احذر! أعمالك الصالحة في خطر

حسان أحمد العماري

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: التربية
عناصر الخطبة
1/ حث الإسلام على العمل الصالح 2/ ماهية العمل الصالح 3/ ثماره 4/ شروطه 5/ من محبطاته 6/ حاجتنا لتصحيح الأعمال والنيات لتستقيم حياتنا

اقتباس

لكن الأمر العجيب والخطير هو أن يعمل الفرد العمل الصالح؛ ثم يكون سبباً لهلاكه في الدنيا والآخرة! فهل يمكن أن يصبح العمل الصالح الذي يقوم به الفرد سبباً في تعاسته وهلاكه؟ هل يعقل أن يقوم أحدنا بأعمال يبذل فيها جهده وماله، وربما حياته، ثم يكتشف في نهاية المطاف أن هذه الأعمال لم تزد في رصيد حسناته عند الله، ولم ترفع درجته؟.

 

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي رفع السماء بلا عمد، الحمد لله الذي خلق الخلق وأحصاهم عددا، الحمد لله الذي رزق الخلق ولم ينس منهم أحدا، أحمده سبحانه وأشكره حمداً وشكراً كثيراً بلا عدد.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد.

 

يـا مَن يرى مَدَّ البعوض جناحهـا *** في ظلمة الليـل البهيـم الأليـلِ

ويرى منــاط عروقها في نحرهـا *** والمخ من تلـك العظـام النُّحَّـل

ويرى خرير الدم فـي أوداجـهـا *** متنقلاً من مفصـل فـي مفصل

ويرى وصــول غذا الجنين ببطنها ***. في ظلمة الأحشـا بغيـر تمقــل

ويرى مكان الـوطء من أقدامهـا *** في سيــرها وحثيثهـا المستعجل

ويرى ويسمع حس مــا هو دونها *** فـي قـاع بحـر مظلـم متهـول

امنن علــــيَّ بتوبة تمحو بهـا *** مـا كان مني فـي الزمـان الأول

 

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً, صلى الله وسلم عليك يا رسول الله.

 

أما بعـــد: عبــاد الله: لقد حث الإسلام على العمل الصالح المقرون بالإيمان، ورغب فيه، وجعله سبباً للحياة الطيبة، والآخرة السعيدة.

 

وبه ينال العبد رضوان الله وجنته، ويكتب له القبول والنجاة من عذاب الله وسخطه، قال -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل:97].

 

وقال -سبحانه وتعالى- مخاطباً نبيه محمداً -صلى الله عليه وسلم-: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف:110].

 

والعمل الصالح هو الذي يرفع إلى الله، ويكتب في ميزان العبد يوم القيامة، قال -تعالى-: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ) [فاطر:10].

 

والعمل الصالح هو كل عمل صغيراً كان أم كبيراً -حتى النية الصادقة- يتوفر فيه الإخلاص لله -سبحانه وتعالى- واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم- الذي حث على ذلك ووجه أمته إلى العمل الصالح وعدم احتقاره أو الاستخفاف به أو التساهل في القيام به.

 

عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس" رواه مسلم.

 

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بينا رجل بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر، فملأ خفه ماء، فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له". قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجراً؟! فقال: "في كل ذات كبد رطبة أجر" رواه مسلم.

 

لقد كان الأصيرم عمرو بن ثابت بن وقش يأبى الإسلام ويظهر له العداوة، فلما كان يوم أُحد علم بخروج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وبدا له الإسلام فأسلم، فأخذ سيفه فغدا حتى أتى القوم فدخل في عرض الناس، فقاتل حتى أثبتته الجراح.

 

وبينما رجال بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به، فقالوا: والله! إن هذا للأصيرم وما جاء به؟ فسألوه عمّا جاء به، قالوا: ما جاء بك يا عمرو؟ أحربًا على قومك أم رغبة في الإسلام؟ قال: بل رغبة في الإسلام، آمنتُ بالله ورسوله وأسلمت، ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله، فقاتلت حتى أصابني ما أصابني.

 

ثم لم يلبث أن مات في أيديهم، فذكروه لرسول الله فقال: "إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ". يقول أبو هريرة: "ولم يُصَلِّ لله صلاةً قَطُّ" رواه أحمد وحسنه الأرناؤوط.

 

نعم! دخل الجنة ولم يسجد لله سجدة! لأنه قتل بعد إسلامه مباشرة بعمل صالح ونية صادقة لله -سبحانه وتعالى-.

 

أيها المؤمنون عبـاد الله: إن للعمل الصالح ثمارا يانعة على الفرد والمجتمع والأمة، قال -تعالى-: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور: 55].

 

لكن الأمر العجيب والخطير هو أن يعمل الفرد العمل الصالح؛ ثم يكون سبباً لهلاكه في الدنيا والآخرة! فهل يمكن أن يصبح العمل الصالح الذي يقوم به الفرد سبباً في تعاسته وهلاكه؟ هل يعقل أن يقوم أحدنا بأعمال يبذل فيها جهده وماله، وربما حياته، ثم يكتشف في نهاية المطاف أن هذه الأعمال لم تزد في رصيد حسناته عند الله، ولم ترفع درجته؟.

 

أقول: نعم! قد يحدث هذا، وتصبح الكثير من الأعمال الصالحة سبباً في هلاك أصحابها؛ قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا) [الكهف:103-106].

 

نعم! هناك من يقوم بأعمال صالحة ويعتقد أنه في خير كثير؛ لكنه يهدمها بسلوكيات وأفعال ونيات لم يتوفر فيها الصدق والإخلاص مع الله -سبحانه وتعالى-.

 

عنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا". قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ. قَالَ: "أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا" رواه ابن حبان وابن ماجة وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة.

 

 يقول ثوبان -رضي الله عنه-: صفهم لنا، جَلّهم لنا، فيجيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بما لم يكن في الحسبان، ويخبر -بأبي هو وأمي- أنهم من المسلمين، ولهم من الأعمال الجبارة ما لهم؛ من قيام الليل، وصدقة، وصيام؛ لكنهم جعلوا الله -عز وجل- أهون الناظرين إليهم عندما راقبوا الناس، فعملوا في الظاهر ما يخالف الباطن.

 

لقد نسوا أو تناسوا أن الله بكل شيء عليم، وأنه (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [المجادلة:7].

 

إنها عبادة الخشية من الله، والخوف منه في السر والعلن: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [الملك:12]، وقال -تعالى-: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [النازعات:40-41].

 

فالعمل بغير نية عناء، والنية بغير إخلاص رياء، والإخلاص من غير تحقيق هباء، قال -تعالى-: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا) [الفرقان:23].

 

ولا يستفيد العبد من العمل الصالح عندما لا يكون هناك تأثير للعبادة والعمل الصالح على سلوكيات وتصرفات الفرد مع الآخرين، فتراه يصلي ويصوم ويقوم الليل ويتصدق؛ لكنه يؤذي إخوانه وأهله وجيرانه بلسانه بالغيبة والنميمة وغير ذلك.

 

لقد قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله! إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار، وتفعل ، وتتصدق، وتؤذي جيرانها بلسانها؟! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا خير فيها، هي من أهل النار" صحيح الأدب المفرد.

 

فليحذر المسلم من سقطات اللسان وزلاته! فاحرص ألا تورث بعدك ذنباً أو ذنوباً لمن خلفك. اتق الله وحاسب نفسك، فأنت عاجز عن حمل ذنوبك، فكيف بذنوب غـيرك وأوزارهـم؟ وكيف إذا كانوا آلافاً أو ملايين؟!.

 

يقول الشاطبي: "طوبى لمن مات وماتت معه ذنوبه، والويل لمن يموت وتبقى ذنوبه مائة سنة، ومائتي سنة، يعذب بها في قـبره، يسال عنها إلى انقراضها".

 

ومن محبطات العمل الصالح المن بالعمل، والعجب به، والركون عليه؛ قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) [البقرة:264].

 

فإذا ما قام بعمل صالح من صلاة أو صيام أو جهاد أو صدقة أو غير ذلك شعر بالعجب، وأخذ يتكلم عن هذه الأعمال، يمدح نفسه ويتفاخر بها، ويعتقد أن له عند الله ميزة ليست لأحد غيره؛ وما أدرك ما خالط عمله هذا من فساد نية وعجب!.

 

يقول سلمة بن دينار: "إن العبد ليعمل الحسنة تسره حين يعملها، وما خلق الله من سيئة أضرَّ له منها، وإن العبد ليعمل السيئة تسوؤه حين يعملها، وما خلق الله من حسنة أنفع له منها".

 

وذلك أن الحسنة تعجبه فيركن إليها ويمنّ بها على ربه، بينما السيئة مع حياة القلب تقلقه وتحدث له وجلاً في قلبه، يخضع معه لربه، ويستكين لخالقه، فهو دائم التوبة كثير الاستغفار.

 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاث مهلكات، وثلاث منجيات، وثلاث كفارات، وثلاث درجات؛ فأما المهلكات: فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه. وأما المنجيات: فالعدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وخشية الله -تعالى- في السر والعلانية. وأما الكفارات: فانتظار الصلاة بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء في السَبَرات، ونقل الأقدام إلى الجماعات. وأما الدرجات: فإطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام" صحيح الترغيب والترهيب.

 

عبــاد الله: ومن محبطات الأعمال الجرأة على سفك الدماء وإزهاق الأرواح وقتل المؤمنين، من فعل هذا أو شارك في هذه الجريمة فقد حبط عمله، بل من رضي بقتل مسلم وفرح -وإن لم يشارك- فقد حبط عمله وفسدت تجارته مع الله وهلكت حسناته.

 

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاغْتَبَطَ بِقَتْلِهِ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلا عَدْلاً" رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

 

أكثر الناس اليوم مَن يقتل ويفرح بذلك ويعتقد أنه حقق نصراً أو أنجز أهدافاً أو حقق غاية بهذه الجريمة، بل وجدنا من يفرح ويستبشر بقتل مسلم فيخسر دينه ودنياه وآخرته، ويحبط عمله وهو جالس في بيته ولو كان مصلياً وصائماً وقائماً ومنفقاً. قال -تعالى-: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) [هود: 113].

 

هناك من يحبط عمله لسنوات، أعمال كثيرة تذهب بسبب ظلم الآخرين، روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِي اللَّه عَنْه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ".

 

اللهم اعصمنا من الزلل، وثبتنا على الحق حتى نلقاك.

 

قلت قولي هَذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

 

 

الخطـبة الثانــية:

 

عبـاد الله: لقد جاء الإسلام ليكفكف نزوات الإيذاء والظلم والتسلط والإساءة إلى الغير، ويقيم أركان المجتمع على الفضل، وحُسن التخلق، والصفات النبيلة، التي منها الصفح، والعفو عن الإساءة والأذى، والحلم، وترك الغضب والانتصار للنفس.

 

والإنسان منا في حياته يلاقي كثيرا مما يؤلمه، ويسمع كثيرا مما يؤذيه، ولو ترك كل واحد نفسه وشأنها لترد الإساءة بمثلها لعشنا في صراع دائم مع الناس، وما استقام نظام المجتمع، وما صلحت العلاقات الاجتماعية التي تربط بين المسلمين.

 

فهل من تصحيح للعمل والنيات، وتهذيب للسلوك والأخلاق، والصدق مع الله في السر والعلن؛ حتى تستقيم حياتنا؟.

 

علينا أن نحافظ على العبادات، ونتزود من الطاعات، ونحذر من المعاصي والسيئات، فرب معصية أورثت ذلا، ورب طاعة بنت عزاً ورفعت قدرا.

 

ولْنحذرْ من الشحناء والبغضاء، ولْنعمل على تصفية قلوبنا من الحقد والحسد، وليعفو بعضنا عن بعض، ولنتراحم فيما بيننا.

 

اللهم إنا نسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم؛ ونعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.

 

وقد أمركم ربكم فقال قولاً كريماً: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56].

 

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين.

 

وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي؛ وعن الصحابة أجمعين، والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

 

 

 

 

 

 

المرفقات

! أعمالك الصالحة في خطر

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات