أعمال يلحقك جزاؤها وإن لم تعملها

فؤاد بن يوسف أبو سعيد

2022-10-06 - 1444/03/10
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/المقصود بالأعمال التي يلحق الإنسان جزاؤها وإن لم يعملها 2/نتائج وتداعيات الأعمال الطيبِّة والخبيثة على الإنسان 3/دور النية في الثواب والعقاب وصحة الأعمال وفسادها 4/بعض الأعمال الصالحة التي يصل ثوابها للإنسان وإن لم يعملها 5/خطر نية الشر والفساد على الإنسان 6/بعض الأعمال السيئة التي يصل عقابها للإنسان وإن لم يعملها 7/عدم إقامة الحد على ما نوى الشر ما لم يفعل ذلك 8/سلبيات المظاهرات والاعتصامات وضوابط جوازها

اقتباس

ابتليت الهممٌ العاليةُ بعشق الفضائل، شجرُ المكارهِ يثمر المكارم، متى لاحت الفريسة قذفت الغابة السبع، إذا استقام للجواد الشوط، لم يحوج راكبَه إلى سوط، من اشتغل بالعمارة استغل الخراج، إذا طلع نجم الهمة، في ظلام ليل البَطالة، ثم ردفه قمرُ العزيمة "أشرقت الأرض بنور ربها". يا طالباً للبدعة أخطأت الطريق، علَّةُ الراحةِ التعب، إن لم تكن أسداً في العزم، ولا غزالاً في السبق، فلا...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد للهِ معزِّ من أطاعه واتقاه، ومذلِّ من خالف أمرَه وعصاه، قاهرِ الجبابرة، وكاسرِ الأكاسرة، لا يَذِلُّ من والاه، ولا يَعِزُّ من عاداه، ينصرُ من نصره، ويغضب لغضبه، ويرضى لرضاه، أحمدُه سبحانه وأشكره، حمدًا وشكرًا يملآن أرضَه وسماه.

وأشهد أن نبينا محمَّدًا عبدُه ورسوله، وخيرتُه من خلقه ومصطفاه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين، ولكل من نصره ووالاه.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء 1]. من ["بستان الخطيب"].

 

كثير من الناس من يريد أفعالا ويتمناها، ولو قدر وستطاع لفعلها، وينوي عباداتٍ يمنعه من فعلها مانع، ويحول بينه وبينها حائل.

 

فما هي هذه الأعمال؟ وهل تلحق بالعبد نتائجها؟

 

والجواب:

 

الأعمال؛ منها ما يكون طاعاتٍ وخيرات، ومنها ما يكون معاصٍ وسيئات، فالعمل يبدأ من القلب؛ فأول الأمر الخاطرة، ثم الهم ثم العزم، ثم الفعل من الجوارح، فعزم القلب، هو "جزم الإرادة بغير تردد" [التعريفات، ص (4)].

 

والهم: "هو عقد القلب على فعل شيء قبل أن يفعل، من خير أو شر. والهمةُ: توجُّهُ القلبِ وقصدِه بجميع قواه الروحانية، إلى جانب الحق لحصول الكمال له أو لغيره" [التعريفات، ص (82)].

 

إن النبي -صلى الله عليه وسلم- وضَّح ذلك وبينه، فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ؛ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا؛ كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا؛ كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا؛ كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا؛ كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً" [صحيح البخاري (6491)].

 

وفي حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ في الإسراء والمعراج، وبعد المراجعة في تخفيف الصلوات، ... قَالَ: "فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَبَيْنَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلام-؛ حَتَّى قَالَ: "يَا مُحَمَّدُ! إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلاةٍ عَشْرٌ؛ فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلاةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا؛ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا؛ لَمْ تُكْتَبْ شَيْئًا، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً" [صحيح مسلم].

 

فالمصلي لم يصل خمسين صلاة، لكن له أجر خمسين.

 

إن الأعمال طيبِّةً كانت أو خبيثة؛ لها نتائجُ وتداعيات، فمن أنشأ وابتدأ عملا فاقتدى به غيره؛ فالثواب المترتب على هذا العمل أو العقاب يجري للفاعل والمقتدي، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "جَاءَ نَاسٌ مِنْ الأَعْرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِمْ الصُّوفُ، فَرَأَى سُوءَ حَالِهِمْ، قَدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ، فَحَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَأَبْطَئُوا عَنْهُ، حَتَّى رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ جَاءَ بِصُرَّةٍ مِنْ وَرِقٍ -أي فضة- ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، ثُمَّ تَتَابَعُوا، حَتَّى عُرِفَ السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ؛ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ؛ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ" [صحيح مسلم].

 

إن النوايا من أعمال القلوب، وعليها المعوَّلُ في الثواب والعقاب، قال ابن الأعرابي: "نية المؤمن خيرٌ من عمله؛ لأن النيةَ لا يدخلها الفساد، والعمل يدخله الفساد، وإنما أراد بالفساد بالرياء". وقد قيل: "النية دون العمل؛ قد تكون طاعة" [شعب الإيمان (5/ 343)].

 

والنية عليها المعوَّلُ في صحة الأعمال أو فسادها؛ لحديث رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ" [صحيح البخاري عَنْ عُمَرَ -رضي الله تعالى عنه-].

 

فلو نويت قيامَ الليل أو صيامَ النهار فمنعك مانع؛ لكُتب لك أجرك، عن أبي موسى؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ؛ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا" [صحيح البخاري (2996)].

 

حرصك على الصلاة في جماعة يعطيك أجرَها وإن لم تصلِّها جماعة، إن "مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ رَاحَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا؛ أَعْطَاهُ اللَّهُ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلاَّهَا أَوْ حَضَرَهَا، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا" [أحمد (2/ 380)، أبو داود (564)].

 

اثنان صلَّيا مع بعضهما، فيخرجان من صلاتهما وبينهما من الأجر والثواب أبعد مما بين السماء والأرض، هذا في تساوي العمل والطاعة، بل وفي عدم التساوي نجد العملَ القليلَ الصغيرَ؛ يفوق العمل الكبيرَ الكثير، كما في الحديث: "سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفٍ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَكَيْفَ؟! قَالَ: "رَجُلٌ لَهُ دِرْهَمَانِ؛ فَأَخَذَ أَحَدَهُمَا فَتَصَدَّقَ بِهِ، وَرَجُلٌ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، فَأَخَذَ مِنْ عُرْضِ مَالِهِ مِائَةَ أَلْفٍ فَتَصَدَّقَ بِهَا" [أخرجه النسائى (2527) عن أبي هريرة، تخريج مشكلة الفقر (119)، صحيح الترغيب (875)].

 

هذا في الأجر والثواب، أما في البركة، والكثرة والنماء، فمن تصدق ولو بالقليل عوَّضه الله سبحانه بالكثير المبارك، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُنَا بِالصَّدَقَةِ، فَمَا يَجِدُ أَحَدُنَا شَيْئًا يَتَصَدَّقُ بِهِ، حَتَّى يَنْطَلِقَ إِلَى السُّوقِ، فَيَحْمِلَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَجِيءَ بِالْمُدِّ، فَيُعْطِيَهُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِنِّي لأَعْرِفُ الْيَوْمَ رَجُلاً لَهُ مِائَةُ أَلْفٍ مَا كَانَ لَهُ يَوْمَئِذٍ دِرْهَمٌ" [سنن النسائي (2529)، ابن ماجة (4155)].

 

ويُكتب لبعض الناس ثوابُ الحج والعمرة؛ دون أن يطوف أو يسعى، بل لم يصل مكة، وإليكم الأدلة على ذلك: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين؛ كانت له كأجر حجة وعمرة، تامة تامة تامة" [رواه الترمذي، صحيح الجامع (6346)].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "من غدا إلى المسجد؛ لا يريد إلا أن يتعلم خيرًا أو يعلمَه؛ كان له كأجر حاجٍّ تاماًّ حجته" [رواه الطبراني، صحيح الترغيب (86)].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "عمرة في رمضان كحجة معي" [رواه أبو داود والترمذي، صحيح الجامع (4098)].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "من خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة؛ فأجره كأجر الحاجِّ المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى -أي إلى صلاة الضحى- لا ينصبه إلا إياه؛ فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاة، لا لغو بينهما؛ كتاب في عليين" [رواه أحمد وأبو داود، صحيح الترغيب (320)].

 

ولقد تفضَّلَ الله -جل وعلا- على من يسأله الشهادةَ في سبيله من قلبه؛ بإعطائه أجرَ الشهيد وإن مات على فراشه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ؛ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ" [أخرجه مسلم (1909)، وغيره].

 

وفي رواية: "مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْقَتْلَ فِي سَبِيلِهِ صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ؛ أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَ الشَّهِيدِ وإن مات على فراشه" [أخرجه الترمذى (1654). قال الترمذى: "حسن صحيح" وابن ماجة (2792)].

 

إنَّ كثرةَ الأعمال الصالحة؛ تورِث ثوابَ أعمالٍ أخرى عظيمة جليلة، لم يعملْها العبد، فبكثرة الصلاة والصيام؛ يسبق غيرَه من أهل الجهاد والشهادة، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَانَ إِسْلامُهُمَا جَمِيعًا، فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْ الآخَرِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَكَثَ الآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ، قَالَ طَلْحَةُ: "فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ، بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِهِمَا، فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنْ الْجَنَّةِ، فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الآخِرَ مِنْهُمَا، ثُمَّ خَرَجَ، فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ، فَقَالَ: ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ" فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ، فَعَجِبُوا لِذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ. فَقَالَ: "مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ؟!" فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ وَدَخَلَ هَذَا الآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً؟" قَالُوا: بَلَى! قَالَ: "وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَ، وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ؟" قَالُوا: بَلَى! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ" [ابن ماجة (3925)، السلسلة الصحيحة (2591)].

 

وفي رواية: "أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلافِ رَكْعَةٍ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً؛ صَلاةَ السَّنَةِ؟" [رواه أحمد (2/ 472)، السلسلة الصحيحة (2591)].

 

إن من حبسه العذر عن الجهاد نال أجر المجاهدين، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: "إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا؛ مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلا قَطَعْتُمْ وَادِيًا؛ إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟! قَالَ: "وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ" [صحيح البخاري].

 

"إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا؛ مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلا قَطَعْتُمْ وَادِيًا؛ إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ".

 

"فالمعية والصحبة الحقيقية إنما هو بالسير بالروح؛ لا بمجرد البدن، ونيُّة المؤمن خير من عمله، فتأملْ هؤلاء: كيف بلغت لهم نيتهم مبلغَ أولئك العاملين بأبدانهم، وهم على فُرُشِهم في بيوتهم، فالمسابقة إلى الله -تعالى-، وإلى الدرجات العوالي، بالنيات والهمم، لا بمجرد الأعمال" ا. هـ. قسطلاني [حاشية السندى على صحيح البخارى 3/ 35)].

 

إن بناء المساجد لله، أو المساهمةَ فيه ولو بالقليل، يعطي الأجرَ الكبير، عن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قال عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ، وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ بَنَى مَسْجِدًا" قَالَ بُكَيْرٌ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: "يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ؛ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ" [صحيح البخاري (450)].

 

إن الأمرَ بالفعل والدلالةَ عليه؛ يوجب ثواب الفعل وإن لم يفعله، عن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ يَسْتَحْمِلُهُ -أي يطلب منه راحلة تحمله- فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ مَا يَتَحَمَّلُهُ، فَدَلَّهُ عَلَى آخَرَ فَحَمَلَهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: "إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ" [الترمذي (2670)].

 

أما تمني أعمالِ الشرِّ والفساد، ومحبةُ فعل المعاصي والسيئات، فهذا يدل على أن في القلب دغلا، وفي الفؤاد فسادا، وفي الجنان شبهة ومرضا، وسيحاسب كلٌّ بحسبه، على همِّه وعزمة، زيادة على عمله وفعله، لقوله صلى الله عليه وسلم: "وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ؛ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ" [رواه مسلم].

 

حُبُّك للرجال يحشرك معهم ويجمعك بهم، فإياك ومحبةَ أشباهِ الرجالِ وسَفِلَتِهم، والزم محبة معالي الرجالِ ورؤوسهم، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ السَّاعَةِ؟ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟! قَالَ "وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟" قَالَ: لاَ شَيْءَ، إِلاَّ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: "أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْت" قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْت" قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ" [صحيح البخاري (3688)].

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله ...

 

ابتليت الهممٌ العاليةُ بعشق الفضائل، شجرُ المكارهِ يثمر المكارم، متى لاحت الفريسة قذفت الغابة السبع، إذا استقام للجواد الشوط، لم يحوج راكبَه إلى سوط، من اشتغل بالعمارة استغل الخراج، إذا طلع نجم الهمة، في ظلام ليل البَطالة، ثم ردفه قمرُ العزيمة "أشرقت الأرض بنور ربها".

 

يا طالباً للبدعة أخطأت الطريق، علَّةُ الراحةِ التعب، إن لم تكن أسداً في العزم، ولا غزالاً في السبق، فلا تتثعلب، يا هذا الجد جناح النجاة وكَسَلُك مزمن، من كدَّ كدَّ العبيدِ تنعَّم تنعُّم الأحرار، من امتطى راحلة الشوق لم يشُقّ عليه بُعد السفر.

 

على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وتأتي على قدر الكرام المكارم

[المدهش، ص: 71].

 

فجريمة القتل أول من قام بها عليه وزرها وإثمها، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، وكلٌّ من القتلة دون وجه شرعي؛ عليهم آثام من بعدهم إلى يوم القيامة، ولم يقتل القاتل إلا مرة واحدة، ولكن الآثام تتابع وتتضاعف، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا؛ إِلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا" وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: "مِنْ دَمِهَا؛ لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ أَوَّلاً" [صحيح البخاري].

 

ابنُ آدمَ الأولُ -قابيلُ- لم يقتلْ من قُتِل بعده، ولكن قتل نفسا واحدة، فلماذا يعاقب على ما لم يفعل؟

 

والجواب؛ لأنه: "لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ أَوَّلاً".

 

من أراد بالمسلين سوءا وحرَص على قتالهم؛ فهو في النار، عَنْ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: ذَهَبْتُ لأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ -أي علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه- فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ، قَالَ: ارْجِعْ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا؛ فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟! قَالَ: "إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ" [صحيح البخاري (6875)، ومسلم (2888) وغيرهما].

 

"استدل بقوله: "إنه كان حريصا على قتل صاحبه"؛ من ذهب إلى المؤاخذة بالعزم وإن لم يقع الفعل" [فتح الباري، لابن حجر (13/ 34)].

 

"وليس بشيء؛ لأن الثابت من هذا الحريص، ليس مجرد العزم، بل العزم مع أفعال الجوارح من القيام، وأخذِ السيف وسلِّه وغير ذلك" من [حاشية السندى على صحيح البخارى (1/ 19)].

 

كذلك الدالُّ على الشر كفاعله في الإثم "قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ -هو الطحاوي-: وَإِذَا كَانَ الدَّالُّ يَسْتَحِقُّ بِدَلالَتِهِ عَلَى الْخَيْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَامِلُ بِذَلِكَ الْخَيْرِ؛ كَانَ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً، دَلَّ بِعَمَلِهِ بِهَا النَّاسَ فَعَمِلُوهَا بَعْدَهُ، يَكُونُ فِي سَنِّهِ إيَّاهَا لَهُمْ فِي الأَجْرِ كَهُمْ فِيهِ فِي عَمَلِهِمْ إيَّاهَا، وَكَذَلِكَ فِي الْوِزْرِ يَكُونُ سَنَّهُ إيَّاهُ لَهُمْ فِي عَمَلِهِمْ بَعْدَهُ بِهِ؛ فِي الْوِزْرِ كَهُمْ فِيهِ. وَمِمَّا يُقَوِّي ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ -ورد- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: "إنَّ ابْنَ آدَمَ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ يُقَاسِمُ أَهْلَ النَّارِ نِصْفَ عَذَابِ جَهَنَّمَ قِسْمَةً صِحَاحًا" [مشكل الآثار (3/ 206) في "بَاب بَيَان مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ قَوْلِهِ: "مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً"].

 

فمن أيَّدَ أو أحبَّ، أو أعان أو شارك في قتل الأبرياء؛ فقد شارك القتلة في إثمهم، وكلٌّ بحسبه، عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: "أَنَّ غُلاَمًا قُتِلَ غِيلَةً، فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ اشْتَرَكَ فِيهَا أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ" [صحيح البخاري (6896)].

 

وفي رواية: عن عمر؛ أنه قتل سبعة من أهل صنعاء، قتلوا رجلا، وقال: "لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به جميعا" [صحيح، أخرجه مالك في الموطأ (2/ 871)، إرواء الغليل (7/ 259، ح 2201)].

 

واستمعوا لقول الله -عز وجل-: (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) [المائدة: 32].

 

بعض الناس؛ حبُّهم إيمان، وبغضهم كفر وخسران، كالأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، والصحابةِ الكرام -عليهم من الله الرضوان-.

 

إن من يبغض الإمامَ أحمدَ بنَ حنبلٍ -مثلا- يكفر! لماذا؟

 

والجواب فيما قاله الربيع بن سليمان: قال الشافعي: "من أبغض أحمد فهو كافر" فقلت: تطلق عليه اسم الكفر؟! فقال: "نعم! من أبغض أحمدَ بنَ حنبل؛ فقد عاند السنة، ومن عاند السنة؛ قصد الصحابة، ومن قصد الصحابة؛ أبغض النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ومن أبغض النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كفر بالله العظيم" [المقصد الأرشد، لابن مفلح المقدسي الحنبلي (1/ 69)، وطبقات الحنابلة، لابن أبي يعلى]".

 

هذا فيما بين العبد وربِّه، فمن نوى سوءا أو أضمر شرًّا، ولم يخرج ذلك على الجوارح بالعمل من قول أو فعل، فلا يعاقب في الدنيا بإقامة حدٍّ ولا تعزير، كالمنافقين، ومن ينوي الارتداد عن الدين، ويهمُّ بمفارقة جماعة المسلمين، لا يقام عليه الحدُّ لهمِّه هذا، عن يزيد بن أبى منصور قال: بلغ عمرَ بنَ الخطاب أن عاملَه على البحرين؛ ابنَ الجارود، أو ابنَ أبى الجارودِ أُتي برجل يقال له: إدرياس، قامت عليه بينة بمكاتبة عدوِّ المسلمين، وأنه قد همَّ أن يلحق بهم -أي يرتدَّ عن دينه-، فضرب عنقه وهو يقول: "يا عمراه! يا عمراه!" فكتب عمر إلى عامله ذلك، فأمره بالقدوم عليه فقدم، فجلس له عمر؛ وبيده حربة، فدخل على عمر، فعلا عمرُ لحيته بالحربة، وهو يقول: "ادرياس لبيك! ادرياس لبيك!" وجعل الجارود يقول: "يا أمير المؤمنين! إنه كاتبهم بعورة المسلمين، وهم أن يلحق بهم، فقال عمر: "قتلته على همِّه؟ وأيُّنا لم يهمّه؟ لولا أن تكون سنة لقتلتك به"[ابن جرير، كنـز العمال (40168)].

 

وفي سنة خمس وثلاثين من الهجرة "خرج المصريون وغيرهم على عثمان -رضي الله تعالى عنه- وصاروا إليه ليخلعوه من الخلافة" [تاريخ الإسلام للذهبي] فحاصروه واقتحموا عليه الدار، وقتلوه -قتلهم الله-، فكل من وافقهم أو رضي بفعلهم فسيشاركهم في الجزاء؛ وإن لم يشاركهم في الفعل، أو لم يكن في زمانهم، ولم يوجد في مكانهم.

 

فانظروا إلى المظاهرات والاعتصامات إنها لا تأتي بخير، ولا يقرُّها شرع؛ لأنها لا تخلو من سفكٍ للدماء، ولا تخلو من إيذاء للأبرياء، ولا تخلو من إضاعةٍ للأموال، وتخريبٍ للممتلكات، وتَدَخُّلٍ للطابور الخامس -كما يقولون-، ويفرح بتفرقِ المسلمين وتنازعِهم إبليسُ والأعداء، ليتهم عندما يخرجون بنواياهم الحسنة؛ ألاَّ يدخل فيهم من يفسدها ويفرِّغها من مضمونها، لكنَّ النيةَ الصالحةَ لا تصلح العملَ الفاسد.

 

فكل ما رأيناه ولاحظناه؛ لا مطالبة فيها لدين أو شريعة، فإن كان هذا ممنوعا دوليا؛ فأين المطالبة بالوحدة العربية، من المحيط إلى الخليج؟

 

فإن كان ولا بد من اعتصاماتٍ ومظاهرات، فيا ليتها تكون خالية مما ذكرت آنفا من المخالفات والسلبيات، يا ليتها يكون فيها النفع والخيرات، يا ليت من يخرج في المظاهرات يزرع الأشجار التي تُزينُ الطرقات، وينظف الشوارعَ من الأوساخ والقاذورات، ليت من يتظاهرون يتوجهون لبيوت الفقراء والمساكين فيقدمون لهم العون والمساعدات.

 

ففكِّرْ -يا عبد الله- فكِّر كثيراً قبل أن تؤيِّدَ أو تخالف، خشيةَ أن تؤيِّدَ باطلاً وتحبَّه، أو تخالفَ حقًّا وتبغضَه.

 

هذا ما أراه مما علمتُه وتعلمتُه، فإن كان حقًّا وصواباً فمن الله، وبتوفيق الله، وأرجو من الله الإجابة، وإن كان مخالفةً أو خطأً؛ فمن نفسي ومن الشيطان، وأرجو من الله العفو والمغفرة، والله -جل جلاله- المستعان، وعليه التكلان.

 

"اللهم أخلص نياتِنا، وأجعل أعمالنا كلَّها صالحة، ولوجهك الكريم خالصة يارب العالمين.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

 

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم إنه هو الغفور الرحيم" 

 

 

 

المرفقات

يلحقك جزاؤها وإن لم تعملها

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات