الإجراءات الاحترازية من مرض كورونا

الشيخ أ.د عبدالله بن محمد الطيار

2022-10-10 - 1444/03/14
عناصر الخطبة
1/حرص الشريعة الإسلامية على الأخذ بأسباب الوقاية والحماية والتَّداوي2/اتخاذ المملكة خطوات استباقية قوية وجادة للحدِّ من فيروس كُورونَا 3/وجوب الالتزام بكافة الاحترازات الوقائية.

اقتباس

خَلقَ اللهُ -جلَّ وعلا- الإنسانَ وكرَّمه وفضَّله، وأفاضَ عليه نعمَه وآلاءَه منذَ بدايةِ خَلْقِه وحتى وفاتِه. وطالبَه بحفظِ نفسِه من التلفِ، وأمرَهُ بالأخذِ بالأسبابِ للبعدِ عن مصادِر الهلكةِ والضررِ، وأباحَ له أسبابَ الوقايةِ والحمايةِ والتَّداوي، فَلِكُلِّ داءٍ دواءٌ، ولكلِّ مَرَضٍ شِفَاءٌ...

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ يفعلُ ما يشاءُ ويحكُم ما يريد؛ وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ المتفرد بالحكمة والتقدير، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ عليهِ وعلى آلِه وصحبِه وأتباعِه إلى يومِ الدينِ.

 

أما بعدُ: فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ، والزموا طاعتَه واجتنبُوا معصيتَه فبذلكَ تُفلحوا وتَنجحوا.

 

أيُّها المؤمنونَ: خَلقَ اللهُ -جلَّ وعلا- الإنسانَ وكرَّمه وفضَّله، وأفاضَ عليه نعمَه وآلاءَه منذَ بدايةِ خَلْقِه وحتى وفاتِه. وطالبَه بحفظِ نفسِه من التلفِ، وأمرَهُ بالأخذِ بالأسبابِ للبعدِ عن مصادِر الهلكةِ والضررِ، وأباحَ له أسبابَ الوقايةِ والحمايةِ والتَّداوي، فَلِكُلِّ داءٍ دواءٌ، ولكلِّ مَرَضٍ شِفَاءٌ. قال -جل وعلا-: (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[البقرة:195]، وقال -تعالى-: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)[النساء:29]، وقال -صلَّى اللهُ عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار"(رواه ابن ماجه، وصححه الألباني)، وقال: "لا يُوردنَّ مُمْرضٌ على مُصِحٍّ"(رواه البخاري).

 

وكما فَعَلَ عمرُ بنُ الخطابِ -رضي الله عنه- بِمنْعِ جيشِ المسلمينَ مِنْ دخولِ الشامِ لأجلِ طاعونِ عمواس حرصًا على سلامتِه.

 

عبادَ اللهِ: ومِنْ نعمِ اللهِ علينا أَنْ وفَّق اللهُ ولاةَ أمورِ هذهِ البلادِ إلى اتَّخَاذِ خطواتٍ استباقيةٍ قويةٍ وجادةٍ للحدِّ من فيروسِ كُورونَا والوقايةِ مِنه منذُ بدايةٍ ظهورِه إلى وقتِنا الحالي، ووضْعِ الكثيرِ مِنَ الإجراءاتِ الوقائيةِ والتدابيرِ الاحترازيةِ مع تَوفيرِ جميعِ الوسائلِ والتجهيزاتِ.

 

وكذلكَ إصدارِ الكثيرِ من القراراتِ الصارمةِ والتَّشديدِ على تنفيذِها؛ انطلاقًا من الحرصِ الكبيرِ على حمايةِ صحةِ المواطنينَ والمقيمينَ وضمانِ سلامتهِم، من وقفٍ للتأشيراتِ، وتعليقِ العمرةِ والزيارةِ، وإغلاقِ دورِ التعليمِ المختلفةِ، والدوائرِ الحكوميةِ العامةِ والخاصةِ، والأسواقِ، ومنعِ التجمعاتِ، والأخذِ بأسبابِ التباعدِ الاجتماعي، ووضعِ حَظْرِ التجوِّلِ الكلِّي والجزئِّي حسَبَ المصلحةِ.

 

أيُّها المؤمنونَ: وممَّا يتأكَّدُ في حقِّ الجميعِ أنْ يأخذُوا الحيطةَ والحذرَ، وأسبابَ الوقايةِ عندَ الذهابِ للمساجدِ والرجوعِ منها، وذلك بالتزامِ التعليماتِ التي وضعتْها وزارةُ الشؤونِ الإسلاميةِ بالتعاونِ مع وزارةِ الصحةِ والداخليةِ وغيرِها من الجهاتِ، من التباعدِ بينَ الصفوفِ، ولُبسِ الكمَّامِ، واستعمالِ سجادةٍ خاصةٍ للصلاةِ عليهَا، وتطهيرِ الأيدي، وتجنُّبِ المصافحةِ والملامسةِ بالأيدِي، وعدمِ الازدحامِ عندَ الدخولِ والخروجِ منها.

 

وكذلكَ الاستجابةِ لتوجيهاتِ الإمامِ، وعدمِ مخالفتهِ لما في ذلك من المصالحِ الكبيرةِ التي لا تخفى على الجميعِ، وعلى أئمةِ المساجدِ والمؤذنينَ الالتزامُ بما يَصدرُ من إجراءاتٍ وتعليماتٍ وتنفيذِها ومتابعتِها.

 

وغيرُ خافٍ أنَّ الهدفَ من هذا كلِّه هو الحرصُ على سلامةِ الناسِ، ومنعِ هذا الوباءِ من التفشِّي والانتشارِ والتقليلِ من أضرارِه، وحفظِ الأنفسِ والأرواحِ وهي إحدى الضروراتُ الخمسُ التي جاءتْ الشرائعُ بوجوبِ المحافظةِ عليها، فرسولُنَا -صلَّى اللهُ عليه وسلم- يقولُ: "وَفرَّ من المجذومِ كَمَا تَفرُّ منْ الأسدِ"(رواه البخاري).

 

واحذروا باركَ اللهُ فيكم مِنْ خطورةِ التجمعاتِ بدونِ حاجةٍ ملحةٍ أو ضرورةٍ، أو بدونِ اتخاذِ الاحترازاتِ الوقائيةِ التي تساعدُ بفضلِ اللهِ على التقليلِ من أضرارِ هذا الفيروسِ حرصًا على عدمِ انتشارِ العدوى بين أفرادِ المجتمعِ وخوفاً على أرواحِهم.

 

أعوذُ باللهِ منَ الشيطانِ الرجيمِ: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب)[المائدة:2].

 

باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والعظاتِ والذِّكرِ الحكيمِ، أقولُ ما سمعتمْ فاسْتَغفروا اللهَ يغفرْ لي ولكُم إنَّه هو الغفورُ الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على الرسولِ الكريمِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ النبيِّ الأمينِ، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين.

 

أما بعدُ: فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ، واعْلَمُوا أنَّ تَقْوَاهُ هيَ طريقُ النجاةِ.

 

أيُّها المؤمنونَ: ولا يفوتُنا أن نشكرَ من يستحقُّ الشكرَ، ونحنُ نرى تلكَ الجهودَ العظيمةَ التي قامتْ بها قيادتُنا الرشيدةُ -حفظهم اللهُ- ولا تزالُ تقومُ بها في إدارةِ هذهِ الأزمةِ؛ فكانتْ بلادُنا مثالاً يُحتذى به في التنسيقِ والترتيبِ وتقديمِ صحةِ الإنسانِ أيًّا كانَ مواطناً أو مقيماً أو حتى متخلفاً على كلِّ شيءٍ مهما كانَ من اقتصادٍ أو غيرِه.

 

وإنِّي في مقامي هذا أشكرُ اللهَ -جلَّ وعلا- على ما تفضَّلَ به وأنعمَ، ثم أشكرُ ولاةَ أمرنا -وفَّقهم اللهُ-، والجهاتِ الأمنيةَ، والصحيةَ، ووزارةَ الشؤونِ الإسلاميةِ، وكلَّ مَنْ قَدَّم وساهَمَ في تخطِّي هذهِ الأزمةِ الطارئةِ على البلادِ والعبادِ.

 

لقد أثبتتْ هذهِ الأزمةُ -وللهِ الحمدُ- مدى التزامِ الناسِ بما يَصدرُ مِنْ قراراتٍ وتعليماتِ وتوجيهاتٍ من الجهاتِ المتابعةِ لهذا الوباءِ وكلُّ ذلكَ في مصلحةِ الجميعِ ممَّن يُقيمُ على ثرى هذهِ البلادِ، فنحمدُ اللهَ ونشكرُه حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه.

 

أسألَ اللهَ تعالى أنْ يحفظَ علينَا ديننَا وأمننَا وعافيتنَا ووحدةَ صفِّنا واجتماعَ كلمتِنا، وأنْ يصرفَ عنَّا كلَّ شرٍّ ومرضٍ ووباءٍ، إنَّهُ على ذلك قديرٍ وبالإجابة جدير.

 

هذا وصلُّوا وسلِّموا على الحبيبِ المصطفَى والقدوةِ المجتبى؛ فَقَد أمَرَكُم اللهُ بذلكَ  فقالَ -جلَّ وعلا- (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].

 

 

المرفقات

الإجراءات الاحترازية من مرض كورونا

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات