عناصر الخطبة
1/النساء شقائق الرجال 2/أنواع النسوان في آخر الزمان 3/كثرة النسوان في آخر الزمان 4/المرأة في الإسلام ملكة في بيتها 5/بعض صفات النساء الفاسقات في آخر الزمان والوعيد المترتب على ذلك 6/بعض صفات النساء الصالحات والثواب المترتب على ذلك 7/الوصية بالنساءاقتباس
المرأةُ مَلِكَةٌ في بيتها، تَحضنُ أولادَها، وتُرضعُهم الحبَّ الحنانَ مع لبنها، وتسهَرُ على راحتِهم، واليوم؛ أصبحت المرأة خرَّاجةً ولاّجة، بسببٍ وبلا سبب، بل لو خرج الرجل باحثا عن عمل يفاجأ بأنه محروم؛ لأنَّ زوجتَه موظفة، أو أخذت وظيفته امرأة، فجلس كثيرٌ من الرجال في...
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ لله، نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب: 70 - 71].
أما بعد:
فإن خيرَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمَّدٍ -صلى الله عليه وآله وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
اعلموا -عبادا الله- أننا في هذه الدنيا نعيش في مجتمعاتٍ مكونةً من الرجال والنساء، فهل النساء أنقص حقا من الرجال؟ أبداً! وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ" [أبو داود: 236، والترمذي: 113، الصحيحة: 2863].
وعَلِم صلى الله عليه وسلم: أن بعض الرجال سينتقص من حقوق النساء، فأوصى بهن قائلا: "وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا" [البخاري: 3331، ومسلم: 1468، واللفظ له].
وهذا عندنا نحن المسلمين كلَّ يوم، وليس يوما في السنة كما يحدث عند غير المسلمين ويسمونه: "يوم المرأة".
والنسوان في آخر الزمان؛ إمّا فاسقاتٌ فاجراتٌ مشركات، وإمَّا طائعاتٌ عابداتٌ عفيفات.
إن كثرةَ النسوان في آخر الزمان، وقِلَّةَ الرجال أخبر عنها نبيِّنا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: "لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ، ثُمَّ لاَ يَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهَا مِنْهُ، وَيُرَى الرَّجُلُ الوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ، مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ" [البخاري: 1414، ومسلم: 1012].
وفي رواية: "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يَقِلَّ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ" [البخاري: 81، ومسلم: 2671].
قديمًا؛ المرأةُ مَلِكَةٌ في بيتها، تَحضنُ أولادَها، وتُرضعُهم الحبَّ الحنانَ مع لبنها، وتسهَرُ على راحتِهم، واليوم؛ أصبحت المرأة خرَّاجةً ولاّجة، بسببٍ وبلا سبب، بل لو خرج الرجل باحثا عن عمل يفاجأ بأنه محروم؛ لأنَّ زوجتَه موظفة، أو أخذت وظيفته امرأة، فجلس كثيرٌ من الرجال في البيوت؛ يقومون على شئون البيتِ والأولاد، المرأة شاركت الرجلَ في عمله، واستولت على حقِّه في الوظائف وسائرِ الأعمال، وأعانت زوجها في التجارة، فامتلأت الأسواق بالنسوان، فعَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تَسْلِيمَ الْخَاصَّةِ، وَفُشُوَّ التِّجَارَةِ، حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ، وَقَطْعَ الْأَرْحَامِ، وَشَهَادَةَ الزُّورِ، وَكِتْمَانَ شَهَادَةِ الْحَقِّ، وَظُهُورَ الْقَلَمِ" [مسند أحمد: 6/ 415، ح 3870، الصحيحة: 647].
وما دام المال بين يدي المرأة، والأمرُ والنهيُ إليها، ظهر ما لم يكن في عهدِ النبوة، ولم يظهر بعده بعصور؛ نساءٌ كاسياتٌ عاريات، متسكِّعات في الشوارع والطرقات، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "سصِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا" [مسلم: 2128].
وما دامت المرأة تنفق من مالها على البيت، وتشتري للزوج سيارة، وتبني له عمارة، أصبح الرجالُ أشباهَ رجال، لا أمرَ لهم وقوامة، وهنا فلتفعل المرأة ما شاءت، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يَقُولُ: "سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمتي رِجَالٌ, يَرْكَبُون على سُروجٍ كأشباه الرِّحال -وفي رواية: أشباه الرجال- يَنْزِلُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ, نِسَاؤُهُمْ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ, على رؤوسهن كَأَسْنِمَةِ البُخت الْعِجَافِ, العنُوهُنَّ؛ فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ, لَوْ كَانَ وَرَاءَكُمْ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ؛ خَدَمَهُنَّ نِسَاؤُكُمْ, كما خدمَكُم نساءُ الأُمَمِ قبلَكم" [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان: 8/ 245، ح: 5723، الصحيحة: 2683].
بعضُ من بقيت فيه رجولة، يرفض لنسائه الخروج والعمل، فتضطرُّهم نساؤهم على ارتكاب المحاذير، واقتحام المحرمات؛ بحثا عن طعامٍ وشراب، ومسكنٍ وكساء، فقد ترى الجارة والضرة عندها من المتاع ما ليس عندها، فتدعي أن زوجها وولي أمرها قد أعطها ومنحها مثله أو أفضل منه كذبا وزورا، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ امْرَأَةً، قَالَتْ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي جَارَةً -تَعْنِي ضَرَّةً-، هَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ إِنْ تَشَبَّعْتُ لَهَا بِمَا لَمْ يُعْطِ زَوْجِي؟!" قَالَ: "الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ" [سنن أبي داود: 4997].
لذا تضغط على زوجها وولي أمرها أن ييسر لها ما تطلبه، لو بارتكاب المحظور والحرام.
نسوان؛ تتَمَسْكنُ وتتمنَّى وتدعو أن تُرزق بزوج، فلما حصلت عليه لم تعطه حقه، وعاملته أسوأ معاملة، غافلةً عن عِظَم حقِّه عليها، فقد ثبت أَنَّ رَجُلًا أَتَى بِابْنَةٍ لَهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: "إِنَّ ابْنَتِي هَذِهِ أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ"، قَالَ: فَقَالَ لَهَا: "أَطِيعِي أَبَاكِ" قَالَ: فَقَالَتْ: "لَا! حَتَّى تُخْبِرَنِي مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ؟" فَرَدَّدَتْ عَلَيْهِ مَقَالَتَهَا، قَالَ: فَقَالَ: "حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَوْ كَانَ بِهِ قُرْحَةٌ فَلَحَسَتْهَا، أَوِ ابْتَدَرَ مَنْخِرَاهُ صَدِيدًا أَوْ دَمًا، ثُمَّ لَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ" قَالَ: فَقَالَتْ: "وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! لَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا" قَالَ: فَقَالَ: "لَا تُنْكِحُوهُنَّ إِلَّا بِإِذْنِهِنَّ" [مصنف ابن أبي شيبة: 3/ 556، 17122، صحيح الترغيب: 2/ 196، 1934، 1935].
نسوان، تزاحمُ الرجال في خصائصهم من الولايةِ والبرلمانات، والقضاء والمخترة والوزارات، إنه لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ فَارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَالَ: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً" [البخاري: 7099].
نعم! نحن في زمن استتيست فيه العنز، واستنوق الجمل!.
نسوان في آخر الزمن عاقاتٌ لأزواجهنّ وأولياء أمورهنّ، فبدلَ أن تؤديَ السمعَ والطاعةَ للوالديها؛ تأمَّرت عليهما، وصارا هما يسمعون كلامها وينفذون رغباتها، قَالَ جبريل -عليه السلام-، للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ"، قَالَ: "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ"
قَالَ: "فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا"، قَالَ: "أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا" [مسلم: 8].
أي تلد الأمُّ سيدتها، عليها السمعُ لابنتها والطاعة.
وفي رواية: "وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا" [صحيح البخاري: 50، ومسلم: 9].
أي تلد ولدا يكون سيدا عليها يأمرها وينهاها، وهي كالعبدة عنده.
وذكر ابن حجر لذلك عدةَ معانٍ، منها: "أَنْ يَكْثُرَ الْعُقُوقُ فِي الْأَوْلَادِ، فَيُعَامِلُ الْوَلَدُ أُمَّهُ مُعَامَلَةَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ؛ مِنَ الْإِهَانَةِ بِالسَّبِّ وَالضَّرْبِ وَالِاسْتِخْدَامِ، فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ رَبُّهَا مَجَازًا لِذَلِكَ" [فتح الباري، لابن حجر: 1/ 122].
عقوقٌ وعنادٌ وعدمُ طاعة، فلا شكرَ على نعمة، ولا صبرَ على بليّة؛ إلا من رحم الله -تعالى-، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شِبْلٍ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ الْفُسَّاقَ هُمْ أَهْلُ النَّارِ!" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَنِ الْفُسَّاقُ؟ قَالَ: "النِّسَاءُ"، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَوَلَسْنَ أُمَّهَاتِنَا، وَأَخَوَاتِنَا، وَأَزْوَاجَنَا؟ قَالَ: "بَلَى! وَلَكِنَّهُمْ إِذَا أُعْطِينَ لَمْ يَشْكُرْنَ، وَإِذَا ابْتُلِينَ لَمْ يَصْبِرْنَ" [مسند أحمد: 24/ 291، ح 15531، الصحيحة: 3058].
أتعلمون لماذا أكثر أهل النار من النسوان؟
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ" قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: "يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ" [خ: 29، م: 907].
نسوان؛ عشيقات وأخدانٌ، هَمُّهُنَّ الحبُّ والغرام والهيام، فتقع مصيبة الزنا والسفاح، وتنتهي بالزواج والنكاح، سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَنِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يُصِيبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الْآخَرِ حَرَامًا، ثُمَّ يَبْدُو لَهُمَا فَيَتَزَوَّجَانِ؟, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "كَانَ أَوَّلَهُ سِفَاحٌ، وَآخِرَهُ نِكَاحٌ" [سنن الدارقطني: 4/ 402، رقم: 3681].
فالستر مطلوب.
هؤلاء هنَّ النسوان اللاتي يجلِبْن العارَ والشنار لعائلاتهن.
ألا واعلموا -عباد الله-: أن النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ، فَيُنَادِي مُنَادٍ: هَلْ مِنْ دَاعٍ فَيُسْتَجَابَ لَهُ، هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَيُعْطَى، هَلْ مِنْ مَكْرُوبٍ فَيُفَرَّجَ عَنْهُ، فَلَا يَبْقَى مُسْلِمٌ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَهُ، إِلَّا زَانِيَةً تَسْعَى بِفَرْجِهَا، أَوْ عَشَّارًا" [المعجم الأوسط: 3/ 154، ح: 2769، الصحيحة: 1073].
"تسعى بفرجها" أي وظفت فرجها لجمع الفلوس والنقود.
والعشار، الذي يجبي المكوس والجمارك.
الزنى العلنيّ؛ أخبر عنه رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَتَسَافَدُوا فِي الطَّرِيقِ تَسَافُدَ الحَمِيرِ" -لا حياء ولا حشمة- قال ابن عَمرو: "إنَّ ذَاكَ لكائن؟!" قال: "نَعَمْ! لَيَكُونَنَّ" [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان: 9/ 419، ح 6729، وانظر: الصحيحة: 481].
إن النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقسم، فقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَا تَفْنَى هَذِهِ الْأُمَّةُ حَتَّى يَقُومَ الرَّجُلُ إِلَى الْمَرْأَةِ فَيَفْتَرِشَهَا فِي الطَّرِيقِ، فَيَكُونَ خِيَارُهُمْ يَوْمَئِذٍ مَنْ يَقُولُ لَوْ وَارَيْتَهَا وَرَاءَ هَذَا الْحَائِطِ" [مسند أبي يعلى الموصلي: 11/ 43، ح: 6183، انظر: الصحيحة: 1/ 868].
خيارهم وأفضلهم إذا أراد أن ينكر هذا الفحش أقصى ما يستطيع قول: لو ابتعدتم عن الطريق ففعلتم ما فعلتم وراء جدار، ونحوه.
اليوم ربما يزني من يزني سرًّا، أمّا "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا"، "وَيَفْشُوَ الزِّنَا" [مسلم: 2671] "وَيَكْثُرَ الزِّنَا" [البخاري: 5231].
-والعياذ بالله-!.
وشيئًا فشيئًا؛ من الفسقِ والفجور، والزنى والعُهر، إلى الشرك والكفر، فمن مَشاهِد آخرِ الزمان ستظهر نسوانٌ يَطُفْنَ حولَ الأضرحة والقبور، ويزرنَ المقامات والمشاهد، ويطلبْن من قاطنيها العونَ والمدد، والشفاءَ من المرض، ويدعونهم ويتوسلون إليهم بالطواف والذبائح؛ ليهبوهم الذريَّةَ والولد، أخبر عن ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد أَرَّقَهُ وأتعبَه صنمٌ، يقال له: "ذو الخلصة"، فطلب من صاحبه الجليل، جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له: "هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ؟!" قَالَ: "فَنَفَرْتُ إِلَيْهِ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ" قَالَ: "فَكَسَرْنَا، وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَيْنَاهُ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَدَعَا لَنَا وَلِأَحْمَسَ" [البخاري: 3823، مسلم: 2476].
لكن هذا الذي أرّقه وأتعبَه، فكسَّره جريرٌ وخرَّبه، سيعود في آخر الزمان، ويبنى ويطاف حولَه، وأكثرُ هؤلاء الطائفين من النسوان.
قال البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه: 92، كِتَابُ الفِتَنِ، بَابُ تَغْيِيرِ الزَّمَانِ حَتَّى تُعْبَدَ الأَوْثَانُ، وساق بإسناده المتصل، عن أَبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الخَلَصَةِ"، وَذُو الخَلَصَةِ؛ طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الجَاهِلِيَّةِ" [البخاري: 7116، مسلم: 2906].
وبُني بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال ابن حبان: "قَالَ مَعْمَرٌ: إِنَّ عليه -الآن- بيتاً مبنيّاً مُغْلَقاً" [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان: 9/ 409، وظلال الجنة: 77- 79].
ألا تعلمون أنه في آخر الزمان، ستكون نسوان، اعترى عقولَهنَّ ما اعترته من النقصان، يساعدن الدجال ومن معه من يهود؟! ويتابعْنه على دَجَلِه وكفرِه؛ طمعا فيما معه من مال ومتاع، أو كفر بشريعة الرحمن! لقد أَشْرَفَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى المدينة فَقَالَ: "نِعْمَتِ الْأَرْضُ الْمَدِينَةُ! إِذَا خَرَجَ الدَّجَّالُ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْ أَنْقَابِهَا مَلَكٌ، لَا يَدْخُلُهَا، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، رَجَفَتْ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، لَا يَبْقَى مُنَافِقٌ وَلَا مُنَافِقَةٌ؛ إِلَّا خَرَجَ إِلَيْهِ، وَأَكْثَرُ -يَعْنِي- مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ، وَذَلِكَ يَوْمُ التَّخْلِيصِ، وَذَلِكَ يَوْمَ تَنْفِي الْمَدِينَةُ الْخَبَثَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ، يَكُونُ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْيَهُودِ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ سَاجٌ، وَسَيْفٌ مُحَلًّى" [مسند أحمد: 22/ 9، ح: 14112].
في ذلك الوقت وبعد نزول عيسى -عليه السلام-، وتطهيرِ الأرض من الدجال واليهودِ ويأجوجَ ومأجوجَ، فلا بقاء للبقية الباقية من المؤمنين، فبينما هم على حالهم: "... إِذْ بَعَثَ اللهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ" -أي لا حياء ولا خجل، جماع الرجال للنسوان أمام الجميع- "فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ" [مسلم: 2937].
إن الزناةَ والزوانيَ إذا ماتوا ولم يتوبوا؛ لا يدرون ما ينتظرهم؟ وما حالهم يوم القيامة؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث الرؤيا: "... ثُمَّ انْطَلَقَ بِي، فَإِذَا بِقَوْمٍ أَشَدَّ شَيْءٍ انْتِفَاخًا، وَأَنْتَنِهِ رِيحًا، كَأَنَّ رِيحَهُمُ الْمَرَاحِيضُ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الزَّانُونَ وَالزَّوَانِي. ثُمَّ انْطَلَقَ بِي، فَإِذَا أَنَا بِنِسَاءٍ تَنْهَشُ ثُدِيَّهُنَّ الْحَيَّاتُ، قُلْتُ: مَا بَالُ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ يَمْنَعْنَ أَوْلَادَهُنَّ أَلْبَانَهُنَّ" [صحيح ابن خزيمة: 3/ 237، ح: 1986، والصحيحة: 3951].
إن النسوان إذا حرَمْن أطفالهنَّ من رضاعتهن دون عذر، واستغنين بالحليب الصناعي ليحافظن على حسنِ صدورِهن، وجمالِهن وقَوامِهن، فلينتظرن الحياتِ ينهشنهُنَّ من أثدائهن، إن لم يتبن قبل الموت.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين
وبعد:
أمّا النساءُ الطاهراتُ المطهرات، العفيفاتُ المصونات، فالنورُ والسناء، والضياءُ والبهاء، والوجهُ المشرق لهؤلاء النساء، نساءٌ أمهات، أراملُ ومتزوجات، يا عبد الله! أيها الشباب! إن أردتم الجنةَ بالجهادِ؛ فالجنةُ عند رجليها، عن معاوية السلمي قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله! إني أريد الجهاد في سبيل الله؟ فقال: "هل أمك حية؟!" قلت: "نعم!" قال: "ألزم رجلها فثم الجنة"، وقال لرجل آخر مثله: "فالزمها فإن الجنة تحت رجليها" [تحقيق حقوق النساء في الإسلام، ص: 195، صحيح، وانظر: سنن ابن ماجة: 2781]
ما ظنك بامرأة الجنة تحت رجليها؟!
نساءٌ إطعامهن وكسوتهن تنجي من النيران: "من كان له ثلاثة بنات، فصبر عليهن، وأطعمهن وسقاهن، وكساهن من جِدَتِه" -من سعت وقدرته- "كنَّ له حجابا من النار يوم القيامة" [ابن ماجة: 3669، الصحيحة: 294].
نساء أخواتٌ وبنات، القيام على شئونهم سببٌ في دخول الجنة، فقد ثبت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، أَوِ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ، فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ، وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ دَخَلَ الجنة" [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان: 1/ 449، ح: 447، الصحيحة تحت الحديث: 294].
وماذا نريد من نساءٍ هنَّ سببٌ في مرافقة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة؟! "من كن له ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات، فاتقي الله، وأقام عليهن، كان معي في الجنة هكذا" وأومأ بالسباحة والوسطى [أخرجه أبو يعلى في مسنده، الصحيحة: 295].
نساء لأزواجهن طائعات، ولأوليائهن مطيعات، تُفتَّح لهن أبواب الجنات، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وحصَّنت فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا، دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ" [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان: 6/ 249، ح: 4151].
المرأة حافظ عليها الشرع، فصانها عن كل ما يشينها، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لاَ تُسَافِرِ المَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ؛ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ" فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الحَجَّ، فَقَالَ: "اخْرُجْ مَعَهَا" [صحيح البخاري: 1862].
إنها المحبة والمودة بين الزوجين، والحفاظُ على العرض وصونُه مما يدنِّسُه، إنهن نسوة استحققن ذلك، وأوصى بهن رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُوصِيكُمْ بِالنِّسَاءِ خَيْرًا" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
"فَإِنَّهُنَّ أُمَّهَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ، وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ، إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً، فَمَا يَعْلُو" -وفي رواية: يعلق- "يَدَيْهَا الْخَيْطُ، فَمَا يَرْغَبُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ حَتَّى يَمُوتَا هَرَمًا" [الآحاد والمثاني، لابن أبي عاصم: 4/ 394، ح: 2442] وهذا لفظه، وانظر: الصحيحة: 2871، ورواه في مسند الحارث: 1/ 549، ح: 495].
وزاد: "قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْعَلَاءَ بْنَ سُفْيَانَ الْغَسَّانِيَّ، فَقَالَ: "لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ مِنَ الْفَوَاحِشِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ مِمَّا بَطُنَ، مِمَّا لَمْ يُبَيَّنْ ذِكْرُهَا فِي الْقُرْآنِ؛ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ، فَإِذَا قَدِمْتَ صُحْبَتُهَا وَطَالَ عَهْدُهَا، وَنَفَضَتْ مَا فِي بَطْنِهَا، طَلَّقَهَا مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ".
وهناك نساءٌ صالحاتٌ وجودُهن مثل وجود الغراب الأعصم من القِلَّة والنُّدرة، عَنْ أَبِي أُذَيْنَةَ الصَّدَفِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خَيْرُ نِسَائِكُمُ الْوَدُودُ الْوَلُودُ، الْمُوَاتِيَةُ الْمُوَاسِيَةُ، إِذَا اتَّقَيْنَ اللهَ. وَشَرُّ نِسَائِكُمُ الْمُتَبَرِّجَاتُ الْمُتَخَيِلَّاتُ؛ وَهُنَّ الْمُنَافِقَاتُ، لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْهُنَّ؛ إِلَّا مِثْلُ الْغُرَابِ الْأَعْصَمِ" [السنن الكبرى للبيهقي: 7/ 131، ح: 13478، الصحيحة: 1849].
وعَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَقَالَ: "بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا الشِّعْبِ، إِذْ قَالَ: "انْظُرُوا! هَلْ تَرَوْنَ شَيْئًا؟" فَقُلْنَا: نَرَى غِرْبَانًا؛ فِيهَا غُرَابٌ أَعْصَمُ أَحْمَرُ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ" فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنَ النِّسَاءِ؛ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُنَّ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فِي الْغِرْبَانِ" [مسند أحمد: 29/ 305، ح: 17770، الصحيحة: 1850].
نساء رآهن النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عند دخول الجنة، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ، امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَةَ" [البخاري: 3679].
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لابنته فاطمة -رضي الله تعالى عنها-: "أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ، أَوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ" [البخاري: 3624].
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "سَيِّداتُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ: فَاطِمَةُ، وَخَدِيجَةُ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ" [الصحيحة: 1424].
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ" [مسلم: 2742].
عباد الله: اتقوا النساء، فإنهن قواريرُ كالزجاج، قابلاتٌ للكسر، أي الطلاق أو الفساد، قال قَتَادَةُ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَادٍ -أي منشد يقول الأشعار بصوت رخيم- يُقَالُ لَهُ: أَنْجَشَةُ، وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ، لاَ تَكْسِرِ القَوَارِيرَ" قَالَ قَتَادَةُ: "يَعْنِي ضَعَفَةَ النِّسَاءِ" [البخاري: 6211، ومسلم: 2323].
"واتقوا النساء" أي احذروا الافتتان بهنَّ، وصونوا أنفسَكم عن التطلُّع إليهنّ، والتقرُّبِ منهنّ بالحرام" [فيض القدير: 1/ 132].
فهؤلاء نساءٌ فاقت كثيرا من الرجال، ففي الأمثال السائرة من شعر المتنبي، ص: 38، قال:
ولو كان النساءُ كمن فقدنْا *** لفُضِّلَت النساء على الرجالِ
وما التأنيث لاسم الشمس عيبٌ *** ولا التذكيرُ فخرٌ للهلالِ
عباد الله: فلا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما، ومن ساءته سيئته وسرته حسنته، فهو أمارة المسلم المؤمن، وشرُّ الأمورِ مبتدعاتُها، وأنَّ الاقتصادَ في سنّة خير من الاجتهاد في بدعة، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإنه أهون لحسابكم، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر؛ يوم تعرضون لا تخفى منكم خافية. عليكم بهذا القرآن؛ فإن فيه نورًا وشفاء، وغيرُه فيه البلاء والشقاء.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وأقم الصلاة.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم