أطفالنا ومسؤولية التربية (2)

سليمان بن حمد العودة

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ أهمية التربية 2/ من وسائل التربية الاجتماعية للأطفال 3/ أخطاء في التربية

اقتباس

فهناك تربية إجتماعية للأطفال، ومن وسائلها: حضورهم مجالس الكبار للاستفادة من أحاديثهم ورصيد تجاربهم، وإرسالهم لقضاء الحاجات لتدريبهم على شؤون الحياة، وإعطائهم الثقة مع المراقبة والتوجيه، وإياك -أيها المربي- أن تكف الطفل عن الكلام كلما هم بالحديث والتعبير عن وجهة نظره، وإياك أن تزجره إذا رغب في الجلوس مع الكبار، فينشأ الطفل رعديداً يفر من كل غريب ..

 

 

 

 

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له...

إخوة الإسلام: وحديث اليوم استكمال لحديث قبله عن أطفالنا، ومسؤولية التربية، وما يقع من أخطاء في تربيتهم، وتنبيهات ومحاذير، أرجو الله أن ينفعنا بها جميعاً، والدين وأولاداً.

وكيف لا نعنى بمثل هذه الأمور مع أطفالنا، وعناية الإسلام بالطفل سبقت وفاقت غيرها من النظم والقوانين البشرية، وإن أعجب البعض منا بالنظريات الحديثة الوافدة.

أجل؛ إن الصلاة المفروضة تخفف لبكاء الأطفال رحمة بهم وبأمهاتهم، يقول عليه الصلاة والسلام: "إني لأدخل في الصلاة، وأنا أريد أن أطيلها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجور في صلاتي، مما أعلم من شدة وجد أمه ببكائه" متفق عليه.

وتفطر الحامل والمرضع إذا خشيت الضرر على أطفالهما، ويرجأ القصاص عن الحامل حتى تضع حملها، والمؤودة تسأل بأي ذنب قتلت؟ ثم إن ختانه، واختيار اسمه، والعق عنه، إلى غير ذلكم من أحكام وضعها الإسلام حماية للأطفال قبل أو بعد ولادتهم.

عباد الله: وكيف لا نعتني بهؤلاء الأطفال صغاراً، وهذه العناية بإذن الله سبب للانتفاع بهم كباراً، وفي الحديث: "إذا مات ابن آدم اقنطع عمله إلا من ثلاث" وذكر منها ولداً صالحاً يدعو له، علماً بأنه لا مفر من المسؤولية: "فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".

وإذا كان للوالدين حقوق مشروعة، فعليهم واجبات ومسؤولية، ولئن قيل للأولاد: (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً ) [الاحقاف: 15]، فقد قيل للآباء: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة) [التحريم: 6]، قال مقاتل في معنى هذه الآية: "أن يؤدب المسلم نفسه وأهله فيأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر"، بل قال بعض أهل العلم: "إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده".

 

ويؤكد ابن القيم رحمه الله على أهمية تربية الأولاد، وأثر إهمالهم مستقبلاً فيقول في (تحفة الودود): "فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى، فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً...".

ويقول الامام الغزالي: "فالصبي إذا أهمل في ابتداء نشوئه خرج في الأغلب رديء الأخلاق كذاباً حسوداً سروقاً، نماماً، ذا فضول، وضحك وكياد مجانة، وإنما يحفظ عن جميع ذلك بحسن التأديب".

أيها المربون والمربيات: وإذ سبق الحديث عن بعض وسائل تربية الأطفال كالقدوة، وتعويد الخير، وتعليم ما ينفع مباشرة، أو عن طريق القصة الهادفة أو الحكايات المفيدة، وتحين الفرص المناسبة للتوجيه، وإشعار الطفل بعظمة الله من خلال التأمل في مخلوقاته، وكل ذلك يندرج تحت بناء العقيدة وتحبيب الطفل للعبادة والخير.

فهناك تربية إجتماعية للأطفال، ومن وسائلها: حضورهم مجالس الكبار للاستفادة من أحاديثهم ورصيد تجاربهم، وإرسالهم لقضاء الحاجات لتدريبهم على شؤون الحياة، وإعطائهم الثقة مع المراقبة والتوجيه، وإياك -أيها المربي- أن تكف الطفل عن الكلام كلما هم بالحديث والتعبير عن وجهة نظره، وإياك أن تزجره إذا رغب في الجلوس مع الكبار، فينشأ الطفل رعديداً يفر من كل غريب، ويتخوف من كل قادم، وفي أخبار الصفوة ما يفيد حضور الغلمان مجالس الشيوخ، بل واستئذانهم في حقوقهم، وهذا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم يؤتى بشراب فيشرب منه، وعن يمينه غلام قيل هو ابن عباس، وعن يساره أشياخ، فلما شرب استأذن الغلام في أن يعطي الأشياخ قبله، فلم يأذن الغلام وهو يقول: "لا والله يا رسول الله؛ لا أوثر بنصيبي منك أحداً"، فأعطاه أياه وتله في يده. متفق عليه.

وابن عمر رضي الله عنه يحضر مع أبيه وكبار الصحابة مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شجرة تشبه المسلم، فيخوض الصحابة في عدد من الشجر، ليست هي، ويتبادر إلى ذهن الغلام أنها النخلة (وهي كذلك) فما يمنعه من الحديث إلا الأدب مع الكبار، فلما قال ذلك لأبيه شجعه أكثر، وقال له: "لو كنت قلتها كان أحب إلي من كذا وكذا.." رواه البخاري في صحيحه، ولقد أفاد ابن عباس وابن عمر وأمثالهما من هذه المجالس، فكانوا بعد من قادة الأمة وخيارها.

ومن وسائل التربية الاجتماعية: تعويد الطفل تحية الإسلام، وأدب الاستئذان، وعيادة المرضى، والعطف على الفقراء، وحضور الصلاة، ودفن الموتى.

إخوة الإيمان: وثمة بناء أخلاقي وتربية على جملة من الآداب لا بد للمربين والمربيات أن يرعوها، كالأدب مع الوالدين، ومع العلماء ومع كبار السن، وأدب الاحترام والمحادثة مع الآخرين، والأدب مع الأقارب والجيران، وآداب الطعام واللباس، وآداب المسجد، والمجلس. ونحو ذلك.

ولا بد من تعويده الصدق في الحديث، وحفظ الأمانة، وكتم الأسرار، وسلامة الصدر من الأحقاد، والكرم، والشجاعة، والسماحة، ونحوها من كريم الأخلاق والآداب.

أيها المربون والمربيات: ويحتاج الناس عامة، والأطفال خاصة إلى لين الجانب ورقة العاطفة، فالبناء العاطفي أسلوب مهم من أساليب تربية الأطفال، فالابتسامة، والقبلة، ومسح الرأس، والهدية، والممازحة... كلها تساهم في فتح قلب الطفل لك، وتهيئة لقبول نصحك وتوجيهك.

ولقد كان من خلق المصطفى صلى الله عليه وسلم ممازحة الأطفال، ومداعبتهم وتقبيلهم، وإن لم يكونوا أبناءه، وفي صحيح البخاري -باب من ترك صبية غيره حتى تلعب، أو قبلها أو مازحها-، وفي الباب عن أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي وعلي قميص أصفر، فقال: "سنه سنه" ومعناه بالحبشية (حسنة) قالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوة، فزجرني أبي (أي نهرني) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعها" ثم قال: "أبلي واخلفي، ثم أبلي واخلفي، ثم أبلي واخلفي" الحديث. ولا يدري الناظر في الحديث أيعجب من ثنائه صلى الله عليه وسلم على قميص البنية، أم على تركها تعلب بخاتمه، أم بدعائه لها؟ قال ابن حجر في تعليقه على الحديث: والممازحة بالقول والفعل مع الصغيرة، إنما يقصد به التأنيس، والتقبيل من جملة ذلك، وهو القائل صلى الله عليه وسلم لغلام صغير يداعبه ويكنيه: "يا أبا عمير ما فعل النغير".

أيها المربون والمربيات: والغلظة مع الأطفال ليست مفخرة، والتصابي لهم وتطيب خواطرهم ليست مذمة ولا ذلة، وقد لام الرسول صلى الله عليه وسلم من أخبره أن له عشرة من الولد لم يقبل أحداً منهم، وقال له: "أو أملك أن أنزع الله الرحمة من قلبك

وروى الحاكم وصححه أن الحسين رضي الله عنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس، فركب عنقه وهو ساجد، فأطال السجود، فلما قضيت الصلاة قال الصحابة: أطلت السجود يا رسول الله، حتى ظننا أنه قد حدث أمر، فقال: "إن ابني قد ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته".

عباد الله: وما أجمل التصابي أو المداعبة أو حسن الخلق، ولين العاطفة مع الأطفال إذا كانت سبيلاً لدعوتهم للخير، وتحذيرهم من الشر، فتلك وسيلة نافعة بإذن الله للأطفال... ولكنها لا ينبغي أن تكون الدهر كله إذ يحتاج الطفل أحياناً إلى الحزم والعزم لبلوغه المعالي، بل ربما احتاج إلى الضرب، ولكن الضرب له قواعده ومواصفاته، ومتى يكون ومتى يمنع، وهو بكل حال أدب لا انتقام، ولا يحبذ في حال الغضب، ولا يصلح لكل الأطفال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) [الطلاق: 2].

إخوة الإيمان: ومهما بلغت وسائلنا في تربية أطفالنا فلا غنى لنا عن دعاء ربنا لإصلاحهم والانتفاع بهم، وأنتم واجدون في كتاب الله من دعاء الصالحين لذراريهم من مثل قوله: (قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ) [آل عمران: 38]، ومن مثل قوله: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) [الفرقان: 74]. نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وسنة نبيه، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، خلق الخلق، من ضعف، ثم جعل من بعد ضعف قوة، ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة، يخلق ما يشاء وهو العليم القدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان، إنه كان ظلوماً جهولاً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أخبر وهو الصادق المصدوق أنه ما نحل والده ولداً خيراً من أدب حسن. اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر النبيين.

أيها المسلمون: وهناك وسيلة لطيفة في التربية وذات أثر على الأولاد عموماً: والأطفال منهم على الخصوص، ألا وهي التفاهم بين الزوجين على علاج الخطأ الواقع من الأولاد أو ما يمكن تسميته (باصطناع المرونة)، فإذا اشتدت الأم على الطفل لأن الأب، وإذا عنف الأب لانت الأم، فقد يقع الولد في خطأ فيؤنبه والده تأنيباً يجعله يتوارى خوفاً من العقاب الصارم، فإذا غاب جاءت الأم لتطيب خاطره وفي نفس الوقت لتوضح له خطأه برفق، وحينها يشعر الولد بأن أبويه على حق وصواب، فيقبل من الأب تأنيبه – وربما اعتذر إليه – ويحفظ للأم معروفها – وربما شكرها – والنتيجة أنه سيتجنب الخطأ مرة أخرى.

وهذا الأسلوب أنفع من اعتذار أحد الأبوين للطفل عن خطئه، والدفاع عنه حين تأديبه، إذ يشعره ذلك بالدلال السلبي، ويدعوه للتعاظم وإن كان مخطئاً، وعدم القبول ممن وجهه، وإن كان ناصحاً.

أيها الآباء والأمهات: واحتسبوا الجلوس مع أطفالكم على موائد القرآن والسنة والدروس النافعة، فتلك وسيلة مهمة من وسائل تربيتهم، وروضا أنفسكم على سماع شكواهم، وتقدير وجهات نظرهم، وإن كان رأيهم متواضعاً، فذلك ينشئ فيهم الثقة ويدعوهم للإفصاح عما في نفوسهم، والجرأة على التعبير عن آرائهم مع الآخرين مستقبلاً.

وثمة وسيلة مساعدة على تربية الأولاد ألا وهي زيارة الأسر التي تعنى بتربية أولادها، فتلك مفيدة في التربية، وطريق لنقل التجربة الناجحة، والوسيلة المناسبة. وإذا تم في لقاءات العوائل عمل برامج للأطفال فتلك نافعة بإذن الله تعالى، ومعينة على ترابط الأسرة وتآلفهم.

أيها المربون والمربيات: هذه أنماط من وسائل التربية للأطفال، وقد تكونون مارستم بعضها أو ما هو أفضل منها، والمهم استشعار المسؤولية مع هؤلاء الأطفال، وتقديم ما نعذر به، أمام الله وأمامهم، ومن عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ولا بد أن يثمر الغرس الطيب جنى طيباً، إن في الدنيا أو في الآخرة، وإياك أن تحقر وسيلة من وسائل التربية، أو تظن أن الطفل لا ينتفع بها، ولربما رأيت أو رأى غيرك ثمار التوجيه الحسن، وقد حدثت أن طفلاً في المرحلة الابتدائية تأخر يوماً في أداء الواجب، فهم مدرسه بضربه، فقال له الطالب: "أتحداك أن تضربني"، فتعجب المدرس من مقولته هذه وسأله عن السبب، فقال الطفل: "لأنني صليت اليوم الفجر مع الجماعة"، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي" فأنا في ذمة الله، وكان من عقل المعلم ومشاركته في التربية أن ترك الطفل ولم يضربه.

أيها الآباء والأمهات: ويا أيها المربون والمربيات: وبقي أن نعرج على شيء من أخطائنا في تربية أطفالنا... فمن أخطائنا: أطفال الخادمات وذلك حينما نكل للخادمة كل شيء في أمر الأطفال، تربيهم كيف شاءت، وتعودهم من الأخلاق ما تريد، وقد تكون الخادمة كافرة أو ذات معتقد أو مذهب فاسد فتنشئ ناشئتنا أبعد ما تكون عن قيمنا وعاداتنا وأخلاقنا الإسلامية.

ومن أخطائنا: أطفال الشاشات، وذلك حينما نوفر للطفل ما هب ودب من وسائل اللهو المحرمة، ونهيئ له الفرصة للنظر بكل شاشة فاتنة... فينشأ جيل مغرم باللهو... مفتون بالقنوات، يربيه غيرنا ويتشكل عقله وفكره من بيئات وأمم تضمر العداوة لنا ولأطفالنا، وماذا نتوقع المستقبل لأطفال ربتهم الشاشات الهابطة، وأشربوا حب القنوات الفضائية المعادية؟ وهناك بدائل صالحة في هذا لمن شاء.

ومن أخطائنا: الدعاء على أطفالنا، أو لعنهم... وتلك حماقة تصدر من الوالدين أحياناً – وخاصة الأمهات – وهم المتحملون لوزرها، وقد قيل إن الدعوات كالحجارة التي يرمى بها، وقد تصيب وقد تخطئ، ولهذا نهى محمد صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على الأولاد، وقال: "لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم".

ومن الأخطاء: الشماتة بالمبتلين من أولاد غيرنا، وبدل أن نسأل الله لهم العافية، ونشكره على أن أصلح ولدنا، ترى بعض الناس يشمت بهؤلاء ويلوم أهلهم ويعنف عليهم، وقد يكونون مجتهدين، ولكن الله لم يشأ هدايتهم، وربما انتقل الداء إليه عقوبة من الله على شماتته وعدم شكره.

أيها الناس: ومن أخطائنا مع أطفالنا استحياؤنا من تعلم أولادنا أحكام البلوغ وعلاماته قبل بلوغهم، ولذا فقد تصوم أو تصلي الفتاة العذراء وهي حائض أو جنب، وقد يصلي الشاب المحتلم وهو جنب... وهكذا.

ومن أخطائنا: عدم تحذير أطفالنا مما نخشاه عليهم أو نحاذر من وقوعهم فيه من قبل، فقد يقعون في شرب الدخان أو المخدرات وهم يظنون ذلك من الرجولة، وقد يختارون رفقاء السوء وهم يحسبونه جليساً صالحاً...

ومن أخطائنا: التفريق بين أولادنا في الأعطيات المادية أو المعنوية فيتولد عندهم الحقد، وينشأ الحسد، ونضع الكرة فيما بيننا وبينهم –وبالعدل قامت السماوات والأرض– وعلى الوالدين قدر الإمكان ألا يظهرا الأولاد على خلافاتهم، وألا يكثروا من الشجار والخصومة بحضرتهم، فذلك مؤثر على نفسياتهم، وقد يؤثر في سلوكياتهم.

ومن أخطائنا: تخويف أطفالنا تخويفاً وهمياً حتى يستجيبوا لمطلبنا، ولكن هذا التخويف قد يخلف آثاراً سيئة على مستقبلهم.

ومن أخطائنا: ضعف النساء –إلا ما ندر– في تربية الأطفال على معالي الأمور، واشتغالهن أكثر بملبسه وشكله وطعامه، وليتهن يقتدين بالأمهات السابقات، ومن نماذجهن أم سفيان الثوري (فقيه العرب والمسلمين ومحدثهم) وقد ورد عن الإمام أحمد أن أم سفيان قالت له: "يا بني، اطلب العلم وأنا أفيك بمغزلي"، ثم كانت تتعهده بالنصح والتربية، فقد روى أحمد كذلك أنها قالت له يوماً: يا بني: "إن كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك، فإن لم تر ذلك فاعلم أنها تضرك ولا تنفعك".

أيها المؤمنون: وخلاصة القول: استجيبوا لنداء ربكم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة) [التحريم: 6]، وقدروا مسؤوليتكم مع أبنائكم "فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" وأدوا الأمانة التي أئتمنتم عليها وارعوها حق رعايتها، وأياكم أن تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يصلح نياتنا وذرياتنا، وأن يصلح أحوال المسلمين ويردهم إليه رداً جميلاً، وأن يحفظ شبابهم وشاباتهم من كل مكروه ومن كل فتنة.

 

 

 

 

 

 

 

المرفقات

ومسؤولية التربية (2)

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات