كل هذه الأفلام تتحدث عن كون كبير غير محكوم بالقدرة الإلهية، أو تفسيره على أنه مخلوق بقوى شريرة، وأخرى خيّرة يتصارعان مع تجاهل القدرة الإلهية المدبرة لكل شيء في الكون، وهو كفر صريح بالعودة إلى مذاهب وديانات الهند الوثنية كالديصانية التي اعتقدت بإلهين (النور والظلمة) وتبعتهم المانوية والمزدكية والثنوية الذين قالوا بالخير والشر.
بل أشد من ذلك، وأنكى أن يعرض في تلفزيون الكويت حلقة من رسوم متحركة تدور قصتها حول وجود خواتم خاصة تُعطي من يحصل عليها ويلبسها القدرة على التصرف بقوى الطبيعة، مثل الريح والنار والماء. والأكثر من ذلك السيطرة على الجوارح البشرية، وهناك كما تحكي القصة ما يسمون بفرسان الكواكب الخمسة، وهؤلاء إذا اتحدوا بخواتمهم؛ خلقوا كائناً قاهراً يقهر من يواجهه.
كما يلاحظ على البرامج الأجنبية أن عنصر التشويق فيها قائم على الصراع والحرب ابتداء بالحرب بين القطط والفئران، وانتهاء بالحرب بين المركبات الفضائية. والمهم فيها أن هوية وعقيدة كلا الفريقين الصديق والعدو مخيفة تماماً، وهذا تضليل وتشويه على نفس الطفل المسلم الذي يجب أن يُرَبَّى على أن الخير في دينه، والشر فيما سواه، وأن العدو الحقيقي هم اليهود الذين اعتدوا على أرض المقدس، والنصارى الذين يكيدون لهدم الإسلام والمسلمين في البوسنة والصومال.
سابعاً: كما تعمل هذه البرامج المقدمة للأطفال في صور الكارتون جاهدةً على إظهار صور القتال والصراع من أجل المرأة وحبّها؛ بما في ذلك من إظهار للسكر والتدخين والاحتيال وغيرها من الصفات الذميمة. فيلطّخون الفطرة البريئة بالحب والغرام والعشق والقتال من أجل المرأة العشيقة للبطل.
ومن الغريب أن نجد بعض الأطفال يحرصون على أكل السبانخ تقليداً لما يفعله البطل لتنتفخ عضلاته! فهل نستبعد أن يقلد الأطفال الغرام والعشق والقتال من أجل المرأة المحبوبة؟! ونقول: لا ضرر فإنها برامج أطفال.. !
ثامناً: وتربِّي هذه البرامج عموماً المشاهدين والأطفال منذ الصغر – على الولاء لغير الله تعالى ولغير دين الإسلام، بل وتربيهم على الولاء للأرض وللوطن وللحاكم وللجنس والعِرْق والحضارات الآشورية والبابلية والفرعونية و.... و.... إلخ؛ كلٌ حسب البلد الذي تُعرَض فيه هذه البرامج– مما له الأثر السيئ في هدم القيم الإسلامية التي يجب أن يُرَبَّى الطفل عليها من الولاء لله تعالى والبراءة فيه؛ فينشأ الطفل من خلال تلك البرامج في حمية جاهلية يتطاحن مع من يخالفه في العِرْق والحضارة والوطن، ويتفق في الوقت نفسه مع من معه على دين الإسلام – شكلاً فقط – حيث يفتخرون فيما بينهم – في حال السلم – بأنهم أهل عروبة واحدة لا على أنهم أهل دين واحد وهو الإسلام.
فاتقوا الله أيها الإخوة المسلمون، ولا تقولوا هذا فيلم كرتون، وهؤلاء أطفال، فالمسألة جد خطير، والمسألة مسألة دين وعقيدة، وقبل هذا كله أمور مقصودة وموجهة لهذه الأمة، فنسأل الله جل وعلا.. أن يكفينا شرها.
الخطبة الثانية:
الحمد لله:
تاسعاً: كما يُلاحَظ في المسلسلات الأجنبية المعروضة في الدول العربية أنه يتعمد في بعضها السخرية بالدين الإسلامي وأهله، وهناك مسلسل إنجليزي الإنتاج تدور قصته حول مجموعة من الدارسين للغة الإنجليزية، وغير الناطقين بها، ومن جنسيات مختلفة في أحد مراكز تعليم اللغة الإنجليزية بإنجلترا، والقائمون على التدريس، وكذا الناظرة إنجليزيون. وكان من بين المجموعة الدارسة طالب باكستاني اسمه (علي) كان الوحيد دون الطلبة الذين من جنسيات مختلفة في صورة مبتذلة للغاية وغير أنيقة، وتعمد بأن يكون البنطلون قصيراً جداً والجاكيت غير مقفول جيداً، كما أنه دار في أحد الحلقات الحوار الآتي: -
الطالب علي: أريد أن أستأذن يا أستاذ؛ لأن زوجتي مريضة في المستشفى.
الأستاذ: تفضل.
ثم تمر أحداث المسلسل، ثم يأتي عليّ ويدعو الطلبة والأستاذ إلى حضور وليمة عرسه، فاندهش الأستاذ قائلاً: ولكنك متزوج.. كيف تتزوج بثانية ؟! فقال علي: إن هذا جائز في ديني، ما دمت قد أخذت إذن زوجتي الأولى.. وهذا هو التضليل بعينه، حيث استهزءوا بدين الله تعالى في إباحة التعدد، كما نسبوا الخطأ إلى دين الله تعالى بأن جعل الزواج بثانية بإذن من الأولى، فجمعوا بين الاستهزاء والتضليل. وعرض هذا المسلسل أكثر من مرة وقل من يلاحظ ذلك.
عاشراً: كما يلاحظ أيضاً في بعض المسلسلات استحالة وقوع بعض الظواهر في الواقع كطيران بعض الآدميين في الهواء في مثل مسلسلات (سوبرمان)، (الوطواط) وغيرهما، فتترك هذه الظاهرة المخالفة للواقع أثراً سيئاً في نفوس الأولاد الذين لا يميزون بين الحقيقة والخيال، فيعمدون إلى محاكاة شخصيات المسلسلات عموماً، وإن كانت مخالفة للواقع حتى وجدنا مؤخراً طفلاً قد ألقى بنفسه من نافذة أحد الأدوار العلوية بعمارة بالقاهرة؛ محاكاةً لشخصية البطل في الطيران والملبس، وقد ذكرتها الصحف المصرية بمنتهى الأسى لوفاة الطفل مهشمة أعضاؤه.. ولا عجب أن نجد طفلاً آخر يسأل والده: من أكبر: الله أم البطل الفلاني ؟!
الحادي عشر: ومن الآثار السيئة التي تؤثر على عقيدة الأولاد – وكذا الكبار – أن في هذه المسلسلات والبرامج وكذا الأفلام كثيراً ما تذكر عبارة التعجب والدهشة بمعنى يا إلهي! والإله عندهم هو عيسى عليه السلام، لذا ففي بعض الأحيان يذكرون عيسى بدلاً من إلهي.
ولكن مما يؤسف أن نجد كثيراً من شباب المسلمين المفتونين بالغرب – يحاكي نفس العبارة عند التعجب والدهشة ويقول العبارة بالإنجليزية رغم عربية لسانه، وقد سمعت بأذني – أحد المسلمين – وهو يذكر عيسى بدلاً من الله.. وجهله بالعبارة لا يعافيه من إثم محاكاة أهل الكفر.
الثاني عشر: كما يحرص أعداء الإسلام على نشر النصرانية من خلال جهود المؤسسات التبشيرية – التنصيرية – أو غيرها ودسّها في البرامج المقدمة للأطفال في الدول العربية. ففي حلقة من الرسوم المتحركة واسمها (مغامرات نوال)، وهي – مما يؤسف – من إنتاج مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج قد ظهر في أحد المشاهد أحد القساوسة، وقد لجأ إلى الاحتماء بالصليب عندما داهمته مجموعة من القتلة واللصوص بحثاً عن التابوت الذي فيه بطلة القصة (نوال)، وقد تكرر مشهد لجوء القس إلى الإمساك بالصليب مع تكرار مشهد حصول الأمن وتحقق الفرج وزوال الخوف بذهاب القتلة واللصوص بفضل اللجوء إلى الصليب – على زعمهم – وإنا لله وإنا إليه راجعون، وكأن مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك مشتركة بالفعل مع مؤسسات التنصير.
وإنّا لنتساءل عن تأثير هذا المشهد وغيره على عقيدة أبناء الإسلام في صرف الاستعانة والاستغاثة بالله تعالى إلى الاستغاثة بالصليب!!
الثالث عشر: كما يلاحظ في هذه المسلسلات وجود المرأة في صورة إباحية عارية أو شبه عارية بما يخالف شكلاً ومضموناً منهج الإسلام الحنيف.
وبالجملة فإنها برامج موضوعة ومدروسة لهدم الاعتقاد بالألوهية ومحاربة الإسلام وأهله من قبل اليهود والنصارى والصهيونية العالمية.
وختاماً أيها الإخوة: ولكي لا أطيل عليكم أكثر من هذا، فهذه عبارة عن لقطات فقط وإلا فما يعرض أدهى وأمر.
وهل تركت هذه البرامج سلبيات في الواقع، بالتأكيد نعم.. وهذا ما سنتعرض له في الخطبة القادمة بإذن الله.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين.
اللهم وأبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.
اللهم رحمة اهد بها قلوبنا، واجمع بها شملنا ولم بها شعثنا، ورد بها الفتن عنا. اللهم صلّ على محمد …
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم