أضرار المعاصي

ناصر بن محمد الأحمد

2015-02-11 - 1436/04/22
التصنيفات: بناء المجتمع
عناصر الخطبة
1/التقصير والخطأ من طبيعة البشر2/أقسام الواقعين في المعاصي 3/خطر المعاصي وانتشارها وبعض أسباب الوقوع فيها 4/أضرار المعاصي وآثارها المدمرة 4/استعظام الذنوب وخطر استصغارها

اقتباس

أيها المسلمون: إن أضرار المعاصي، وشؤم الذنوب عظيمٌ وخطير، فهي موجبةٌ للذل والحرمان، جالبة للصد عن سبيل الرحمن، تفسد القلوب، وتورث الهوان، وتوجب اللعنة من الله ومن رسوله، تزيل النعم، وتجلب النقم، وتلقي الرعب والخوف في القلوب، تعمي البصيرة، وتسقط الكرامة، توجب القطيعة وتمحق البركة، ما لم يتب العبد منها ويرجع إلى...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

لقد خلق الله -تعالى- الإنسان وكرمه واصطفاه، وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا، وأودع في النفس البشرية خلالاً وصفاتٍ، وسجايا وطبيعاتٍ، ومن تلك السجايا والصفات التي فُطرت عليها النفس البشرية: طبيعة التقصير والخطأ، والانحراف والهوى، فالمعصية طبعٌ جبلّي، وخلق بشري، متى ما كان الوقوع فيها بدافع الشهوة والشبهة، دون محبةٍ أو رغبة، مع كره القلب لها، ونفور النفس منها.

 

وقد اقتضت حكمة الله -تعالى- واتصافه بصفات المغفرة والرحمة: أن يقع العباد في الذنوب والآثام، ثم يرجعون إلى الله مقبلين تائبين، فيغفر لهم، ويتجاوز عنهم، بمنّه وكرمه، ولو شاء الله لآمن من في الأرض أجمعين، ولهدى الناس كلهم، لكن حكمته اقتضت أن يملأ الجنة والنار من خلقه.

 

ما للعباد عليه حقٌ واجب *** كلا ولا سعيٌ لديه ضائع

إن عُذّبوا فبعدله أو نُعّموا *** فبفضله وهو الكريم الواسع

 

عباد الله: من ذا الذي لم تصدر منه زلّة؟ ومن الذي لم يقع منه هفوة؟ ومن لم يقع في معصية؟ وقد قال المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقومٍ يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم"[رواه مسلم في صحيحه].

 

وروى الترمذي وابن ماجة: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "كل بني آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون".

 

فأيّ نفس -يا عباد الله- غير نفوس الأنبياء المعصومة، ترتقي إلى درجةٍ ومنزلةٍ لا تدركها كبوة، ولا تغلبها شهوة؟

 

ولكن المؤمن الصادق في إيمانه، مع ذلك كله يدرك خطورة المعصية وشناعتها، وأنها جرأةٌ على مولاه، فإذا وقع فيها تحت ضعف بشري واقعها مواقعة ذليل خائف، يتمنى ذلك اليوم الذي يفارق فيه الذنب، ويتخلص من شؤم المعصية.

 

أيها المسلمون: إن الواقعون في المعاصي أحد رجلين:

 

إما رجلٌ يقع في المعصية حباً لها، وشغفاً بها، تتحكم المعصية من قلبه، وتسطو على تفكيره، حتى يسعى بكل جوارحه للوقوع فيها، وقد يبذل مالاً أو جاهاً، حتى يقع فيها، فإذا حال بينه وبين الوقوع فيها حائل أخذته الحسرات، وعصره الندم، على أنه لم يتمكن من فعلها.

 

كل ذلك دون رادعٍ من دين أو خلق أو ضمير، فلا يفكر بالتوبة، ولا يقيم لها وزناً، فهذا وأمثاله لا تزال خطواته تقوده من معصية إلى أخرى، ومن صغيرة إلى كبيرة، حتى تكبّه على وجهه في النار -عياذاً بالله-.

 

هذا هو الرجل الأول.

 

وأما الآخر، فهو يبغض المعصية، ويُقبل على الطاعة، لكنه تأخذه في لحظةٍ من اللحظات حالة ضعف بشري، فيواقع المعصية أياً كانت، وما أن يفارقها حتى يلتهب فؤاده ندماً وحسرةً وخوفاً ووجلاً من الله -تعالى-، فيحتقر نفسه ويمقتها، ثم يتجه إلى الله طارقاً بابه، راجياً عفوه وغفرانه، فهذا وأمثاله ممن قال الله فيهم: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)[آل عمران: 135].

 

ولقد صوّر ابن مسعود -رضي الله عنه- حال المؤمن مع المعصية تصويراً بليغاً دقيقاً، فقال: "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعدٌ تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذبابٍ مرّ على أنفه، فقال به بيده فطار".

 

قال المحب الطبري -رحمه الله تعالى-: "وإنما كانت هذه صفة المؤمن لشدة خوفه من الله ومن عقوبته وسخطه؛ لأنه على يقين من الذنب، وليس على يقين من المغفرة، والفاجر قليل المعرفة بالله، فلذلك قلّ خوفه من الله، واستهان بالمعصية".

 

أيها المسلمون: المعاصي سببُ كل عناء، وطريق كل تعاسة وشقاء، ما حلت في ديار إلا أهلكتها، ولا فشت في مجتمعات إلا دمرتها وأزالتها، وما أهلك الله -تعالى- أمة إلا بذنب، وما نجى من نجى وفاز من فاز إلا بتوبة وطاعة، فإن ما أصاب الناس من ضُرّ وضيق في كل مجال من المجالات فردياً كان أو جماعياً إنما بسبب معاصيهم، وإهمالهم لأوامر الله -عز وجل-، ونسيانهم شريعته، وصدق الله -سبحانه- إذ يقول: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)[الشورى: 30].

 

وقال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[الروم: 41].

 

وكتاب الله -تعالى- خير شاهد، فقد عمّ قوم نوح الغرق، وأهلكت عاداً الريح العقيم، وأخذت ثمود الصيحة، وقُلبت قرى قوم لوط عليهم: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)[العنكبوت: 40].

 

أيها المسلمون: وحين طغت على كثير من الناس النظرة المادية، فضعف عندهم ربط الأسباب بمسبباتها، وغفلوا عن إدراك سنن الله الكونية، وآياته الظاهرة، يؤازر ذلك ويساعده تتابع الفتن والشهوات على الناس، صُدّوا عن السبيل، ووقعوا في المعاصي دون أدنى رقيب أو محاسبة.

 

نعم -عباد الله- لقد انتشرت الفواحش، وعمّت المنكرات، واستبيحت المحرمات، ووقع الناس في الذنوب والموبقات، لمّا غاب عنهم الرقيب وضعف في نفوسهم الإيمان، فهانوا على الله فلم يبال بهم في أيّ أوديته هلكوا.

 

ذُكر للحسن البصري -رحمه الله- أن قوماً وقعوا في المعاصي، فقال: "هانوا على الله فعصوه، ولو عزّوا عليه لعصمهم".

 

نعم -أيها الإخوة- لقد وقع الناس في المعاصي والذنوب؛ لمّا استحكمت الغفلة من القلوب، وران حب الدنيا على النفوس، فأمنت مكر الله.

 

عباد الله: المعاصي مزيلة للنعم، جالبة للنقم، مؤدية إلى الهلاك والدمار.

 

فقد روى ابن ماجة وغيره عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: أقبل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا معشر المهاجرين، خمس خصال إذا ابتليتم بهن -وأعوذ بالله أن تدركوهن- لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين، وشدة المؤونة، وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله، وعهد رسوله، إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم، فأخذ بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم".

 

أيها المسلمون: إن أضرار المعاصي، وشؤم الذنوب عظيمٌ وخطير، فهي موجبةٌ للذل والحرمان، جالبة للصد عن سبيل الرحمن، تفسد القلوب، وتورث الهوان، وتوجب اللعنة من الله ومن رسوله، تزيل النعم، وتجلب النقم، وتلقي الرعب والخوف في القلوب، تعمي البصيرة، وتسقط الكرامة، توجب القطيعة وتمحق البركة، ما لم يتب العبد منها ويرجع إلى الله -تعالى- خائفاً وجلاً تائباً طائعاً، قال ابن المبارك -رحمه الله-:

 

رأيت الذنوب تميت القلوب *** وقد يورث الذل إدمانها

وترك الذنوب حياة القلوب *** وخير لنفسك عصيانها

 

قال مجاهد -رحمه الله-: "إن البهائم لتلعن العصاة من بني آدم إذا اشتدت السنة، وأمسك المطر تقول هذا بشؤم معصية بني آدم".

 

اعلموا -رحمني الله وإياكم- أن للمعصية ظلمة يجدها العاصي في قلبه لا يبددها ويجلوها إلا التوبة إلى الله -تعالى-، والتقرب إليه بالأعمال الصالحة.

 

قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إن للحسنة ضياءً في الوجه، ونوراً في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبةً في قلوب الخلق، وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضاً في قلوب الخلق".

 

قال صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"[رواه الإمام أحمد].

 

قال الفضيل بن عياض -رحمه الله-: "إني لأعصي الله -تعالى-، فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي".

 

إن للمعاصي -أيها المسلمون- من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمها إلا الله، من حرمان للرزق، ووحشة يجدها العاصي بينه وبين الناس وبينه وبين الله، ومِن تعسّر الأمور عليه، وحرمان التوفيق والظلمة في القلب، وحرمان الطاعة، ونقص في العمر، ومحق للبركة، وأعز من ذلك كله نقص العلم وحرمانه، قال الشافعي -رحمه الله-:

 

شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال اعلم بأن العلم نور *** ونور الله لا يؤتاه عاصي

 

وكذا هوان العبد على ربه، وسقوطه من عينيه: (وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء)[الحج: 18].

 

ووقوع العاصي في الذل والمهانة؛ لأن العز كله في طاعة الله.

 

قال الحسن البصري -رحمه الله-: "إنهم وإن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين، إن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه".

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)[الأعراف: 96- 99].

 

بارك الله لي ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه...

 

أما بعد:

 

فاتقوا الله -رحمكم الله- واعلموا أن المعاصي إنما تُحارب بطاعة الله -تعالى-، ومراقبته، والخوف منه، واستعظام الذنوب، والتوبة منها عند الوقوع فيها، قال الله -تعالى-: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[النور: 31].

 

عباد الله: إن استعظام الذنب يتولد منه لدى صاحبه استغفار وندم، وتوبة وإلحاحٌ على الله -عز وجل- بالدعاء، وسؤاله سبحانه أن يخلصه من شؤمه ووباله، وما يلبث ذلك أن يولد لدى الإنسان دافعاً قوياً يمكّنه من الانتصار على الشهوات، والسيطرة على الهوى.

 

أما أولئك الذين يحتقرون الذنوب، فقد يشعر أحدهم بالندم، ويعزم على التوبة، لكنها عزيمة باردة ضعيفة سرعان ما تنهار مرةً أخرى، أمام دواعي المعصية.

 

قال بعض السلف: "لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت".

 

روى البخاري عن أنس -رضي الله عنه- قال: "إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنّا لنعدها على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الموبقات".

 

وروى ابن أبي عاصم عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيصير بها منافقاً، وإني لأسمعها من أحدكم في المجلس الواحد أربع مرات".

 

إن المسلم ليقف أمام هذه الآثار متسائلاً: ماذا عسى خير القرون أن تقول أو تفعل من أفعال تعدّ من الموبقات إذا ما قورنت بما نقع فيه -يا عباد الله- من الجرائم العظام والذنوب الكبار التي لا نبالي بها -والله المستعان-.

 

إن احتقار الذنوب -معاشر الإخوة- والتهاون بها أمر خطير، فقد روى الإمام أحمد والطبراني عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهنّ يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه".

 

وإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ضرب لهنّ مثلاً: "كمثل قوم نزلوا أرض فلاة فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سواداً، وأججوا ناراً، وأنضجوا ما قذفوا فيها".

 

وهذا تشبيه بليغ من أفصح الناس صلى الله عليه وسلم لشؤم المعصية وخطرها على العبد، وهو لا يبالي بها، فالعود لا يصنع شيئاً، والثاني كذلك لكنها حين تجتمع تصبح حطباً يُشعل النار، ويأكل الحسنات، ورحم الله ابن المعتز حين قال:

 

خل الذنوب صغيرها *** وكبيرها ذاك التقى

واصنع كماشٍ فوق أرض*** الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرنّ صغيرةً *** إن الجبال من الحصى

 

أيها المسلمون: وبقدر ما يصغر الذنب عند العاصي بقدر ما يعظُم عند الله، وبقدر ما يعظم عند العاصي يصغر عند الله.

 

فكم -يا عباد الله- من كلمة لا نلقي لها بالاً يهوي بها الواحد منا في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب، سخريةً بمسلم، أو همزٍ له، أو وقوع في عرضه، أو كلمة غير صادقة، وكم من تقصير في واجبٍ لا نعبأ به، وارتكاب لمحرم، لا نتورع عنه، وهكذا تتراكم علينا الذنوب وبعد ذلك نسأل! لماذا تقسو القلوب؟ ولماذا تُظلم النفوس وتضيق الصدور؟ ولماذا ندعو فلا يستجاب لنا، ونسألُ فلا نعطى، ونستغفر فلا يغفر لنا؟

 

نحن ندعو الإله في كلّ كربٍ *** ثم ننساه عند كشف الكروبِ

كيف نرجو إجابةً لدعاءٍ *** قد سددنا طريقه بالذنوبِ

 

وأخيراً: إياك ثم إياك -يا عبد الله- إن وقع منك شيء بالمجاهرة بالمعصية فبتّ وقد سترك الله فتصبح تكشف ستر الله عليك، فهذا -أيها الأحبة- إثمه أعظم من إثم المعصية، وخطره أكبر، وعقابه أشد، قال صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي معافى إلاّ المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان! عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره الله، ويصبح يكشف ستر الله عنه"[رواه البخاري ومسلم].

 

فاتقوا الله -عباد الله- واحذروا المعاصي صغيرها وكبيرها، وعليكم بملازمة الاستغفار والتوبة، فإن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها، وبعدها: (لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا) [الأنعام: 158].

 

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات..,

 

اللهم صل على محمد ...

 

 

 

المرفقات
إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات