الامتثال لأوامر الله ورسوله

خالد بن سعد الخشلان

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ منزلة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله 2/ مقتضيات هذه الشهادة ومنها الامتثال لأوامر الله ورسوله 3/ بعض المعينات على امتثال أوامر الله ورسوله

اقتباس

إن المسلم الحق لا يجد في قلبه أدنى حرج، ولا يشعر في جوارحه بأدنى تردُّد، من تنفيذ أيِّ أمرٍ من أوامر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، سواء كان هذا الأمر الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به مما تهواه النفوس أم لا؛ (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) ..

 

 

 

 

 

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإن خير ما يرحل به العبد عن هذه الدار تقوى يحملها في قلبه لربه -عز وجل- تقوى تثمر استزادة من الأعمال الصالحة، والقربات النافعة، وحذرا وبعدا عن الأعمال المحرمة، والأفعال والأقوال المنكرة.

إن مَن عمَّر حياته بتقواه لمولاه عاش سعيدا ومات حميدا، ألا فاتقوا الله -عباد الله- في أقوالكم وأفعالكم، في أعمالكم وتصرفاتكم، في جميع ما تأتون وتذرون، لعلكم تفلحون؛ جعلني الله وإياكم وأهلينا وذرياتنا من عباد الله المتقين، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

عباد الله: إنَّ مِن أهمِّ أركان الإسلام؛ بل هي أهم ركن من أركان الإسلام التي تعد بوابة الدخول في هذا الدين العظيم، الشهادة لله -عز وجل- بالوحدانية، والشهادة لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- بالنبوة والرسالة، فإن هذه الشهادة هي الدعامة الأولى والركن العظيم التي يقوم عليها كيان هذا الإسلام العظيم.

يقول نبي الهدى والرحمة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه: "بُنِيَ الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام إن استطاع إليه سبيلا".

وإذا كانت الشهادة لله بالوحدانية تقتضي مِن قائلها إفراد الله بالعبادة والتقرب في جميع جوانب العبادة والتدين، كما في قوله -سبحانه وتعالى-: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام:162-163]؛ فإنها تقتضي نفي العبادة واستحقاق التقرب لغير الله -عز وجل-، فلا أحد في هذا الكون كله مهما عظم يستحق أن يصرف له شيء من أنواع العبادة مهما عظمت العبادة أو صغرت، مهما دقت أو جلت، مهما ظهرت أو خفيت لا يستحق ذلك إلا الله الواحد القهار: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) [الحج:62].

إذا كان هذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله على وجه الإجمال؛ فإن الشهادة الأخرى، شهادة أن محمداً رسول الله، تقتضي هي الأخرى من قائلها أمورا عظيمة، إنها تقتضي أن هذا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- هو رسول رب العالمين حقا وصدقا، ختم الله به النبوات والرسالات: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزاب:40].

نسخ الله بشريعته جميع الشرائع والديانات، فلا يقبل الله من العباد دينا سوى الدين الذين جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ربه -عز وجل-، (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) [آل عمران:19]، (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران:85].

إنه فرض على كل أحد الإيمان برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبرسالته التي بعثه الله بها، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "والله لا يسمع بي أحدٌ يهودي أو نصراني ثم لم يؤمن بالذي أُرسلتُ به إلا كان من أهل النار".

إن المسلم يعتقد اعتقادا جازما أن جميع ما على وجه الأرض من ديانات سماوية أو غير سماوية جميعها ديانات باطلة لا يجوز التعبد لله -عز وجل- بشيء منها، فالحق والهدى والنور في دين الإسلام الدين الخاتم، وجميع الطرق التي توصل إلى جنة الله ورحمته ومرضاته؛ بل وإلى السعادة في الدنيا والآخرة، كلها طرق مسدودة مغلقة لا توصل إلّا إلى سراب ووهم، إلا طريقا واحدا وسبيلا واحدا، إنه طريق الإسلام والإيمان، الذي مَن سلكه وسار عليه تحققت له السعادة في الدنيا والآخرة، وأدرك الفوز العظيم، والفلاح الكبير: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه:123-124].

إن الشهادة للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة تقتضي من كل مسلم يدين بهذه الشهادة أن يعتقد اعتقادا جازما مقرونا بالعمل أن الله -عز وجل- لا يقبل من العباد قربة ولا طاعة ولا عبادة، مهما كانت، في الأقوال والأفعال، في الصلاة والزكاة، في الصوم والحج، في أي جانب من جوانب التعبد والتقرب، لا يقبل الله من أحد التعبد بها والتقرب إليه -سبحانه- بها إلا إذا كانت هذه العبادة والقربة والطاعة وهذا التدين شرعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله أو فعله أو تقريره.

إن كل عبادة يتعبد بها المتعبدون، وكل قربة يتقرب بها المتقربون لم يشرعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهي عبادة مردودة، فهي قربة باطلة مردودة على أصحابها، مرفوضة من أهلها، والمتعبدون بها موزورين غير مأجورين، لأنهم عبدوا الله على غير ما شرعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

والرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- يبين هذه الحقيقة العظيمة بينا ساطعا لا لبس فيه ولا غموض، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "مَن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، وفي لفظ أخر "مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"؛ ولهذا -أيها الإخوة المسلمون- حري بكل مسلم أن يحرص أشد الحرص على أن تكون عباداته وقرباته وطاعاته كلها موافقة لسنة النبي الأكرم -صلى الله عليه وآله وسلم-.

ومن مقتضيات الشهادة للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بالنبوة والرسالة أن يتخذ كل مسلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدوته وأسوته في حياته كلها؛ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب:21].

وكيف لا يكون الرسول -صلى الله عليه وسلم- القدوةَ والأسوةَ وهو سيد ولد آدم -عليه الصلاة والسلام-، أدبه ربه فأحسن تأديبه، فقال عنه -عز وجل-: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم:4]، وبعثه ربه -عز وجل- ليكمل محاسن الأخلاق، فالعدل والهدى والنور والخير والأمن والرفعة والسيادة والعز والتمكين والثناء والضياء، والحسن كله، والفلاح كله، في الاقتداء والتأسي بهذا النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-.

إن خير الهدى هدى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وخير السلوك سلوك محمد -صلى الله عليه وسلم-، فرحم الله امرأً ترسم خطى نبيه، وامتثل سلوك حبيبه، والتزم هديه وطريقته في أمور الحياة كلها في علاقته مع من حوله، في شؤونه الخاصة والعامة؛ لينال بذلك مرافقة نبيه -صلى الله عليه وسلم- في الجنة؛ فإن المرء مع من أحب.

عباد الله: ألا وإن من أعظم مقتضيات الشهادة للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة طاعته -صلى الله عليه وسلم- في جميع ما أمر به من أمور العبادة والمعاملة، طاعة مبعثها تمام التسليم وتمام الانقياد لهذا الرسول الذي أمرنا ربنا -عز وجل- بطاعته، فقال -سبحانه وتعالى- (َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) [النساء:59، محمد:33].

بل جعل الله -عز وجل- الهداية ثمرة من ثمار طاعاته -صلى الله عليه وسلم-، (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) [النور:54]؛ بل الفوز الحقيقي والفلاح العظيم مضمون لكل من أطاع الله وأطاع رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [النور:52].

إن المسلم الحق لا يجد في قلبه أدنى حرج، ولا يشعر في جوارحه بأدنى تردُّد، من تنفيذ أيِّ أمرٍ من أوامر الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، سواء كان هذا الأمر الذي جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر به مما تهواه النفوس أم لا؛ (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) [الأحزاب:36].

بل إن حقيقة الإيمان لا تكون -عباد الله- إلا إذا قدمنا مراد الله ومراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إلا إذا قدمنا محبوب الله ومحبوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على مرادات نفوسنا ومحبوبات نفوسنا، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به".

إن كل من قدم مراد نفسه ومحبوب نفسه على مراد الله ومراد رسوله ومحبوب الله ومحبوب رسوله قد عرض نفسه للخطر العظيم؛ (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة:24].

إن علينا -أيها الإخوة المسلمون- جميعا أن نراجع أنفسنا، ونجتهد في تلمُّس مراد الله ومراد رسوله، ومحاب الله ومحاب رسوله، فنقدمه على ما تشتهي نفوسنا وتحبه قلوبنا إن أردنا الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة.

إنه حري بكل مسلم قبل أن يقدم على أي عمل من الأعمال أن يسأل نفسه أولا وقبل كل شيء: هل هذا العمل مما يحبه الله ورسوله أم مما يبغضه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-؟ وهل إذا عملت هذا العمل وأقدمت على هذا الفعل أكون بالفعل قد قدمت مرادي أم مراد الله ومراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ هل قدمت محبوب نفسي أم محبوب الله ومحبوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ هذا هو المحك، هذا هو الاختبار الحقيقي ليعرف كل منا حقيقة نفسه مع أمر الله وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

ولا يزال المسلم يسعى في مدارج الكمال، ويجاهد نفسه ويتعاهدها في التأسي والاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في صغير الأمر وكبيره، في دقيقه وجليله؛ حتى تنقاد له نفسه في جميع أمور حياته؛ (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) [العنكبوت:69].

نسأل الله -عز وجل- أن يجعلنا من أتباع هذا النبي حقا وصدقا، الذين يحيون على سنته، ويموتون عليها، نسأل الله -عز وجل- أن يحيينا على سنته، ويميتنا عليها.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:128].

بارك لله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدا كثيرا كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله واصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

وعليكم بجماعة المسلمين؛ فإن يد الله مع جماعة المسلمين، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النار.

أيها الإخوة المسلمون: إن من مقتضيات الشهادة لمحمد -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة تحكيم شريعته، والتحاكم إلى شريعته في الصغير والكبير، والدقيق والجليل، امتثالا لأمر الله -عز وجل-: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء:65].

وامتثالا لقوله -عز وجل- (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:49-50].

إنه ليس من الاتباع الحقيقي للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ بل ليس من الاتباع للنبي في شيء، أن تُنَحَّى شريعته عن الحكم ويستعاض عنها بقوانين البشر وأنظمتهم المستمدة من الشرق والغرب، واللهُ -عز وجل- يقول في الآية السابقة: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).

ومن مقتضيات الشهادة أن محبة محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقدمة على النفس والأهل والمال والولد، يقول -صلى الله عليه وسلم- "والله لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وولده والناس أجمعين".

هذه المحبة الحقيقية التي تستلزم طاعة المحبوب -صلى الله عليه وسلم-، وتقديم مراده ومحبوبه على كل شيء، والدفاع عن شريعته، والذب عن سنته -صلى الله عليه وآله وسلم-.

ومما يعين على ذلك كله الوقوف على سيرته -صلى الله عليه وسلم- العطرة، والوقوف عند شمائله وأخلاقه وصفاته وتدارسها مع الأهل والأولاد والأسرة وتدريسها وتعليمها ونشرها للناس أجمعين؛ لأنها أعظم سيرة عرفتها البشرية، سيرة النبي الأكرم -صلى الله عليه وسلم- التي تجسدت فيها معاني الإسلام، وأخلاق الإسلام، وهدي الإسلام.

فصلَّى الله وسلم وبارك على سيد ولد آدم صلاة وسلم دائمين، ما دام الليل والنهار، وصلوا وسلموا عليه كما أمركم ربكم -عز وجل- في كتابه، فقال -عز من قائل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك ونبيك محمد.

 

 

 

 

 

 

 

المرفقات

لأوامر الله ورسوله

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات