إشراقات العيد - خطبة عيد الفطر 1446هـ

د عبدالعزيز التويجري

2025-03-31 - 1446/10/02 2025-03-26 - 1446/09/26
التصنيفات: الفطر
عناصر الخطبة
1/الفرح بالعيد 2/مقاصد العيد في الإسلام 3/شكر الله على نعمة إتمام رمضان 4/التفاؤل والعمل النافع 5/أهمية النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 6/جمال العيد 7/رسائل مهمة للنساء والأبناء والبنات.

اقتباس

العيد السعيد يُعيد بوصلة حياتك، يُشعرك بالشعور بالقدرة على تغيير الأيام، لا القدرة على تغيير الثياب، تغيير التشاؤم إلى التفاؤل، تغيير القعود إلى العمل، تغيير التبعية لمرتزقة الشهرة إلى استقلالية التميز والعزة... فنفسك وروحك أجملُ مخلوقٍ على وجه الأرض، والذين لا يُغيِّرون ما بأنفسهم لا يُغيِّرون ما حولَهم...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله المتوحد بالجلال تعظيماً وتكبيراً، والحمد لله حمداً كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.

 

الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بنعمته تتم الصالحات، أفاضَ علينا من خزائن جُوده عظيم الهبات، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله، صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه، والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.

 

أما بعد: فاتقوا الله ربكم واشكروا له، وتزينوا بلباس التقوى ذلك خير.

 

طيَّب الله هذه الوجوه المشرقة، وزكَّى الله هذه الأنفس المؤمنة، وشرح الله هذه الصدور الموقنة بوعد الله وجنته. عيدكم مبارك، عيدٌ يعود عليكم باليمن والبركات، والبر والصِّلات. وتقبَّل منكم صالح الأعمال، واستجاب الله لكم الدعوات، ورفع بأعمالكم الدرجات.

 

 وكما فرِحتم بصيامكم، فافرحوا بفِطركم؛ أدَّيتم فرضَكم، وأطعتُم ربَّكم، صُمتم وقرأتُم وتصدَّقتُم، فهنيئًا لكم ما قدَّمتم، وبُشراكم الفوزَ بإذنه -سبحانه-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ)[البقرة: 143].

 

إن مِن حقكم أن تفرحوا بعيدكم، وتبتهِجوا بهذا اليوم؛ يوم الزينةِ والسرور

      يوم تُوفّى فيه النفوسُ ما عملت  ***  ويَحْصُدُ الزارعونَ ما زَرَعُوا

 

ألم تروا إلى يومكم هذا -أيها المسلمون- أرضهُ هي الأرض، وسماؤه هي السماء.. لكنكم ترونه مختلفًا؛ لأن القلوب صفت وتصافت، والنفوس تصالحت، والأيادي تصافحت والمكلمات زانت وسامحت.  فخُيِّل إليك أن اليوم مختلفٌ، هذا هو العيدُ حقًّا.

 

     هذا هو العيد فلتصفُ النفوس به  ***   وبذلك الخير فيه خير ما صنعا

من يحمل همومه إلى المصلى لا يجد للعيد طعمًا، ومَن ينقل شرهاته وخواطره على الناس لا يجد للابتسامة إلى فيهِ طريقًا.

 

العيد حقاً: أن تعود الصلة بعد انقطاع، والزيارة بعد جفاء، والمسامحة بعد معاتبة؛ "وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ".

 

العيد أن تُجمل منطقك مع جمال ملبسك، وأن يَظْهر شكرك مع إظهار زينتك، وأن تُطَيّب قلبك مع طيب رائحتك؛ "إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ"(أخرجه مسلم).

جمال العيدِ أن تُجَمِّلَ وجه والديك بالبرِ والإحسان، ووجه زوجِك وولدِك بالبِشرِ والحنان.

 

يُجلي لنا هذا اليوم السعيد أن السعادة لا تُشتَرى بالمال، وأن الفرحة تُمنح بالمجان؛ (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس: 59]، وما عليك إلا أن تشكر ذا الجلال والإكرام، على الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ)[النحل: 53].

 

عيدُ يفرح فيه كل مسلم، ويبتهج فيه كل مؤمن؛ لأنه يومُ عيدٍ لم يُبنَ على شعاراتٍ وأعلام، ولم يَقم على طقوس نحلٍ وتفاخرِ أمم، بل هو عيدٌ يتجددُ كل عام، يُكَبَّرُ فيه اللهُ ويُذْكَر، ويُحمدُ الله ويُشْكَر؛ (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[البقرة: 185].

 

أعظم الشكر وأوجبه أن تشكر الله -جل جلاله-، وتحمده -سبحانه- يوم أن هداك لهذا الدين وضلّ فئام عن الصراط المستقيم؛ (وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ)[الأعراف: 43].

 

تشكر الله يوم أن عافاك فشهدت العيد، وغيرك في المشافي يسمعون بالعيد ولا يرونه.

تشكر ربك أن أرغد عيشك وآمنك في بلدك، بينما من حولك إما جوعٌ يحاصرهم، أو عدو يقصفهم؛ (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ)[مريم: 65].

 

العيد السعيد يُعيد بوصلة حياتك، يُشعرك بالشعور بالقدرة على تغيير الأيام، لا القدرة على تغيير الثياب، تغيير التشاؤم إلى التفاؤل، تغيير القعود إلى العمل، تغيير التبعية لمرتزقة الشهرة إلى استقلالية التميز والعزة... فنفسك وروحك أجملُ مخلوقٍ على وجه الأرض، والذين لا يُغيِّرون ما بأنفسهم لا يُغيِّرون ما حولَهم، ولهذا ترى الجميعَ يُفكِّر بتغيير العالَم، وقليلٌ منهم من يُفكِّر بتغيير نفسه؛ (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)[الرعد: 11].

 

هذا العيد جميل، ولا يرى الجمالَ إلا الجميل، والكون ليس محدودًا بما تراه عيناك، ولكن ما يراه قلبُك وفكرُك وعملك... قسَمات وجه المرء انعكاسٌ لأفكاره، ومصائب الحياة تتماشى مع هِمَم الرجال، تشيبُ الرؤوس ولا تشيبُ الهِمَم.

 

نسعدُ بالعيد ونبعث في النفوس الأمل الجميل، فكلما ازداد التحدِّي ازداد اليقين؛ (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)[الشعراء: 61- 62].

 

أملٌ يبعث في النفوس العمل؛ فحين حاصرَ الأحزابُ المدينة وبلغت القلوب الحناجر، والجوع منتهاه، عرضت كُدْية في الخندق فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وقد عصب بطنه، فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَضَرَبَ الصخرة، فَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، فُتِحَتْ فَارِسُ"، ثُمَّ ضَرَبَ أُخْرَى مِثْلَهَا فَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، فُتِحَتِ الرُّومُ"، يُبشر بالنصر بكسرِ الحجر، تفاؤلٌ بعمل، لا تفاؤل مُقنَّع بلباس التخدير والقعود.

 

تفاؤلك يتحققُ بأملك، وأملُك يتحقق بعملِك؛ نجاحُك أن تصنع مشروعك في حياتك على قدر طاقتك ومقدورك (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)[البقرة: 286]؛ اعمل لدينك ولو بشق تمرة، آية تحفظها وخيرٌ تُعلّمه، سنّةٌ تُحييها، وبدعةٌ تُميتها، ريال تنفقه وحاجة تسدُّها، منكرٌ تنكره ومعروفٌ تأمرُ به، أسرةٌ تربيها وبيتٌ تصلحه، وابدأ بمن تعول.. لا يُقعدك تخاذل أو تواكل؛ "اعْمَلوا فكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ".

 

   ولينطَلِقْ كُلُّ فَردٍ حَسبَ طَاقَتِهِ  *** يَدعُو إلَى اللهِ إخفَاءً وَإعلاناً

     ولْنَترُك الَّلومَ لا نَجعلْهُ عُدَّتَنَا  ***  وَلْنَجعَل الفِعلَ بَعدَ اليَوم مِيزَانَا

 

المتفائل يسقط من أجل أن ينهض، ويُهزَم من أجل أن ينتصر، وينام من أجل أن يستيقظ، ومن جدَّ وجَد، ومن قام ليس كمن رقد.

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

لا يُجَمِّلُ بيوتنا نومُ عن الصلاة، ولا لباسٌ فاضح للبنات، ولا يُحَسِّنُ أسواقنا غشٌ وخداع، وبيعٌ وشراءٌ بعد النداء، ولا يُبْهجُ جلسات الكافيهات والمطاعم والحدائق صوتُ الغناء، أو تزاحم الرجال والنساء ونزع الحجاب وكسر الحياء.

 

الجمالُ أن ترى القبيحَ من منكرِ الأقوالِ والأفعالِ فتحولها إلى حسنةٍ وخير؛ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)[آل عمران: 110].

 

الدين النصيحة؛ كلمةٌ طيبةٌ، أو رسالةٌ لطيفةٌ، نصحَ عمرُ بن الخطابِ فتًى وهو يُحتضر؛ فقال: "ارْفَعْ ثَوْبَكَ؛ فَإِنَّهُ أَنْقَى لِثَوْبِكَ، وَأَتْقَى لِرَبِّكَ".

 

متى قام الأمرُ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ بين الرجال والنساء، والشباب والفتيات، وشاع التناصحُ في البيوتِ والعملِ والمتاجرِ والمتنزهاتِ؛ صلُح المجتمع، وضمنّا العزةَ والتمكينَ، وحفظنا ديننا وارتفعت عنا الشدائدَ، قال -صلى الله عليه وسلم-: "وَالذي نَفْسِى بِيَدِهِ؛ لتأمُرنَّ بِالْمعْرُوفِ وَلتَنْهَوُن عن المنكَر، أَوْ لَيوشِكن الله أن يَبعَثَ عَليْكُم عِقَابًا مِنْ عِندِه، ثم لتَدْعُنَّه فَلَا يَسْتَجيبُ لَكُمْ"؛ قال جَرِير -رضي الله عنه-: "بَايَعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ"(متفق عليه).

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

جمالُ هذا اليوم بالمحافظة على الصلاة الوسطى صلاةُ العصر، فَإِنَّه "مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ"(أخرجه البخاري).

 

 ووالله لا يتم الله إيمان عبدٍ حتى يتم صلاته؛ (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)[النساء: 103].

 

 جمالُ العيدِ أن لا يُنسى فيه وِرْد القرآن، ولا ركعات في جُنْح الظلام، ولا يُتأخر عن تكبيرةِ الإحرام، كن كما كنت في رمضان، ثم أتبعه بصيام ستّ من شوال.

 

جمال العيد يبدو حين ترى الأسرُ مجتمعٌ شملها بإيمانِها وصلاحها ووصلها؛ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ)[الطور: 21].

 

 الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً. واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربنا لغفور شكور.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ لله أحاط بكل شيءٍ علماً، وجعل لكل شيءٍ قدراً، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابِه ومن اهتدى بهديهِ إلى يوم الدِّينِ.

 

 الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

ما أجمل النساء الناصعات وهن يخرجن للعيد متلفعاتٌ بمروطهن، ما يعرفهن أحد من الحشمة، ولا يضايقهن سفيه من الحياء والعزلة.

 

كم هو شموخٌ وعزٌ، وجمالٌ وفخرٌ حينما نرى نساءنا تزدحم بهن عتبات المساجد في رمضان، كم هو سعادة وإسعاد حينما نسمع عن حافظات للقرآن وأخريات علون في مراقي السنة.

 

لا تزالُ الفتاةُ جميلة بهية، تعيش بعزٍّ وشموخٍ مع أسرةٍ محشومة، وبيت مستورة، وكرامة مصونة، مالم تصغِ إلى إعلام خادع، واسناب فاتن، وانفتاح مزيف.

 

جمال المرأة نابع من جمال أمها الصديقةُ -رضي الله عنها-، قَالَتْ: كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبِي فَأَضَعُ ثَوْبِي، وَأَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ فَوَاللهِ مَا دَخَلْتُهُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي؛ حَيَاءً مِنْ عُمَرَ. وكانت إذا غضبت لا تهجر من زوجها إلا اسمه.

      طابت منابتُها فطاب صنيعُها  ***  إن الفعال إلى المنابت تُنسب

 

 المرأةُ البهيةُ الحصيفةُ الرزينةُ مَن تدركُ عناءَ زوجِها، وكدّه وعمله من أجلِ أن يفرشَ لأسرتِه بساطَ العيشِ والعزةِ والكرامةِ، فتنطقُ في الغضبِ كما نطقت الصدِّيقةُ، فلا تهجر إلا اسمَه، ولا تعيرهُ بما يروجهُ الأسافل.

 

متى قدّرتِ المرأةُ تحمُّلَ زوجِها ديوناً من أجلِ مسكنٍ وافرٍ يكنُّها، وعيشٍ طيبٍ رغيدٍ؛ فإنها لا تخاصمَه إذا أمر، ولا تنازِعَه إذا قرَّر، تُدرك سرّ قولِ الله: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)[النساء: 34].

 

المرأةُ الوفيةُ مَن تمسحُ عناءَ شقاءِ الحياةِ من جبينِ زوجِها بلطيفِ قولِها وجميلِ منطقِها.

 

المرأةُ الوفيةُ الجميلة من تشكرُ نعمةَ ربِّها، ولا تمدَ عينَها إلى خارجِ أسوارِ بيتِها، وتقرُّ في بيتِها حفاظًا على جدرانِ مسكنِها أن يتصدعَ؛ ممتثلةً قول ربها: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)[الأحزاب: 33]، والبيتُ سكنُ واستقرارُ وعيشُ وهناء؛ (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا)[النحل: 80]؛ فالرجلُ يأوي للبيتِ ليسكنَ بعد الكدِ والعناءِ، والعجبُ أنّ من النساءِ من تخرجُ من السكنِ تبحثُ عن العناءِ والشقاء.

 

وفي المقابل، فإن الرجل يُؤمَرُ بالتغافلِ والحِلْمِ والأناةِ عن أهلِ بيتهِ، ويُطالبُ بحسنِ المعشرِ والرفقِ والإنفاقِ، متكسباً غير متكل على غيره، أو عالةً على أهله؛ (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[البقرة: 228]، "وخَيْرُكُمْ خيركم لِأَهْلِهِ".

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

يا أيها الأبناء والبنات: إن أردتم السعادة والنجاح والفلاح فحافِظوا على صلاتكم، والزموا أقدام آبائكم وأمهاتكم، لن تجدوا أحنى عليكم ولا أنصح لكم ولا أرحم بكم من والديكم، الزموهم فثم الجنة، طاعةً وخدمةً وبراً ورحمةً. تفلحوا وتسعدوا وتدخلوا جنة ربكم.

 

وأخيراً فجمال العيد يتوّج بشكر نعمة الله، فلا إسراف ولا تبذير، بل حفظ النعمة وإيصال الفائض منها للمحتاجين ولجمعية حفظ النعمة.

 

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.

 

ومن هدي نبي الله -صلى الله عليه وسلم- في العيد مخالفة الطريق. فانصرفوا تقبل الله منا ومنكم، وجعل الله عيدكم سعيدًا وشملكم ملتمًّا، وكفاكم شر الأشرار، وشر طوارق الليل والنهار.

 

اللهم احفظنا وأزواجنا وذرياتنا من مضلات الفتن...

 

اللهم تقبل منا ومن المسلمين، اللهم فَرِّج هم المهمومين...

 

اللهم آمنا في دورنا.......

 

اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المرفقات

إشراقات العيد - خطبة عيد الفطر 1446هـ.doc

إشراقات العيد - خطبة عيد الفطر 1446هـ.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات