عناصر الخطبة
1/ واجب المسلم تجاه عمليات التفجير 2/ كيف غزتنا هذه الأعمال؟ 3/ اشتمال معرض الكتاب على مخالفات شرعية ولا رقابة 4/ قصة غضب النبي صلى الله عليه وسلم من قراءة ورقة من التوراة 5/ الإشادة بخطبة المفتي عن دور النشر 6/ خطر دعوة دور النشر السيئة 7/ نصيحة إلى مسئولي وزارة الإعلام 8/ في المعرض انفتاح غير منضبطاقتباس
لقد اشتمل المعرض على كثير من المخالفات الشرعية، وجاء مصادماً لخصوصية هذه البلاد، وفتح القائمون عليه الباب دون رقابة لدور نشر سيئة؛ تروج للرذيلة، وتنشر ما يعارض العقيدة، ويدعو للأديان المحرفة، أو المذاهب والفرق الضالة، أو الانحراف الفكري والأخلاقي ككتب الحداثة والجنس ..
أما بعد:
كنا قد تحدثنا في الخطبة الماضية عن جريمة مقتل المقيمين الفرنسيين قرب المدينة، وأشرنا إلى ما عدد من المفاسد العظيمة التي تضمنتها هذه الجريمة من سفك للدم الحرام، وتنفير عن دين الإسلام، وتشويه لسمعة هذه البلاد المباركة التي هي عقر دار الإسلام، ومعقل التوحيد.
وإن الواجب على كل مسلم، أن يبرأ من هذه الأعمال، وأن يحذر من مغبة الوقوع فيها أو المشاركة أو التستر عليها، وأن يبادر بالإبلاغ عن أي أمر يتعلق بها في حالة معرفته.
نسأل الله تعالى أن يطيح بمن ارتكب هذه الجريمة أياً كان، وأن يمكن ولاة الأمر منه عاجلاً غير آجل، وأن يجنبنا وبلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
سؤال هام، نحاول الإجابة عنه في هذه الخطبة: كيف دخلت هذه الأعمال إلى بلادنا؟
يجب أن نعلم - عباد الله-، أنه ما من عملية تفجير, أو قتل أو تدمير تقع في الميدان، إلا ويسبقها عملية تفخيخ وتفجير في الأذهان.. القضية قضية فكر مغسول، وعقل معلول.
إن فكر الغلو، الداعي إلى الخروج على ولاة الأمر، والتخوض في دماء المسلمين، وإثارة الفتن الداخلية، فكر بالغ الخطورة، ولاسيما أن كثيراً مما يقع بسبب هذا الفكر من مفاسد يقع -عند من يتبناه- بنوع من التأويل الذي يظنونه اجتهاداً مشروعاً, وطريقاً لدخول الجنة.
إن المسؤولية علينا جميعا، كبيرة جداً، في وقاية عقول أبنائنا وشبابنا من التيارات الفكرية المنحرفة، ومحاربة هذه الأفكار الدخيلة بالفكر السليم المبني على المعتقد القويم، والمنهج السليم، والثقافة الصحيحة.
عباد الله: ونحن نتحدث عن الأثر الكبير للفكر والثقافة أقول: لقد استبشرنا كثيراً عندما سمعنا بإقامة المعرض الدولي للكتاب في مدينة الرياض.. استبشرنا؛ لأننا نعلم أن التعلم والقراءة والثقافة هي أساس بناء الأمم وتقدم الشعوب.. استبشرنا ونحن نرى شبابنا ينهلون من المعارف المختلفة، ويحطمون تحت أرجلهم مقولة : إن العرب أمة لا تقرأ. ولكن، وبكل أسف، سرعان ما انقلب فرحنا إلى حزن.
لقد انفتح الباب على مصراعيه، ورأينا -والله- في المعرض هذه السنة، ولأول مرة، كتباً سيئة لم يسمح بها في المعارض السابقة، بل ولا يسمح بها في بعض الدول المتحررة.
وقد صرح أحد القائمين على المعرض للصحف، بأنه لا توجد أي رقابة على كتب هذا العام.. وفي كلام لمسؤول آخر، قال: إن المعرض سيكون خالياً من الرقابة، سوى على الكتب التي تسيء للدين والوطن.
وأقول: ليتنا طبقنا هذا الكلام واقعياً وعملياً، على كتب لا تسيء للدين فحسب بل تطعن في الدين، وفي الذات الإلهية، والشريعة المحمدية.
لقد اشتمل المعرض على كثير من المخالفات الشرعية، وجاء مصادماً لخصوصية هذه البلاد، وفتح القائمون عليه الباب دون رقابة لدور نشر سيئة؛ تروج للرذيلة، وتنشر ما يعارض العقيدة، ويدعو للأديان المحرفة، أو المذاهب والفرق الضالة، أو الانحراف الفكري والأخلاقي ككتب الحداثة والجنس.
وقد رأيت بعض هذه الكتب بعيني قبل أمس، خلال زيارتي للمعرض.. ولا أريد تسمية هذه الكتب، وأحذر كل غيور من إشاعتها إلا للمسؤولين والمصلحين، حتى لا نروج للمنكر من حيث لا نشعر.
وقد ثبت عند الدارمي في مقدمة سننه, بسند حسنه الألباني عن جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنُسْخَةٍ مِنْ التَّوْرَاةِ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ نُسْخَةٌ مِنْ التَّوْرَاةِ، فَسَكَتَ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَوَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ يَتَغَيَّرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ، مَا تَرَى مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ بَدَا لَكُمْ مُوسَى، فَاتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي، لَضَلَلْتُمْ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَلَوْ كَانَ حَيًّا وَأَدْرَكَ نُبُوَّتِي لَاتَّبَعَنِي".
تأملوا - يا رعاكم الله - رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب من ورقة واحدة من أوراق التوراة يراها تُقرأ !! ومن الذي يقرأها عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ فاروق هذه الأمة؛ فكيف بأوراق بل كتب كاملة من التوراة والإنجيل والكتب المنحرفة، تتداول بين الصغار والكبار، وتعرض على عقول الناشئة.
وإن من الواجب المتأكد حمايةَ عقول الناشئة والشباب من الأفكار المنحرفة والكتب المشبوهة.
وجزى الله سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، حينما حذر في خطبة الجمعة الماضية من دور النشر، التي تبيع الكتب التي تضر بعقائد الشباب وتشككهم في دينهم، وبيّن سماحته: أنه لا يجوز اقتناء, وبيع الكتب التي يغلب عليها التشكيك بعقائد الإسلام، وإن ما يشتريه الشباب من كتب تحتوي على أفكار ضالة أو منحرفة تؤثر عليهم، وتمثل ضررا على الأمة.
نسأل الله أن يحفظنا وأبناءنا وأهلينا من الفتن، ويعصمنا من الزلل، ويثبتنا على دينه، حتى نلقاه مؤمنين موحدين.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله الواحد الأحد، الإله الصمد،الذي لم يلد...
عباد الله.. روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا".
وعيد شديد.. يشمل كل من دعا إلى ضلالة سواء بكلام أو كتاب.. سواء كان بنفسه، أو مشاركاً لغيره بالإعانة أو الدعوة أو التسهيل.
ومن هنا ندرك الخطأ الفادح -بل الجرم العظيم- لمن دعا هذه الدور السيئة، وروج لمثل تلك الكتب الضالة، وإنه والله لا يشفع لهم ظنهم الخاطئ ووهمهم الكاذب بتوفير أجواء الحرية والانفتاح للثقافة في البلاد.
يا هؤلاء -هداكم الله-: هل تدركون مقدار الجناية العظيمة التي ارتكبتموها بحق هذه البلاد وأهلها؟
كيف نسعى إلى الحد من ظاهرة الغلو والتكفير، وكتب الإباضية التي تكفر المسلم بمجرد المعصية تباع في المعرض؟.
وكيف ندعو إلى الحد من الجريمة الخلقية ومظاهر العنف والاختطاف، وهذه روايات الزنا والفجور والعلاقات المحرمة والخيانات الزوجية تباع في المعرض؟.
وكيف نحمي التوحيد والعقيدة، وهذه كتب الإلحاد والزندقة، وكتب الفرق الضالة من الرافضة والصوفية وغيرهم، شاهرة ظاهرة؟.
على كل مسؤول في وزارة الثقافة والإعلام أو في غيرها، أن يتقي الله في كل ما يجري في ولايته، وعلى المسؤولين عن المعرض أن يعيدوا النظر في سياسة المعرض فلا يفتحوا الباب على مصراعيه في الكتب والمكتبات، وأن ينتقوا من دور النشر ويمنعوا من الكتب ما يضر بالعقائد والأخلاق، ويتفق مع سياسة هذه البلاد المباركة وخصوصيتها.
لا بد أن نعلم جميعاً، إن الانفتاح غير المنضبط -الذي رأيناه في هذا المعرض- نذير شؤم وبلاء على ديننا وبلادنا، وعلى وحدة مجتمعنا المتماسك على عقيدة واحدة وتحت راية واحدة مما يوجب الحذر، وإغلاق منافذ الشر، قبل استفحال الخطر.
وإنا لنسأل الله تعالى أن يوفق ولاة أمرنا، وعلى رأسهم إمامنا خادم الحرمين وفقه الله للحفاظِ على الملة وحماية والعقيدة، وعدمِ السماح بتكرار وقوع هذا الأمر في مثل هذه المعارض، ومحاسبةِ كل من تسول له نفسه إفساد أفكار المسلمين، وهدم أخلاقهم.
نسأل الله أن يبصرنا بعيوبنا، ولا يفتننا في ديننا، وأن يقينا شر أنفسنا، وأن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
ألا وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم