عناصر الخطبة
1/منزلة كبار السن في الإسلام 2/من أعمال إجلال الكبير 3/دعوة لإجلال الكبيراقتباس
والكَبِيْرُ في السِّنِّ؛ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَة، وَفِي الإِسْلامِ شَرَفٌ ومَنْزِلَة؛ لِكَوْنِهِ تَقَلَّبَ في عُبُوْدِيَةِ اللهِ عَدَدَ سِنِين؛ وسَبَقَ غَيْرَهُ في طَاعَةِ رَبِّ العَالمين...
الْخُطْبَةُ الأُوْلَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إِلَيه، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْد: فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى، واسْتَمْسِكُوا مِنَ الإِسْلامِ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى، (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)[البقرة:197].
أَيُّهَا المسلمون: مِنَ الأَدْبِ والإِكْرَام، إِجْلالُ ذَوِي القَدْرِ والاِحْتِرَام؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهمْ"(رواه أبو داود)
والكَبِيْرُ في السِّنِّ؛ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَة، وَفِي الإِسْلامِ شَرَفٌ ومَنْزِلَة؛ لِكَوْنِهِ تَقَلَّبَ في عُبُوْدِيَةِ اللهِ عَدَدَ سِنِين؛ وسَبَقَ غَيْرَهُ في طَاعَةِ رَبِّ العَالمين، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا"(رواه الترمذي، وصححه الألباني) وقالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَام: "خَيْرُ النَّاسِ؛ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ"(رواه الترمذي وحسّنه).
وكَبِيرُ السِّنِّ، أَحْوَجُ إلى الرَّحْمَة؛ لأنَّه في حَالِ الضَّعْفِ وَتَلَاشِي القُوَّة؛ وَهَذْهِ سُنّةُ اللهِ في خَلْقِه، وعِبْرَةٌ لِمَنْ تَجَبَّرَ في أَرْضِه، قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً)[الروم: 54].
وَمِنْ إِجْلالِ الكَبِير: أَنْ يُبْدَأَ بِالسَّلام، وَيُقَدَّمَ في الكَلَام؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الكَبِيرِ"(رواه البخاري) وفي الحَدِيث: "كَبِّرْ، كَبِّرْ"(رواه البخاري)
وَمِنْ إِجْلالِ الكَبِير: تَقْدِيْمُهُ في إِمَامَةِ الصَّلَاة، إِذَا لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ مَزِيَّة؛ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ: فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ"(رواه البخاري)؛ أَيْ: أَكْبَرُكُمْ سِنًّا في الإِسْلام، وَذَلِكَ عِنْدَ تَسَاوِيْهِمْ في شُرُوطِ الإِمَامَة.
وَمِنْ إِجْلال الكَبِير: الاِسْتِفَادَةُ مِنْ تَجْرِبَتِهِ وَخِبْرَتِه؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "البَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ"(أخرجه ابن حبان، وصححه الألباني) وفي هَذَا حَثٌّ على طَلَبِ البَرَكَةِ في الأُمُور؛ بِـمُرَاجَعَةِ الأَكَابِر؛ لِمَا خُصُّوا بِهِ مِنْ سَبْقِ الوُجُود، وتَجْرِبَةِ الأُمُور؛ فَجَالِسُوا العُقَلاءَ الكِبَار؛ لِتَقْتَدُوا بِرَأْيِهِم، وتَهْتَدُوا بِهَدْيهِمْ.
وأَحَقُّ النَّاسِ بِالإِجْلالِ مِنْ الكِبَار: هُمَا الوَالِدَان؛ فَحَقُّهُم أَوْجَب، والتَّفْرِيْطُ في جَنْبِهِمْ أَقْبَح، قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا)[الإسراء:23]. قال المُفَسِّرُون: "وَإِنِّمَا نُهِيَ عَنْ أَذَاهُمَا في الكِبَر -وإِنْ كان مَنْهِيًّا عَنْهُ على كُلِّ حَال- لأنَّ حَالَةَ الكِبَر؛ يَظْهَرُ مِنْهُما ما يُضْجِرُ ويُؤْذِي، وتَكْثُرُ خِدْمَتُهما".
وَلِهَذا قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ"، قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: "مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا؛ فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّة"(رواه مسلم).
أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَة:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَانِه، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُه، وَآلِهِ وَأَصْحَابِه وأَتْبَاعِه.
عِبَادَ الله: الَّذِي شَابَ شَعْرُهُ في الإِسلام، وَامْتَلأَ قَلْبُهُ بِنُوْرِ الإِيْمَان أَحَقُّ أَنْ يُكْرَمَ ولا يُهَان، وأَنْ يُحْتَمَلَ ما يَصْدُرُ مِنْهُ وَيُعَان.
وتَعْظِيمَ الكِبَار مِنْ تَعْظِيمِ الوَاحِدِ القَهَّار، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ مِنَ إِجْلالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ"(رواه أبو داود، وحسّنه الألباني)؛ أي: مِنْ تَعْظِيْمِ الله؛ تَعْظِيمُ الكَبِيرِ المسلم؛ بِتَوْقِيْرِهِ في المَجَالِس، والرِّفْقِ بِه، والشَّفَقَةِ عَلَيْه.
والجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ العَمَل؛ فـ "مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ؛ إِلاَّ قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ"(رواه الترمذي، وقال: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ)
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمُشْرِكِيْن.
اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ المَهْمُوْمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ المَكْرُوْبِين.
اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا.
عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل:٩٠].
فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت:45].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم