عناصر الخطبة
1/ التحذير النبوي الشديد من تقليد اليهود والنصارى 2/ من صور تقليدنا لهم 3/ موقف المسلم من الاحتفال برأس السنة والكريسماس 4/ حكم تهنئة الكفار بأعيادهماقتباس
ومن صور التقليد: الاحتفال بأعيادهم، ونحن نقترب من عيد رأس السنة وعيد الكريسماس، ونجد البعض ممن يتهاوون ذلاًّ بين يدي الغرب يسارع في مشاركتهم وتهنئتهم بأعيادهم، وحضورها، ولربما تجده لا يحتفل بأعياد المسلمين؛ بل يجعل يوم عيد المسلمين ..
أما بعد:
فيا عباد الله: لقد أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، وكلما ازددنا تمسكًا وتطبيقًا لديننا ازددنا عزًّا ورفعة، وعلى العكس، كلما ابتعدنا عن الدين نقص عزنا وزاد ذلنا، ومهما ابتغينا العزة بغير الدين أذلنا الله.
لما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت اليهودية والنصرانية هما أشهر الديانات بين الناس، فجاء الإسلام ناسخًا لهما، وذلك لما طرأ عليهما من التحريف؛ ولأنهما غير صالحتين لكل زمان، فلا دين يُقبل عند الله إلا الإسلام، كما قال -تعالى-: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) [آل عمران:85].
ولقد جاءت النصوص محذرة من تقليد ذينك الملتين -أعني اليهودية والنصرانية وأهلِهما- والتنفير منهما، ولقد كان -عليه الصلاة والسلام- يخالف أهل الكتاب في كل شيء، ويأمر أمته بمخالفتهم، فكان -صلى الله عليه وسلم- يكثر من قوله: خالفوا اليهود والنصارى.
معاشر المؤمنين: مما يحزُّ في النفس أن نرى البعض من المسلمين يسارع في تقليد الغرب من اليهود والنصارى، ويرفع شعاراتهم، ويلبس لبسهم، ويرطن بلغتهم تفاخرًا؛ بل وصل الأمر إلى التأريخ بتاريخهم بلا موجب له وهجر تاريخ المسلمين؛ بل نجد الشباب الآن يرفعون أسماء اللاعبين على صدورهم وظهورهم؛ بل حتى صورهم؛ بل البعض يلبس الصليب -مع الأسف-، كل ذلك من باب الذل الذي أصابنا بعد العزوف والبعد عن الإسلام.
ومن صور التقليد: الاحتفال بأعيادهم، ونحن نقترب من عيد رأس السنة وعيد الكريسماس، ونجد البعض ممن يتهاوون ذلاًّ بين يدي الغرب يسارع في مشاركتهم وتهنئتهم بأعيادهم، وحضورها، ولربما تجده لا يحتفل بأعياد المسلمين؛ بل يجعل يوم عيد المسلمين يوم نوم وكسل.
أيها المؤمنون: لقد حذّرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- من اتباع طريقهم، ففي صحيحي البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه". قالوا: يا رسول الله: اليهود والنصارى؟! قال: "فمَن؟!". أي: فمن يكون المقصود غيرهم؟!
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أنه سيأتي أقوام من أمته يتابعون طريق الكفرة من اليهود والنصارى، يتابعونهم في أعيادهم، في أخلاقهم، سيتابعونهم في تحياتهم، حتى من شدة تقليدهم لهم لو دخل هؤلاء القوم جحر الضب لدخله المسلمون من شدة تقليدهم ومن شدة اتباعهم. ولا يطبق هذا إلا أراذل الناس، وأما المسلمون حقًّا فينفرون من تقليدهم، وينفِّرون غيرهم.
أيها المسلمون: بعد أيام يحتفل النصارى الضُّلاَّل بعيد الميلاد لعيسى ابن مريم، وهو ما يسمى عندهم بعيد الكريسماس، في ذلك اليوم يدخلون كنائسهم ويرفعون صلبانهم، ويتبركون بشجرة الميلاد ونحو ذلك من الخرافات والخزعبلات؛ ويحتفلون في الفنادق وحانات الخمور، ويفعلون الرقص والمجون، ويشربون الكؤوس والخمور، ويفعلون الفواحش، ويعتقدون في تلك الليلة اعتقادات ضالة.
وينظر المسلم الصادق إلى هؤلاء الضُّلاَّل كما نظر الصحابي الجليل أبو الدرداء، نظر إلى النصارى وهم في صوامعهم، وعندما رآهم بكى؛ لأنه تذكّر قوله -تعالى-: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ) [الغاشية:1-3]، يعبدون الله، لكن؛ والنهاية: (تصلى ناراً حامية)، لماذا؟! لأن عقيدتهم في الله فاسدة ضالة، فكانت النهاية: تصلى نارًا.
اللهم...
الخطبة الثانية:
فيا عباد الله: ومن موقفنا من هؤلاء القوم أنه لا يجوز بحال من الأحوال أن نساعدهم في عيدهم، ولا أن نشاركهم بالحضور إلى فنادقهم أو حاناتهم أو مجالسهم؛ بل لا يجوز لنا أن نتشبه بهم فنحتفل كما يحتفلون، ونفرح كما هم يفرحون.
وفي مسند أحمد وأبي داود أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن تشبّه بقوم فهو منهم"، وفي سنن الترمذي: "ليس منّا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا النصارى". القوم لهم أعيادهم ونحن لنا أعيادنا، القوم ضُلال ونحن مسلمون على الصراط المستقيم.
ومن موقفنا معهم أنه لا يجوز لنا أن نهنئهم على هذه الأعياد، ولا أن نرسل لهم رسائل تهنئة عبر الجوال؛ لأن التهنئة تعني إقرارهم على ما هم عليه، وقد علمت أنه ليس مجرد احتفال لعيد ميلاد بشَر؛ بل هو أعظم من ذلك.
إن لهم عقيدة فاسدة؛ وذلك أنهم يحتفلون بميلاد ابن الله -تعالى الله عن قولهم- ويجعلون عيسى إلهًا وأمه مريم البتول زوجة لله، ويجعلون الآلهة ثلاثة، وكفّرهم الله بقوله: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ) [المائدة:73].
قال ابن القيم في كتابه أحكام أهل الذمة: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو: تَهنأ بهذا العيد، ونحوه؛ فهذا إن سلم قائله من الكفر، فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن تهنئه بسجوده للصليب؛ بل ذلك أعظم إثمًا عند الله، وأشد مقتًا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام، ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنّأ عبدًا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرّض لمقت الله وسخطه". اهـ.
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حرامًا، وبهذه المنزلة التي ذكرها ابن القيم؛ لأن فيها إقرارًا لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضا به لهم، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنئ بها غيره؛ لأن الله -تعالى- لا يرضى بذلك، ومن فعل شيئًا من ذلك فهو آثم، سواء فعله مجاملة، أم توددًا، أم حياءً، أم لغير ذلك من الأسباب؛ لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم.
والبعض من المسلمين يكون معه نصراني في العمل، فيهنئه بعيده، أو يهديه هدية، أو يقبل منه حلوى أو نحوها مما قد يوزعه بعضهم في العيد، وهذا كله من المحرمات التي يقتحمها العبد فيمقته الله؛ لما في ذلك من إقرار لهم على عقائدهم الفاسدة في ذات الله، قال ابن عباس: "لا أستطيع النظر إلى النصراني وهو يزعم أن لله ولدًا".
اللهم إنا نسألك النصر للمسلمين، وانصر من نصر الدين، واخذل من خذل الدين...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم