استقبال الشهر المبارك

صلاح بن محمد البدير

2022-10-09 - 1444/03/13
التصنيفات: رمضان
عناصر الخطبة
1/قرب رمضان وكيفية استِقبالِه 2/الحث على صيام الجوارح 3/المبادرة بقضاء صيام رمضان وحكم صيام يوم الشك 4/واجب المسلمين نحو الفقراء والمُحتاجين 5/التحذير من التبذير والإسراف 6/نصائح تحذيرية للتجار 7/العبرة في دخول رمضان رؤية الهلال لا الحساب الفلكي

اقتباس

أيها المسلمون: هذا هلالُ الصوم قد دنَت وِلادتُه، واقتربَت إطلالتُه، الأعناقُ ترقبُه، والأيامُ تُقرِّبُه، وكم قلبٍ يتوق، وصبٍّ مشوق إلى جلال أيامِه وليالِيه.
فالنفسُ تدأبُ في قولٍ وفي عملٍ        *** صومُ النهار وبالليلِ التراويحُ
فتأهَّبُوا لاستِقبالِه بالتوبة والإنابة، وأقبِلوا على الله -تعالى-، وارجُوا رحمتَه وبِرَّه، وفضلَه وإحسانَه، واستقِيلُوه العثَرات، وتذلَّلوا بين يدَيه ليمحُو عنكم الزلاَّت؛ فكم ...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله المُتَّصِف بصفات الكمال، المنعوت بنعوت الجلال، أحمدُه على الإنعام والإفضال والعطاء والنوال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً أدَّخِرُها ليومٍ لا بيعٌ فيه ولا خِلال.

 

وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُه ورسولُه الداعِي إلى أسدِّ الأقوال، وأحسن الأفعال، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبِهِ خيرِ صحبٍ وخيرِ آل.

 

أما بعد:

 

فيا أيها المسلمون: اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

أيها المسلمون: هذا هلالُ الصوم قد دنَت وِلادتُه، واقتربَت إطلالتُه، الأعناقُ ترقبُه، والأيامُ تُقرِّبُه، وكم قلبٍ يتوق، وصبٍّ مشوق إلى جلال أيامِه وليالِيه.

 

فالنفسُ تدأبُ في قولٍ وفي عملٍ *** صومُ النهار وبالليلِ التراويحُ

 

فتأهَّبُوا لاستِقبالِه بالتوبة والإنابة، وأقبِلوا على الله -تعالى-، وارجُوا رحمتَه وبِرَّه وفضلَه وإحسانَه، واستقِيلُوه العثَرات، وتذلَّلوا بين يدَيه ليمحُو عنكم الزلاَّت؛ فكم أحصَى عليكم من الخطايا والسيئات؟!

 

وإن أتى رمضانُ واصطُفيتَ له  *** فاخلَع ثيابَ الهوى وقُم على قدمِ

وصُنه عن كل ما يُردِيكَ من حُرُمٍ *** ولتعكِسِ النفسَ عكسَ الخيلِ باللُّجُمِ

 

حصِّن صيامَكَ بالسكوتِ عن الخنَا *** أطبِق على عينيكَ بالأجفانِ

لا تمشِ ذا وجهَين من بين الورَى *** شرُّ البريَّة من له وجهانِ

 

يا من ستصومُ عن الأكل والشربِ في نهار رمضان؛ صُم عن ظلم أخيك المسلم، وأمسِك عن أكل مالِه، وفَرْيِ عِرضِه، وإضاعَة حقِّه.

 

يا ذا الذي صامَ عن الطُّعمِ *** ليتَك قد صُمتَ عن الظُّلمِ

هل ينفعُ الصومُ امرءًا ظالمًا *** أحشاؤُه ملأَى من الإثمِ

 

أيها المسلمون: ومن كان عليه صومٌ من رمضان الماضِي، ولا عُذر يمنعُه من القضاء، فليُبادِر إلى صيامِ ما فاتَه قبل دخول شهر رمضان.

 

ويحرُمُ صيامُ يوم الشكِّ إلا أن يكون قضاءً، أو يُوافِق صومًا كان يصومُه؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يتقدَّمنَّ أحدُكم رمضان بصومِ يومٍ أو يومين، إلا أن يكون رجلٌ كان يصومُ صومًا فليصُم ذلك اليوم"[متفق عليه].

 

وعن عمَّار بن ياسرٍ -رضي الله عنه- قال: "من صامَ يوم الشكِّ فقد عصَى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-"[ذكره البخاري تعليقًا، ووصلَه أصحابُ السنن].

 

أيها المسلمون: تذكَّروا إخوانَكم المُحتاجين في رمضان، تذكَّروا الفقراء والضعفاء وأهل البلاء، ارحمُوهم ارحمُوهم، أعطُوهم وأغنُوهم، أدنُوهم وقرِّبُوهم.

 

أطعِموا المسكين، وامسَحوا على رأس اليتيم، وأحسِنُوا إن الله يُحبُّ المُحسِنين.

 

أيها المسلمون: حاذِروا التبذيرَ والإسرافَ في رمضان؛ فإن الإسرافَ مُؤذنٌ بزوال النِّعَم، وحُلول النِّقَم، واشكُروا الله على ما أنتم فيه من طِيب العيش، وسَعة الرِّزق، بحفظ النِّعمة وصونِها عن سَفَه المُبذِّرين، وأفعال المُسرِفين: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)[الإسراء: 26 - 27].

 

أيها الباعةُ في الأسواق، يا من تُورِّدون السِّلَع وتُتاجِرون فيها! إياكم والجشَع والطمع: إياكم ورفع الأسعار والتلاعُب بالأثمان في شهر رمضان.

 

إياكم وبيع السِّلَع المغشوشة والأغذية الفاسِدة، لا تغشُّوا المُسلمين؛ فتُصيبَكم دعوتُهم، وتمحَقكم شِكايتُهم.

 

والمالُ الحرامُ شُؤمٌ على صاحبِه، ونارٌ على آخِذه، وبلاءٌ على طالبِه.

 

اللهم بلِّغنا شهر رمضان، اللهم بلِّغنا شهر رمضان، اللهم بلِّغنا شهر رمضان ونحن في صحَّةٍ وعافيةٍ وأمنٍ وأمانٍ، يا كريم يا رحيم يا منَّان.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله الهادي من استَهداه، الواقِي من اتَّقاه، الكافِي من تحرَّى رِضاه، حمدًا بالِغًا أمدَ التمام ومُنتهاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا معبودَ بحقٍّ سِواه، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِهِ، ومن استنَّ بسُنَّته واهتدَى بهُداه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد:

 

فيا أيها المسلمون: اتقوا الله وراقِبُوه، وأطيعُوه ولا تعصُوه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)[التوبة: 119].

 

أيها المسلمون: لقد أُوكِل شأن ترائِي الهلال في بلاد الحرمين الشريفين إلى جهةٍ قضائيَّةٍ شرعيَّةٍ عُليا، تطمئنُّ النفوسُ إليها، وتجتمعُ الكلمةُ عليها. تعملُ على هديٍ من الكتاب والسنَّة.

 

وقد سلكَ بعضُ من ينتسِبُ إلى علم الشرع، أو علم الفلَك مسلكَ الإثارة والتشكيك في دخول الشهر، وعدم دخوله، يحدثُ ذلك كل عامٍ عبر وسائل الإعلام، وشبكات التواصُل الاجتماعيِّ، مما يُثيرُ الفوضَى، ويُحدِثُ الاختلاف، ويخلُقُ الشكَّ في نفوس الناس.

 

فاحذَرُوا هذا المسلكَ الوخيمَ، والفعلَ الذَّميم الذي يأباه العقلُ والحكمةُ والمصلحةُ.

 

ومن كان له رأيٌ أو اجتِهادٌ، فليسلُك المسالِكَ الشرعيَّةَ لإيصالِه دون إثارةٍ أو بلبلةٍ أو تشكيكٍ.

 

وعلى المُسلمين في غير بلاد الإسلام إذا كانت تجمعُهم قريةٌ واحدةٌ، أو بلدةٌ واحدةٌ، أو بلادٌ مُتجاوِرةٌ بينها مسافةٌ قريبةٌ، لا تختلفُ المطالِعُ لأجلِها، عليهم أن يُوحِّدُوا صيامَهم وفِطرَهم، وأعيادَهم، وأن يحذَروا من التفرُّق والاختِلاف الذي يقودُ إلى اختلاف صيامِهم، وتعدُّد أعيادِهم.

 

وتلك مهمةُ أهل العلم والحلم، والكلمة والحكمة فيهم.

 

وصلُّوا وسلِّموا على أحمدَ الهادي شفيعِ الورَى طُرًّا؛ فمن صلَّى عليه صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا.

 

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللهم عن الآلِ والصحابة أجمعين، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم يا كريم.

 

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمُشركين، ودمِّر أعداء الدين يا رب العالمين، واجعل هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا، وسائر بلاد المسلمين.

 

اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرنا لما تحبُّ وترضى، وخُذ بناصِيته للبرِّ والتقوى، اللهم وفِّقه ونائبَه لما فيه عزُّ الإسلام وصلاحُ المسلمين يا رب العالمين.

 

اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وارحم موتانا، وفُكَّ أسرانا، وانصُرنا على من عادانا.

 

اللهم كُن للمُستضعَفين من المسلمين، اللهم كُن للمُستضعَفين من المسلمين يا أرحم الراحمين.

 

اللهم اجعل دعاءَنا مسموعًا، ونداءَنا مرفوعًا يا كريمُ يا عظيمُ يا رحيمُ.

 

 

المرفقات

الشهر المبارك

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات