عناصر الخطبة
1/وجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم 2/التحذير من مخالفة سنة رسول الله 3/تحريم إسبال الثياب للرجال 4/الحكمة من النهي عن الإسبال.اقتباس
ومما يُؤسَف له أن بعض الناس عكسوا الفطرةَ والسُّنة؛ فأطال الرجالُ ثيابَهم! وقصرَّت النساءُ ثيابهنّ! وإنا لله وإنا إليه راجعون... لِمَ تُصِرّ على إسبال ثوبك وقد سمعتَه ينهى عن ذلك؟ بل وأخبر بمصير المُسْبِلين يوم القيامة؟ ...
الخطبةُ الأولَى:
الحمد لله المعبود في أرضه وسمائه، المقدَّسِ بصفاته وأسمائه، المنفرد بعظمته وكبريائه، أحمده على ما أسبغ من نعمائه، وأفضلَ من عطائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً أدّخرها وأستودعه إياها ليوم لقائه.
وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله خاتمُ أنبيائه، وصفوةُ رسله وأمنائه، نبيُّ الرحمة، وشفيعُ الأمة، شرَّف الله قدره على سائر الخلائق، وأخذ من الأنبياء على نصرته العهودَ والمواثق، صلى الله وسلم عليه وعلى آلِه وأصحابه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-، واعلموا أنّ الله -تعالى- أرسل لنا رسولاً صادقًا أمينًا، وأوحى إليه القرآن والحكمة، والحكمةُ هي السُّنة، فما أتانا مِن قِبَله فعلينا أن نأخذ به ونعمل به، وما نهانا عنه فعلينا أن ننتهي عنه، قال الله -تعالى-: (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)[الحشر: 7]، وقال -تعالى-: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)[التغابن: 12]، وَقَالَ -عز وجل-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)[الأحزاب: 36].
فقد أمرنا الله -عزّ وجل- بالأخذ بما جاء به، والانتهاء عما نهى عنه، والحلالُ ما حلَّله رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، والحرامُ ما حرّمه، والدِّين ما شَرَعَهُ، ليس لأحدٍ من الأولين والآخرين خروجٌ عن طاعته وشريعته.
وقد حذَّر -سبحانه- مَن خالفَ أمرَ رسوله بإصابةِ الفتنة في قلبه وعقله ودينه، وإصابةِ العذاب الأليم له، إمَّا في الآخرة أو في الدنيا والآخرة؛ فقال: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[النور: 63].
معاشر المسلمين: ومما حذّر منه نبيُّنا وإمامُنا -صلى الله عليه وسلم-: إسبالُ الثياب بالنسبة للرجال، بحيث يجاوز الثوبُ الكعب، فقد أخبر بوعيدِ من فعل ذلك فقال: "مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ مِنْ الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ".
أتدري ما معنى في النار؟
يعني: أنّ قدميك اللتين أسبلت ثوبك عليهما في نار جهنم، وكيف شعورك وأنت تطأ بقدميك هذه النارَ العظيمةَ، ألا تعلم أنَّ أخفّ أهل النار عذابًا، مَن يُوضع تحت قدميه جمرتان يَغْلي منهما دماغه؟
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة لرجل يُوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه".
أخي المسبل: ألست موقنًا بأنّ ما يقولُ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حقٌّ وصدق؟
فَلِمَ تُصِرّ على إسبال ثوبك وقد سمعتَه ينهى عن ذلك؟ بل وأخبر بمصير المُسْبِلين يوم القيامة؟
وإذا أصَّريت بعد ذلك على إسبالك فأنت بين أمرين لا ثالث لهما:
الأمر الأول: أنك ضعيفُ الإيمان والتصديق، وهذه مصيبة عظيمة.
الأمر الآخر: أنّ الكِبْر منعك من ترك الإسبال، وهذا أعظم.
ولذلك جاء الوعيد الشديد فيمن أسْبل ثوبه كِبْرًا، ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قال: قال النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"، وذكرَ منهم "الْمُسْبِلُ".
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ".
نسأل الله -تعالى- أنْ يُنَجِّيَنا من عذاب النار، وأنْ يُعيذَنا مِن الخزيِ والبوار، إنّ ربَّنا رَؤُوفٌ برٌّ رحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على المبعوثِ رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: معاشر المسلمين: ومن شدة كراهةِ الله لمن أسْبَل ثوبه كبرًا، أنه خسف برجلٍ فعل ذلك، فقد روى البخاري في صحيحه أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنْ الْخُيَلَاءِ خُسِفَ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة".
إخوة الإيمان: ومن حكمة الشريعة أنها نهَتِ الرجل عن الإسبال، وأمرتِ المرأة بذلك؛ لأنه أستر لها، قالت أم سلمة -رضي الله عنها- للنَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: كيف يصْنعن النساء بذيولهن؟ قال: "يرْخين شبرًا".
ومتى كشفت المرأةُ عن ساقيها ولو أمام النساء، فإنها داخلةٌ في الوعيد الشديد: "وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا".
ومما يُؤسَف له أن بعض الناس عكسوا الفطرةَ والسُّنة؛ فأطال الرجالُ ثيابَهم! وقصرَّت النساءُ ثيابهنّ! وإنا لله وإنا إليه راجعون.
نسأل الله -تعالى- أن يُصلح أحوال المسلمين، وأن يردّهم إلى رشدهم، إنه سميع قريب مجيب.
عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على نبي الهدى، وإمام الورى، فقد أمركم بذلك -جل وعلا-؛ فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، وخُصَّ منهم الحاضرين والحاضرات، اللهم فرِّج همومهم، واقضِ ديونهم، وأنزل عليهم رحمتك ورضوانك يا رب العالمين.
عباد الله: إنَّ اللَّه يأْمُرُ بالْعدْل والْإحْسانِ وإيتاءِ ذي الْقُرْبى ويَنْهى عن الْفحْشاءِ والمنْكرِ والبغْيِ يعِظُكُم لَعلَّكُم تذكَّرُون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم