إضاءات في طريق الأئمة والخطباء (2)

أحمد محمد زايد

2022-10-09 - 1444/03/13
التصنيفات: تأصيل الوعي

اقتباس

الصوم دأبهم، والذكر ديدنهم، والتوبة شعارهم، والمحاسبة حالهم، والمجاهدة مقامهم، قلوبهم رقيقة، ودموعهم قريبة، لا يخافون الخلق وقد خافوا الخالق، لا يقصدون الناس وقد شغلهم الإخلاص ليتخلّصوا، هيأتهم السنة، وحديثهم الآية والأثر، بيوتهم على...

الإضاءة الخامسة: الانشغال والهمّ بالرسالة:

لو سألناك أيها الخطيب الداعية: كم ساعة يشغل بالك مسجدك وحاجات جمهورك؟ كم ساعة خلوت فيها مع نفسك مهموما برسالتك ومدى إحسانك أو إخفاقك في أدائها؟ كم خطة أعددتها؟ وكم عزيمة عزمتها؟

 

هل شغلتك وحرّكتك تلك الجموع المسلمة التي تتسكّع في الشوارع والطرقات أو التي تقتل أوقاتها على المقاهي وأمام القنوات؟ هل أحرق قلبك هذه الأفكار الآثمة التي يتلقاها الناس ليل نهار أشدّ من السم القاتل عبر وسائل الإعلام؛ فضلا عما يعرض على الناس مما يفسد الأخلاق ويدمر الأديان؟ وحدث ولا حرج عن الجهل والفقر والمرض وسائر الأمراض الاجتماعية والأخلاقية التي عمت المجتمعات المسلمة اليوم، لقد ملأت الشفقة على الناس قلب حبيبك -صلى الله عليه وسلم- إلى حدٍّ قال الله له عنده: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا)[الكهف: 6].

 

وخلاصة المسألة: أن الناس لن ينشغلوا بدعوة لم ينشغل بها أصحابها، ولن يُقبل الناس على فكرة لم تأخذ مكانها في قلوب حامليها والداعين، وقديما قال ابن عطاء الله: "كلّ كلمة خرجت تلبَس ثوبَ القلب التي خرجت منه".

 

ووصيتي إليك -أيها الداعية- أن تكون لك ساعات تخلو فيها بنفسك تفكّر وتخطط أسبوعيا لجمهورك، وإلا فنصيبك الإعراض عمن أعرضت عنهم.

 

الإضاءة السادسة: التقلّل من الدنيا:

لقد وضعت الأنظمة المعاصرة نظمًا رفعت بها طوائف من البشر لا يستحقّون ذلك، وقللت بها نصيب أناس يستحقون الإكرام المادي والمعنويّ؛ فامتلك أهل الفنّ ومن على شاكلتهم من الرياضيّين واللصوص الملايين، بينما الدعاة وأهل العلم لا يملكون الملاليم، هذا واقع.

 

والدنيا وإن كانت قوّة للدعوة وللدعاة معا لولاها للعب الطعاة بالدعاة لعبا كما قال سفيان الثوري: "لولا المال لتمندَل بنا الملوك وأبناء الملوك"؛ أي: للعبوا بنا كما يوضع الشيء في المنديل ويلعب به.

 

والدنيا فتنة إذا دخلت القلب، ونعمة إذا قرّت في اليد، وبداية الزهد فيها عدم الحرص عليها، ثم بذلها متى وجدت. ولست ممن يدعون إلى تركها وإهمالها، لكن ليس الداعية من أهل الدنيا؛ فلا يناضل من أجلها، ولا يخاصم عليها، لا تدخل عليه في صلاته، ولا تحركه نشاطا في دعوته، ولا يوقفه عن دعوته منعُه منها؛ فهي له كزاد راكب، وهذا من التميّز الذي أشرنا إليه آنفا؛ فلتجعل الآخرة أكبر همّك، ورزقك آتيك لا يقدّمه أو يزيده حرصك، ولا يقلّله أو يمنعه زهدك وتقلّلُك.

 

الإضاءة السابعة: التواصل مع الأقران وغيرهم:

الداعية له أقران، ومن قبلهم أشياخ، ومن بعدُ له تلاميذ؛ فهو في ركب الدعاة سائر يأخذ من علوم السابقين، ويفيد ويناقش ويقلب المسائل مع الأقران، ويصل اللاحقين بالماضين عن طريق توريث ما علم؛ فمن لا شيخ له يضلّ، ومن لا وارث لعلمه يقلّ، ومن لا أقران له تضعف منافسته ويضمحلّ.

 

فعلى الداعية أن يحقق هذه الثلاثيّة العلميّة مهما كبر سنه وعلا كعبه في العلم، ويهمّنا في هذه الإضاءة التأكيد على أهميّة التواصل مع الأقران، وأريد بالتواصل مع الأقران وجود علاقة مِهنيّة مع إخوانك الخطباء والدعاة تتبادل من خلالها الخبرات الدعويّة بجوانبها المختلفة، وهذه العلاقة هي قبل كل شيء علاقة أخوّة وجهاد، علاقة خالية من التحاسد والتنافر والتنافس المذموم؛ فقد شهد التاريخ نوعا من المنافسة المذمومة بين الأقران كما وقع بين مالك ومحمد بن إسحاق، وكما وقع بين السخاوي والسيوطي، وبين ابن حجر والعيني، وغيرهم.

 

وأتصور أن خطيب المسجد له علاقة خاصة بينه وبين إخوانه الدعاة؛ تغذيها الزيارة، وتنميها الهديّة، ويقوّيها قضاء المصالح والمشاركة في الأفراح والأتراح، ليشعر الدعاة فيما بينهم بالأخوة التي يطالِبون بها الناس، وحبّذا لو كانت اجتماعاتهم متنوّعة الشكل كالتالي:

1- اجتماعات علمية بحتة، تتم فيها قراءات في كتب التراث العظيم ككتب التفسير والسنن وشروحها والفقه والأصول وغير ذلك من العلوم المختلفة، في صورة منهج علمي يرفع المستوى العلمي ويرقيه.

 

2- اجتماعات نقاشية حول القضايا المختلفة، سواء كانت قضايا شخصية تخصّ أحد الدعاة، مالية كانت أو صحية أو أسرية، أو كانت قضايا دعوية محلّية بالقطر الذي يسكنون فيه، أو أكثَر محلّيةً بأن كانت خاصة بالحي الذي فيه المسجد، أو قضايا عالمية تخصّ الأمة والعالم الإسلامي خصوصا والعالم عموما، سياسية أو اقتصادية أو غيرها، ويتمّ النقاش فيها بصورة علمية مركّزة، تتكون من خلالها رؤية صحيحة مبنية على التحليل الجيد والأسس السليمة، ويحسن الاستعانة في مثل هذه بمتخصّصين في القضايا التي تحتاج إلى تخصص.

 

3- اجتماعات مهنية، يتم التعرض من خلالها إلى فن المهنة والجديد فيه، ولعل أقرب شيء في ذلك الوقوف على جديد الإصدارات والمؤلفات، والجديد من تساؤلات الجمهور وفتاواهم، والجديد من مشروعات كل داعية في مسجده سواء كانت علمية أو دعوية أو اجتماعية أو خدمية أو غير ذلك؛ ليتبادله الدعاة في مساجدهم.

 

وفي مثل هذه الاجتماعات ينبغي أن يتعرف الخطباء على عناوين خطب بعضهم البعض، ويحسن أن تكون عناصر الخطبة مكتوبة مع أبرز أدلتها وأفكارها، فإذا تصوّرنا أن اجتماعا للدعاة شهريّا يضمّ خمسة خطباء مثلا وأحضر كل منهم في الاجتماع أربع خطب مكتوبة العنوان والعناصر والاستدلالات الهامة لحصلنا في هذا الاجتماع ثروة هائلة هي نتاج عمل شهر في خمسة مساجد مجموعها عشرون خطبة، في يد كل خطيب، وحبذا لو تمت حول ذلك مناقشات وتعليقات، تبرز من خلالها جودة الفكرة من عدمها، وملاءمة الموضوعات للواقع من عدمه، إلى غير ذلك. ولو تجمع كل ذلك في أرشيف يتبادل بين دائرة أوسع من الدعاة لكان أفضل. وأفضل من هذا كله لو تم التنسيق بين مجموعات الدعاة، وجمعت هذه المجموعات المكتوبة ومحصت ونقيت، وطبعت في كتاب يستفيد منه عامة الدعاة وطلاب العلم.

 

الإضاءة الثامنة: اعتماد منهج التدوين بعد التحصيل:

كثيرا ما يقع القارئ على دُرر علمية يحسن أن لا تفوت، وعدم فوتها متوقف على حفظها في الصدور وتدوينها في السطور؛ فالعلم صيد والكتابة قيد، والتدوين من آثار نعمة القلم التي امتن الله -تعالى- بها على الأمة؛ فينبغي تفعيل هذه النعمة الجليلة، والداعي الحاذق يحصّل ويدون ما يحصّله، حتى ولو كان ممن منحهم الله -تعالى- حافظة قوية؛ فإن الإنسان عرضة النسيان، وربما لا يجد المرء المرجع بين يديه في وقت ما، والخطيب الناجح في نظري يقرأ أفضل المكتوبات ويكتب أفضل ما يقرأ ويعرض أحسن ما كتب.

 

والكتابة لا بد أن تمرّ بمرحلتين:

الأولى: وهي تأسيسيّة مستوعبة، وتكون قبل العرض وبعد التحضير، يعني البناء الكامل للدرس أو الخطبة أو المحاضرة التي سيلقيها الخطيب.

 

الثانية: استدراكية تكميلية، وتكون بعد العرض والإلقاء، وأعني بها أن يكتب الخطيب ما عنّ له من خواطر ومعاني وإضافات وأدلّة واستشهادات يستدرك بها ما فاته في المرحلة الأولى؛ لتجويد العمل وتكميله وتحسينه؛ فكثيرا ما يفتح الله -تعالى- على المرء ببركة توكّله وإخلاصه وبإخلاص المستمعين معانيَ لم تكن في حسبانه من قبل؛ فلا ينبغي أن تضيع.

 

وفوائد الكتابة كثيرة منها:

1- حفظ العلم وعدم تضييعه.

 

2- تحديد مستوى البحث والجهد بل والتفكير، وبالتالي تحسينه وتقويمه من خلال دوام المراجعة والنظر في حصيلة ما قام به الداعية من قبل.

 

3- الرجوع دون عناء للموضوعات المكتوبة عند ضيق الوقت في ظرف ما، وعند تكرار المناسبات، وعند البحث عن دليل أو شاهد في أي قضية بحثها الخطيب ودونها، وربما سافر البعض سفرا يصعب معه حمل الأسفار معه؛ فلتكن معه كنّاشتُه وكشكوله الجامع.

 

4- إمكانية إفادة المبتدئين وغيرهم من هذه المادة العلمية، وقد لاحظت أثناء ممارستي للخطابة أن بعض الجمهور يطلب مادة الخطبة ليستفيد منها، وهذا كثير.

 

ومن التدوين موضوعٌ ربما يكون عند بادئ الرأي لا جدوى منه، ألا وهو تدوين ما يتعلق بالإمام وخطته الشخصية لتطوير نفسه علميا ودعويا، وتدوين خطته لمسجده من الأعمال والمشروعات التي ينوي القيام بها، وتدوين وحصر شامل للحي بما فيه من عوائل غنية وفقيرة، مهتدين وغير مهتدين، أصحاب مشكلات ومستقرين، وغير ذلك ليضع خطة عملية لحيّه تكون مكتوبة واضحة؛ ليحقق النهوض الإسلامي في ضوء مفاهيم التميّز التي طرحناها في إضاءة سابقة.

 

وعليه فلا يفوتنّ الدعاة أن يدوّنوا ما حصّلوه قبل أن يضيع أو يأتي عليه النسيان أو تذهب المراجع من بين أيديهم.

 

الإضاءة التاسعة: المراجعة والتصحيح:

المراجعة والتصحيح نوع محاسبة مشروعة ينبغي اعتمادها، وأولى الناس بذلك الدعاة حملة المشروع الإسلامي، وإن من آفات المجتمعات العربية والإسلامية حتى الآن آفة العشوائية والارتجال وعدم التخطيط، وبالتالي عدم المحاسبة والمراجعة، وينتج عن كل هذا عدم التصحيح وضعف التطوير، وكثيرا ما نهتف نحن الدعاة والخطباء في الناس: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا"، وننسى أن هذا واجبنا أولا مع أنفسنا ومع وظيفتنا.

 

وأضع بين يديك -أخي الخطيب- بعض تساؤلات كنموذج يمكن من خلاله محاسبة نفسك في جانب واحد من جوانب حياتك وهو الجانب المهني فقط:

1- هل تعرفت على مشاكل أمتك عامة ومشاكل حي مسجدك خاصة؟

 

2- هل ترى أن خطبك تسهم في علاج وحل هذه المشكلات؟

 

3- هل عندك إحصاء كامل وتصنيف شامل لأفراد حي مسجدك وواقعهم واحتياجاتهم الدينية والدنيوية؟

 

4- هل يفضي لك الجمهور أو بعضه ببعض مشاكلهم وأسرارهم ويأتمنونك عليها؟

 

5- هل لك علاقات شخصية بجمهورك أو بأكثره؟

 

6- هل لك تصور عملي لاستثمار هذه العلاقات الشخصية دعويا؟

 

7- هل تحرص على أن تضيف جديدا في خطبك ودروسك ومحاضراتك لجمهورك أسبوعيا؟

 

8- هل حدّدت الأولويات المطلوبة للمفاهيم والموضوعات قبل أن تعرضها على الجمهور؟

 

9- هل ينصرف الناس عنك إلى خطيب آخر أم يزداد عدد المقبلين على مسجدك؟

 

10- هل يستفتيك الناس أم يستمعون إليك فقط؟

 

11- هل تصل بعلاقاتك ودعوتك إلى جميع شرائح جمهورك أم إلى طبقات معينة؟

 

12- هل تتفاعل مع موضوع خطبتك ودرسك طوال الأسبوع وتطبقه على نفسك قبل عرضه على الجمهور؟

 

13- هل لك برنامج علمي للاطلاع وقراءة كتب التراث بفنونها المختلفة؟

 

14- هل لديك تصور وموقف شرعي واضح للموضوعات والقضايا المعاصرة؟

 

15- هل تحرك جمهورك نحو قضايا الأمة المحلية والعالمية؟

 

16- هل تتوج خطبك وموضوعاتك ببرنامج عملي يخرج به الناس لتنفيذ كلامك أم أنك تحسن التحليق بهم في آفاق المثاليات ولا تجيد النزول بهم إلى الواقع العملي؟

 

17- هل تمزج خطبك مهما كان موضوعها بما يرقق القلب ويبعث على خشية الله -تعالى- وحبه؟

 

18- هل تتواصل مع إخوانك الدعاة تفيدهم وتستفيد منهم؟

 

19- هل تنتقي من جمهورك من تتوسم فيه الخير ليكون شريكا لك في العمل الدعوي ولو بالرأي والمشورة؟

 

20- وأخيرا، هل تمتلك فن تقييم مستوى أدائك ومدى نجاحك أو إخفاقك ومدى نجاح خطتك الدعوية أو فشلها؟

 

عشرون سؤالا في الجانب المهني، ولك أن تضع للجانب الروحي مثلها أو يزيد، والجانب الاجتماعي والاقتصادي والعلمي... الخ.

 

هذا إن كنت صاحب رسالة تريد أن تكون على خطى نبيك فيها، أما الموظفون فلا كلام لي معهم إلا بأن يستيقظوا أولا.

 

الإضاءة العاشرة: معايشة الجمهور والتواصل معه:

ونختم بهذه الإضاءة العملية، وهي: ماذا بعد الكلام والخطب؟! إن الكثير من الخطباء والدعاة ينهي دوره عند الكلام، ولا يدري شيئا عن جمهوره، وأحب أن أنبه -أحبابي من إخواني الدعاة- أن الدعوة الإسلامية عبارة عن:

1- تعليم الكتاب والحكمة.

 

2- تربية وتزكية.

 

3- عمل وتنفيذ.

 

فلا يصح التوقف بعد ثلث المهمة (التعليم والتفقيه) التي هي أيسر المهام، بل لا بد من مواصلة الطريق لتحقيق الرسالة الربانية: (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)[الجمعة: 2].

 

ولن تحقّق المهام الباقية للدّعوة والداعية إلا بالمعايشة والاتصال الدائم والمباشر بالجمهور، وهذا يحقّق عدة أغراض رئيسة:

1- معرفة واقع المدعوين عن قرب.

 

2- الإسهام في تربية الراغبين المقبلين الذين يمكن متابعتهم عن قرب متابعة فرديّة؛ ليكونوا أعوانا صالحين في الدعوة إلى الله وعمل الخير.

 

3- تفعيل أصحاب المواهب والقدرات والإمكانيات في عمل الخير؛ فصاحب المنصب يوظّفه الداعية في الشفاعة الحسنة وقضاء مصالح الناس، وصاحب المال يوظفه في مشروعات الخير، وكثير من هؤلاء يريد الخير لكنه لا يملك فقه الإنفاق ومحالّه وأولوياته الشرعية، وصاحب الفراغ يوظّف الداعية فراغه في خطته الدعوية، ومتقن فنّ ما كالحاسوب أو الخط أو الإنشاد أو غيره يوظفهم الداعية كلّ في فنه لتقديم رسالة متكاملة لأبناء الحي، تعبر عن أن الإسلام حقا هو الحلّ، من خلال مشروعات دعوية وخدميّة للنساء والأطفال والعمال والمرضى والطلاب وغيرهم، ولن يستطيع الداعية فعل ذلك كله بنفسه فقط، بل لا بد من استغلال تلك الطاقات المعطلة بل المهدرة في غير طريق الخير.

 

4- من خلال المعايشة والاتصال بالجمهور يقيس الداعية مدى تأثيره في جمهوره، ومدى تفاعل جمهوره معه، ومدى أثر أقواله عمليّا في أخلاقهم وبيوتهم وعلى أبنائهم ونسائهم، مما لا تتيحه له الحالة النظرية فقط.

 

وبعد: أخي الداعية، إن أمتنا في حاجة إلى داعية يحرّك القلوب بعد أن يقنع العقول، ويسخّر المواهب والطاقات بعد أن يكتَشِفها، داعية قدوة مؤثرة بحاله قبل مقاله، داعية يحمل مشروعا إصلاحيا لا كلامًا متناثر الأفكار مشتّت الاتجاهات والأهداف، يربي بعد أن يعلّم، ويحرك بعد أن يربي، يعيش دعوته ويتحرّق لها قبل أن يتحرّك بها، وإن ذلك ليسير مع الإخلاص وصدق التضرع وصحة العزم وعلو الهمة ودوام العمل، والله ولي توفيقي وتوفيقك.

 

والحمد لله أولا وآخرا، وصلّ اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم عدد ما أحاط به علمك وخطّ به قلمك وأحصاه كتابك، وعدد من صلى عليه في الأولين والآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين، كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون.

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات