الاقتصاد وحسن التدبير

الشيخ هلال الهاجري

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ رؤيا الملك وتأويل يوسف عليه السلام 2/ أمور لا بد أن نعلمها مع أزمة الغلاء والرزق 3/ أهمية إعادة النظر في إدارة ميزانيتنا 4/ دعوة للاقتصاد وحسن التدبير

اقتباس

إن كُنَّا نحتاجُ من قبلُ إلى مراجعةِ طريقتِنا في إدارةِ الميزانياتِ، فنحنُ اليومَ أحوجُ إلى هذا بسببِ قُربِ غلاءِ الأسعارِ والخدماتِ؛ فلنقفْ مع أنفسِنا وقفةَ مصارحةٍ لنُعيدَ فيها الحساباتِ، وقد بيَّنَ لنا سُبحانَه وتعالى طريقةَ عبادِه في الإنفاقِ فقالَ عزَّ وجلَّ...

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ العفو الغفورِ، الرؤوفِ الشكورِ، الذي وفَّقَ من شاءَ من عبادِه لمحاسنِ الأمورِ، وما فيه عظيمُ الأجورِ، فعملوا له أعمالاً صالحةً، يرجونَ تجارةً لن تبورَ، ليوفيَهم أجورَهم، ويزيدَهم من فضلِه، إنه غفورٌ شكورٌ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له رغمَ أنفِ كلِّ مشركٍ كفورٍ، وملحدٍ ومنافقٍ مغرورٍ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه ومصطفاه، الذي بعثَه اللهُ بين يدي الساعةِ داعياً إلى هُداه، فبشَّرَ بكلِّ خيرٍ، وأنذرَ من كلِّ شرٍّ، صلى اللهُ وسلمَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه إلى آخرِ الدهرِ.

 

أما بعد: وصيةً أوصى اللهُ تعالى بها الأولينَ والآخرينَ: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا) [النساء:131].

 

رؤيا قَد أزعجتْ المَلِكَ وتكرَّرَت عليه، فجمعَ لها الوزراءَ والكُبراءَ ليسألَهم: (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ) [يوسف:43]، ولمَّا كانتْ الرؤى من الوحيِ -كما قالَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ" كانَ تأويلُها من الكلامِ في دينِ اللهِ تعالى ومن الفتوى الشَّرعيةِ، ولذلكَ قالَ: (يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) [يوسف:43].

 

فاحتارَ الملأُ في هذه الرؤيا العجيبةِ، وما استطاعوا تفكيكَ هذه الرُّموزِ الغريبةِ، (قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ) [يوسف:44]، فلما عجزَ الجميعُ عن تأويلِها تذكَّرَ خادمُ المَلكِ الذي كانَ في السِّجنِ صاحبَه، (وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ) [يوسف:45]، فأذِنَ له المَلكُ وذهبَ إلى السِّجنِ، ولَقيَ يوسفَ -عليه السَّلامُ-، فقالَ له: (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) [يوسف:46].

 

وحيثُ أن يوسفَ -عليه السَّلامُ- خبيرٌ في تأويلِ الأحاديثِ، أجابَه مُباشرةً: (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ) [يوسف:47]، اقتصادٌ في الإنفاقِ، (ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ) [يوسف:48]، حُسنُ إدارةِ الميزانيةِ، (ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) [يوسف:49]، واجتازَ -عليه السَّلامُ- بالدَّولةِ الأزمةَ الاقتصادية المُستقبليةَ، بحسنِ التَّدبيرِ وترشيدِ الإنفاقِ في المرحلةِ الحاليةِ.

 

عبادَ اللهِ: إن كُنَّا نحتاجُ من قبلُ إلى مراجعةِ طريقتِنا في إدارةِ الميزانياتِ فنحنُ اليومَ أحوجُ إلى هذا؛ بسببِ قُربِ غلاءِ الأسعارِ والخدماتِ؛ فلنقفْ مع أنفسِنا وقفةَ مصارحةٍ لنُعيدَ فيها الحساباتِ، وقد بيَّنَ لنا سُبحانَه وتعالى طريقةَ عبادِه في الإنفاقِ فقالَ -عزَّ وجلَّ-: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) [الفرقان:67].

 

عَلَيكَ بِأَوساطِ الأَمورِ فإِنَّها *** طَريقٌ إِلى نَهجِ الصِراطِ قَويمُ

وَلا تَكُ فيها مُفرِطًا أَو مُفرِّطًا *** كِلَا طَرَفَي قَصْدِ الأُمورِ ذميمُ

 

أولاً: لنعلمَ علمَ يقينٍ أن انفتاحَ الدُّنيا على أهلِ بلدٍ أو زمانٍ ليسَ علامةَ كريمِ قدرِهم عندَ الكريمِ المنَّانِ، وليسَ ضيقَ عيشٍ على أهلِ عصرٍ أو مكانٍ هي علامةُ إهانةٍ من العزيزِ الرَّحمانِ؛ (فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ *  كَلَّا) [الفجر15-17].

 

فاسمعْ إلى قومٍ قد فتحَ اللهُ تعالى عليهم أبوابَ كلِّ شيءٍ، ثُمَّ ماذا كانتْ النتيجةُ: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) [الأنعام:44].

 

ثانياً: لنؤمنَ أن الرِّزقَ من عندِ اللهِ تعالى، واسمع إلى هذا الموقفِ؛ لتعرفَ حقيقةَ الحياةِ الدُّنيا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ، فَقُلْنَ: مَا مَعَنَا إِلاَّ الْمَاءُ.

تسعةُ أبياتٍ للنَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليسَ فيها إلا الماءُ؛ فكيفَ عاشَ من ليسَ في بيتِه إلا الماءُ؟، وكيفَ رُزقَ من عندَه تِسعُ زوجاتٍ؟.. ولكنْ أليسَ هو الذي تلا علينا قولَه تعالى: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) [هود:6].

 

ثالثاً: تأملوا -طويلاً- في قولِه تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى:30]؛ فبمقدارِ ما يظهرُ في المجتمعِ من المعاصي والأهواءِ بمقدارِ ما يُعاني به النَّاسُ من الغلاءِ، وينزلُ به البلاءُ.

 

فعلينا -أيُّها الأحبَّةُ- أن نعيدَ النَّظرَ في طريقةِ إدارةِ ميزانياتِنا، في ظِلِّ ارتفاعِ أسعارِ الكهرباءِ والماءِ، والبضائعِ الأساسيةِ والغِذاءِ؛ فكُلْ أنتَ وأهلُك، وأكرمْ ضيفَك في غيرِ إسرافٍ، (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف:31]، والبسْ ما أباحَ اللهُ تعالى لكَ من غيرِ كِبْرٍ ولا خُيلاءَ، وتصدَّقْ بما تيسرَ على الفقراءِ، قالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كُلُوا وَاشْرَبُوا، وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ".

 

لا تكنْ كالغربِ فهم يذهبونَ إلى السُّوقِ كوسيلةٍ إلى المُتعةِ والتَّرفيهِ، ولكنْ اذهبْ أنتَ إلى السُّوقِ فقط إذا أردتَ شيئاً أ ن تَشتريهِ، ولنُقلِّلْ من طلباتِ المطاعمِ ونجعلَه للحاجةِ أو للتَّغييرِ، وعلينا بطبخِ البيتِ فإنَّه ألذُّ وأنفعُ وأنظفُ ووسيلةٌ للتَّوفيرِ، وبعدَ ارتفاعِ أسعارِ الوقودِ والمحروقاتِ تحتاجُ إلى تَخطيطٍ لمشاويرِ السَّياراتِ، وتنبيه الزَّوجةِ والأهلِ والوِلدانِ، إلى منعِ المشاويرِ الزائدةِ والدَّورانِ، وابحثْ عن كلِّ اقتصاديِّ الاستهلاكِ؛ من سيارةٍ وأجهزةٍ وأنوارِ وأسلاكٍ، وانتبه في بيتِك إلى استخدامِ الكهرباءِ والماءِ، وكنْ من الحُكماءِ.

 

ولماذا يجبُ علينا أن نتوَّسعَ في المساكنِ والأثاثِ والبنيانِ، ونتنافسَ في بناءِ أكبرِ وأوسعِ وأفخمِ البيوتِ والعُمرانِ، وهذا رسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحذِّرُ من التَّوسعِ في المساكنِ والأثاثِ فيقولُ: "فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ، وَفِرَاشٌ لِامْرَأَتِهِ، وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ، وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ"، ونحنُ غُرفٌ ومجالسُ لا تَكادُ تُفتحُ في العامِ إلا قليلاً.

 

وعلينا أن نُراجعَ مناسباتِنا واحتفالاتِنا؛ فلماذا حفلةٌ عندَ ولادةِ المولودِ، وحفلةٌ عندما يَضحكُ، وحفلةٌ عندما ينقلبُ، وحفلةٌ عندما يظهرُ له سِنٌ، وحفلةٌ عندما يمشي، وحفلةٌ عندما يتكلمُ، حتى أصبحَتْ حفلاتُنا لا طعمَ لها ولا لونٌ، وهكذا حفلاتُ المدارسِ والأعراسِ، وإذا أردتَ أن تعطيَ ابنَك أو ابنتَك هديةً؛ فلتكنْ المناسبةُ تستحقُ الهديةَ، وأما أن تكونَ الهديةُ لكلِّ فعلٍ فإنها لن تُصبحَ ذاتَ قيمةٍ للطِّفلِ.

 

ويا صاحبَ الدُّخانِ: ألم يَحنِ الوقتُ لتركِ التَّدخينِ، ويا مُحبَّ المشروباتِ الغازيةِ: ألا تُلاحظُ أنَّك سمينٌ، ويا راعيَ الاستراحاتِ: أولادُكَ وزوجتُك في انتظارِكَ، ويا مُدمنَ الكيفِ: اصنعْ قهوتَكَ في بيتِكَ باختيارِكَ، وما جمعتَه طولَ العامِ من عرقِكَ المُنهمرِ، لا يذهبُ طرفةَ عينٍ في مكتبِ سياحةٍ وسَفرٍ، ولنُقلِّلْ من خروجِنا من منازلِنا، ولنُكثرِ الاجتماعَ بأهلِنا، ولنجعلْ من بيوتِنا جنَّةً لنا، نعيشُ في أكنافِها بعيداً عن الإسرافِ والتَّبذيرِ.

 

دَبِّرِ الْعَيْشَ بِالْقَليلِ لَيَبْقَى *** فَبَقَاءُ الْقَلِيلِ بِالتَّدْبِيرِ

لا تُبَذِّرْ وَإِنْ مَلَكْتَ كَثِيراً *** فَزَوَالُ الْكَثِيرِ بِالتَّبْذِيرِ

 

أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كل ِّذنبٍ، فاستغفروه؛ إنه هو الغفورُ الرحيمُ.

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

 

يا أهلَ الإيمانِ: لقد حانَ الوقتُ الذي نتأملُ فيه الأحاديثَ التي تصفُ لنا الطريقةَ الصَّحيحةَ في التَّعاملِ مع مَلذَّاتِ الحياةِ، ومنها ما جاءَ عن رسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يُبيِّنْ لنا طريقةَ الأكلِ-: "مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ، فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ"؛ فأينَ هذا وما فُتحَ على النَّاسِ من التَّفننِ والتَّنوعِ في أنواعِ المأكولاتِ من جميعِ أنحاءِ العالمِ؟

 

وإذا كانَ عمرُ -رضيَ اللهُ عنه- يقولُ: "كَفى بالمَرءِ سَرَفاً أنْ يَأكلَ كُلَّ مَا اشَتهى"؛ فكيفَ لو أدركَ زماننَا ونحنُ نأكلُ ما اشتهينا وما لم نشتهِ؟! فنحتاجُ أن نتأملَ في كثيرِ من الأحاديثِ التي كُنَّا نُعرِضُ عنها.

 

ونحتاجُ أن نستعدَ للإجابةِ عن هذا المالِ من أينَ أتى، وكيفَ أُنفقَ؟ قالَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ، حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: ومنها.. وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ".

 

بل أينَ قناعةُ المؤمنِ ووصيةُ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لهُ بأنْ يَكُونَ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّهُ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ!.

 

هِيَ الْقَنَاعَةُ فَالْزَمْهَا تَعِشْ مَلِكًا *** لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْكَ إِلاَّ رَاحَةُ الْبَدَنِ

انْظُرْ لِمَنْ مَلَكَ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا *** هَلْ رَاحَ مِنْهَا سِوَى بِالْقُطْنِ وَالْكَفَنِ

 

اللهمَّ ارفع عنا البلاءَ والوباءَ والغَلاءَ وكيدَ الأعداءِ يا سميعَ الدعاءِ.

 

اللهمَّ إنا نسألُك فعلَ الخيراتِ، وتركَ المنكراتِ، وحبَّ المساكينِ.

 

اللهمَّ إنا نسألُك النصرَ على العدوِّ، اللهم إنا نَسألُك أن تفتحَ لأمةِ محمدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتحاً مبيناً.

 

اللهمَّ انشر الأمنَ والإيمانَ والبركةَ والخيرَ علينا وعلى إخوانِنا المسلمينَ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها يا ربَّ العالمينَ، واجعل بلدَنا هذا آمناً رخاءً سخاءً وسائرَ بلادِ المسلمينَ، اللهمَّ من أرادَ بلدَنا بكيدٍ فكِدْهُ، وخُذهُ ودَمِّرهُ.

 

اللهمَّ إنا نسألُك أن تغفرَ لنا ذنوبَنا أجمعينَ، اللهم آمنَّا في الأوطانِ والدورِ، وأرشدِ الأئمةَ وولاةَ الأمورِ، واغفر لنا يا عزيزُ يا غفورُ.

 

(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90].

 

فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكركم، واشكروه على نعمِه يزدكم، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت:45].

المرفقات

الاقتصاد وحسن التدبير