اعتراضات اللادينيين ضد الدين

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2023-08-12 - 1445/01/25
التصنيفات:

 

 

أ. د. عبدالحليم عويس

 

سنطرح تلك الأفكار الثورية والعبارات الصارخة التي يقولها اللادينيُّون عن الدين؛ لأننا هنا في مجال بحث رصين، ولسنا في مقام استعراض شعارات "أيديولوجية" فارغة، يَلوكها البعض دون وعيْ بمضمونها.

 

وكما أننا سنطرح شعارات عصر فولتير والثورة الفرنسية ضدَّ الدين، فإننا أيضًا - ولنفس السبب - سنطرح شعارات الماركسيِّين، فكلها ردود أفعال عنيفة لا مضمون لها، وسندخل إلى حلبة العلماء في عقل وأناة؛ لنرى ماذا يُقدِّمون من اعتراضات عِلمية ضدَّ قضية الدين، ولنرى هل بإمكاننا أن ندير حوارًا عِلميًّا معهم، أو على الأقل نَستنجِد بعلماء آخَرين - كمحامين - يردُّون دعاواهم.

 

فمن ناحية المنهج: هل يختلف منهج البحث في الدين عن منهج البحث في العِلم؟

 

إننا إذا نظرنا إلى الشروط المطلوب توافرها في الباحث هنا وهناك؛ من حيدة وعدل، ونزاهة وموضوعية، لوجدناها واحدة، فهل ثمة خلاف في أساليب البحث نفسها؟

 

وإن تنظيم الأفكار والتمهيد لها ببعض الفروض، ثم اختبار هذه الفروض، واستخلاص الظواهر العامة منها في ظل شمولية، ودقَّة، واستقراء كامل، إنما هي معالم التنظيم في المنهجين معًا: منهج البحث في مجال العلوم الدينيَّة، ومنهج البحث في مجال العلوم الدُّنيويَّة "الطبيعية".

 

إن الخلاف يأتي مِن تصوُّر أمرَين:

تصور أن مجال البحث - أي: موضوع البحث - مختلف، فموضوع البحث الديني، هو "الميتافيزيقيا"، وموضوع البحث العلمي هو "الفيزيقيا"، وبالتالي فإن أهدافهما مختلفة، وطرائق بحثهما مختلفة.

 

والحقيقة أنه كان مِن الأولى - عند هذه النقطة - أن يكون اختلاف مجال الدين ومجال العلم نقطة التِقاء؛ إذ إنه لا تَعارُض بينهما، بل هما يتكاملان ويسدُّ كل منهما فراغًا لا يسدُّه الآخَر.

 

والتصوُّر الثاني الذي انبنى عليه تصوُّر التناقض بين الدين والعلم أن طريقة البحث بينهما مختلفة، تبعًا لاختلاف موضوع البحث؛ فما دام العلم يبحث في هذا العالم، فإنه يبدأ من الحواس، ويعتمد على المعامل والمُختبَرات، ويَستعين بالوسائل السمعية والبصرية، أما الدين، فمجاله اللامنظور، ووسائله كلها افتراضية وتجريديَّة وعقليَّة، وبالتالي فلا لقاء بينه وبين العِلم، لا في موضوع البحث، ولا في منهج البحث.

 

وفيما يتعلق بالتصور الأول، فالحقيقة أن موضوع البحث الديني ليس ما وراء الطبيعة وحسب، بل إن الإنسان والكون الماديَّ الذي هو موضوع نظر العلم، كلاهما من مجالات البحث الدينيِّ أيضًا[1].

 

فاختلاف مجال البحث بين العلم والدين أمرٌ مشكوك فيه، ليس فقط من جهة ما ذكرناه من أن الدين يمدُّ النظر والرؤية إلى سائر الكون بما فيه الإنسان، ويحث المؤمن على البحث في آفاق الأرض والنفس؛ حتى يتبيَّن له الحق، بل إن صُور القرآن تتوالى حاملةً أسماءها وكأنها تَعرِض شاشة الكون كله لتكون مجالاً للبحث، انظر أسماء هذ الصور: "الرعد - النور - الدخان - النجم - القمر - المعارج - التكوير - الانفطار - الفجر - الليل - الضحى - الزلزلة..."، وغيرها مما يمتُّ بصِلة إلى مظاهر الكون وآفاقه المختلفة.

 

لكن مجال البحث بين العلم والدين متفق من جهة أخرى، هي أن موضوع العلم قد امتدَّ إلى ما وراء الطبيعة، وقد أصبح بإمكان العِلم تناول ظاهرة أولية "حدوث العالم"، وليس أزليته، بالإضافة إلى نهايته، وذلك في ظل كشف "القانون الثاني للحرارة الديناميكيَّة"، والذي يصف لنا انتقال الحرارة دائمًا من "وجود حراري" إلى "عدم حراري"، وإن العكس غير ممكن؛ مما يَجعل كفاءة عمل الكون تقلُّ يومًا بعد يوم، ولا بدَّ مِن يوم تتساوى فيه حرارة جميع الموجودات، وحينذاك لا تبقى أيُّ طاقة مُفيدة للحياة والعمل، ويترتَّب على ذلك أن تنتهي العملية الكميائية والطبيعية[2]، وتنتهي تلقائيًّا الحياة نفسها.

 

لقد أصبح موضوع البحث مُتقاربًا جدًّا إذًا بين موضوعَي العلم والدين، وقد أعجبَني في بيان هذا الأمر عنوان الفيلسوف الذي لم يَستطِع أن يصل إلى شاطئ الحقيقة على الرغم من توافُر كل الوسائل لديه؛ أعني "برتراند راسل"، فقد وضع عنوانًا لفصل من فصول أحد كتبه أسماه "الميتافيزيقا العِلمية"، وفي هذا الفصل يُسجل - على الرغم منه - ذوبان تلك الحدود الفاصلة بين موضوعَي العلم والدين، وهو يأسف؛ لأن رجل الشارع ما كادَ يؤمن بالعلم حتى بات رجل المَعمل يَفقِد إيمانه به؛ بحيث إن الفلسفة الجديدة لعلم الطبيعة فلسفة متواضعة مُتلعثِمة، بينما الفلسفة السابقة متكبِّرة مُتغطرِسة[3]، ولا يملك "راسل" إلا أن يعترف - أمام القانون الثاني للحرارة الديناميكية - بأن الكون الآن يُعتبر متناهيًا، ويتكون مِن عدد محدَّد من الإلكترونات والبروتونات، وإن له بالتالي بداية كان عندها منظمًا تنظيمًا كاملاً، ثم بدأ يفقد أجزاءً من كماله في اتجاه الفناء[4].

 

كما أن "راسل" ومِن خلفه علماء الطبيعة جميعًا، يعترفون بأن منهج علم الطبيعة قد تغيَّر في الأعوام الأخيرة؛ حيث لم تعد - المادة - تتركب من قطع صلبة صغيرة، وقد عاد - بالتالي - إلى نفس الفكرة التي كان يُنادي بها جيل الفلاسفة من أمثال: بركلي، وهيوم، وليبنتز، وكانت، وهيجل.

 

ويَدلُّك بعض رجال التاريخ على تقارب وحدة الموضوع بين الدين والعلم حين يرون أن الفلسفة - التجريبية - للقرن السابع عشر، إنما نشأت في جو نظام فلسفي يتصل بما وراء الطبيعة، وأنه لولا هذا النظام لما وراء الطبيعة، لما كان هناك تجريب، ولا كان علم.

 

إن التشابك قائم بالتأكيد بين "الموضوع" الذي يدرسه الدين والعلم، وليس هناك ما يحول دون أن تتَّجه اهتمامات هذا إلى ناحية أكثر مِن اهتمامات ذاك، كما أنه من المعقول أيضًا أن تختلف الأهداف المُباشِرة لكلٍّ مِن العاملين في الحقلَين، وإن كان مِن المؤكد أن الأهداف الكُبرى والنهائية واحدة.

 

أما المشكلة الكبرى - في تصوُّر بعضهم - فهي أن وسائل العلم في إثبات حقائقه واختيارها مختلفة عن وسائل الدين.

 

وقد يكون هذا صحيحًا بالنسبة لقضية واحدة يستقلُّ بها الدين، ولا يُقحِم فيها العلمُ نفسَه، وهى قضية اهتمام الدِّين بالكشف عن سرِّ الكون كله، والتعرُّف إلى خالقه، والتعامُل معه مُعامَلةً تليق به مِن وحيِ ما حدَّده في وحيِه الديني.

 

والحقيقة أننا لم نفهم إلى الآن لماذا ينزعج العلم مِن أن الدين يرتاد حقلاً يرى العلم نفسه عاجزًا عن ارتياده؟! ونحن نَنزعِج أكثر من بعض من يتسمَّون بعلماء، ويرفضون كل مقولات الدِّين، مع أنهم لم يَرتادوا منطقته كما ينبغي، وبالتالي نراهم يحكمون على مالم يَبحثوا أو يَعرفوا.

 

والقضية واضحة تمامًا، وليس فيها أيّ لبس: فإن ما وصل إليه العلم مِن اكتشافات سواء في عالم الكون أو الإنسان - إنما هو شيء خصَّ بالعلم، ولا ينفي ما يقول به الدِّين؛ ذلك لأن العلم - احترامًا منه لطاقاته المحدودة - لم يُفسِّر لنا قضايا ما وراء الطبيعة، وكل القوانين التي اكتشفها العلم تفسيرًا لحركة الأشياء لا تَنفي ما يقول به الدين، ففهمُنا "لكتالوج" أيِّ ماكينة، ولأسلوب عملها وتركيبها - وهو الدور الذي يقوم به العلم - لا علاقة له بما يقول به الدين من أن هناك صانعًا صنع هذه الماكينة، ووضع لها هذا القانون الذي تَنتظِم حركتها به.

 

وسواء اكتشف لنا نيوتن نظرية "الجاذبية" أو ألبرت أينشتاين نظرية "النسبية" التي ابتلعَت نظرية الجاذبية في أحشائها، أو اكتشف "لامارك" و"دارون" نظرية "النشوء والارتقاء"، التي قال بصور منها العالم العربي ابن ماسكَويه عندما ذهب إلى أن الموجودات مراتب، وكل نوع مِن الموجودات يبدأ بالبساطة، ثم لا يزال يَترقَّى ويتعقَّد[5]، سواء صحَّ هذا أو ذاك، فهل ينفي هذا قول الدين: إن للعالم صانِعًا مثلما لكل شيء صانع، وإن هذا الصانع - أمام عظمة ما أبدعه - هو عظيم قدير محيط يَستحِقُّ التبجيل والطاعة؟

 

هل ينفي وجود مَصنع عظيم مبنيٍّ على أسس علمية عظيمة أن وراء بنائه عقلاً عظيمًا؟!

 

إن الطبيعة بكل قوانينها حقيقة من حقائق الكون، وليست تفسيرًا له، وما يكتشف من قوانين ليس نفيًا للصانع، بل هي - على أحسن احتمالاتها - إن صحَّت بصورة مُطلَقة - وهذا بعيد في منهج العلم - ليست إلا بيانًا لخَلق الله، "إن العلم الحديث تفصيل لما يحدث، وليس بتفسير لهذا الأمر الواقع، فكل مضمون العلم هو إجابة عن السؤال: "ما هذا؟"، وليس لديه إجابة عن السؤال: "ولكن لماذا؟"، ويوضح البروفسور "سيسل بايس هامان" - وهو أستاذ أمريكي في البيولوجيا - هذه الحقيقة في شرحه لقضية صيرورة الغذاء جزءًا من البدن عن طريق العناصر الكمياوية لتصبح تفاعلاً مفيدًا.

 

فيقول: لو أنك سألت أي طبيب: ما السبب وراء احمِرار الدم؟ لأجاب:

• "لأن في هذه الخلايا مادة تُسمى "الهيموجلوبين"، وهى مادة تُحدِثها الحياة حين تَختلِط بالأكسوجين في القلب.."، حسنًا ولكن مِن أين تأتي هذه الخلايا التي تَحمل "الهيموجلوبين"؟ إنها تُصنَع في الكبد! عجيب، ولكن كيف ترتبط هذه الأشياء الكثيرة من الدم والخلايا والكبد وغيرها بعضها ببعض ارتباطًا كليًّا، وتسير نحو أداء واجبها المطلوب بهذه الدقة البالغة؟

 

• هذا ما نُسمِّيه بقانون الطبيعة، ولكن ما المراد بقانون الطبيعة يا سيدي الطبيب؟

 

• المراد بهذا القانون هو: الحركات الداخلية العمياء للقوى الطبيعية والكمياوية..؟

 

ولكن لماذا تهدف هذه القوى دائمًا إلى نتيجة معلومة؟ وكيف يَنتظم نشاطها حين تَطير الطيور في الهواء، ويعيش السمك في الماء، ويوجد الإنسان على سطح الأرض بجميع ما لديه من الإمكانات والكفاءات العجيبة[6]؟

 

إن هذا ما لا يُجيب عليه العلم، إنه يترك الإجابة للدين، وإذا كنا نعتقد أن العلم قادر على استكناه الإجابة، فالعقل بالتالي يمكن أن يَلتقي مع الوحي.

 

ويقول ابن طفيل في ذلك على لسان بسكال - في قصة حي بن يقظان - ويَلتقي معه الفارابي وابن سينا في قوله الذي يذكر ما يلي:

"إن العقل يستطيع بما لديه من الأفكار الفِطرية الأولى أن يُدرك الحق فيما يتعلق بالمبادئ الأولى، ويدرك منها وجود إله، وأما ما وراء ذلك من أسرار الوجود والخَلق والخالق المحجوبة عنا بحجُب الغيب، فهو أعجز مِن أن يُدرِك كنهَها وأحقيتها؛ لأن الحواسَّ لا تُدرِك غايات الأشياء، ونحن نرى أن العقل قادر على إدراك القوانين واستنباط الكليات والوعي بالعِلل، لو أنه تحرَّر مِن ضغوط المكابرة والعناد الإلحادي، وما لا يَستطيعه هو التفاصيل والجزئيات التي يأتي بها الدِّين"، وتعتبر حقائق من الدرجة الثانية، ومن المفروض أن تُقبل تبعًا للحقائق الكبرى؛ لارتباطها العضوي بها.

 

كما أن العقل - أيضًا - وإن كان قادرًا على إدراك وجود الله، فهو عاجز عن إدراك "كنْه الله"، ولا أعتقد أنه من البحث العلمي في شيءٍ الإصرار على البحث في "كنه الله"، لا لأنه "ليس كمثله شيء"، ولا لأنه لا يُدرك بالحواس وحسب؛ بل لأنه لا يوجد عالِم طبيعيٌّ يَستطيع أن يعرف كل شيء عن حقيقة ذبابة واحدة وخواصها، فضلاً عن أن يعرف "كنه ذات الله"، وهل يرجو الإنسان الذي لا يَعرف المادة، ولا يعرف كيف يَعرف، ولا يُدرك كيف يُدرك، أن يُدرك حقيقة الله[7]؟!

 

إننا ندرك أن وسائل العلم هي الحواس والمُلاحَظة والتجربة، وأن وسائل الدين في إثبات حقائقه تتعدَّى هذه الوسائل المحدودة إلى استغلال طاقات إنسانية أخرى، لكن هل يصلح اختلاف الوسائل في الوصول إلى الهدف مُسوِّغًا لإحداث نزاع بين الدين والعلم؟

 

ومع ذلك فنحن نزعم أن العلم - أيضًا - لم يكتف بالوسائل الحسية والتجريبية، وأن كثيرًا من أساليبه هي أساليب غيبية وافتراضية واستنباطية أيضًا، مثلما الحال في منهج البحث الديني.

 

وعندما نتناول "الفيزياء" - مثلاً - فإننا نجد أن مفاهيمها الأولية قد استُوحِيتْ من واقع الخبرة، وفي حقيقة الأمر يبدو قولنا: إنها "استوحيت"، أقل مِن أن يعبر الواقع، ولم يكن يقصد في الأصل بمصطلحات "الفيزياء" سوى تقديم أسماء افتراضية لصفات معيَّنة مما يلاحظ في العالم الخارجي، وعلى سبيل المثال فإن "نيوتن" في استخلاصه لمفهوم الكتلة قد رأى أنه أفرز شيئًا موضوعيًّا حقيقيًّا موجودًا في العالم الخارجي وأعطاه تسميته، وقد اعتُبرت خواص المادة الأخرى مثل الحجم والشكل والوضع والسرعة موجوداتٍ موضوعيةً محدَّدة وأنها مجرَّد رموز ذاتية لحقائق غير منظورة، أما فكرة "القوة" فقد كانت أشدَّ غموضًا، ولقد اعتبرت كيانًا نصف وهميٍّ وأكثرَ تجريدًا من المفاهيم القريبة؛ مثل الكتلة، والسرعة، وما إليها، ولا يقل عنها غموضًا فكرةُ الطاقة الكامنة التي يكتسبها الحجر عن الحركة أثناء سقوطه، إنها قوة من الصعب اكتشافُها إلا عندما تتحوَّل إلى شكل آخَر من أشكال الطاقة.

 

إن جارودي يشكو - عندما كان يساريًّا - من سيطرة المفاهيم "الغيبية" على علم الطبيعة، ويقول: لا نستطيع أن نُدرك بوضوح مفهوم الحركة إلا بطرد أشباح القوى المزعومة - الميكانيكية، الحرارية، الكيميائية، الكهربائية، المغناطيسية، البيولوجية - فكل قوة من هذه القوى المزعومة ليست سوى حثالة لنزعة الغيبية[8].

 

ونحن لا ندري كيف يمكن طرد هذه الأشباح دون أن نُسقط بناء علم الطبيعة الحديث، وبتعبير آخَر هل يُمكن أن يَرفض العلم "الغيب" ويُسقِطه من حسابه كما كان يطالب جارودي؟

 

لقد أجبْنا عن ذلك في حديثنا السابق حين تحدَّثنا عن المفاهيم الغيبية العامة التي يعتمد عليها العلم في بناء هياكل قوانينه، ومع ذلك فنحن نزيد الأمر إيضاحًا ونتساءل: هل بمقدور العلم أن يُخضع كل الظواهر الطبيعية لأساليبه القاصرة؟ هل يستطيع أن يُخضع الذبذبات الصوتية الضئيلة، والأشعة ما فوق البنفسجية، والضوء الإلكتروني لأجهزته؟

 

وحتى إذا تمكن من إخضاع هذه، فثمَّة عشرات من الظواهر ستَنكشِف له ولا يستطيع إخضاعها، وسيظل العالم غارقًا في الغيبيات إلى آخِر المدى، إنه يستخدم الكهرباء، والإلكترون، والطاقة، والأجهزة الإلكترونية، والموجة اللاسلكية، ولا يعرف كنْه هذه الطاقة كلها[9]، إنه فقط يعرف العلاقات والكميات والقوانين، ولكن يَجهل ماهيَّة أي شيء!

 

• أجَلْ، ماهية أي شيء!

لقد سقطَت كل حُجج اللادينيِّين والماديِّين ضدَّ الدين موضوعًا ومنهج بحث، ولقد ظهر التقارُب والتكامل واضحًا بين الدين والعلم في المجالَين، فلم يبق إلا أن نقول: إن من الضروري ألاَّ تكون المادة وعلاقتنا بها شيئًا تافهًا لا يَستحق الوقوف عنده بالفكر طويلاً، كما لا ينبغي أن تكون هي الأمر الوحيد الذي نقف عنده غافلين عما وراءه مِن قِيَم ومثُل يُدرِكها العقل[10].

 

إن الماديات هي أبجديات ومفردات وكلمات تنشأ عنها تجاربنا الحسية، فنعرف الحقائق العلمية، التي لولاها ما أدركنا شيئًا من الحقائق الروحية والقيَم العُليا التي وراء المادة، إنهما معا - الماديات والحقائق العقلية العليا - هما طريق المعرفة الإنسانية الصحيحة.

[1] عبد المنعم خلاف، المادة الإسلامية وأبعادها، (ص: 19)، طبع القاهرة.

[2] وحيد الدين خان: الإسلام يتحدى (ص: 74).

[3] برتراند راسل: النظرة العلمية (ص: 74).

[4] نفس المرجع السابق (ص: 108).

[5] نديم الجسر: قصة الإيمان (ص: 64)، طبع بيروت.

[6] وحيد الدين خان: الإسلام يتحدى، (ص: 41).

[7] نديم الجسر: قصة الإيمان (ص: 131، 205).

[8] المادية بين الأزلية والحدوث (ص: 50)، طبع القاهرة (محمد حسن ياسين).

[9] مصطفى محمود: لغز الحياة (ص: 95).

[10] خلاف: المادية الإسلامية (ص: 60).

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات