عناصر الخطبة
1/ فضل عشر ذي الحجة 2/ استغلالها في الطاعات 3/ أسباب عدم إتباع الإيمان بالعمل 4/ من أحكام التكبير في العشر وأيام التشريق 5/ من فضائل وأعمال يوم عرفة 6/ من فضائل وأعمال يوم النحر 7/ من أحكام الأضحيةاقتباس
ودونكم هذا الحديث في فضل عشر ذي الحجة فاعقلوه، أخرج الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: كنت عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: فذكرت له الأعمال فقال: "ما من أيام العمل فيهن أفضل من هذه العشر"، قالوا: يا رسول الله: الجهاد في سبيل الله؟ فأكبره، فقال: "ولا الجهاد، إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله ثم تكون مهجة نفسه فيه".
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يُضللْ فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.
اللهم لك الحمد إذ بلغتنا هذه الأيام الفضيلة، اللهم وكما بلغتنا فأعنّا على استثمارها بعمل الطاعات، وتقبل منا ومن إخواننا المسلمين سائر الطاعات، وكفر عنا السيئات، وارفع لنا الدرجات.
اتقوا الله وعظموا أمره أيها المسلمون، وأنتم في أيام يذكر فيها اسم الله، وتُعظم شعائره، ويفد الحجيج إلى بيته ابتغاء مرضاته.
أيها المسلمون: كم نُضَيِّع من الأوقات هدراً! وسيندم كل مفرط غداً، وإذا كنا قد فرطنا فيما مضى، فها هي فرصة سانحة تتاح لنا، ويُعظِّـم الله فيهـا الأجور لنا، فهل من سابقٍ للخيرات، والله -تعالى- يقول: (فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ) [البقرة:148]؟.
ودونكم هذا الحديث في فضل عشر ذي الحجة فاعقلوه، أخرج الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: كنت عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: فذكرت له الأعمال فقال: "ما من أيام العمل فيهن أفضل من هذه العشر"، قالوا: يا رسول الله: الجهاد في سبيل الله؟ فأكبره، فقال: "ولا الجهاد، إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله ثم تكون مهجة نفسه فيه".
يا أخا الإسلام: قف، وسائل نفسك: ماذا قدمت لآخرتك في هذه الأيام الفاضلة؟ وبماذا خصصتها؟ وهل أيام الدهر عندك سواء؟ هل صمت أو تنوي الصيام فيها؟ هل تصدقت؟ هل وصلت؟ هل أكثرت من ذكر الله؟ وتلاوة كتابه؟ هل ابتهلت إلى الله بالدعاء؟ وإني سائلك ونفسي، فاستحضر السؤال، وفكر في الجواب.
أما السؤال فمهم، وهو يقول: كيف يجتمع التصديق الجازم الذي لا شك فيه بالمعاد والجنة والنار، ويتخلف العمل؟ وهل في الطباع البشرية أن يعلم العبد أنه مطلوب غداً إلى بين يدي بعض الملوك ليعاقبه أشد عقوبة أو يكرمه أتم كرامة، ويبيت ساهيا غافلاً؟.
قال ابن القيم -رحمه الله-: هذا -لعمر الله- سؤال صحيح وارد على أكثر هذا الخلق، فاجتماع هذين الأمرين -يعني التصديق بالمعاد، وعدم الاستعداد له- من أعجب الأشياء، ثم حدد -يرحمه الله- أسباب ذلك بعدة أمور، فافهموها، وحاولوا الخلاص منها.
قال: أحدها: ضعف العلم ونقصان اليقين، فإذا اجتمع إلى ضعف العلم عدم استحضاره، وغيبته عن القلب في كثير من أوقاته وأكثرها لاشتغاله بما يُضاده، وانضم إلى ذلك تقاضي الطبع وغلبات الهوى، واستيلاء الشهوة، وتسويل النفس، وغرور الشيطان، واستبطاء الوعد، وطول الأمل، ورقدة الغفلة، وحب العاجلة، ورخص التأويل، وإلف العوائد، فهناك لا يمسك الإيمان إلا الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا؛ ولهذا السبب يتفاوت الناس في الإيمان والأعمال، حتى ينتهي إلى أدنى مثقال ذرة في القلب. اهـ.
أيها المسلمون: ومع عظمة هذه الأيام فقد أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأمة وحثها على كثرة الذكر والتسبيح والتهليل في هذه العشر فقال: "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" أخرجه أحمد بسند صحيح.
ومن الصفات المشروعة في التكبير: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. قال في سبل السلام: وفي الشرع صفات كثيرة واستحسانات عن عدد من الأئمة، وهو يدل على التوسعة في الأمر، وإطلاق الآية يقتضي ذلك. اهـ. يعني قوله -تعالى-: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ).اهـ.
فأحيوا هذه السنة، وليكن لكم في سلف الأمة أسوة، فقد أخرج البخاري في صحيحه -معلقاً مجزوماً به- أن ابن عمر وأبا هريرة -رضي الله عنهما- كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما.
والمراد أنهما يذكران الناس فيتذكرون ويذكرون، ولا يعني التكبير بصوت واحدٍ جماعي، فهذا غير مشروع، قال ابن الحاج في المدخل: قد مضت السنة أن كل واحد يكبر لنفسه ولا يمشي على صوت غيره، فإن ذلك من البدع، وفيه خرق حرمة المسجد والمصلى، برفع الأصوات والتشويش على من به من العابدين والتالين والذاكرين. اهـ.
أيها المؤمنون: قال أهل العلم: والتكبير مطلق ومقيد، فالمقيد عقيب الصلوات، والمطلق في كل حال في الأسواق، وفي كل زمان.
وإذا كان التكبير المطلق يبدأ من دخول العشر، فإن المقيد -عقب الصلوات المكتوبة - يبدأ من فجر يوم عرفة إلى نهاية أيام التشريق، ومع أن الحافظ ابن حجر -يرحمه الله- قال: ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديث، وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى. اهـ.
إلا أن شيخ الإسلام ابن تيمية قال: أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف الفقهاء من الصحابة والأئمة أن يكبر من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، عقب كلِّ صلاة. اهـ. وقال ابن كثير: وهذا أشهر الأقوال وعليه العمل. اهـ.
وهناك من العلماء من يرى أن التكبير أيام التشريق ليس مقيداً بأدبار الصلوات، بل هو مطلق في سائر الأحوال.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
إخوة الإسلام: يوم عرفة يوم عظيم فاضلٌ من أيام الله، يومٌ أكمل الله فيه الدين، وأتم النعمة فيه على المسلمين، حيث أنزل فيه قوله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً) [المائدة:3]، فيه يكثر العتق من النار، وفيه يكفر الله الخطايا والآثام، عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من يوم أكثر من أن يُعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟" رواه مسلم. قال ابن عبد البر: وهذا يدل على أنهم مغفور لهم، لأنه لا يُباهي بأهل الخطايا إلا بعد التوبة والغفران. والله أعلم.
ومن فضائل يوم عرفة خيرية الدعاء فيه، وله فيه مزية على غيره، حتى قال -عليه الصلاة والسلام-: "خير الدعاء دعاءُ يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" أخرجه مالك والترمذي والبيهقي وحسنه. قال ابن عبد البر -معلقاً على هذا الحديث-: وفيه من الفقه أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره، وفي ذلك دليلٌ على فضل يوم عرفة على غيره... وفي الحديث -أيضاً- دليلٌ على أن دعاء يوم عرفة مجابٌ في الأغلب. اهـ.
إخوة الإسلام: لا يُظن أن هذه الأفضلية بيوم عرفة خاصة بالحجاج، فالدعاء للحجاج وغيرهم، بل ورد ما يخص غير الحجاج في يوم عرفة، ألا وهو الصيام الذي ورد في فضله "يكفر السنة الماضية والسنة القابلة" رواه مسلم.
فإذا اجتمع أفضلية اليوم، وكان المرء صائماً، كان الداعي حريًّا بالإجابة، فاحرصوا على صيام هذا اليوم، واحرصوا فيه على الدعاء، وشاركوا الحجاج في دعائهم وابتهالهم، عسى اللهُ أن يتقبل منكم ويغفر ذنوبكم.
أيها المسلمون: كما تحرصون على استثمار هذه الأيام الفاضلة بالأعمال الصالحة، فاحذروا المعاصي، وبادروا بالتوبة النصوح، وللتوبة في الأزمنة الفاضلة شأن عظيم، وإن كان باب التوبة مفتوحاً على الدوام.
وإذا كان العقل السليم ينفر من المعاصي على الدوام فنفرته منها في وقت المواسم والفضائل أشد، وقد ذكر بعض أهل العلم تغليظ عقوبة المعصية في الأيام المباركة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية وقد سئل عن إثم المعصية وحدِّ الزنا هل تزاد في الأيام المباركة أم لا؟ فأجاب: نعم، المعاصي في الأيام المفضلة والأمكنة المفضلة تغلظ، وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان. اهـ.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) [الحج:30]. نفعني الله وإياكم بهدي كتابه.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، فضَّل الشهور والأيام، وأسبغ على الخلق من آلائه ونعمه ما يشهد به أولو البصائر والأفهام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل من صلى وحج وصام، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر المرسلين.
أيها المسلمون: كما هي فاضلة أيام العشر كلها، ويوم عرفة على الخصوص، فثمة يومٌ فاضل من أيام الله، إنه يوم الحجِّ الأكبر، يوم النحر، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يوم الحج الأكبر يوم النحر" أخرجه أبو داود وابن ماجة بسند صحيح والبخاري معلقا.
وهو أفضل أيام العام؛ لحديث عبد الله بن قرط -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أعظم الأيام عند الله -تعالى- يوم النحر ثم يوم القرِّ" أخرجه أبو داود بإسناد جيد.
وبهذا كان يفتي شيخ الإسلام ابن تيمية -يرحمه الله-، وقد سئل عن يوم الجمعة ويومِ النحر: أيهما أفضل؟ فأجاب: يومُ الجمعة أفضلُ أيام الأسبوع، ويوم النحر أفضل أيام العام، ووافقه ابن القيم فقال: وغير هذا الجواب لا يسلم صاحبه من الاعتراض الذي لا حيلة له في دفعه. اهـ ، ولقد فضل العلماء عيد النحر على عيد الفطر.
إخوة الإسلام: إذا عُلِمَ فضل هذا اليوم -أعني عيد الأضحى- أفيسوغ التكاسل فيه عن الطاعة؟ أيسوغ فيه اللهو المحرم في الملة؟ إن بعض الناس يتزاحمون في حضور صلاة العيد وهي سنة مؤكدة لا ينبغي على مسلمٍ قادرٍ تركُها، ومن أهل العلم من يرى وجوبها كابن تيمية وابن القيم، قال ابن تيمية: وقول من قال: لا تجب. في غاية البعد، فإنها من أعظمِ شعائر الإسلام، والناس يجتمعون لها أعظم من الجمعة وقد شرع فيها التكبير، وقول من قال: هي فرض على الكفاية لا ينضبط. وقال ابن القيم عن وجوبها: وهذا هو الصحيح في الدليل.
وهناك غيرهم قال بالوجوب، واستدل العلامةُ صديق حسن خان على وجوب صلاة العيدين بأنها مسقطة للجمعة إذا اتفقتا في يومٍ واحد، وما ليس بواجب لا يُسقط ما كان واجباً.
يا أخا الإسلام: إذا كان رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- أمر النساء العواتق وذوات الخدور والحيض -مع اعتزالهن للصلاة- بالخروج لصلاة العيدين، أفيليق بك أن تتأخر عنها؟ أو تترك أهلك وأولادك عن حضورها مع المسلمين؟ إنها أعيادنا المشروعة في الإسلام: عيد الفطر وعيد الأضحى، يُعظم فيها ذكر الله، ويجتمع المسلمون، توحدهم رابطة العقيدة وإن اختلفت بلادهم، أو تعددت لغاتهم، أو تباينت ألوانهم.
وإذا لزم إظهارُ هذه الشعيرة في كلِّ حال، فهي في حال ضعف المسلمين وهوانِهم أحرى وأولى، وكم فيها من غيظ للأعداء! وكم في اجتماع المسلمين بشكل عام من قوة ترهب الأعداء! لو عقل المسلمون قيمة اجتماعهم وتوحدت قلوبهم كما اجتمعت أبدانهم.
أيها المسلم: السنة أن تتنظف وتتطيب وتلبس أحسن ثيابك لصلاة العيد، وأن تخرج إليها مبكراً، مُكبراً، وألا تأكل شيئاً في عيد الأضحى قبل الصلاة، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يطعمُ في عيد الأضحى حتى يرجع من الصلاة فيأكل من أضحيته.
عباد الله: الأضحية مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وقد اختلف العلماء هل هي واجبةٌ أم سنةٌ، والأكثرون على أنها سنة مؤكدة في حق الموسر، ومن أهل العلم من قال بوجوبها.
وقد جاء في فضلها ما يدعو إلى المسارعة والمسابقة فيها ابتغاء فضل الله، بل لقد جعل لكل أمة منسكاً ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام كما في آية الحج، قال ابن كثير -رحمه الله-: يخبر -تعالى- أنه لم يزل ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله مشروعاً في جميع الملل. اهـ.
أيها المسلمون: اختاروا أضاحيكم، وطيبوا بها نفساً، وكلما كانت أغلى وأكمل فهي أحب إلى الله، قال ابن تيمية -يرحمه الله-: والأجرُ في الأضحية على قدر القيمة مطلقاً.
وتحققوا من خلوها من العيوب المانعة للإجزاء، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أربعٌ لا تجوز في الأضاحي -وفي رواية: لا تجزئ- العوارء البيّن عورها، والمريضة البينُ مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكسيرة التي لا تُنْقي" أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي.
ويقاس على هذه العيوب ما كان مثلها أو أشد. قال الإمام النووي: وأجمعوا على أن العيوب الأربعة المذكورة لا تجزئ التضحية بها، وكذا ما كان في معناها أو أقبح منها كالعمى، وقطع الرجل وشبهه.
يا أيها المؤمنون: قال العلماءُ: والأصل في الأضحية أنها مشروعة في حقّ الأحياء، أما عن الأموات فهي على ثلاثة أقسام: الأول أن يضحي عنهم تبعاً للأحياء بأن يشركوا مع الأحياء في ثوابها، كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنه وعن أهل بيته، ومنهم من مات قبله، الثاني: التضحية عن الأموات بمقتضى وصاياهم تنفيذاً لها، وقد قال -تعالى- عن الوصية: (فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) [البقرة:181]، الثالث: أن نضحي عن الأموات تبرعاً مستقلين على الأحياء، فهذه جائزة كذلك.
ولكن، قال بعض أهل العلم: لا نرى أن تخصيص الميت بالأضحية من السنة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يضح عن أحد من أمواته بخصوصه، ولم يرد عن أحدٍ من أصحابه في عهده أن أحداً منهم ضحى عن أحد من أمواته، ومن الخطأ -أيضاً- ما يفعله بعض الناس ممن يضحون عن الميت أول سنة يموت فيها أضحية يسمونها (أضحية المقرة)، أو يضحون عن أمواتهم تبرعاً ولا يضحون عن أنفسهم، وأضحية الرجل تكفي عنه وعن أهل بيته، الأحياء والأموات، وذلك من فضل الله ورحمته.
عباد الله: سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض، وتعرضوا لنفحات الله في هذه الأيام الفاضلة، فإن الثواء قليل، والرحيل قريب، والطريق مخوف، والاغترار غالب، والخطر عظيم، والناقد بصير، وربك بالمرصاد، ولا يظلم ربك أحداً، (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) [الزلزلة:7-8].
اللهم اسلك بنا طريق المتقين الأبرار، وأعذنا من خزي الدنيا وعذاب النار، وتقبل منا واغفر لنا يا كريم يا غفار.
هذا وصلوا...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم