عناصر الخطبة
1/ الإيمان بالغيب أساس الإيمان 2/ الحكمة من حجب الله تعالى لنفسه عن الخلق 3/ استكبار الملحدين عن هذه الحقائق 4/ الغيب دليل على ضعف الإنسان ومحدودية قدراته 5/ تناقض الملحدين في الإيمان بالغيبيات 6/ من آثار الإيمان بالغيب 7/ معينات على استحضار الغيب في حياتنااقتباس
إن الإيمان بالغيب هو أساس الإيمان؛ فالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لم يدع إلا إلى الإيمان بالغيب، فالله تعالى غيب، والملائكة غيب، روح الإنسان غيب، الحسنات غيب، السيئات غيب، والبرزخ غيب، واليوم الآخر غيب، واليوم الآخر غيب، والنشور غيب، والصراط غيب، والجنة غيب، والنار غيب.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها الإخوة: بحكم طبيعة الإنسان البشرية فإن الإنسان يركّز على عالم الشهادة المشاهد المحسوس أكثر من عالم الغيب، مع أن عالم الغيب عالم أكبر وأرحب وأبقى وأعظم من عالم الشهادة، بل إن عالم الغيب هو الحقيقة العظمى التي تأتي قبل عالم الشهادة والحقيقة التي عظمها رب العالمين وجعل الإيمان به -أي بالغيب- أول صفات المتقين كما ورد في سورة البقرة: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ).
إن الإيمان بالغيب هو أساس الإيمان؛ فالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لم يدع إلا إلى الإيمان بالغيب، فالله تعالى غيب، والملائكة غيب، روح الإنسان غيب، الحسنات غيب، السيئات غيب، والبرزخ غيب، واليوم الآخر غيب، واليوم الآخر غيب، والنشور غيب، والصراط غيب، والجنة غيب، والنار غيب.
كلها من العظائم يعود عليها مصير الإنسان، الغيب وجوده يقيني، ولكن لا نراه لا نلمسه ولا نسمعه، فلا أصدق من وجود الله تعالى ولا أصدق من وجود ملائكته وجنته وناره، ومع أننا لا نرى بأعيننا أو نسمع شيئًا من هذا الغيب فإننا مؤمنون به.
وفي هذا الإيمان ومدى رسوخه وحقيقته يجري الابتلاء، فإن العبرة لا تقف عند حد العلم والتصديق بالغيب، بل العبرة في التأثّر والإحساس الحقيقي بهذا الغيب، ولهذا كان الإحسان الذي هو أعلى منازل الإيمان هو أن تعبد الله كأنك تراه، أي أن قوة إحساسك بالغيب جعلته سبحانه أمامك كالشهادة، كأنك تراه، وإذا أصبح الأمر كذلك فتأمّل كيف يكون تأثير الغيب على سلوكك ومشاعرك أن تعبد الله كأنك تراه. نسأل الله من جوده وفضله.
أيها الإخوة: كما تقدّم فإن من حكم حجب الله تعالى لنفسه عن الناس "الابتلاء"، وهو من حكمته البالغة التي لم يطلعنا إلا على شيء بسيط منها، وهو الحكيم العليم العدل الرحيم، فتحقيق العبودية للإله يقتضي التسليم لأمره في العموم وفي الخصوص، التسليم لأمره حين حجب نفسه -جل وعلا-.
ولذلك أبى الملحدون هذه الحكمة واستكبروا واعترضوا وطالبوا برؤية الله؛ يقول سبحانه: (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا)، وطلبت اليهود من موسى -عليه السلام- أن يريهم الله جهرًا: (لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً).
أما في أمور الدنيا فإن الرؤية بالعين تزيل الشك قطعًا، والإنسان مفطور على الاعتماد على حواسه في التأكد والشعور باليقين فيما يتعلق بأمور الحياة، أما أمور الغيب والآخرة فلا سبيل إلى ذلك، وإلا فلن تكون غيبًا أصلاً، فالماديون الذين لا يؤمنون إلا بالمحسوسات نفضوا أيديهم من الغيب، ولكن هؤلاء إذا كان يوم القيامة وعرضت عليهم النار أمام أعينهم أذعنوا وأقروا، ولكن بعد ماذا؟! بعد فوات الأوان.
يقول سبحانه: (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ) [الأنعام:30]، بما كنتم تكفرون بالغيب الذي ترونه الآن رأي العين أمام أعينكم، فقد أرسلنا إليكم الرسل معهم البراهين والآيات والأدلة، فأبيتم إلا العناد. نسأل الله الثبات على الهدى.
معاشر الإخوة: الغيب دليل على ضعف الإنسان ومحدودية قدراته، فالغيب أكبر من الشهادة، وهو يحيط بنا من كل جانب ولكننا لا نراه ولا نسمعه، وإذا كانت حواسنا لا تستطيع أن تدرك إلا شيئًا يسيرًا من عالم الشهادة فكيف بالغيب الذي هو أوسع وأكبر وأعظم!!
ويكفي بذلك الغيب الملائكة المتعاقبة في الليل والنهار الذين يملؤون السماء، حتى تكاد السماء تتفتق من كثرتهم، قال -صلى الله عليه وسلم-: "أَطَّتِ السَّمَاءُ، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ؛ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلاَّ وَعَلَيْهِ مَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ ساجدًا لله". أربع أصابع. صح ذلك في سنن الترمذي من حديث أبي ذر.
أيها الإخوة: إننا عندما نتكلم عن الغيب بشكل عام فإن الناس جميعًا -مؤمنهم وكافرهم- يؤمنون بأن في الحياة أمورًا خفية لها أثر على حياتهم ولكن لا تطالها حواسهم، بل إن يقين الإنسان بوجودها هو الذي كان يدفعه إلى البحث والتنقيب عنها، فعلى سبيل المثال: الذبذبات الصوتية، الموجات الكهرومغناطيسية والكهربائية التي على الرغم من مرورها وتنقلها المستمر عبر الأثير حولنا إلا أنها لا ترى ولا تسمع ولا تشم.
لم يكتشف الإنسان وجودها وبعض خواصها إلا بعد سنين من الدراسة والبحث والتجربة، بل ما زال سبب الحياة مطلبًا تسعى لمعرفته كثير من مراكز البحوث العالمية الغربية، وتجارب الاستنساخ لا تزال على أشدها.
والطريف أن القائمين على تلك المراكز ومن يملونها ملحدون، وهم كثير، هؤلاء الملحدون متناقضون، فهم من جانب يسخرون ممن يؤمن بالغيب العقائدي؛ لأنهم ملحدون لا يؤمنون بالغيب، ومن جانب آخر هم أنفسهم يمضون السنين الطوال وينفقون الأموال للقيام بالتجارب العلمية للتعرف على الغيب العلمي كطبيعة ما وراء المجموعة الشمسية في الفضاء، وكسر الحياة، وطبيعة الجينات الإنسانية الوراثية مما هو غائب عن حواسهم ولا يهتدون إليه لا بجرم ولا صوت ولا رائحة، إما لبعده أو لضآلة حجمه أو لشفافيته، ومع ذلك تراهم يعكفون على البحث عنه من خلال آثاره وعلى التعرف عليه أكثر.
الحاصل أن الغيب موجود باعتراف الجميع، أقر بذلك من أقر وجحد من جحد، فالإنسان ضعيف، خلقه الله بقدرات محدودة لا توكله من تحمل أمور الغيب الذي منعه الله تعالى عنه.
وإذا كان من فضل الله على الإنسان أن ستر عنه من أشياء الدنيا ما لا طاقة له به، فكيف بالغيب؟!
يقول أحد العلماء الغربيين في كتابه "أصوات لا تسمع" يقول: "ويعتبر عدم حساسية الأذن البشرية للاهتزازات ذات الترددات المنخفضة من النعم العظيمة على الإنسان، فهي تحول دون سماعه لضربات قلبه، ولولا ذلك لكان لضربات القلب وغيرها من الأصوات المنخفضة ضجيج لا ينقطع، وبالتالي لا يستطيع تحمل الحياة".
ولقد طلب نبي الله موسى -عليه السلام- من ربه أن ينظر إليه شوقًا وحبًا، قال الحسن: "هاج به الشوق فسأل الرؤية". (قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ)، قال له ربه سبحانه: (لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) [الأعراف:143].
رؤية الله مستحيلة في الدنيا لا يحتملها الإنسان، وكما قال -صلى الله عليه وسلم- عن ربه -جل وعلا: "حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه". رواه مسلم.
لكن نعود ونقول: ليس المطلوب هو التصديق بالغيب فحسب، وإنما هو في مستوى التأثر والإحساس الحقيقي بهذا الغيب.
أيها الإخوة: إن من أكبر آثار الإيمان بالغيب الخوف والرجاء، فالذي يؤمن بالغيب يخاف الله ويرجوه، وكلّما قلّ أثر الإيمان بالغيب قل في القلب الخوف من الله، وإذا انحرف الإيمان بالغيب أو زال بالكلية واستهزأ بالغيب فعل الإنسان الأفاعيل ولا يبالي، لا يبالي لا بملائكة ولا كتاب ولا حساب ولا عقاب ولا جنة ولا نار، وسيظل محترقًا في حياته وبعد مماته إن لم يتب إلى ربه، فهو وأمثال شؤم في الدنيا، ولولا التوحيد الباقي في الأرض لهلك العباد، فأهل الإيمان بالغيب بركة، وأهل إنكار الغيب شؤم.
ولذلك صحّ في مسلم من حديث أنس أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله"، ولهذا نجد أن منكري الغيب في الشقاء وفي الضنك يتصارعون على الدنيا تصارع الوحوش، ويبطن أكثرهم بحرصهم على الدنيا من الأخلاق أسوءها: حسد وغيبة وكذب وخداع وبخل وأثرة وظلم وبخس وغل ونفاق.
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا)، إن لم يكن هؤلاء في معيشة ضنك فمن إذاً؟!
بالمقابل نجد أن أسعد الناس على وجه الأرض وأكثرهم طمأنينة وأمانًا في الدنيا هم أكثرهم إيمانًا بالغيب وتوحيدًا لله وطاعة له: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) طيبة.
لقد آمنوا بالله وعبدوه بصدق وذكروه بالليل والنهار، فارتاحت نفوسهم، واطمأنت قلوبهم بذكر الله: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد:28].
إن المؤمن -ثبتنا الله وإياكم على الإيمان- يعيش واثقًا بوعد الله، يؤمن بالغيب وهو لا يعلم ما سيجري له أو عليه بعد موته، هو لا يعلم ما شكل الحياة في القبر ولا بعد النشور، ولكنه -وإن كان لا يعلم- فإنه يؤمن، وبإيمانه الغالي يتعلق بوعد الله -جل وعلا-، فيخشى النار التي لم ير قعرها، ويرجو الجنة التي لم ير قصورها ولم يتناول قطوفها الدانية ولم يسمع أصوات طيورها الجميلة ولم يذق طعم أنهارها العذبة ولم يشم طيب ريحها.
إنما هو وعد الله لا غير، وعد الله له بالغيب كما قال -جل شأنه-: (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) [مريم:61]، فهو وعد إذاً، وعد بالغيب من عالم الغيب وخالق الغيب، لكنه سبحانه قال بعد ذلك مؤكدًا: (إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا).
ولذلك كان أولو الألباب الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم إنما يذكرونه في كل حين، وعلى كل موضع لقوة رسوخ الغيب في قلوبهم، بل إن كل شيء في عالم الشهادة الذي يرونه بأعينهم يذكرهم بعالم الغيب، فكان التفكر بعد الذكر يشغلهم، التخلق في الخلق البديع المحكم: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ) [الملك:3].
إن الصناعة إذا أُتقنت إلى حد الكمال، فصانعها كامل الصفات، يشتاق لرؤيته كل معجب ومحب، وكلما تفكروا في خلقه زاد إيمانهم بالغيب رسوخًا كما قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران:190، 191]. ربط بين الدنيا والآخرة.
ثم انتقلوا إلى عالم الغيب الذي آمنوا به وقالوا: (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) [آل عمران:194]، وجاء الرد: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ) [آل عمران:195].
أسأل الله تعالى أن يزيدنا وإياكم من واسع فضله، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه غفور رحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه.
وبعد:
فإن مما ينبغي تقويته إيماننا بعالم الغيب، وتكلف استحضاره في أذهاننا، فكل ما حولنا من خلق محكم متماسك شاهد على الغيب، ولله في كل تحريكة وفي كل تسكينة شاهد، وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد.
ولذلك لما سئل الأعرابي العامي عن وجود الله قال بكل بساطة: "يا سبحان الله!! إن البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا تدل على العليم الخبير".
مما يعين على استحضار الغيب: التفكر في خلق السماوات والأرض، كالتفكر في الموت وقصر الأجل، تدبر آيات القرآن، ثم ذكر الله، ثم ذكر الله، ثم ذكر الله.
والإنسان إذا طالع قلبه الغيب في أفعاله وأقواله أصبح في أسعد حال، لا حيرة ولا قلق بل سرور واطمئنان.
نسأل الله -عز وجل- أن يطمئن قلوبنا بذكره، نسأل الله أن يشرح صدورنا بذكره -جل وعلا-.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم