الاستجابة لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- (2)

أسامة بن عبدالله خياط

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ أهمية الاستِمساك بدينِ الله والاستِقامة على منهَجِه 2/ وجوب الاستجابة لأمر الله ورسوله 3/ ثمرات الاستقامة على الشرع المطهر.

اقتباس

لئِن كان لكل امرِئٍ وِجهةٌ هو مُولِّيها، وجادَّةٌ هو سالِكُها، فإن المُوفَّقين من أُولِي الألبابِ الذي يمضُون في حياتِهم على هُدًى من ربهم، واقتِفاءٍ لأثَرِ نبيِّهم - صلواتُ الله وسلامُه عليه - لا يملِكُون وهم يأسُون الجِراح، ويتجرَّعُون مَرارةَ الفُرقة، وغُصَص التباغُض والتدابُر. لا يملِكُون إلا أن يذكُروا آياتِ الكتابِ الحكيمِ وهي تدلُّهم على الطريقِ، وتقُودُهم إلى النجاة..

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ لله مُعِزِّ مَن أطاعَه وتولَّاه، مُذِلِّ مَن أشركَ به وعصَاه، أحمدُه - سبحانه -، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، وخِيرتُه مِن خلقِه ومُصطفاه، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك مُحمدٍ، وعلى آلهِ وصحبِه ومَن والاهُ.

 

أما بعد: فاتَّقُوا الله - عباد الله -؛ فإن التقوَى وصيَّةُ الله للأولين والآخرين: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء: 131]، وإن المرءَ لا يزالُ بخيرٍ ما اتَّقَى الله، وخالَفَ نفسَه وهواه، ولَم تشغَله دُنياه عن أُخراه.

 

عباد الله: لئِن كان لكل امرِئٍ وِجهةٌ هو مُولِّيها، وجادَّةٌ هو سالِكُها، فإن المُوفَّقين من أُولِي الألبابِ الذي يمضُون في حياتِهم على هُدًى من ربهم، واقتِفاءٍ لأثَرِ نبيِّهم - صلواتُ الله وسلامُه عليه - لا يملِكُون وهم يأسُون الجِراح، ويتجرَّعُون مَرارةَ الفُرقة، وغُصَص التباغُض والتدابُر.

 

لا يملِكُون إلا أن يذكُروا آياتِ الكتابِ الحكيمِ وهي تدلُّهم على الطريقِ، وتقُودُهم إلى النجاة؛ إذ تُذكِّرُهم بتاريخِ هذه الأمةِ المُشرِقِ الوَضِيء، وتُبيِّنُ لهم كيف سمَتْ وعلَتْ، وتألَّقَ نَجمُها، وأضاءَ منارُها، وكيف كان الرَّعيلُ الأولُ منها مُستضعَفًا مَهيضَ الجَناح، تعصِفُ به أعاصِيرُ الباطِلِ، وتتقاذَفُه أمواجُ المِحَن، وتعبِسُ له الأيام، وتتجهَّمُ له الوُجوه، وتَرمِيه الناسُ عن قَوسٍ واحدةٍ.

 

فآواهُ الله ونصَرَه نصرًا عزيزًا مُؤزَّرًا، وأسبَغَ عليه نِعَمَه، وأفاضَ عليه البركات، ورزَقَه من الطيِّبات، (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [الأنفال: 26].

 

وهو إيواءٌ إلهيٌّ، وتأييدٌ ربَّانيٌّ من الله القويِّ القادرِ القاهِرِ الغالبِ على أمرِه، تأييدٌ مُحقِّقٌ وعدَه - سبحانه - الذي لا يتخلَّفُ لهذه الأمة بالاستِخلافِ في الأرض، والتمكينِ لتبديلِ خَوفِها أمنًا إن هي آمنَت باللهِ، وحقَّقَت توحِيدَه، وعمِلَت بمُقتضَاه، (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور: 55].

 

ولا غَرْوَ أن يبلُغ ذلك الرَّعيلُ الأولُ من التقدُّم والرُّقيِّ مبلغًا لم يسبِقهُ إليه، ولم يلحَق به مِن بعده أحدٌ عاشَ على هذه الأرض؛ لأن الإيمانَ دليلُه، ولأن الإسلام قائِدُه، ولأن الشريعةَ منهَجُه ونِظامُ حياتِه، ولأن الإحسان مقصُودُه وغايتُه، فاستَحَقَّ بذلك الخيريَّةَ التي كتبَها اللهُ لمَن آمنَ به واتَّبَعَ هُداه، وتبوَّأَ مقامَ الشهادة على الناسِ يوم القيامة، (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران: 110]، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة: 143].

 

وإن آياتِ الكتابِ الحكيم لتُذكِّرُ أيضًا أن الاستِمساكَ بدينِ الله، والاستِقامةَ على منهَجِه، واتِّباعَ رِضوانِه، وتحكيمَ شَرعِه لا يقتصِرُ أثرُه على الحَظوَة بالسعادة في الآخرة فحسب؛ بل يضمَنُ كذلك التمتُّعَ بالحياةِ الطيبة في الدنيا بطُمأنينة القلبِ، وسُكُون النفسِ، وبلُوغِ الأمل.

 

وتلك سُنَّةٌ من سُنن الله في عبادِه لا تتخلَّفُ ولا تتبدَّلُ، (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97].

 

فحين تكون حَيدةُ الخلقِ عن دينِ الله، وتكون الجَفوةُ بينهم وبين ربِّهم بالإعراضِ عن صِراطِه، ومُخالفةِ منهَجِه، والصدِّ عن سبيلِه يقَعُ الخلَلُ، ويثُورُ الاضطرابُ المُفضِي إلى شرٍّ عظيمٍ، وفسادٍ كبيرٍ عانَت مِن وَيلاتِه الأُمم مِن قبلِنا، فحلَّ الخِصامُ بينهم، واستعَرَت نارُ العداوة والبغضاء بعد ما كانت المحبَّةُ والأُلفةُ تُظِلُّهم، (فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) [المائدة: 14].

 

وهو خلَلٌ يتجاوَزُ أثَرُه، وتتَّسِعُ دائِرتُه فتعُمُّ الأرضَ كلَّها، (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41].

 

ذلك أن الصِّلةَ وثِيقةٌ بين هذه الأرض وبين ما نعمُرُها به، وما نُقدِمُ عليه من أعمالٍ؛ فإن مَت على طريقٍ قَويمٍ، وسبيلٍ مُستقيمٍ، قائِمٍ على إدراكِ الغايةِ مِن خلقِ الإنسانِ، وتحقيقِ العبوديَّةِ لله ربِّ العالمين، والمُسارَعَة إلى رِضوانِه، فإن الله يُفِيضُ عليهم مِن خزائِنِ رحمتِه، ويُنزِّلُ عليهم بركاتٍ من السماء، ويُفيءُ عليهم مِن خيراتِ الأرض.

 

كما عبَّر عن ذلك نُوحٌ - عليه السلام - في دعوتِه لقومِه، وحثِّه لهم على الإيمانِ بربِّهم، والاستِغفار لذنوبِهم: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) [نوح: 10- 12].

 

وقال -عزَّ اسمُه- في شأنِ المُعذَّبِين مِن أهل القُرى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الأعراف: 96].

 

وتلك مساكِنُ وآثارُ الذين ظلَمُوا أنفسَهم بنَبذِهم كتابَ الله وراءَهم ظِهرِيًّا، واتِّباعَهم أهواءَهم، واتِّخاذِها آلهةً مِن دُون الله، فكانت تلك المساكِنُ والآثارُ مشاهِدَ عِظةٍ، وبواعِثَ عِبرةٍ، وذِكرَى لأُولِي الألبابِ، (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) [الحج: 45]، (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى) [طه: 128].

 

ولذا فإن أصحابَ البصائِرِ لا يملِكُون وهم يسمَعون نداءَ الله تعالى يُتلَى عليهم في كتابِه إلا أن يُصِيخُوا ويستَجيبُوا لله وللرسولِ - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ هي دعوةٌ تحيَا بالاستِجابة لها القلوبُ التي لا حياةَ لها إلا بالإقبالِ على الله تعالى، وتحقيق العبودية له بمحبَّته، وطاعته، والحَذَر من أسبابِ غضَبِه، وبمحبَّة رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، والاهتِداء بهَديِه، واتِّباع سُنَّته، وتحكيم شرعِه.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال: 24].

 

فهو - سبحانه - يحُولُ بين المُؤمن وبين الكُفر، كما يحُولُ بين الكافِرِ وبين الإيمان، كما قال ذلك حَبرُ الأمة وتَرجُمان القرآن عبدُ الله بن العباس - رضي الله عنهما -.

 

فاتَّقُوا الله - عباد الله -، واستَجيبُوا لله وللرسولِ، واذكُروا أن المجدَ والعِزَّةَ والرِّفعةَ والسُّؤدَد والتمكين هو لمَن اتَّبعَ هُدَى ربِّه، وسارَ على منهَجه، كما قال - سبحانه -: (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [الأنبياء: 10]، وقال - عزَّ مِن قائلٍ -: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) [الزخرف: 44].

 

نفعَني الله وإياكم بهَديِ كتابِه، وبسُنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، أقولُ قولي هذا، وأستغفِرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولكافَّةِ المسلمين من كلِّ ذنبٍ؛ إنه هو الغفورُ الرحيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

إن الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفِرُه، ونعوذُ باللهِ مِن شُرور أنفُسِنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد .. فيا عباد الله: إن المُؤمنَ حين يقِفُ على مُفترَقِ طُرقٍ، وحين تُعرضُ عليه شتَّى المناهِج، وحين تتجاذَبُه الاتجاهات، وتُثقِلُه الضُّغوطُ والمُطالَبات، لا تعتَرِيه حَيرةٌ، ولا يُخالِجُه شكٌّ أبدًا في أن منهَجَ ربِّه الأعلَى وطريقَه هو وحدَه سبيلُ النجاة، وطريقُ السعادة في حياتِه الدنيا وفي الآخرة.

 

وفي آياتِ الذِّكر الحكيم مِما قصَّ الله علينا مِن نبأ أبِينا آدم - عليه السلام -، حين أُهبِطَ من الجنة أوضَحُ الأدلَّة على ذلك، فأما المُتَّبِعُ هُدَى ربِّه فهو السعيدُ حقًّا، (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) [طه: 123].

 

وأما المُعرِضُ عن ذِكرِ ربِّه بمُخالَفة أمرِه وأمرِ رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، فهو الشقِيُّ الخاسِرُ حقًّا، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) [طه: 124- 126].

 

وضَنكُ المعيشة في الدنيا - كما قال ابنُ كثيرٍ - رحمه الله -: هو "بألا يجِدَ طُمأنينةً ولا انشِراحًا لصَدره، بل صَدرُه ضيِّقٌ حرِجٌ، وإن تنعَّمَ ظاهِرُه ولبِسَ ما شاءَ، وأكلَ ما شاءَ، وسكَنَ حيث شاءَ، فإن قلبَه ما لم يخلُص إلا اليَقينِ والهُدى فهو في قلقٍ وحَيرةٍ وشكٍّ، فلا يزالُ في رَيبِه يتردَّدُ". اهـ.

 

وما أحسنَ ما قالَ الإمامُ ابنُ القيِّم - رحمه الله -: "في القلبِ شعَثٌ لا يلُمُّه إلا الإقبالُ على الله، وفيه وَحشةٌ لا يُزيلُها إلا الأُنسُ بالله، وفيه حُزنٌ لا يُذهِبُه إلا السُّرورُ بمعرفتِه وصِدقِ مُعاملتِه، وفيه قلقٌ لا يُسكِّنُه إلا الاجتِماعُ عليه، والفِرارُ إليه".

 

وتلك حقيقةُ المعِيشة الضَّنك، أعاذَنا الله منها، ومن العمَى بعد الهُدى، وجعلَنا مِمن أنابَ إلى ربِّه وتابَ إليه فهدَى.

 

فاتَّقوا الله - عباد الله -، وصلُّوا وسلِّمُوا على خَير الورَى؛ فقد أمرَكم بذلك المولَى - جلَّ وعلا -؛ حيث قال - سبحانه -: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خُلفائه الأربعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائرِ الآلِ والصحابةِ والتابعين، وعن أزواجِه أمهات المُؤمنين، ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوِك وكرمِك وإحسانِك يا خَيرَ مَن تجاوزَ وعفَا.

 

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واحْمِ حَوزةَ الدين، ودمِّر أعداء الدين وسائرَ الطُّغاةِ والمُفسِدين، وألِّف بين قلوب المسلمين، ووحِّد صفوفَهم، وأصلِح قادتَهم، واجمَع كلمتَهم على الحقِّ يا ربَّ العالمين.

 

اللهم انصُر دينكَ وكتابكَ، وسُنَّةَ نبيِّك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وعبادَكَ المؤمنين المُجاهدين الصادقين.

 

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتَنا وولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحقِّ وليَّ أمرنا، وهيِّئ له البِطانةَ الصالحة، ووفِّقه إلى ما تحبُّ وترضَى يا سميعَ الدعاء، اللهم وفِّقه ونائِبَيه وإخوانَه إلى ما فيه خيرُ الإسلام والمسلمين، وإلى ما فيه صلاحُ العباد والبلاد يا مَن إليه المرجِعُ يوم المعاد.

 

اللهم آتِ نفوسَنا تقوَاها، وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها.

 

اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرنا، وأصلِح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي إليها معادُنا، واجعَل الحياةَ زيادةً لنا في كلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً من كل شرٍّ.

 

اللهم إنا نعوذُ بك من زَوال نِعمتِك، وتحوُّل عافِيَتك، وفُجاءَة نقمَتِك، وجميعِ سخَطِك.

 

اللهم اكفِنا أعداءَك وأعداءَنا بما شئتَ يا رب العالمين، اللهم اكفِنا أعداءَك وأعداءَنا بما شئتَ يا رب العالمين، اللهم اكفِنا أعداءَك وأعداءَنا بما شئتَ يا رب العالمين، اللهم إنا نجعلُك في نُحور أعدائِك وأعدائِنا، ونعوذُ بك من شُرورهم، اللهم إنا نجعلُك في نُحور أعدائِك وأعدائِنا، ونعوذُ بك من شُرورهم، اللهم إنا نجعلُك في نُحورهم، ونعوذُ بك من شُرورهم.

 

اللهم اكتُب النصرَ والتأييدَ والحفظَ والرِّعايةَ لجنودِنا في الحدِّ الجنوبيِّ وفي كافَّة الحُدودِ، اللهم انصُرهم نصرًا مُؤزَّرًا، اللهم انصُرهم نصرًا مُؤزَّرًا، اللهم انصُرهم نصرًا مُؤزَّرًا، اللهم انصُر بهم دينَك، اللهم انصُر بهم دينَك، اللهم انصُر بهم دينَك، وأعلِ بهم كلمتَك، اللهم انصُر بهم دينَك، وأعلِ بهم كلمتَك، اللهم انصُر بهم دينَك، وأعلِ بهم كلمتَك، اللهم اشفِ جرحَاهم، واكتُب أجرَ الشهادة لقَتلاهم يا رب العالمين.

 

اللهم احفَظ المُسلمين في كافَّة دِيارهم، وانصُرهم على عدوِّك وعدوِّهم يا رب العالمين، اللهم ارفَع عنهم البأساء والضرَّاء، اللهم ارفَع عنهم البأساء والضرَّاء، اللهم ارفَع عنهم البأساء والضرَّاء يا رب العالمين.

 

اللهم اشفِ مرضانا، وارحَم موتانا، وبلِّغنا فيما يُرضِيكَ آمالَنا، واختِم بالباقِيات الصالِحات أعمالَنا.

 

اللهم إنا نسألُك فعلَ الخيرات، وتركَ المُنكرات، وحبَّ المساكين، وأن تغفِرَ لنا وترحمَنا، وإذا أردتَ بقومٍ فتنةً فاقبِضنا إليك غيرَ مفتُونين.

 

(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23]، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].

 

وصلِّ اللهم وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحبِه أجمعين، والحمدُ لله رب العالمين.

 

 

 

المرفقات

لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- (2)

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات