أم
2022-10-12 - 1444/03/16التعريف
الأم لغةً: أم الشيء أصله، والأم: الوالدة (انظر: الصحاح، الجوهري:٥-١٨٦٣).
الأم اصطلاحًا: اسم لكل أنثى لها عليك ولادة، فيدخل في ذلك الأم الدنيا ومن فوقها وإن علون (الجامع لأحكام القرآن، القرطبي:٥-١٠٨).
العناصر
1- منزلة الأم ومكانتها في الإسلام
2- تضحيات الأم وبذلها لأولادها
3- فضل الإحسان إلى الأم والبر بها
4- عظم حق الأم وجميل إحسانها
5- وسائل بر الأم بعد موتها
6- صور من بر السلف والصالحين بأمهاتهم
7- التحذير من عقوق الأمهات
الايات
1- قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ)[سورة البقرة:83].
2- قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)[البقرة:215].
3- قال تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ)[النساء:11].
4- قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) إلى قوله: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ)[النساء:23].
5- قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً )[النساء:36].
6- قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)[النساء:135]
7- قوله تعالى: (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ)[المائدة: 75].
8- قوله تعالى: (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا) [الأنعام:92]
9- قوله تعالى: (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقَّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)[الأنعام:151].
10- قوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ)[الأعراف:27].
11- قوله تعالى: (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي) [الأعراف:150]
12- قال الله تعالى: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ)[إبراهيم:41].
13- قال الله تعالى: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً)[النحل:72].
14- قال الله تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا)[النحل: 78]
15- قوله تعالى: (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلَّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبَّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً)[الإسراء:23- 24].
16- قوله تعالى: (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا) [الكهف:80-81].
17- قال الله تعالى: (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا * وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا * وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا)[مريم:12-15].
18- قوله تعالى: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً) [مريم:31-32].
19- قوله تعالى: (قَالَ يَا ابْنَ أُمّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) [طه:94].
20- قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ)[المؤمنون:50].
21- قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ)[النور:61].
22- قوله تعالى: (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[القصص:12-13].
23- قوله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهلِكَ القُرَى حَتَّى يَبعَثَ في أُمِّهَا رَسُولاً يَتلُو عَلَيهِم آيَاتِنَا)[القصص:59]
24- قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبَّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )[لقمان:14-15].
25- قوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ)[الْأَحْزَابِ4].
26- قوله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)[الْأَحْزَابِ: 6].
27- قوله تعالى: (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ) [الزمر:6].
28- قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبَّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرَّيَّتِي إِنَّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنَّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيَّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصَّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ)[الأحقاف:15-16].
29- قوله تعالى: (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)[النجم: 32]
30- قوله تعالى: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ)[المجادلة:2]
31- قوله تعالى: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)[نوح:28].
32- قوله تعالى: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ)[عبس:34-35].
33- قوله تعالى: (فَأُمُّهُ هَاوِیَةࣱ)[القارعة:٩]
الاحاديث
1- عن عبد اللّه بن مسعود -رضي اللّه عنه- قال: سألت النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-: أيّ العمل أحبّ إلى اللّه عزّ وجلّ؟ قال: "الصّلاة على وقتها". قال: ثمّ أيّ؟ قال: "برّ الوالدين". قال: ثمّ أيّ؟ قال: "الجهاد في سبيل اللّه"(رواه البخاري:5970، ومسلم:85، واللفظ له).
2- عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر فأووا إلى غار فانطبق عليهم فقال بعضهم لبعض إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه فقال واحد منهم: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي فأبطأت عليهما ليلة فجئت وقد رقدا وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أدعهما فيستكنا لشربتهما فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساحت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء ..." إلى أن قال صلى الله عليه وسلم: "ففرج الله عنهم فخرجوا"(أخرجه البخاري رقم 3465).
3- عن بريدة بن الحصيب - رضي الله عنه - قال: بينا أنا جالس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ أتته امرأة، فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية، وإنها ماتت، فقال: "وجب أجرك، وردها عليك الميراث". قالت: يا رسول الله، إنها كان عليها صوم شهر، أفأصوم عنها ؟ قال: "صومي عنها"، قالت: إنها لم تحج قط، أفأحج عنها ؟ قال: "حجي عنها" وفي رواية: صوم شهرين. (أخرجه مسلم:1149).
4- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من سره أن يمد له في عمره، ويزاد في رزقه، فليبر والديه، وليصل رحمه"(رواه أحمد:13811، وصححه شعيب الأرناؤوط).
5- عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله من أحق بحسن صحابتي؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال:" أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أبوك"(رواه البخاري:5626).
6- عن أسماءَ بنتِ أَبي بكر الصديق -رضي الله عنهما-، قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشركةٌ في عَهْدِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فاسْتَفْتَيْتُ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-، قُلْتُ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أفَأصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: "نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ"(رواه البخاري3183، ومسلم:1003، واللفظ له).
7- عن أبي الدّرداء- رضي اللّه عنه- قال: إنّ رجلا أتاه، فقال: إنّ لي امرأة وإنّ أمّي تأمرني بطلاقها. فقال أبو الدّرداء: سمعت رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- يقول: "الوالد أوسط أبواب الجنّة فإن شئت فأضِع ذلك الباب أو احفظه"(أخرجه الترمذي:١٩٠٠، واللفظ له، وابن ماجه:٣٦٦٣، وأحمد:٢٧٥٥١، وصححه الألباني).
8- عن أَبي أُسَيد -بضم الهمزة وفتح السين- مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه، قَالَ: بينا نحن جلوس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ فقال: "نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما"(رواه أبو داود:5142، وابن ماجه:3664، وقال الإمام ابن باز في مجموع فتاواه (9-295): ثابت).
9- عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: جاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فاسْتَأْذَنَهُ في الجِهادِ، فَقالَ: "أحَيٌّ والِداكَ؟"، قالَ: نَعَمْ، قالَ: "فَفِيهِما فَجاهِدْ"(أخرجه البخاري:٣٠٠٤ واللفظ له، ومسلم:٢٥٤٩).
10- عن عبدالله بن عمرو-رضي الله عنهما- أقبل رجل إلى نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر من الله، قال: "فهل من والديك أحد حي؟" قال: نعم، بل كلاهما، قال: "فتبتغي الأجر من الله؟" قال: نعم، قال: "فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما"(رواه مسلم:٢٥٤٩).
11- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنَّ رجلًا هاجرَ إلى رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- منَ اليمَنِ فقالَ: "هل لَكَ أحدٌ باليمَنِ؟"، قالَ: أبوايَ، قالَ: أذنا لَكَ؟ قالَ: لا، قالَ: "ارجِع إليهما فاستأْذِنْهما، فإن أذنا لَكَ فجاهِدْ، وإلّا فبرَّهُما"(أخرجه أبو داود:٢٥٣٠، وصححه الألباني).
12- عن عبدالله بن عمرو-رضي الله عنهما- قال: جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقال: جِئتُ أُبايِعُك على الهِجرةِ وتركتُ أبويَّ يبكِيانِ فقال: "ارجِع إليهِما فأضْحِكْهُما كما أبكيْتَهُما"(أخرجه أبو داود:٢٥٢٨، والنسائي:٤١٦٣، وابن ماجه:٢٧٨٢، وأحمد:٦٨٦٩، وصححه الألباني في صحيح الترغيب:٢٤٨١).
13- عن معاوية بن جاهمة السلمي قال أنَّ جاهِمةَ جاءَ إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالَ: يا رسول الله، أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك؟ فقال: "هل لك من أم؟" قال: نعم، قال: "فالزمها فإن الجنة تحت رجليها"(رواه النسائي:٣١٠٤، وصححه الألباني).
14- عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد"(أخرجه الترمذي:١٨٩٩، والحاكم:٧٢٤٩، وحسنه الألباني بمجموع طرقه في السلسلة الصحيحة:٥١٦).
15- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاثُ دعواتٍ مُستجاباتٍ لا شكَّ فيهنَّ: دعوةُ الوالدِ، ودعوةُ المسافرِ، ودعوةُ المظلومِ"(أخرجه أبو داود:١٥٣٦ واللفظ له، والترمذي:١٩٠٥، وقال الألباني: حسن لغيره).
16- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يجزي ولد والدا، إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه"(رواه مسلم:1510).
17- عن أبي بردة -رضي الله عنه- قال: قدمت المدينة فأتاني عبد الله بن عمر فقال: أتدري لم أتيتك؟ قال: قلت: لا قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه بعده" وإنه كان بين أبي عمر وبين أبيك إخاء وود فأحببت أن أصل ذاك (رواه ابن حبان:٤٣٢، وصححه الألباني في صحيح الجامع:٥٩٦٠).
18- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له(أخرجه مسلم:1631).
19- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- أخا بني ساعدة توفيت أمه وهو غائب عنها، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إن أمي توفيت وأنا غائب عنها؛ فهل ينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟ قال: "نعم"، قال: فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها (أخرجه البخاري:٢٧٦٢).
20- عن المقدام بن معد يكرب الكندي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللَّهَ يوصيكم بأمَّهاتِكم ثلاثًا إنَّ اللَّهَ يوصيكم بآبائِكم إنَّ اللَّهَ يوصيكم بالأقربِ فالأقرب"(رواه ابن ماجه:٢٩٦٩، وصححه الألباني).
21- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "دخلتُ الجنةَ، فسمعتُ فيها قراءةً، فقلتُ: من هذا؟! قالوا: حارثةُ بنُ النعمانِ، كذلكم البرُّ؛ كذلكم البرُّ كان أبرَّ الناسِ بأمِّه"(أخرجه أحمد:٢٤١٢٦، والنسائي في السنن الكبرى:٨٢٣٣، وقال الألباني في (تخريج مشكاة المصابيح:٤٨٥٤): إسناده صحيح على شرط الشيخين).
22- عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: أوصاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتسع: "لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت أو حرقت ولا تتركن الصلاة المكتوبة متعمدا؛ ومن تركها متعمدا برئت منه الذمة، ولا تشربن الخمر؛ فإنها مفتاح كل شر، وأطع والديك وإن أمراك أن تخرج من دنياك؛ فاخرج لهما، ولا تنازعن ولاة الأمر وإن رأيت أنك أنت، ولا تفر من الزحف وإن هلكت وفر أصحابك، وأنفق من طولك على أهلك، ولا ترفع عصاك عن أهلك، وأخفهم في الله عز وجل"(رواه البخاري في الأدب المفرد:14، وحسنه الألباني).
23- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: أنى هذا؟ فيقال: باستغفار ولدك لك"(رواه ابن ماجه:٣-٢١٤، وحسنه الألباني).
24- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بينا نحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ طلع شاب من الثنية، فلما رأيناه رميناه بأبصارنا، فقلنا: لو أن هذا الشاب جعل شبابه ونشاطه وقوته في سبيل الله! فسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقالتنا فقال: "وما سبيل الله إلا من قتل؟! من سعى على والديه ففي سبيل الله، ومن سعى على عياله ففي سبيل الله ومن سعى على نفسه ليعفها فهو في سبيل الله، ومن سعى مكاثرا ففي سبيل الطاغوت"(أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط:٤٢١٤، وأبو نعيم في حلية الأولياء:٦-١٩٦، واللفظ له، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة:٥-٢٧٢: إسناده جيد).
25- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: جاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَها، فأطْعَمْتُها ثَلاثَ تَمَراتٍ، فأعْطَتْ كُلَّ واحِدَةٍ منهما تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إلى فِيها تَمْرَةً لِتَأْكُلَها، فاسْتَطْعَمَتْها ابْنَتاها، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتي كانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَها بيْنَهُما، فأعْجَبَنِي شَأْنُها، فَذَكَرْتُ الذي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقالَ: "إنَّ اللَّهَ قدْ أَوْجَبَ لَها بها الجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَها بها مِنَ النّارِ"(رواه مسلم:٢٦٣٠).
26- عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ علَيْكُم عُقُوقَ الأُمَّهاتِ، ومَنْعًا وهاتِ، ووَأْدَ البَناتِ، وكَرِهَ لَكُمْ: قيلَ وقالَ، وكَثْرَةَ السُّؤالِ، وإضاعَةَ المالِ"(رواه البخاري:٥٩٧٥).
الاثار
1- قال ابن عيينة: "من صلَّى الصلوات الخمس فقد شكر الله، ومن دعا للوالدين في إدبار الصلوات فقد شكر لهما"(تطريز رياض الصالحين ص224).
2- قال مكحول: "بر الوالدين كفارة للكبائر"(بهجة المجالس وأنس المجالس ابن عبد البر (1/161).
3- قال محمد بن المنكدر: "بت أغمز رجل أمّي، وبات عمي يصلي ليلته، فما تسرني ليلته بليلتي"(بهجة المجالس وأنس المجالس ابن عبد البر:1-161).
4- عن ابن عباس أنه قال: "إنما ردَّ الله عقوبة سليمان بن داود عن الهدهد لبره كان بأمه"(بهجة المجالس وأنس المجالس ابن عبد البر:1-162).
5- رأى أبو هريرة رجلا يمشي خلف رجل، فقال: من هذا ؟ فقال: أبي. قال: لا تدعه باسمه ولا تجلس قبله، ولا تمش أمامه. مكتوب في كتب الله عز وجل: "لا تقطع ما كان أبوك يصله فيطفأ نورك" قال كعب: مكتوبٌ في التوراة "اتق ربك، وبرّ والديك، وصل رحمك، يمدّ لك في عمرك، وييسِّر لك يسرك، ويصرف عنك عسرك"(بهجة المجالس وأنس المجالس ابن عبد البر:1-162).
6- قيل للحسن: ما برِ الوالدين؟ فقال: "تبذل لهما ما ملكت، وتطيعهما فيما أمراك، ما لم يكن معصية"(رواه عبدالرزاق في مصنفه:5-176، رقم: 9288).
7- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "رجلان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانا أبر من كان في هذه الأمة بأمهما"، فيقال لها: من هما؟ فتقول: "عثمان بن عفان، وحارثة بن النعمان -رضي الله عنهما-، فأما عثمان فإنه قال: ما قدرت أن أتأمل أمي منذ أسلمت، وأما حارثة فإنه كان يفلي رأس أمه ويطعمها بيده، ولم يستفهمها كلاما قط تأمر به حتى يسأل من عندها بعد أن تخرج: ما قالت أمي؟"(مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا:1-75).
8- قال معاوية بن إسحاق عن عروة بن الزبير -رحمهم الله ورضي عنهم- أنه قال: "ما برَّ والده من شدَّ الطرف إليه"(راه ابن أبي شيبة في مصنفه:5-219).
9- قال الحسن البصري -رحمه الله- لرجل: "تعشَّ العشاء مع أمك تقرُّ به عينُها أحبُّ إليّ من حجة تطوُّعاً"(الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع؛ للخطيب البغدادي:2-234).
القصص
1- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة عيسى ابن مريم، وصاحب جريج، وكان جريج رجلا عابدا، فاتخذ صومعة، فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي، فقالت: يا جريج فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت: يا جريج فقال: أي رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات، فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننه لكم، قال: فتعرضت له، فلم يلتفت إليها، فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته، فأمكنته من نفسها، فوقع عليها فحملت، فلما ولدت قالت: هو من جريج، فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيت بهذه البغي، فولدت منك، فقال: أين الصبي؟ فجاؤوا به، فقال: دعوني حتى أصلي، فصلى، فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه، وقال: يا غلام من أبوك؟ قال: فلان الراعي، قال: فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به، وقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب، قال: لا، أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا.. الحديث"(أخرجه البخاري:٣٤٣٦، ومسلم:٢٥٥٠، واللفظ له).
2- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون، إذ أصابهم مطر، فأووا إلى غار فانطبق عليهم، فقال بعضهم لبعض: إنه والله يا هؤلاء، لا ينجيكم إلا الصدق، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه، .." إلى أن قال: "فقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران، فكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي، فأبطأت عليهما ليلة، فجئت وقد رقدا وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع، فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي فكرهت أن أوقظهما، وكرهت أن أدعهما، فيستكنا لشربتهما، فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا، فانساحت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء.. الحديث"(رواه البخاري:3465).
3- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أكره، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، قلت يا رسول الله، إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم اهد أم أبي هريرة"، فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما جئت فصرت إلى الباب، فإذا هو مجاف، فسمعَتْ أمي خشف قدمي، فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة الماء، قال: فاغتسلت ولبست درعها، وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب، ثم قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قال: فرجعت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأتيته وأنا أبكي من الفرح. قال: قلت: يا رسول الله، أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة، فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا، قال قلت: يا رسول الله، ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم حبب عبيدك هذا -يعني أبا هريرة- وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين"؛ فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني (رواه مسلم:٢٤٩١).
4- عن هشام قال: كانت حفصة تترحم على هذيل وتقول: كان يعمد إلى القصب فيقشره ويجففه في الصيف، لئلا يكون له دخان، فإذا كان الشتاء جاء حتى قعد خلفي وأنا أصلي، فيوقد وقوداً رفيقاً ينالني حره ولا يؤذيني دخانه، وكنت أقول له: يا بني، الليلة اذهب إلى أهلك، فيقول: يا أماه أنا أعلم ما يريدون، فأدعه فربما كان ذلك حتى يصبح. وكان يبعث إلي بحلبة الغداة، فأقول: يا بني تعلم أني لا أشرب نهاراً فيقول: أطيب اللبن ما بات في الضرع، فلا أحب أن أؤثر عليك، فابعثي به إلى من أحببت. فمات هذيل، فوجدت عليه وجداً شديداً، وكنت أجد مع ذلك حرارة في صدري لا تكاد تسكن. قالت: فقمت ليلة أصلي، فاستفتحت النحل، فأتيت إلى قوله تعالى: (ما عِندَكُم يَنفَدُ وَما عِندَ اللَهِ باقٍ وَلنَجزِيَنَّ الَّذينَ صَبَروا أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلُون). فذهب عني ما كنت أجد (البر والصلة لابن الجوزي:87).
5- عن أنس بن النضر الأشجعي: استقت أم ابن مسعود ماء في بعض الليالي، فذهب فجاءها بشربة، فوجدها قد ذهب بها النوم، فثبت بالشربة عند رأسها حتى أصبح (بر الوالدين لابن الجوزي:5).
6- قال محمد بن سيرين: "بلغت النخلة على عهد عثمان -رضي الله عنه- ألف درهم، فعمد أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- إلى نخلة فاشتراها، فنقرها وأخرج جمّارها، فأطعمها أمه، فقالوا له: ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟! قال: إن أمي سألتني، ولا تسألني شيئًا أقدر عليه إلا أعطيتها".
7- عن ظبيان بن علي الثوري -وكان من أبر الناس بأمه- قال: لقد نامت لليلة وفي صدرها عليه شيء، فقام على رجليه يكره أن يوقظها، ويكره، أن يقعد، حتى إذا ضعف جاء غلامان من غلمانه، فما زال معتمداً عليهما حتى استيقظت. وكان يسافر بها إلى مكة، فإذا كان يوم حار حفر بئراً، ثم جاء بنطع فصب فيه الماء، ثم يقول لها: أدخلي تبردي في هذا الماء (انظر بر الوالدين ابن الجوزي:5-6).
8- جاء رجل إلى عمر -رضي الله عنه- فقال: "إن لي أماً بلغ بها الكبر، وإنها لا تقضي حاجتها إلا وظهري مطية لها، وأوضئها، وأصرف وجهي عنها؛ فهل أديت حقها؟ قال: "لا"، قال: أليس قد حملتها على ظهري، وحبست نفسي عليها؟ فقال عمر رضي الله عنه: "إنها كانت تصنع ذلك بك، وهي تتمنى بقاءك، وأنت تتمنى فراقها"(بر الوالدين المؤلف: ابن الجوزي:1-1).
9- جاء رجل إلى ابن عمر -رضي الله عنه- فقال: حملتُ أمي على رقبتي من خراسان حتى قضيت بها مناسك الحج أتراني جزيتها، قال: "لا، ولا طلقة من طلقاتها"(بر الوالدين لابن الجوزي:1-1).
10- عن أُسير بن عمرو ويقال ابن جابر قال: كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر حتى أتى على أويس - رضي الله عنه-، فقال له: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم، قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم، قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم، قال: لك والدة؟ قال نعم، قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن؛ من مراد، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره؛ فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل"، فاستغفِرْ لي، فاستغفَرَ له، فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحبَّ إليَّ، فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم فوافق عمر، فسأله عن أويس، فقال: تركتُه رثَّ البيت قليلَ المتاع، قال سمعت رسول الله - -صلى الله عليه وسلم-- يقول: "يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن؛ من مراد، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره؛ فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل" فأتى أويساً، فقال: استغفر لي، قال: أنت أحدث عهداً بسفر صالح فاستغفر لي؟ قال لي: لقيت عمر؟ قال: نعم فاستغفر له، ففطن له الناس، فانطلق على وجهه (رواه مسلم:6656).
11- عن أبي مُرَّة مولى أم هانئ بنت أبي طالب: "أنه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بـ "العقيق" فإذا دخل أرضه صاح بأعلى صوته عليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أماه، تقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول: يا بني! وأنت فجزاك الله خيرًا ورضي عنك كما بررتني كبيرًا"(رواه البخاري في الأدب المفرد:14، وحسنه الألباني).
12- عن أبي عبد الرحمن الحنفي قال: "رأى كهمس بنُ الحسن عقرباً في البيت فأراد أن يقتلها، أو يأخذها، فسبقته، فدخلت في جحر، فأدخل يده في الجحر ليأخذها، فجعلت تضر به، فقيل له ما أردت إلى هذا؟ قال: خفت أن تخرج من الجحر، فتجيء إلى أمي، فتلدغَها"(سير أعلام النبلاء:6-317).
13- قال هشام بن حسان: حدثتني حفصة بنت سيرين، قالت: "كانت والدة محمد بن سيرين حجازية، وكان يعجبها الصِّبغ، وكان محمد إذا اشترى لها ثوباً اشترى ألين ما يجد، فإذا كان عيد صبغ لها ثياباً، وما رأيته رافعاً صوته عليها، كان إذا كلمها كالمصغي"(سير أعلام النبلاء:8-195).
14- عن هشام بن حسام قال حدثني بعض آل سيرين قال: "ما رأيت محمد بن سيرين يكلم أمه قط إلا وهو يتضرع"(حلية الأولياء:2-273).
15- عن ابن عون "أن محمداً كان إذا كان عند أمه لو رآه رجل ظن أن به مرضاً من خفض كلامه عندها"(تهميش الوالدين في حياتنا إعداد: موسى الزهراني:1-74).
16- روى جعفر بن سليمان عن محمد بن المنكدر: "أنه كان يضع خدَّه على الأرض، ثم يقول لأمَّه: قومي ضعي قدمك على خدي"(حلية الأولياء:3-150).
17- قال الأصمعي: حدثني رجل من الأعراب قال: خرجت أطلب أعق الناس وأبر الناس، فكنت أطوف بالأحياء، حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبلٌ يستقي بدلو لا تطيقه الإبل، في الهاجرة والحر الشديد، وخلفه شابٌ في يده رشاءٌ -حبل- من قدٍّ ملويٍّ يَضْرِبُه بِهِ، وقد شقَّ ظهره بذلك الحبل. فقلت: أما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ أما يكفيه ما هو فيه من مد هذا الحبل حتى تضربه؟ قال: إنه مع هذا أبي، قلت: فلا جزاك الله خيراً. قال: اسكت فهكذا كان هو يصنع بأبيه، وكذا كان أبوه يصنع بجده، فقلت: هذا أعق الناس. ثم جُلْتُ حتى انتهيت إلى شاب وفي عنقه زبيل فيه شيخ كأنه فرخ، فكان يضعه بين يديه في كل ساعة فيزقه كما يُزَقُّ الفرخ، فقلت: ما هذا؟ قال: أبي وقد خرف، وأنا أكفله، قلت: هذا أبر العرب (تهميش الوالدين في حياتنا:1-75).
18- عن عطاء بن يسار عن ابن عباس -رضى الله عنهما- أنه أتاه رجل فقال: إني خطبت امرأة فأبت أن تنكحني وخطبها غيري فأحبت أن تنكحه فغرت عليها فقتلتها؛ فهل لي من توبة؟ قال: أمك حية؟ قال: لا، قال: تب إلى الله وتقرب إليه ما استطعت، فذهبت فسألت ابن عباس -رضي الله عنهما- لم سألت عن حياة أمه؟ فقال: إني لا أعلم عملاً أقرب إلى الله من بر الوالدة (رواه البخاري في الأدب المفرد:4، وصححه الألباني).
19- زين العابدين كان أبر الناس بأمه، وكان لا يأكل معها في صحفة واحدة، فقيل له: إنك أبرّ الناس ولسنا نراك تأكل معها في صحفة واحدة؟! فقال: "أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها، ولقد مضى بين أيدينا أقوام لا يعلو أحدهم بيته وأمه أسفله".
20- قالت عائشة -رضي الله عنها-: "كان رجلان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبرّ من كانا في هذه الأمة بأمهما: عثمان بن عفان، وحارثة بن النعمان -رضي الله عنهما-؛ فأما عثمان فإنه قال: ما قدرت أن أتأمل أمي منذ أسلمت. وأما حارثة فإنه كان يفلي رأس أمه ويطعمها بيده، ولم يستفهمها كلامًا قط تأمر به حتى يسأل من عندها بعد أن يخرج: ما أرادت أمي؟!"(مكارم الأخلاق؛ لابن أبي الدنيا:166).
الاشعار
1- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
عليك ببرّ الوالدين كليهما *** وبِرِّ ذوي القربى وبِرِّ الأباعد
ولا تصحبنَّ إلاَّ تقيّاً مهذباً *** عفيفاً ذكيّاً منجزاً للمواعد
وقارن إذا قارنت حُرَّاً مؤدباً *** فتى من بني الأحرار زين المشاهد
(برُّ الوالدين في ضوء السُّنَّة النَّبويّة الشَّريفة د. سعاد الخندقاويّ).
2- رحم الله من قال:
قَضَى اللهُ أنْ لا تَعْبُدوا غَيْرَهُ حَتْما *** فَيَا وَيْحَ شَخْصٍ غَيْرَ خَالِقِهِ أَمَّا
وَأَوْصَاكُمُو بالوَالِدَيْنِ فَبَالِغُوا *** بِبرِّهِمَا فَالأَجْرُ في ذَاكَ وَالرُّحْمَا
فَكَمْ بَذَلاَ مِن رَأْفَةٍ وَلَطَافَةٍ *** وَكَمْ مَنَحا وَقْتَ احْتِيَاجِكَ مِنْ نُعْمَا
وَأُمُّكَ كَمْ بَاتَتْ بِثِقْلِكَ تَشْتَكِيْ *** تُوَاصِلُ مِمَّا شَقَّها البُؤْسَ وَالغَمَّا
وَفي الوَضْعِ كَمْ قَاسَتْ وَعِنْدَ وِلاَدِهَا *** مُشِقًّا يُذِيْبُ الجِلْدَ وَاللَّحْمَ وَالعَظْمَا
وَكَمْ سَهِرَتْ وِجْدًا عَلَيْكَ جُفُونُها *** وَأَكْبَادُهَا لَهْفَاً بِجِمْرِ الأَسَا تَحْمَى
وَكَمْ غَسَّلَتْ عَنْكَ الأذَى بِيَمِيْنِهَا *** حُنُوًّا وَاشْفَاقَاً وَأَكْثَرَتِ الضَّمَّا
فَضَيَّعْتَهَا لمَّا أَسَنَّتْ جَهَالَةً *** وَضِقْتَ بِهَا ذَرْعَاً وَذَوَّقْتَهَا سُمَّا
وَبِتَّ قَرِيْرَ العَيْن رَيَّانَ نَاعِمًا *** مُكِبًّا على اللَّذَاتِ لا تَسْمَعُ اللَّوْمَا
وَأُمُّكَ في جُوعٍ شَدِيْدٍ وَغُرْبَةٍ *** تَلِيْنُ لها مِمَّا بِهَا الصَّخْرَةُ الصَّمَا
أَهَذَا جَزَاهَا بَعْدَ طُوْلِ عَنَائِهَا *** لأَنْتَ لَذُو جَهْلٍ وَأَنْتَ إِذًا أَعْمَى
(مجموعة القصائد الزهديات؛ للسلمان:452-453).
3- يقول الشاعر:
لأُمِـكَ حَـقُّ لو عَلِمْـتَ كبيـرُ *** كثيـرُكَ يا هـذا لديْـهِ يسِيـرُ
فَكَمْ ليْلةٍ باتَـتْ بثِقَـلِكَ تشْتـكِي *** لهـا مِنْ جَواهَـا أنَّـةٌ وزَفيـرُ
وفي الوْضْعِ لا تَدْري علَيْها مشَقَّةٌ *** فَمِـنْ غُصَصٍ مِنْها الفُؤادُ يَطِيرُ
وكَمْ غَسَّلْتْ عنْكَ الأذَى بِيَمِينِهـا *** ومَا حِجْرُهـا إلاَّ لدَيْـكَ سَريـرُ
وتُفَدِّيكَ مِمَّا تَشْتكيـهِ بِنفْسِهـا *** ومِنْ ثَدْيها شَرابٌ لَدَيْكَ نَمِير
وكَمْ مَرَّةٍ جَاعَتْ وأعْطَتكَ قُوتَها *** حُنُـوّاً وإشْفَاقًا وأنْتَ صَغيرُ
فَضَيَّعْتها لمَّـا أسَـأْتَ جَهَالـةً *** وطَالَ عَليْكَ الأمْرُ وهوَ قَصِيرُ
فَـآهٍ لِذِي عَقْـلٍ ويَتَّبِعُ الهـوى *** وآهٍ لأعْمَى القَلْبِ وهوَ بَصيرُ
فَدُونَكَ فَارْغَبْ في عَمِيمِ دُعاءِها *** فَأنتَ لَمَا تَدْعُـو إليـهِ فقِيرُ
(روح المعاني للألوسي:21-86).
4- رحم الله من قال:
فلا تُطِعْ زَوْجَةً في قَطْعِ وَالِدَةٍ *** عليكَ يَا ابْنَ أَخِيْ قَدْ أَفْنَتِ العُمُرَا
فَكَيْفَ تُنْكِرُ أُمَّا ثُقْلُكَ احْتَمَلَتْ *** وَقَدْ تَمَرَّغْتَ في أَحْشَائِهَا شُهُرَا
وَعَالَجَتْ بكَ أَوْجَاعَ النِّفَاسِ وَكَمْ *** سُرَّتْ لمَّا وَلَدَتْ مَوْلُودَهَا ذَكَرَا
وَأَرْضَعَتْكَ إلى حَوْلَيْنِ مُكْمَلَةً *** في حَجْرِهَا تَسْتَقِي من ثَدْيِهَا الدُّرَرَا
وَمِنْكَ يُنْجِسُهَا ما أَنْتَ رَاضِعُهُ *** مِنْهَا وَلاَ تَشْتَكِي نَتْنًا وَلاَ قَذَرَا
وَقُلْ هُوْ اللهُ بالآلاَفِ تَقْرَؤُهَا *** خَوْفًا عَلَيْكَ وَتُرْخِي دُوْنَكَ السُّتُرا
وَعَامَلَتْكَ بإحْسَانٍ وَتَرْبِيَةٍ *** حَتَّى اسْتَويْتَ وَحَتَّى صِرْتَ كَيْفَ تَرَى
فَلاَ تُفَضِّلْ عَلَيْهَا زَوْجَةً أَبَدًا *** وَلاَ تَدَعْ قَلْبَهَا بالقَهْرِ مُنْكَسِرَا
وَالوَالِدُ الأَصْلُ لا تُنِكِرْ لِتَرْبِيَةٍ *** وَاحْفَظْهُ لا سِيَّما إِنْ أَدْرَكَ الكِبَرَا
فَمَا تُؤَدِّي لَهُ حَقًّا عَلَيْكَ وَلَوْ *** عَلَى عُيُونِكَ حَجَّ البَيْتَ وَاعْتَمَرا
(مجموعة القصائد الزهديات للسلمان:1-453).
5- لقد أحسن من قال:
زُر والِديكَ وقِف على قبريهما *** فكأنني بك قد نُقلتَ إليهما
لو كنتَ حيث هما وكانا بالبقا *** زاراكَ حبْوًا لا على قدميهما
ما كان ذنبهما إليك فطالما *** مَنَحاكَ نفْسَ الوِدّ من نفْسَيْهِما
كانا إذا سمِعا أنينَك أسبلا *** دمعيهما أسفًا على خدّيهما
وتمنيّا لو صادفا بك راحةً *** بجميعِ ما يَحويهِ مُلكُ يديهما
فنسيْتَ حقّهما عشيّةَ أُسكِنا *** تحت الثرى وسكنتَ في داريهما
فلتلحقّنهما غدًا أو بعدَهُ *** حتمًا كما لحِقا هما أبويهما
ولتندمّنَّ على فِعالِك مثلما *** ندِما هما ندمًا على فعليهما
بُشراكَ لو قدّمتَ فِعلا صالحًا *** وقضيتَ بعضَ الحقّ من حقّيهما
وقرأتَ من آيِ الكِتاب بقدرِ ما *** تسطيعُهُ وبعثتَ ذاكَ إليهما
فاحفظ حُفظتَ وصيّتي واعمل بها *** فعسى تنال الفوزَ من بِرّيهما
(تفسير روح البيان لإسماعيل حقي الخلوتي:9-203).
6- سار الرجل البار تمتطيه أمه نحو البيت الحرام، فطاف بالبيت سبعاً، وهو يقول:
إني لها مطــيةٌ لا تُذْعرُ *** إذا الركاب نفرتْ لا تنفِرُ
ما حملتْ وأرضعتني أكثرُ *** اللهُ ربي ذو الجلال الأكبرُ
7- قال أحدهم على لسان الأم:
على الأكتـاف تحمل والأيـادي *** وحبك في الضلوع وفي الفؤاد
فـأي بشـائـر حلـت علينـا *** كما حل الربيع على البوادي
لـك البسمـات سـاحرة تغنِّي *** وتنسيـنِي مرارات البعـاد
فنم ولـدي بِمهـدك فِي هنـاء *** وداعب طيف أحلام الرقـاد
وإن حـل الظـلام بِجـانحيـه *** وأرخى ظلـه فِي كـل واد
ونـام الـخلق في أمـنٍ جميعـًا *** فقلبي سـاهر عنـد المهـاد
8- قال أحدهم:
أَطِعِ الْإِلَهَ كَمَـا أَمَـرْ *** وَامْلَأْ فُؤَادَكَ بِالْحَذَرْ
وَأَطِـعْ أَبَـاكَ فَـإِنَّهُ *** رَبَّاكَ فِي عَهْدِ الصِّغَرْ
وَاخْضَعْ لِأُمِّكَ وَارْضِهَا *** فَعُقُوقُهَا إِحْدَى الْكُبَرْ
9- صدق الشاعر حين وصف حنان قلب الأم بمقطوعة شعرية فقال:
أغرى امرؤ يومًـا غلامًـا جاهلاً *** بنقوده كيمـا يَحيـق به الضرر
قـال ائتني بفؤاد أمـك يـا فتى *** ولـك الجواهر والدراهم والدرر
فأتـى فأغرز خنجـرًا في قلبهـا *** والقلب أخرجـه وعاد على الأثر
ولـكنه من فرط سرعتـه هوَى *** فتدحرج القلـب المعفّـر بالأثـر
نـاداه قلب الأم وهـو معفّـر: *** ولدي حبيبي هل أصابك من ضرَر
الحكم
1- قال أحد الحكماء: "من عقَّ والديه عقه ولده"(المستطرف في كل فن مستظرف للأبشيهي:2-20).
2- قال محمد بن علىٌّ بن حسن لابنه جعفر: إن خير الأبناء من لم يدْعُه البرُّ إلى الإفراط، ولم يدْعُه التقصير إلى العقوق"(بهجة المجالس؛ لابن عبد البر:1-163).
3- "من برَّ آباءه برَّه أبناؤه"(متن رسالة القيرواني لأبي زيد القيرواني:1-107).
متفرقات
1- قال الشيخ أبو بكر الطرطوشي في كتاب بر الوالدين: لا طاعة لهما في ترك سنة راتبة؛ كحضور الجماعات، وترك ركعتي الفجر والوتر ونحو ذلك، إذا سألاه ترك ذلك على الدوام، بخلاف ما لو دعواه لأول وقت الصلاة وجبت طاعتهما، وإن فاتته فضيلة أول الوقت (هدية العارفين من كشف الظنون لإسماعيل باشا البغدادي:85. وانظر مطالب أولي النهى:2-513، والمغني لابن قدامة:8-359).
2- قال القاضي عياض في معرض حديثه عن برّ الوالدين: "إنَّ أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنّة ونيل درجاتها العالية مطاوعة الوالد، ومُراعاة جانبه"(برُّ الوالدين في ضوء السُّنَّة النَّبويّة الشَّريفة د. سعاد سليمان إدريس الخندقاويّ:1-9).
3- قال ابن بطال -رحمه الله-: "وهذا إنما يكون في وقت قوة الإسلام وغلبه أهله للعدو ، وإذا كان الجهاد من فروض الكفاية ، فأما إذا قوى أهل الشرك وضعف المسلمون ، فالجهاد متعين على كل نفس ، ولا يجوز التخلف عنه وإن منع منه الأبوان . وقال ابن المنذر: في هذا الحديث أن النهى عن الخروج بغير إذن الأبوين ما لم يقع النفير، فإذا وقع وجب الخروج على الجميع"(شرح ابن بطال على البخاري:9-191).
4- قال القرطبي -رحمه الله-: "دعوة الوالد على ولده لا تصدر منه مع ما يعلم من حنته عليه وشفقته، إلا عند تكامل عجزه عنه، وصدق ضرورته؛ وإياسه عن بر ولده، مع وجود أذيته، فيسرع الحق إلى إجابته"(تفسير القرطبي:13-224).
5- قال النووي -رحمه الله-: "أجمع المسلمون على أن الصدقة عن الميت تنفعه وتصله"(شرح مسلم للنووي:4-91).
6- وقال أيضاً: "الصدقة عن الميت تنفع الميت ويصله ثوابها بإجماع العلماء ، وكذا أجمعوا على وصول الدعاء وقضاء الدين بالنصوص الواردة في الجميع"(المجموع شرح المهذب:5-286).
7- قال أبو الليث السمرقندي: "لَوْ لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ -تَعَالَى- فِي كِتَابِهِ حُرْمَةَ الْوَالِدَيْنِ وَلَمْ يُوصِ بِهِمَا لَكَانَ يُعْرَفُ بِالْعَقْلِ أَنَّ حُرْمَتَهُمَا وَاجِبَةٌ, وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَعْرِفَ حُرْمَتَهُمَا، وَيَقْضِيَ حَقَّهُمَا, فَكَيْفَ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ ذلك فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقَانِ, وَقَدْ أَمَرَ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ، وَأَوْحَى إلَى جَمِيعِ رُسُلِهِ، وَأَوْصَاهُمْ بِحُرْمَةِ الْوَالِدَيْنِ، وَمَعْرِفَةِ حَقِّهِمَا, وَجَعَلَ رِضَاهُ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ وَسَخَطَهُ فِي سَخَطِهِمَا"(تنبيه الغافلين في الموعظة بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين:63)
قال العلامة محمد العثيمين: "اعلموا أن ما يتصف به الناس من الأخلاق على وجهين: فأخلاق فاضلة شريفة حث الدين عليها، وأمر بها، وأخلاق رذيلة سافلة حذر عنها، وزهد بها ألا وإن من الأخلاق الفاضلة بر الوالدين بالإحسان إليهما قولا وفعلا في الحياة، وبعد الممات ألا وإن من برهما بعد الموت الدعاء لهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ وصيتهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما"(الضياء اللامع من الخطب الجوامع:1-237).
8- يقول الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني: "توحيد الله في الاسم يوجب على العبد أن يراعي في تعامله مع ربه الحرص على أنواع البر؛ فيفعل الخيرات ويجتنب المنكرات، ولا يجعل همه فيما لا يعود عليه وعلى الآخرين بالنفع، قال تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيَّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبَّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرَّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)[البقرة:177]، وكذلك يتعامل مع الآخرين بحسن الخلق وصفاء النية وهذا من أعظم البر، روى مسلم من حديث النواس - رضي الله عنه - أنه قال: سألت رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عن البر والإثم، فقال: "الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ"(رواه مسلم:2553).
ومن أعظم البر أيضا بر الوالدين؛ كما قال تعالى عن يحيا - عليه السلام -: ( وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً )[مريم:14]، وعند البخاري من حديث أَبِى هريرة - رضي الله عنه - قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: " أُمُّكَ " قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " أُمُّكَ "، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " أُمُّكَ "، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " ثُمَّ أَبُوكَ "(رواه البخاري:5626)"(أسماء الله الحسنى في الكتاب والسنة د. الرضواني:3-79).
الإحالات
1- من وصايا الرسول -صلى الله عليه وسلم-.. بر الوالدين؛ لسيد مبارك.
2- فقه التعامل مع الوالدين؛ لمصطفى العدوي.
3- من معالم الهدي القرآني في بر الوالدين؛ د. سليمان الصادق البيرة.
4- طاعة الوالدين متى تجب على الأبناء ومتى لا تجب؟؛ الأمين الحاج محمد أحمد.