عناصر الخطبة
1/عناية الإسلام بالمواريث 2/من مظالم الجاهلية الأولى 3/من صور التحايل والظلم في المواريث 4/التحذير من تأخير قسمة المواريث 5/من أسباب الظلم والجور في تقسيم المواريث.اقتباس
هُنَاكَ مِنَ الْبَشَرِ، مَا زَالَتْ فِي عُقُولِهِمْ آثَار الجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى.. مَا زَالُوا يُؤثِرُونَ بِأَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ، أَحْكَامَ الجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى، الَّتِي قَامَتْ عَلَى الظُّلْمِ وَالجَورِ، فِي مَسَائِلِ الْأَمْوَالِ، وَافْتَقَدَت الْعَدَالَةَ فِي تَوْزِيعِهَا، وَجَاءَ الْإِسْلَامُ وَأَبْدَلَهَا بِفَرِيضَةٍ مِنَ اللهِ الْعَلِيمِ الحَكِيمِ...
الخطبةُ الأولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.
أمَّا بَعْدُ: عِبَادَ الله: إِنَّ هَذَا الدِّينَ عَظِيمٌ مَا تَرَكَ أمرًا، مِنْ أُمُورِ النَّاسِ، فِي أُمُورِ دِينِهِم، وَدُنيَاهُم، إِلَّا وَأَولَاهَا عِنَايَةً، وَأَوضَحَهَا لِلنَّاسٍ وَأَبَانَهَا غَايَةَ الوُضُوحِ.
وَمِنَ الأُمُورِ الَّتِي اعْتَنَى بِهَا الإِسْلَامُ: أُمُورُ المِيرَاثِ؛ وَلِأَنَّهَا مِنَ الأُمُورِ الَّتِي يَكْثُرُ فِيهَا الشِّقَاقُ وَالْخِلَافُ، تَوَّلَى اللهُ -جَلَّ وَعَلَّا- قِسْمَتَهَا بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِنَ البَشَرِ حَقَّ التَّدَخُلِ بِذَلِكَ، قَالَ -تَعَالَى-: (فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)[النساء: 11]، وَأَوضَحَهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- غَايَةَ التَّوضِيحِ، وَبَيَّنَهَا الصَّحَابَةُ الكِرَامُ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيهِمْ-، غَايَةُ البَيَانِ، وَأَزَالَا مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ إِشْكَالِهَا، حَتَّى أَصْبَحَتْ ظَاهِرَةً نَقِيَّةً، بَيِّنَةً جَلِيلَةً.
عِبَادَ الله: إِنَّ هُنَاكَ مِنَ الْبَشَرِ، مَا زَالَتْ فِي عُقُولِهِمْ آثَار الجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى، الَّتِي طَمسَ الْإِسْلَامُ مَعَالِمَهَا، وَأَزَالَهَا مِنْ جُذُورِهَا، وَهَدَّ أَرْكَانَهَا وَمَعَالِمَهَا، وَمَعَابِدهَا، وَأَبْدَلَنَا اللهُ عَنْهَا بِالنُّورِ الْمُبينِ، وَالصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ، وَالنَّهْجِ القَوِيمِ، لَكِنَّ أَصْحَابَ الْعُقُولِ الضَّيِّقَةِ، مَا زَالُوا يُؤثِرُونَ بِأَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ، أَحْكَامَ الجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى، الَّتِي قَامَتْ عَلَى الظُّلْمِ وَالجَورِ فِي مَسَائِلِ الْأَمْوَالِ، وَافْتَقَدَت الْعَدَالَةَ فِي تَوْزِيعِهَا، وَجَاءَ الْإِسْلَامُ وَأَبْدَلَهَا بِفَرِيضَةٍ مِنَ اللهِ، الْعَلِيمِ الحَكِيمِ.
عِبَادَ الله: إِنَّ هُنَاكَ مَنْ يَتَحَايَلُ فِي قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ، مِنْ أَجْلِ أَكْلِ أَمْوَالِ بَقِيَّةِ الوَرَثَةِ بِالْبَاطِلِ، وَالظُّلْمِ، وَذَلِكَ بِطُرُقٍ مِنْهَا:
أَوَّلاً: اسْتِغْلَالُ وكَالَاتٍ وَثِقَ بِهَا الْمُوَرِّثُ، وَأَعْطَاهَا المُوَرِّثُ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ، فَاسْتَغَلَّ الوَكَالَةَ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى الْأَمْوَالِ أَوْ أَخْفَاهَا، وَنَقلَهَا مِنْ حِسَابَاتِهِ إِلَى حِسَابَاتِ مُوثِّقِينَ عِنْدَهُ، لِلْخِدَاعِ وَالتَّمْوِيهِ.
ثَانِيًا: قِيَامُ بَعْضِهِمْ، بِإِخْفَاءِ مَا تَرَكَهُ الْمُوَرِّثُ، فَلَا يَكْشِفُ لَهُمْ المِيرَاثُ الحَقِيقِيُّ، وَخَانَ الأَمَانَةَ.
ثَالِثًا: اسْتِغْلَالُ جَهْلِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ، بِأَسْعَارِ وَأَثْمَانِ العَقَارَاتِ، فَيَشْتَرِيهِ مِنْهُمْ بِثَمَنٍ بَخْسٍ، أَوْ يَبِيعهُ بِحِيَلٍ إِلَى نَاسٍ بَينَهُ وَبَينَهُمْ اتِّفَاقٌ.
رَابِعًا: إِخْفَاءُ الوَصِيَّةِ عَنِ الوَرَثَةِ؛ إِذْ لَيسَ فِيهَا مَصْلَحَةٌ لَهُ، أَوْ ادِّعَاءِ أَنَّ هُنَاكَ مَدْيُونِيَّات عَلَى مُورِّثِهِم، لَا بُدَّ مِنْ سَدَادِهَا، بِالتَّوَاطُؤِ بَينَهُ وَبَينَ شُهُودِ زُورٍ، وَمُدَّعِي بُهْتَانٍ، واللهُ المُسْتَعَانُ.
5- قِيَامُ بَعْضِهِمْ بِإِسْقَاطِ حُقُوقِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ، بِدَعْوَى لَا تَمُتُّ لِلْحَقِيقَةِ بِصِلَةٍ، كَادِّعَائِهِمْ أَنَّ مُورّثهم قَدْ أَخْبَرَهُمْ بِأَنَّ مَا أَعْطَاهُ لِأَحَدِ الوَرَثَةِ، كَانَ قَرْضًا، أَوْ مُتَاجَرَةً أَوْ غَيرِ ذَلِكَ، أَوْ يستعينوا بشُهُودِ زُورٍ، مَعَ أَنَّ الحَقِيقَةَ، قَدْ تَكُونُ لِتَحْقِيقِ مَصَالِح لِمُورِّثِهِمْ، وَلَا يَسْتَفِيدُ مِنْهُمْ الوَارِثُ المَظْلُومُ شَيئًا.
6- تَأْخِيرُ الْبَعْضِ قِسْمَةَ المِيرَاثِ، لِأَسْبَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ، مِنْهَا:
أَوَّلاً: أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ قَدْ رَهنَ هَذِهِ العَقَارَاتِ، وَأَخَذَ عَلَيهَا قُرُوضًا، وَيُمَاطِلُ عِنْدَ طَلَبِهِمْ التَّوْزِيع، بِحُجَّةِ أَنه يَنْتَظِر ارْتِفَاعَ الأَسْعَارِ، مُسْتَغِلًّا سُلْطَته عَلَيهِمْ، أَوْ حِدَّته، أَوْ تَوْقِيرهمْ لِسِنِّهِ، أَوْ تَحْرِيشَهُ لِوَالِدَتِهِ عَلَيهِمْ، إِذَا كَانُوا أَشِقَّاء، فَهُوَ يُؤَخِّرُ المِيرَاثَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ أَطْوَل وَقْتٍ مُمْكِنٍ، وَهَذَا ظُلْمٌ بَيِّن.
ثَانِيًا: قَدْ يُؤَخِّرُ بَيعَ العَقَارَاتِ بِحُجَّةِ أَنْ يَنْتَظِرَ ارْتِفَاعَ أَثْمَانِهَا، وَهُوَ صَادِقٌ بِذَلِكَ. وَلَكِنَّ السَّبَبَ الحَقِيقِيُّ أَنَّهُ مُكْتَفٍ، وَوَضْعُهُ المَالِي طَيِّبٌ، فَلَا يُبَالِي بِهِم وَلَا بِمَصَالِحِهِمْ، وَإِنَّمَا يَسْعَى لِمَصَالِحِهِ فَقَط.
ثالثًا: يَسْعَى بَعْضُ الوَرَثَةِ، لِتَعْطِيلِ تَوزِيعِ المِيرَاثِ لِضَغِينَةٍ فِي قَلْبهِ، فَيُمَاطِلُ فِي كِتَابَةِ الوَكَالَاتِ، وَالمُوَافَقَةِ عَلَى البَيعِ؛ لِأَنَّهُ لِيسَ بِحَاجَةٍ إِلَى هَذَا المِيرَاثِ؛ فَلَا تَهُمُّهُ مَصَالِحَهُم.
رابعًا: قَدْ يَسْتَخْدِمُ أُسْلُوب التَّأْجِيلِ، حَتَّى يضْطَرّ بَعْض الوَرَثَةِ، أَنْ يَرْضَى بِالقَلِيلِ مِنَ المَالِ، مِنْ أَجْلِ أَنْ يُعْطِيَهُ الوَكِيلُ بَعْض حَقِّهِ، فَيَشْتَرُوا نَصِيبَهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ، حَتَّى أَنَّنَا نَجِدُ بَعْضَ الوَرَثَةِ، مستغلًا مَكَانَتَهُ، وَجَاهَهُ، قَدْ أَخْرَجَ جَمِيعَ الوَرَثَةِ، بِجُزْءٍ مِنْ حُقُوقِهِمْ، مِنْ أَجْلِ أَنْ يَسْتَأْثِرَ بِالْنَّصِيبِ الأَكْبَرِ، فَيَقُومُ بِشِرَاءِ نَصِيبِ الضُعَفَاءِ، مِنَ النِّسَاءِ وَالصِغَارِ، بِهَذَا المَكْرِ وَالخِدَاعِ وَنَسِيَ هَذَا أَو تَنَاسَى قَولِهِ -تَعَالَى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)[النساء: 10]، وَقَولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ إنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعيفينِ: اليَتيمِ والمَرْأةِ"(رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).
إِنَّ هُنَاكَ بَعْضَ الوَرَثَةِ، مِمَّنْ أَوسَعَ اللهُ عَلَيهِ، يَقُومُ بِالضَغْطِ عَلَى بَقِيَّةِ الوَرَثَةِ، بِالتَنَازُلِ عَنْ نَصِيبِهِم، بِحُجَّةِ إِقَامَةِ أَوْقَاف، أَو تَقْدِيم صَدَقَاتٍ عَنْ مُوَرِّثِهِم، فَيَأْخُذَ أَمْوَالَهُم، بِسِيَاطِ الحَيَاءِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ، بَلْ هُوَ مِنَ الظُّلْمِ، وَالمُوَرِّثُ أَعْلَمُ بِحَالِهِ، فَلَو كَانَ يُرِيدُ مِنْهُم، شيئًا مِنَ المِيرَاثِ، لَأَوصَاهُمْ بِذَلِكَ، فَلِمَاذَا هَذَا الجَورُ وَالإِحْرَاجُ؟ وَإِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ فَاعِلاً، فَلَا يَكُونَ هَذَا إِلَّا بَعْدَ تَقْسِيم المِيرَاثِ، وَإِعْطَاءِ كُلّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَتَقْدِيمه كَمُقْتَرَح، وَكُلّ يُخْرِجُهَا بِمَعْرِفَتِهِ، ما تَجُودُ بِهِ نَفْسَهُ.
وَالغَرِيبُ أَنَّ مَنْ يُقَدِّمُ هَذِهِ المُقْتَرَحَات، قَدْ يَكُونُ غنيّاً ثَرِيّاً، وَنَصِيبهُ مِنَ المِيرَاثِ لا يَعْدلُ شيئًا مُقَابِلُ مَا لَدَيهِ، وَهِيَ بِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ الوَرَثَةِ، ثَرْوَة وحَاجَة وَضَرُورَة. يَقُولُ أَحَدُهُم: كَانَ خَالِي يَمْلِكُ مِئَاتِ المَلَايينِ، وَمِيرَاثُ جَدَّتِي لَا يَتَعَدَّى نِصْف مِلْيُون، وَضَغَطَ خَالِي عَلَى أُمِّي وَخَالَاتِي، حَتَّى تَنَازَلنَ عَنْ نَصِيبِهِنَّ، وَقَامَ بِوَضْعِ المَالِ بِأَعْمَالٍ خَيرِيَّةٍ، وَهُنَّ أَولَى بِهِ، وَهُوَ لَا يَتَعَدَّى مِئَةَ أَلْفَ رِيَالٍ، وَمَا كَانَ يُعْجِزَهُ أَنْ يُعْطِيَهُنَّ المِيرَاث، وَيَتَصَدَّقُ عَنْ جَدَّتِنَا بِمِثْلِ هَذَا المِيرَاثِ وَأَكْثَر، وَلَكِنَّ قِلَّةِ الحِكْمَةِ، مَعْ قِلَّةِ الدِّينِ وَالفِقْهِ، أَوْ لِمَآرِبَ أُخْرَى دَفَعَتْهُ لِلْضَّغْطِ عَلَيهِنَّ، وَكَانَ خَوفَهُنَّ مِنْهُ، أَو مِنْ جَاهِهِ، أَو خَشْيَةَ خَسَارَتهُ، هُوَ الدَّافِعُ لَهُنَّ لِلتَنَازُلِ، وَهَذِهِ الحَالَاتِ تَكْثُرُ مَعْ الأَسَفِ الشَّدِيدِ.
هُنَاكَ مِنَ الوَرَثَةِ مَنْ يَسْتَخْدِمُ سُلْطَتهُ، لِلْضَّغْطِ عَلَى بَقِيَّةِ الوَرَثَةِ، مِنْ جَرَّاءِ تَسْلِيطِ الأُمِّ عَلَى الوَرَثَةٍ، بِأَنْ لَا يُطَالِبُوا بِنَصِيبِهِم، أَوْ تَضْغَطَ عَلَى بَنَاتِهَا، مِنْ أَجْلِ أَنْ يَتَنَازَلُوا عَنْ نَصِيبِهِم لِإِخْوَتِهِم الذُّكُورِ، وكَذَلِكَ تَضْغَطُ عَلَى بَقِيَّةِ الوَرَثَةِ، وَتُحْرِجُهُم، وَلِبَعْضِ الأُمُهَاتِ مَعَ الأَسَفِ دَورٌ فِي الظُّلْمِ.
عِبَادَ الله: إِنَّ اسْتِغْلَال الأُمِّ فِي الضَّغْطِ عَلَى الوَرَثَةِ، مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ الجَورِ فِي تَقْسِيمِ المِيرَاثِ، فَهِيَ تُعِينُ أَولَادُهَا، عَلَى أَنْ يَظْلِمَ بَعْضُهُم بعضًا.
يَسْتَغِلُّ بَعْضُهُم قُوَّةَ عِلَاقَتِهِ مَعْ وَالِدَتِهِ، فَيُسَيطِرُ عَلَى المَنْزِلِ، وَيَعِيشَ هُوَ وَأَوْلَادُهُ مَعْ وَالِدَتِهِمْ فِي هَذَا البَيتِ، مُبَرِّراً ذَلِكَ بِحَاجَةِ وَالِدَتِهِ لِذَلِكَ، وَلَو كَانَ صادقًا فِي بِرِّهِ، لِدَفَعَ لَهُمْ إِيجَار بَقَائِهِ وَأَولَادهِ، وَقَدْ تَكُونُ بَعْضِ المُتَزَوِّجَاتِ أَو المُتَزَوِجِينَ مِنَ الوَرَثَةِ، مِنْ أَحْوَجِ النَّاسِ إِلَى نَصِيبهم مِنْ هَذَا البَيتِ، أَوْ عَلَى الأَقَلِ ثَمَن إِيجَاره، لَكِنَّ الظُّلْمَ وَالتَّسَلُّطَ أَو اسْتِغْلَالَ العَاطِفَةِ، أَوْ ضَغْطَ الأُمِّ، أَو كَبِيرِ الوَرَثَةِ، أَو أَقْوَاهُمْ سُلْطَةً، هُوَ الدَّافِعُ لِهَذَا الظُّلمِ وَالجَورِ.
عِبَاد الله: إِنَّ عَلَى الوَرَثَةِ أَنْ يُعاون بَعْضُهُم بَعْضًا، بِمَنْعِ المُعْتَدِي مِن الاعْتَدَاءِ، وَالظَالِم مِنَ الظُّلمِ، وَأَنْ يَحْرَصُوا كُلَّ الحِرْص عَلَى إِعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقّهُ، وَيَنْصَحُ بَعْضَهُمْ بعضًا.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.
أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.
اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا.
اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ امْدُدْ عَلَينَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ عَامِلْنَا بِمَا أَنْتَ أَهْلُهُ، وَلَا تُعَامِلْنَا بِمَا نَحْنُ أَهْلُهُ، أَنْتَ أَهْلُ الْجُودِ وَالْكَرَمِ، وَالْفَضْلِ والإِحْسَانِ.
اللَّهُمَّ اِرْحَمْ بِلَادَكَ، وَعِبَادَكَ، اللَّهُمَّ اِرْحَمْ الشُّيُوخَ الرُّكَّعَ، وَالْبَهَائِمَ الرُّتَّعَ اللَّهُمَّ اِسْقِنَا الْغَيثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، يَا ذَا الجلَالِ، والإِكْرامِ، يَا ذَا الجلَالِ، والإِكْرامِ، أَكْرِمْنَا وَأَنْزِلْ عَلَينَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ.
اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَمْكُمُ اللهُ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم