عناصر الخطبة
1/ من صور إدمان الجوالات 2/ إدمان الألعاب الألكترونية وخطره 3/ أضرار الألعاب الألكترونية على الأطفال 4/ وصايا لأولياء الأمور 5/ سؤالٌ مخيف وجواب أخوفاقتباس
وحتى لا يكونَ في الكلامِ مبالغةٌ فيكفي أن نعلمَ عن لعبةٍ مشهورةٍ باسمِها عند المتابعين لها: يَظهرُ فيها شخصٌ يقتلُ ويضربُ المارةَ دونَ رحمةٍ، ويَسرقُ السياراتِ ويتحركُ كيفما يشاءُ دون أن يستطيعَ أحدٌ إيقافَه، فيزيدُ رصيدُ اللاعبِ من النقاطِ كلما تزايَد عددُ قتلاهُ، فأيُّ شيءٍ يتعلمُه الطفلُ إلا أنَّ القتلَ شيءٌ مقبولٌ وممتعٌ...
الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أما بعد: فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التقوى، وتمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوثقى, (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70- 71].
إنه الإدمانُ؛ ليسَ إدمانَ المخدراتِ والتدخينِ، لا! ولكنْ ثمتَ إدمانٌ خطيرٌ مغفولٌ عنه، ألا وهو الجلوسُ الطويلُ على الانترنتِ.
والبلاءُ يَكمنُ في تهاونِ الآباءِ لاستخدامِ أولادِهم لهذا الجوالِ الذي يُستخدَمُ بتضييع الوقت غالباً، فغفلوا عن ذلك، مع أنهم يُحافظون عليهم من الصحبةِ الفاسدةِ ومن تأثيرِ القنواتِ الفضائيةِ.
ومِن صُورِ الإدمانِ: إدمانُ اللعبِ بألعابِ الفيديو, والتي تُسمى بالبلاي ستيشن, وأغلبُ المدمنينَ هم من الأطفالِ وإن كان للكبارِ نصيبٌ أيضاً, وقد ذكرَ أحدُهم أنه جلسَ مع رفيقٍ له على مباراةٍ في كرةِ القدمِ من الساعةِ العاشرةِ مساءً إلى الثامنةِ صباحاً من اليومِ التالي.
وهذا الإدمانُ سيؤديْ بهم حتمًا للتقاعسِ عن القيامِ بالواجباتِ من برِ الوالدينِ أو صلةِ الرحمِ، فضلاً عن نومِهم بمقاعدِ الدراسةِ، وكونِهم عبئًا على معلمِيهم من أثرِ السهرِ، ثم تأخرِهم الدراسيِ، بل ومللِهم من المدرسةِ.
وهذه الألعابُ الالكترونيةُ هي مجردُ تسلياتٍ في منظورِنا الذي تعوَّد تبسيطَ الحياةِ من حولِنا، ثم إذا وقعَ الفأسُ على الرأسِ تألَّمْنا كثيراً لإهمالِنا.
وحتى لا يكونَ في الكلامِ مبالغةٌ فيكفي أن نعلمَ عن لعبةٍ مشهورةٍ باسمِها عند المتابعين لها: يَظهرُ فيها شخصٌ يقتلُ ويضربُ المارةَ دونَ رحمةٍ، ويَسرقُ السياراتِ ويتحركُ كيفما يشاءُ دون أن يستطيعَ أحدٌ إيقافَه، فيزيدُ رصيدُ اللاعبِ من النقاطِ كلما تزايَد عددُ قتلاهُ، فأيُّ شيءٍ يتعلمُه الطفلُ إلا أنَّ القتلَ شيءٌ مقبولٌ وممتعٌ؟!.
ناهيكَ عمَّا فيها من الموسيقى بوسائلَ تشويقيةٍ كثيرةٍ، وأطمُّ من ذلكَ الإيحاءاتُ الجنسيةُ والصورُ العاريةُ, وفي بعضِ ألعابِ كرةِ القدمِ يلبسُ بعضُ اللاعبينَ الصليبَ، أو يقومونَ حالَ دخولِهم الملعبَ أو إحرازِ هدفٍ بإشارةِ التثليثِ التي هيَ من صميمِ عقيدةِ النصارى.
أيها الإخوةُ: هل تعلمونَ أن الدولةَ الصانعةَ لهذهِ الألعابِ وضعتْ محاذيرَ وضوابطَ للتقليلِ من أخطارِها، وقسمتِ الألعابَ حسبَ المراحلِ العُمْريةِ, فلتحذَروا إدمانَ أولادِكم على هذا السمِ في الدسمِ، فقد وُجدَ لها أضرارٌ صحيةٌ ونفسيةٌ واجتماعيةٌ.
وكلما أمكنَ التخليْ عنها والاستعاضةُ بالألعابِ الحركيةِ والذهنيةِ فهوَ أولى، وإليكمْ -أيها الآباءُ والأولياءُ- وصايا:
أولاً: احذرْ من السماحِ لأولادِك بإحضارِ أشرطةٍ عن طريقِ زملائِهم؛ لأن هذا بابٌ لاستسهالِ المخالفاتِ، ومصيدةٌ لاستدراجِ الأحداثِ المغفلين، فليكنْ شراءُ الأشرطةِ بواسطتك.
ثانياً: تقنينُ وقتِ ومكانِ اللعبِ بها، بأن تحدَّدَ بساعةٍ مثلاً يوميًا، وألا يُتركَ الولدُ في غرفةٍ مغلقةٍ، ولا تَفتحْ المجالَ كثيرًا للصبي ليذهبَ لصديقِه ولابنِ الجيران.
ثالثاً: أن يحاوِل الأبُ التحريَ والسؤالَ والتثقفَ حولَ خبايا تلكَ الألعابِ.
رابعاً: لابدَّ من تربيةِ الأسرةِ على شيءٍ اسمُه التربيةُ الذاتيةُ، ومراقبةُ اللهِ في كلِّ شيء, وسياسةُ المنعِ دائماً ليستْ مجديةً، حيث إنها تدفعُهم للتخفي لفعلِ الممنوعِ.
ألا إنَّ أولادَنا أمانةٌ، فلنحذرْ من خيانةِ اللهِ فيهِم: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[الأنفال: 27].
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم, ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ وكفى، وسمِعَ اللهُ لمن دعا، وصلاةً وسلامًا على النبيِّ المجتبَى، وآلِه وصحبِه، ومَنْ على منهاجِهم اقتفَى، أما بعد:
فهذا سؤالٌ مخيفٌ، وجوابُه أخوفُ، طُرحَ على سماحةِ الشيخِ ابنِ بازٍ -رحمه الله- قبلَ وفاتِه بشهرينِ, فاسمعِ السؤالَ المخيفَ، حيثُ يقولُ السائلُ: أخيْ توفيَ وعمرُه ثمانيةَ عشرَ عامًا، وكانَ متهاونًا بالصلاةِ، أحيانًا يصلي, وأحيانًا يتركُها، وقد أفطرَ خمسةَ عشرَ يومًا من رمضانَ بلا عذرٍ. السؤالُ: هلْ أصومُ عنه وأحجُ عنه وأتصدقُ عنه؟ هل أستغفِرُ له؟.
فاجابَ ابنُ بازٍ بهذا الجوابِ المخيفِ: "لا يُحَج له، ولا يُقضَى عنه، ولا يُدعَى له؛ لأنَّ تركَ الصلاةِ كفرٌ أكبرُ.. والصدقةُ والدعاءُ إنما تكونُ لأهلِ الإسلامِ؛ لقولِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "بين الرجلِ وبين الشركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ"(مجموع فتاوى ابن باز).
يا ولديَ الغالي, أيُّها الشابُ الحبيبُ, يا قرةَ عينِ والديهِ: احذرْ سَقَرَ، وما أدراكَ ما سقَرَ!! احذرْ أنْ يسألَكَ أهلُ الجنةِ وأنتَ معَ التاركينَ للصلاةِ فيقولُوا: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)[المدثر: 42، 43].
أيها الصحيحُ المعافَى: سَلْ نفسَك؛ كمْ صلاةً فاتتنيْ خلال هذا الشهرِ، بلْ كم ركعةً فرَّطتُ فيها؟ ثم تُبْ وأُبْ لربِّك, وردِّدْ كثيرًا هذا الدعاءَ الذي دعا به أبوكَ إبراهيمُ: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ)[إبراهيم: 40].
هذا واعلموا -رحمَكُمُ اللهُ- أنَّ منْ أفضلِ الطاعاتِ، وأشرفِ القرباتِ، كثرةَ صلاتِكم وسلامِكم على خيرِ البرياتِ، فقد أمركمْ بذلك ربُّكم -جلَّ من قائلٍ عليمًا-، فقال -تعالى- قولاً كريماً: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56], وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ, اللَّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ, اللهم لا تخيبْنا ونحن نرجوكَ، ولا تعذبْنا ونحن ندعوكَ. اللهم اجعلْ خيرَ عملِنا ما وليَ أجلَنا.
اللَّهُمَّ قَاتِلْ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ, اللهم وبارِك في عمرِ وليِّ أمرِنا ووليِ عهدِه, وزدهم بذلاً في نصرةِ الإسلامِ وخدمةِ وراحةِ رعيتِهم, اللهم احفظ بلادَنا من كل سوءٍ ومكروهٍ، وأدِمْ عليها نعمةَ الاستقرارِ والنماءِ والرخاء.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم