عناصر الخطبة
1/مكانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأهميته 2/فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 3/ثمرات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.اقتباس
إنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة من أعظم شعائر الإسلام، ومن عظيم فضلها عموم الخيريَّة للأمَّة...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، أمر عباده بما ينفعهم ونهاهم عمَّا يضرهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً.
أما بعد: فيا أيها المسلمون: إنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة من أعظم شعائر الإسلام، ومن عظيم فضلها عموم الخيريَّة للأمَّة؛ قال -تعالى-: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)[آل عمران:110]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال في قوله -تعالى-: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) قَالَ: "خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلاَسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ، حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلاَمِ"(أخرجه البخاري).
وعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَوْلِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)[آل عمران:110]؛ قَالَ: "أَنْتُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-"(أخرجه الحاكم وصححه).
قال مجاهد -رحمه الله- عند هذه الآية: يَقُولُ: "أَنْتُمْ خَيْرُ النَّاسِ لِلنَّاسِ". وقال القاضي: "وهذه الخيرية التي فرضها الله لهذه الأمة إنَّما يأخذ بحظه منها من عمل هذه الشروط من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله".
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ"(أخرجه مسلم)؛ قال الإمام النووي -رحمه الله-: "يَنْبَغِي لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِي عَنِ الْمُنْكَرِ أَنْ يَرْفُقَ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ؛ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ -رحمه الله-: "مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرًّا فَقَدْ نَصَحَهُ وَزَانَهُ، وَمَنْ وَعَظَهُ عَلَانِيَةً فَقَدْ فَضَحَهُ وَشَانَهُ"(شرح النووي على مسلم 2/ 24).
عباد الله: قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله-: "الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ والنهي عَن الْمُنكر هُوَ الذِي بُعثت بِهِ الرُّسُل، وَالْمَقْصُود تَحْصِيل الْمصَالح وتكميلها وتعطيل الْمَفَاسِد وتقليلها بِحَسب الْإِمْكَان"(الاستقامة 1/330).
وقال -رحمه الله-: "إِنَّ صَلَاحَ الْمَعَاشِ وَالْعِبَادِ فِي طَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَبِهِ صَارَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ"(مجموع الفتاوى 28/ 306).
وعَنْ حُذَيْفَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "الْإِسْلَامُ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ.. فَالْإِسْلَامُ سَهْمٌ، وَالصَّلَاةُ سَهْمٌ، وَالزَّكَاةُ سَهْمٌ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ سَهْمٌ، وَالْحَجُّ سَهْمٌ، وَالْجِهَادُ سَهْمٌ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ سَهْمٌ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ سَهْمٌ، وَقَدْ خَابَ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ"(أخرجه البيهقي وحسنه الألباني).
عباد الله: من ثمرات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الفرد والمجتمع، أنَّ الداعي إلى الخير والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر هم خواص المؤمنين، وهم المفلحون؛ قال –تعالى-: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[آل عمران:104]، وقال -تعالى-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[التوبة:71]، قال الإمام الطبري -رحمه الله-: "هؤلاء الذين هذه صفتهم، الذين سيرحمهم الله، فينقذهم من عذابه، ويدخلهم جنته" (ينظر تفسير الطبري 14/ 347).
ومن ثمرات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الامتثال لأمر الله سبحانه ولأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-، والاقتداء بالأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام-، وحصول التمكين في الأرض والانتصار على الأعداء والخيرية لهذه الأمة وإجابة الدعاء، واتصافٌ بالإيمان وبراءة من النفاق، وأداءٌ لحقوق المسلمين على بعضهم، ومنها حق الطريق وحق المجلس، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إصلاح للمجتمع فيكثر الخير ويقل الشر فيه، وفيه أمن من اللعنة والهلاك؛ قال -تعالى-: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)[المائدة: 78، 79].
عباد الله: ومن الآثار السيئة عند ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: حلول العقوبة؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ"(أخرجه الترمذي وحسنه).
فاحرصوا يا عباد الله على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ امتثالاً لأمر الله -تعالى-، ولأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم