اغتنام الأيام الغالية بالتوبة والأعمال الصالحة

عبدالله محمد الطوالة

2024-06-07 - 1445/12/01 2024-06-11 - 1445/12/05
عناصر الخطبة
1/حقيقة الحياة الدنيا 2/فضل العشر من ذي الحجة 3/الحث على استغلال مواسم الخير 4/تنبيه مهم لمن أراد أن يضحي

اقتباس

فلا تضيِّعْ جواهرَ عُمرِك الغاليةِ بغيرِ عملٍ، ولا تُذهبها بغير عِوضٍ، واجتهدْ ألا يذهبَ نَفَسٌ من أنفاسِك إلا في عملٍ وطاعة، تتقرَّبُ بها إلى مولاك، وتخيل لو كان معك جوهرةٌ من أغلى جواهرِ الدنيا ثم ضاعت، ألا يسوءك ضياعها...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا)[الكهف: 1]، ونصبَ الكائناتِ على ربوبيته ووحدانيتهِ براهيناً وحُججاً، فمن شِهدَ لهُ بالوحدانية وآمنَ بلقائه واستعدَ لما أمامهُ فقد أفلحَ ونجا، (ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا)[الطلاق: 2]، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، شهادةَ الحقِّ واليقينِ في الخوف والرجاءِ، أعظِم بها سبِيلاً وأنعِم بها منهجَاً، (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا)[الأنعام: 125]، وأشهدُ أن محمداً عبدهُ ورسولهُ، وصفيهُ وخليلهُ، أجملُ النّاس خَلْقاً، وأحسنُهم خُلُقاً، وأعزُهم نسبًا، وأعرقُهم حسَباً، وأرغبهم في الآخرة وأزهدُهم في الدنيا، فصلواتُ اللهُ وسلامهُ عليهِ، وعلى آله الطيبين، وأصحابهِ الغرِّ الميامين، والتابعينَ ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أمَّا بعدُ: فأوصيكم -أيُّها النَّاسُ- ونفسي بتقوى اللهِ -عزَّ وجلَّ-، فاتقوا اللهَ -رحمكم اللهُ- ولا تغرنكم الحياةُ الدنيا، فحلالهُا حسابٌ، وحرامُها عقابٌ، وعامِرها خرابٌ، والذاهبون فيها بلا إيابٍ؛ (يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ)[غافر: 39 - 40].

 

معاشر المؤمنين الكرام: المتأملُ لوصف اللهِ -تعالى- لحال الدنيا يُدرك مدى حقارتها وقلةِ شأنها، فهي إمَّا لهوٌ ولعب، قال -تعالى-: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)[العنكبوت: 64]، وإما خداعٌ وغرور: (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)[لقمان: 33]، وقال -تعالى-: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)[آل عمران: 185]، وإمّا مجردُ متاعٍ قليلٍ زائل، قال -تعالى-: (فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ)[التوبة: 38]، ويقول -جل وعلا-: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ)[الرعد: 26].

 

وصح عن النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أحاديثُ كثيرةٌ، يخبرُ فيها أَنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَأَنَّهَا تَأْخُذُ العُيُونَ بِخُضْرَتِهَا، وَتأسِرُ القُلُوبَ بِحَلَاوَتِهَا، فمن أَخذها بحقّها بُوركَ لهُ فيها، ومَن أخذها بغير حقِّها، فهو كالآكِلِ الذي لا يَشْبع، وأخبر -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الانسانَ في الدنيا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا، وأَنَّ الدُّنْيَا لَوْ كانت تسَاوَي عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ، وأَنَّهَا سِجْنُ المُؤمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِرِ، وَأَخْبَرَ -صلى الله عليه وسلم- أنّ الدنيا ملعونةٌ، ملعونٌ ما فيها إلا ذكر الله -تعالى- وما والاه وعالماً ومتعلماً، وأَنَّ مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّهِ؛ جَعَلَ اللهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيهِ، وَشَتَّتَ عَلَيهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، ومن كانت الآخرة نيته؛ جمعَ اللهُ لهُ أمرهُ، وجعلَ غناهُ في قلبهِ، وأتتهُ الدنيا وهي راغمة، وحين مرّ -صلى الله عليه وسلم- بشاةِ ميتةٍ قد ألقاها أهلها، قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ -تَعَالَى- مِنْ هَذِهِ عَلَى أَهْلِهَا".

 

ولما قيل لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: صِفْ لنا الدّنيا يا أميرَ المؤمنين، قال: "ما أصِف مِن دارٍ أولُها عَناءٌ، وآخرُها فَناءٌ، حَلالُها حسابٌ، وحَرامُها عِقابُ، مَن اْستَغنى فيها فُتِن، ومن افتقرَ فيها حَزِن"، وقال بعض الأدباء: "الدنيا إن أقبَلَت بَلَتْ، وإنْ أدْبَرَت بَرَتْ، وإنْ أنْعَمَتْ عَمَت، وإنْ أيْنَعَتْ نَعَتْ، وإنْ أسْعَدَتْ عَدَتْ، وإن أرْكَبَتْ كَبَتْ، وإن صَالحتْ لَحتْ، وإنْ حَلَتْ أوْحَلَتْ، وإن كست أوكست، وإن غلت أوغلت"، وكم من مالكٍ فيها ولملكِه علامات، فلما علا مات، فالدنيا ظِلُ غَمَام، وحُلْمُ منام، أمانيها سراب، وآمالُها كِذاب، صفوها كدَر، وأهلها منها على خطَر، وما نالَ عبدٌ فيها سُروراً، إلا خبّأتْ له شروراً، وصدق الله: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[يونس: 24]، (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا)[الكهف: 45].

 

هَكَذَا هو مثل الحَيَاةُ الدنيا في القرآن الكريم: رَبِيعٌ لا يَلبَثُ أَن يَكُونَ حَصِيدًا، وَنَبَاتٌ يَخضَرُّ ويربو ثم يَغدُو هَشِيمًا، وَخُضرَةٌ تَهِيجُ وتنمو ثم تَكُونُ حُطَامًا، فليسَ لِلعَاقِلِ حيالُها إِلاَّ اغتِنَامُ أيامِها القليلة؛ للتَّزَوَّدِ فيها بأكبر قدرٍ مِنَ البَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، فما أسرع فواتها!.

 

والتّوبةُ -يا عباد الله- من أعظمِ العباداتِ وأحبِّها إلى الله -تعالى-، مَن قام بها تحقَّق صلاحه، وتأكدَ نجاحُه وفلاحُه، كما قال -جلَّ جلاله-: (فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ)[القصص: 67]، ولذا ينادي الله جميع عباده ليتوبوا: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[النور: 31]، ويؤكد لهم قبولها بقوله: (فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[المائدة: 39]، ويؤكدُ القبول مراراً وتكراراً فيقول: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[التوبة: 104]، ويؤكد لهم حصول المغفرة بصيغة المبالغة فيقول: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)[طه: 82]، ويبشرهم بأعجب البشائر فيقول: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)[الفرقان: 70]، ويزيدهم من البشائر فيقول -سبحانه-: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا)[مريم: 60].

 

فجدِّدوا -يا عباد الله- توباتكم، وتداركوا بصادق الرغبةِ ما فاتكم، والجِدَّ الجِدَّ تغنَمُوا، والبِدارَ البِدَارَ أن لا تندَمُوا؛ (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ)[الزمر: 56].  

 

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه وإخوانه، وسلم تسليماً كثيراً.  

 

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- وكونوا مع الصادقين؛ (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ)[الزمر: 18]. 

 

معاشر المؤمنين الكرام: يستقبل المؤمنون عمَّا قريبٍ أوقاتاً مباركة، وأياماً فاضلة، هي أفضلُ أيامِ الدنيا على الإطلاق، إنها العشرُ المباركات، عشرُ ذي الحجة، والتي هي بنص الحديث الصحيح: أفضلُ أيامِ الدُّنيا، أيامٌ فاضلةٌ، وموسمٌ مباركٌ، وأوقاتٌ نفيسةٌ، لا تقدرُ بثمنٍ، والعاقلُ الحصيفُ من يُدركُ قيمةَ هذه المواسم، وأنها فرصةٌ سُرعان ما تمضي، وأنَّها إذا فاتت فلا يُمكن تَعويضُها أبداً.

 

وكم هي -واللهِ- جميلةٌ وصيةُ مُؤمِنِ آلِ فرعونَ لقومهِ حينَ وعظَهُم قائلاً: (يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ)[غافر: 39 - 40]، فهنيئًا ثم هنيئًا لمن عزمَ على استغلالِ هذهِ الأيامِ المباركةِ بالأعمال الصالحةِ؛ رجاءَ أن يكونَ من الرابحين بأفضل الخيرات، الفائزين بأعلى الدرجات، فإنما هي أيامٌ معدودات، وفي صحيح مُسلمٍ يقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ".

 

والحياةُ -أيها الكرامُ- فرص، وفوات الفرصِ غبنٌ وغُصص، يقول الإمام ابنُ قُدامةَ -رحمه الله-: "اغْتنمْ -يا رعاك الله- فرصَ الحياة، واعْلمْ أنَّها أنفاسٌ معدودة، وأنّ كلُّ نَفَسٍ منها جوهرةٌ غاليةٌ لا تُقدرُ بثمن، فهي تعدِلُ خلودَ الأبدِ، وخلودَ الأبدِ يعدِلُ أكثرَ من مليار مليار عام، بل وأكثر من ذلك بكثير، فلا تضيِّعْ جواهرَ عُمرِك الغاليةِ بغيرِ عملٍ، ولا تُذهبها بغير عِوضٍ، واجتهدْ ألا يذهبَ نَفَسٌ من أنفاسِك إلا في عملٍ وطاعة، تتقرَّبُ بها إلى مولاك، وتخيل لو كان معك جوهرةٌ من أغلى جواهرِ الدنيا ثم ضاعت، ألا يسوءك ضياعها، فكيف لا يسوءك ضياع الأوقاتِ بلا عِوضٍ، وهي أغلى من الجواهر بكثير؟! وصدق من لا ينطق عن الهوى -صلى الله عليه وسلم-: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ".

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ-، واحرصوا -وفقكم الله- على استثمار هذه الأيام المباركة، والاجتهادِ فيها بالأعمالِ الصالحة، وأروا اللهَ من أنفسِكُم خيرا.

 

ثم أذكر من أرادَ أن يضحّيَ بحديث أمّ سلمة -رضي الله عنها-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: "إذا رأيتُم هلالَ ذي الحجة وأرادَ أحدكم أن يضحّيَ؛ فلا يأخذ من شعرِه وأظفاره شيئًا حتى يضحّي"(مسلم).

 

فدونكم -يا عباد الله- الفضائلَ فاغتنموها، والفرصةَ الغاليةَ فاستثمروها، فالموفق من استثمرَ الفرصَ السانحة، وأكثرَ فيها من الاعمال الصالحة، فبادروا -يا عباد الله- بالطاعات، وسابقوا في الخيرات، واجتهدوا في القربات، ونافسوا في المكرمات؛ (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[آل عمران: 133 - 134].

 

ويا ابن آدم: عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

 

اللهم صل على محمد.

المرفقات

اغتنام الأيام الغالية بالتوبة والأعمال الصالحة.doc

اغتنام الأيام الغالية بالتوبة والأعمال الصالحة.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات