التحذير من الكبر وبيان آثاره السيئة

صالح بن فوزان الفوزان

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/التحذير من الكبر 2/ الآثار السيئة للكبر 3/ من عقوبات الكبر العاجلة والآجلة 4/ علاج الكبر .
اهداف الخطبة
التحذير من الكبر وبيان آثاره السيئة / الإرشاد إلى علاج الكبر .
عنوان فرعي أول
لا يحب المستكبرين
عنوان فرعي ثاني
ولا مثقال ذرة
عنوان فرعي ثالث
سبيل الخلاص ؟

اقتباس

إن التكبر عن الحق والتكبر على الخلق يوجبان أنواعاً من العقوبات العاجلة والآجلة، ومن أعظم ذلك أن المستكبر يصرف قلبه عن الهدى قال تعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) وقال تعالى: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ).

 

 

 

 

الحمد لله الذي منّ علينا بنعمه التي لا تُحصى، وأرانا من آياته ما فيه عبرة لأولي النهى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي لا ينطق عن الهوى، (إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى) [النجم:4 ]، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وكل من سار على طريقته المثلى، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها الناس اتقوا الله تعالى بامتثال أوامره، واجتناب معاصيه لعلكم تفلحون، أيها المسلمون –خصلة ذميمة، وآفة عظيمة، حذر منها الله ورسوله غاية التحذير، يتصف بها كثير من الناس اليوم، ألا وهي صفة الكبر، أعاذنا الله وإياكم منها، قال بعض السلف: أول ذنب عُصي الله به الكبر، قال الله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) [البقرة:34] 

 

وقد وضح النبي صلى الله عليه وسلم معنى الكبر في الحديث الذي رواه مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يُحب أن يكون ثوبُه حسناً ونعله حسنة. قال إن الله جميل يحب الجمال –الكبر: بطر الحق وغمط الناس"  وبطر الحق: دفعه ورده على قائله، وغمط الناس: احتقارهم- فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن التجمل في الهيئة واللباس أمر محبوب عند الله وليس هو الكبر، وإنما الكبر صفة باطنة في القلب تظهر آثارها في تصرفات الشخص فتحمله على عدم قبول الحق وعلى احتقار الناس، فإبليس لما تكبر على آدم حمله على أن امتنع من امتثال أمر ربه له بالسجود، وهو الذي حمل الكفار على مخالفة الرسل لما جاءوهم بالآيات البينات: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) [النمل:14] والكبر يمنع المستكبر من أن يدعو ربه ويعبده قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر:60]

والكبر: هو الذي يمنع بعض الناس الذين أعطوا شيئاً من الثروة أو الرئاسة على ترك الصلاة في المسجد، فترى المسجد إلى جانب بيت أحدهم أو قريباً منه، ويسمع الأذان كل وقت، فلا يدعه الكبر يذهب إلى المسجد، ويقف بين يدي ربه مع المصلين، لأنه يرى نفسه أكبر من ذلك.

 

والكبر هو الذي يحمل بعض الناس على ترك العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم كما روى مسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: أن رجلاً أكل عند النبي صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: "كل بيمينك، قال: لا أستطيع. قال: لا استطعت، ما منعه إلا الكبر، قال فما رفعها إلى فيه" .

 

والكبر: هو الذي يمنع من تعلم العلم النافع كما قال بعض السلف: إن هذا العلم لا يناله مستح ولا مستكبر، والكبر: هو الذي يحمل بعض الناس على إسبال ثيابه تحت الكعبين والتبختر في مشيته، ففي الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عله وسلم قال: " بينما رجلٌ يمشي في حلة تعجبه نفسه مُرَجّل رأسه يختال في مشيته، إذ خسف الله به فهو تجلجل في الأرض إلى يوم القيامة".

عباد الله: إن التكبر عن الحق والتكبر على الخلق يوجبان أنواعاً من العقوبات العاجلة والآجلة، ومن أعظم ذلك أن المستكبر يصرف قلبه عن الهدى قال تعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) [الأعراف:146]  وقال تعالى: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ) [الأعراف:101] وفي "الصحيحين": أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله إليه يومَ القيامة" وقال عليه الصلاة والسلام: "يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة أمثال الذر يطؤهم الناسُ يغشاهم الذل من كل مكان" رواه الترمذي والنسائي – قال سفيان بن عيينة رحمه الله: من كانت معصيته في شهوة فارج له التوبة, فإن آدم عليه السلام عصى مشتهياً فغفر له لما تاب  فإذا كانت معصيته من كِبر فاخشَ عليه اللعنة, فإن إبليس عصى مستكبراً فلعن  وكيف لا تعظم آفة الكبر وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر"

وإنما صار الكبر حجاباً دون الجنة، لأنه يحول بين العبد وبين أخلاق المؤمنين، لأن صاحبه لا يقدر أن يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه، ولا يقدر على التواضع ولا على ترك الحقد والحسد والغضب، ولا على كظم الغيظ وقبول النصح. ولا يسلم من الازدراء بالناس وتنقصهم فما من خُلق ذميم إلا والكبر يجر إليه، وأشر أنواع الكبر ما يمنع من قبول الحق والانقياد له.

عباد الله: إن على الإنسان أن يدفع الكبر عن نفسه بأن يعرف أصله ونشأته. وفقره وحاجته، ويعرف ربه وعظمته ومقامه بين يديه، يكفيه أن ينظر في أصل وجوده من العدم، من تراب ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة. فقد صار شيئاً مذكوراً. بعد أن كان جماداً لا يسمع ولا يبصر ولا يحس ولا يتحرك فقد ابتدأ بموته قبل حياته، وبضعفه قبل قوته، وبفقره قبل غناه، ثم يموت ويصير تراباً يعذب أو ينعم في قبره ثم يبعث ويحاسب ويجازى بعمله، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله: (قُتِلَ الأِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ* مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ* مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ* ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ *ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ *ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ* كَلا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ) [عبس:17-23] .

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
 

 

 

 

المرفقات

250

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات