الإسراء والتسبيح

عبد العزيز بن عبد الله السويدان

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ سورة الإسراء محفوفة بالتسبيح والتحميد 2/ ألفاظ التسبيح في سورة الإسراء ودلالاتها 3/ تسبيح الملأ الأعلى 4/ رحلتا الإسراء والمعراج وترسيخهما للتوحيد 5/ مقام العبودية وأقسامها 6/ اشتمال سورة الإسراء على أعلى مقامات العبودية من تسبيح وتحميد

اقتباس

إنه هديرٌ من التسبيح لا ينخفض، ولا ينقطع زجَلُه إلا ما شاء الله، ولقد ورد التسبيح في السورة، سورة الإسراء، سبع مرات، فكأنها سبع مرات لسبع سماوات، فكل سماء يملؤها التسبيح، أوَلا يملأ التسبيح السماوات والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "وسُبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماوات والأرض"؟.

 

 

 

 

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

سورة الإسراء، تُسَمَّى سورةُ "بني إسرائيل"، وتسمى كذلك سورة "سبحان"، والتَّسبيح ورد في القرآن بصُوَرٍ شتَّى، ورد بالفعل الماضي نحو: سبَّح لله، وورد بالفعل المضارع نحو: يُسبِّح لله، ووضع بفعل الأمر نحو: فسبِّحْ باسم ربك العظيم، وكذلك ورد بالمصدر أو اسمه نحو: سُبحان الله.

والتسبيح مقصدنا، فإن سورة الإسراء، سورة حفت بالتسبيح والتحميد هي في ذاتها، وفي السورتين قبلها وبعدها.

فسورة النحل التي هي قبلها جاء في بدايتها قوله تعالى: (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [النحل:1]، وسورة الكهف التي هي بعدها ابتدأت بقوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ) [الكهف:1].

فحُفَّتْ بالتسبيح والتحميد قبلها وبعدها، أما هي في ذاتها ففي مطلعها قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى) [الإسراء:1]، وفي آخرها قوله تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا) [الإسراء:111].

فالإسراءُ سورةٌ عظيمةٌ حُفَّتْ بالتسبيح والتحميد؛ ولذلك كان من أسمائها سورة "سبحان"، والتسبيح ومقتضياته هو ما نريده اليوم، فإن أكثر ما ذُكِرَ لفظُ التسبيح بمشتقاته في القرآن في سورة الإسراء، فليس هناك سورة تدانيها في التسبيح وكثرته.

والتسبيح، وتنزيه الله تعالى عن كل نقص أو عيب، وتعظيمه وتمجيده، وإكبار قدرته المطلقة التي لا يحدها حد، ولا يحصيها عد.

لقد ذكر لفظ التسبيح في سورة الاسراء سبع مرات، ولم يذكر بهذا الكم في سورة غيرها، فلا سورة في القرآن تماثلها في التسبيح؛ ولعل في هذا إشارة إلى نقله -صلى الله عليه وسلم- حين عرج به إلى عالم التسبيح في السماء.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الترمذي وابن ماجه: "إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء، وحقّ لها أن تئطّ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله تعالى".

بل يخبر الله تعالى ذكره عن قول ملائكته الذين ملؤوا السماء: (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ) [الصافات:164]، مكان معلوم في السماء خاص بكل ملك للعبادة والتسبيح، (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) [الصافات:164-165]، أمرهم ليس فوضى؛ بل هو منتظم محكم، (وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) [الصافات:166].

انهم لا يتركون التسبيح أبدا، حتى ارتبطت بهم صفة التسبيح، واسم التسبيح، فهم المسبحون، (وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ)، لا يتركون التسبيح أبداً ما دامت السماوات والأرض، لا، بل انهم لا يفترون عن التسبيح، حتى مجرد فتور! لا يتعبون من دوام تسبيح الله تعالى، ولا ينخفض مستوى تسبيحهم ولو للحظة واحدة، كما في قوله تعالى: (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ) [الأنبياء:19-20].

قال: يسبحون الليل والنهار، فعرَّفَ بـــ أل، ولم يقل يسبحون ليلا ونهارا؛ لأن المعنى يكون حينها جزءا من الليل وجزءاً من النهار، لم يقل ذلك؛ بل قال: (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ)، أي: يسبحون الليل كله، والنهار كله، لا يتركون التسبيح ولا للحظة واحدة من لحظات الليل والنهار، ولا يفترون، ولا حتى في جزء منهما.

فالليل والنهار جاءا مُعَرَّفَيْن بـــ أل، وأهل اللغة يقولون: إذا عرفت بأل استغرقت، فالليل أي: كل الليل، كل، دون استثناء، والنهار، أي: كل النهار.

نعم، إنه هديرٌ من التسبيح لا ينخفض، ولا ينقطع زجَلُه إلا ما شاء الله، ولقد ورد التسبيح في السورة، سورة الإسراء، سبع مرات، فكأنها سبع مرات لسبع سماوات، فكل سماء يملؤها التسبيح، أوَلا يملأ التسبيح السماوات والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "وسُبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماوات والأرض"؟.

سبع مرات في سورة واحدة! (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الإسراء:1]، (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا) [93]، (وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا) [108]، (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا) [43]، (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [44].

سبحان الله! سبحان الله! سبحان الله! سبحان الله وبحمده! سبحان الله العظيم!.

سُبْحَانَ مَنْ يُعْطي المــُنى بخواطرٍ *** في النَّفْسِ لم يَنْطِقْ بهنَّ لِسَانُ
سُبْحَانَ مَنْ لاشئَ يحجُبُ علمَهُ *** فالسِّرُّ أجمعُ عـندَهُ إعْلانُ
سُبْحَانَ مَنْ هُـوَ لا يَـزَالُ مُـَسبَّحَاً *** أبداً ولـيس لغـيرِه الـسُّبْحَانُ
سُبْحَانَ مَنْ تجري قضاياهُ علَى *** ما شاءَ مـنـها غـائـبٌ وعِـيَانُ
سُبْحَانَ مَنْ هـو لايزالُ ورِزقُـهُ *** للـعالَمـيـنَ بـه علـيه ضَمَانُ
سُبْحَانَ مَنْ في ذكره طُرُقُ الرضى *** منـهُ وفيـه الرَّوْحُ والـرَّيْحَانُ
ملِكٌ له ظهْرُ القضـاءِ وبـطنُـهُ *** لَـمْ تُـبْلِ جِدَّةَ ملـكِهِ الازمانُ
يبلى لكل مُسلـطٍ سلـطـانُه ***واللهُ لايـبـلى لَــه سُـلْطـانُ

معاشر الإخوة: سبحان اسم مصدر، لم يذكر فاعل التسبيح مَن هو، ولا المكان الذي يسبح فيه، لأن من طبيعة المصدر في اللغة أنه حدث قائم بذاته مجرد من مسبباته لم يقدر هذا المصدر بفاعل ولا بزمن، وذلك بغرض الاطلاق والاستغراق في التنزه دون انقطاع، أي أنه تعالى وحده أهل التسبيح ومستحقه، سواء كان هنالك من يسبحه أو لم يكن، بلا تقييد بفعل ولا فاعل ولا زمن، فهو إذن إطلاق التسبيح من أي زمن تسبيح، قبل الخلق دون انقطاع وتسبيح بعد الخلق دون انقطاع.

ولذلك كان المشهد الجليل الذي يعرضه لنا القرآن بعد يوم الحساب بعد أن يقضى بين الخلائق وبعد دخول أهل الجنة الجنة ودخول أهل النار النار، كان ذلك المشهد هو مشهد التسبيح والتحميد الدائم الذي لا ينتهي لله الواحد الأحد، تسبيح لا ينقطع حتى بعد يوم القيامة (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الزمر:75].

 

أيها الكرام: الإسراء من السير ليلا، والرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم صعودا إلى الملأ الأعلى تمت في جزء قليل من الليل؛ ولذلك قال: (أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا)، بالتنكير، ولم يقل: بالليل، وإلا لاحتمل استغراقه الليل كله.

وقال (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) ولم يقل بمحمد أو النبي ولكن بعبده تشريفا للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن مقام العبودية أشرف وأسمى مقام، ولذلك وصف الأنبياء جميعهم وهم المصطفون الأخيار أحب وأقرب الخلق إلى الله وُصفوا بوصف العبودية أولا: (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) [الإسراء:3]، (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) [ص:41]، (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ) [ص:45]، (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ) [التحريم:10].

فمقام العبودية أسمى وأشرف مقام، وفي الوقت ذاته فإن مقام العبودية هو أكبر المقامات خضوعا وتواضعا لله، وهو منتهى الرفعة والكرامة للإنسان، فكلما تواضعت لله رفعك الله وأعلى قدرك ومقامك، هذا أولا.

وثانيا: جاء ذكر العبودية كي لا يرفع أحد النبي -صلى الله عليه وسلم- فوق مقام البشر، فلا يلتبس مقام العبودية بمقام الإلوهية كما التبس في العقائد المسيحية بعد عيسى -عليه السلام-.

فهو -صلى الله عليه وسلم- وإن شرف بالارتقاء إلى أعلى سماء فإنه لا يزال عبدا لله تبارك وتعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ)، تقريراً وتوكيدا لعبوديته -صلى الله عليه وسلم-، وبالذات في مقام الاسراء والمعراج، ذلك المقام الذي لم يبلغه بشر على الإطلاق.

كما لم يقل -جل وعلا- أسرى بالعبد؛ ولكنه أضافه إليه حبا له -صلى الله عليه وسلم- وتقريبا وتكريما فقال: (أَسْرَى بِعَبْدِهِ).

العبودية قسمان : قسرية تكوينية لا خيار للمخلوق فيها، فهذه لا فضل للعبد فيها ولا تشريف، فقوله تعالى: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) [مريم:93].

وهناك العبودية الاختيارية التي تسمو بالعبد، وترفع منزلته في مراتب الخيرية والفضل، فكلما ازداد الانسان عبودية لله تعالى في قلبه وسلوكه كلما ازداد كرامة وفضلا.

ولا تتحقق هذه المرتبة بغير توحيد الله بالعبادة، فإذا أشركت أفسدت كل عبادتك، وأسقطت منزلتك عند الله.

ولذلك قال تعالى بعد أن ذكر أنبيائه واحدا تلو الآخر، وبعد أن أثنى عليهم وعلى هدايتهم، وبعد أن ذكر تفضيله لهم على العالمين، قال بعد هذا كله: (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام:88].

وكذلك قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم- في ختام سورة الإسراء مؤكدا على التوحيد: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ...) [الإسراء:111].

لقد أسرى -سبحانه وتعالى- بعبده روحا وجسدا ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، لم يخضعه للمقاييس الأرضية ولا لقوانين الزمان والمكان، فتلاقت مكة والقدس أمامه في زمن قصير؛ بل في نقطة واحدة.

ثم عرج به إلى السماء الدنيا، ومنها صعودا إلى باقي السبع الطباق حتى سدرة المنتهى في هذه الرحلة العجيبة من اجل أن يري النبي -صلى الله عليه وسلم- بأم عينيه شيئاً مما كان آمَن به وعلِمَه من طريق الوحي، (لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا)، وفي سورة النجم: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) [النجم:18].

فأصبح الغيب لدى النبي -صلى الله عليه وسلم- شهادة مسموعة مرئية، وكان في الرحلة ترسيخ للتوحيد بكمال يقين العبد بهيمنة الله الواحد الأحد على الأرض والسماء؛ بل على الوجود بأكمله.

زادني الله وإياكم إيمانا ويقينا، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

 

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله، ثم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا وسيدنا محمدا وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد: فإن مِن أعلى أخلاق العبودية التسبيح والحمد، وسورة الاسراء ابتدأت بالتسبيح، وانتهت بالحمد.

الله كاملٌ في أفعاله وصفاته، وهو المنزه عن كل عيب ونقص، وهو المنزه عن كل ما وصفه أهل الجاهلية من أوصاف لا تليق به -جل وعلا-؛ ولذا جاء في السورة قوله تعالى: (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا) [الإسراء:43].

كما أن الله له المحامد كلها، فهو أهل الثناء والمجد، ولما ذكر نعمته على عبده بالاسراء قال له في أخر السورة: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ)، وفيها تعميم لكل من انعم الله عليه أن يحمده عليها، (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) [الإسراء:111].

ولو تأملنا في أخر السورة في آخر الاسراء وجدنا أنه لمــــَّا أمر نبيه بقوله: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ)، ابتدأ سورة الكهف التي تلتها بالحمد لله؛ فكأن ذلك استجابة للأمر بالحمد، وكأنه قال: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ)، فقال: (الْحَمْدُ للهِ).

فسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.

اللهم أملأ قلوبنا بالإيمان...
 

 

 

 

 

 

المرفقات

والتسبيح

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات