أسباب النهوض بالأمة

علي باوزير

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ المسلمون بين الجمود الفكري والاحتلال الأجنبي 2/ الإسلام يدعو إلى العلم 3/ رفعة مكانة العلماء في الإسلام 4/ عزوف كثير من المسلمين عن طلب العلم 5/ الحث على الاهتمام بالعلم والتعليم.

اقتباس

في بداية القرن التاسع عشر الميلادي بدأت حملات الاستعمار والاحتلال الأوربي للبلاد الإسلامية، وجاءت الجيوش الغازية ومعها أحدث الآلات والمعدات في ذلك الزمن تمكنوا بكل سهولة من أن يحتلوا بلاد الإسلام دون أن يجدوا مقاومة تُذكر، فإن الأمة الإسلامية في ذلك الوقت كانت في سبات عميق لم تستيقظ منه إلا على وقع أقدام تلك الجيوش الغازية فاستفاقت الأمة لتنصدم بالفارق الهائل ولتتفاجأ بالبون الشاسع بينها وبين هذه الدول المحتلة.

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]،  (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

 

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

وبعد أيها المسلمون عباد الله: في بداية القرن التاسع عشر الميلادي بدأت حملات الاستعمار والاحتلال الأوربي للبلاد الإسلامية، وجاءت الجيوش الغازية ومعها أحدث الآلات والمعدات في ذلك الزمن تمكنوا بكل سهولة من أن يحتلوا بلاد الإسلام دون أن يجدوا مقاومة تُذكر، فإن الأمة الإسلامية في ذلك الوقت كانت في سبات عميق لم تستيقظ منه إلا على وقع أقدام تلك الجيوش الغازية فاستفاقت الأمة لتنصدم بالفارق الهائل ولتتفاجأ بالبون الشاسع بينها وبين هذه الدول المحتلة.

 

نظر المسلمون فوجدوا أن أعداءهم عندهم من العلم وعندهم من التقنية ومن القوة المادية ما لا لم يخطر ببال المسلمين ذلك أن المسلمين في تلك المرحلة كانوا قد ابتعدوا كثيرًا عن أسباب النهضة وعن أسباب التقدم والحضارة المادية، كان هناك بعد كبير عن العلم، بل حتى كان هناك بعد عن الدين الصحيح وعن مبادئ الإسلام.

 

عمَّ الجمود الفكري وقل الإنتاج العلمي، وانشغل المسلمون عن العلم والتعلم فلا زالوا في تراجع يومًا بعد يوم في الوقت الذي كانت أوروبا قد أخذت بأسباب النهضة ومن أهمها العلم.

 

بل خاضت في هذا معركة كبيرة بين العلم وبين النصرانية المحرَّفة المتمثلة بسلطتها الكنسية التي كانت تحارب العلماء، وترفض كل فكرة جديدة، وتردّ أي نظرية لا تعرفها، فحاربوا العلماء، واتهموهم بالكفر والزندقة والإلحاد، ووقفوا في وجه العلم وأنشأوا محاكم التفتيش التي كان من مهامها البحث عن هؤلاء العلماء لأجل محاكمتهم، وإجبارهم على التراجع عن آرائهم، وعن نظرياتهم، فمن تراجع تركوه ومن أصرَّ عذَّبوه وربما قتلوه حتى قتلوا الكثير من العلماء، واستمرت هذه المعركة بين العلم وبين هذا الدين المحرَّف استمرت سنوات وسنوات، وفي الأخير انتصر العلم على هذا الدين المحرَّف وبدأت النهضة في أوروبا.

 

العجيب أيها الأحباب أن الحال عند المسلمين يختلف تمامًا؛ فالمسلمون دينهم يدعوهم إلى العلم يحثهم ويحضهم عليه يأمرهم به، ويرغّبهم فيه ويجعل لأهله المنازل العالية، نصوص كثيرة في القرآن والسنة تدل على فضل العلم كقول الله تبارك وتعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر: 9]، وكقوله سبحانه وتعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [المجادلة: 11]، وكقوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء) [فاطر: 28]، وكقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة".

 

أدلة كثيرة لا يسع المقام لذكرها، صحيح أن أول ما يدخل في هذه النصوص علم الشريعة الذي هو أجلّ العلوم وأشرفها، والذي هو دليل البشر إلى الله تبارك وتعالى والذي بدونه لا تكون سائر العلوم نافعة مفيدة للبشرية.

 

صحيح أن هذا العلم هو أول ما يدخل في هذه النصوص ولكن عموم النصوص يشمل كل علم نافع يستفيد الناس منه وينتفعون ولهذا قسَّم علماء الإسلام قسموا العلم إلى قسمين: علم واجب على مسلم يجب على كل مكلف بالغ مسلم أن يتعلمه وهو العلم الذي لا تصح عبادته إلا به كأحكام الطهارة والصلاة والصيام ونحوها، وما يحتاج إلى معرفته من أحكام المعاملات وأصول الاعتقاد التي لابد لكل مسلم من معرفتها.

 

هذا علم واجب على كل مسلم وهناك علم هو فرض كفاية على الأمة يجب على الأمة أن تفرغ من أبنائها من يتعلم هذا العلم لأجل أن ينفعها ويفيدها به، وهذا يشمل سائر العلوم التي يحتاج الناس إليها لإقامة دنياهم ولإقامة مجتمعاتهم ولتحصيل حاجاتهم.

 

العلم في الإسلام -أيها الأحباب- فريضة وليس مجرد فضيلة، العلم في الإسلام واجب وليس مجرد أمر مستحب، إلا أن المسلمين ضيَّعوا العلم فكان هذا سببًا في انحطاطهم وغلبة أعدائهم عليهم بل كان هذا سببًا في أن يُهلك المسلمين بعضهم بعضًا ما يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه.

 

العلم -أيها الأحباب- أساس نهضة الأمم وبنائها، والعلم هو سبب بقائها ودوامها واستمرارها فبدون العلم لا تقوم الحضارات والأمم، وبدونه لا تستمر، هذه أمة التتار الأمة المشهورة التي اكتسحت قارة آسيا وأوروبا وسيطرت على قرابة 20% من مساحة الكرة الأرضية وكانت إمبراطورية ضخمة يضرب بها المثل على مر التاريخ في قوتها وفي شدتها وفيما وصلت إليه من الاتساع والانتشار والسيطرة.

 

مع ضخامة هذه الإمبراطورية ومع قوة هذه الأمة إلا أنها لم تدم أكثر من تسعين عامًا ثم انتهت تمامًا، لماذا؟ لأنها كانت أمة لا تعرف العلم بل كانت أمة لا تحترم العلم، كانوا يدخلون إلى المدن الكبيرة وإلى العواصم والحواضر فيدمرون ما فيها من المكتبات ويحرقون كتبها ويتلفونها مع أنه كان بإمكانهم أن يستفيدوا من هذه الكتب وأن ينتفعوا بها ولكنهم لهمجيتهم ولجهلهم صاروا يحرقونها ويتلفونها، فكانت النتيجة أن هذه الأمة لم تستمر ولم يمضِ عليها إلا تسعون عامًا فإذا هي تتفكك وتنهار ولا تعود بعدها أبداً منذ سبعمائة عام إلى يومنا هذا لم تجتمع هذه الأمة مرة أخرى ولم يعد إليها مجدها وقوتها.

 

أيها الأحباب الكرام: إن مقياس وعي أيّ أمة إنما يكون بالنظر إلى مدى اهتمامها بالعلم وإلى مدى اهتمامها بالمعرفة هذا هو المقياس الذي يدلنا على وعي هذه الأمة وهذا هو الذي سيدلنا على مصيرها وعلى مستقبلها وعلى مآلها، فإذا رأيت أمة تهتم بالعلم وتحرص عليه وتتمسك به، فاعلم أنها إلى خير وأنها إلى تقدم وازدهار، وأما إذا رأيت امة لا تلتفت إلى العلم ولا تهتم به ولا تعطيه حقه، فاعلم أنها أمة فاشلة ولو كان عندها كنوز الدنيا بأجمعها، فإن العبرة ليست بالأموال وإن العبرة ليست بالقوة وإن العبرة ليست بالمساحة إنما العبرة بمدى اهتمام هذه الأمة بالعلم وحرصها عليه.

 

إذا رأيت أمة تهتم بعلمائها وتحتفي بهم أكثر من احتفائها بتجارها وأصحاب المناصب فيها والفنانين والمطربين فاعلم أنها أمة إلى تقدم، وأما إذا رأيت أمة تحتفي بمطربيها وتهتم بلاعبيها وتعطي الزخم الكبير لمفسديها بينما لا تلتفت إلى علمائها و لا تهتم بهم ولا تعطيهم قدرهم فاعلم أنها أمة تسير إلى انحدار.

 

ولعل البعض يتبادر إلى ذهنه حينما نذكر الاهتمام بالعلم والعلماء والمعلمين لعل البعض يتبادر إلى ذهنه دولة اليابان وما فيها من حرص واهتمام بالمعلمين وأساتذة الجامعات حتى أن وظيفة التعليم هناك سارت وظيفة يتنافس الناس عليها لما فيها من المكانة الاجتماعية؛ لأن ذاك المجتمع يقدر المعلمين ويقدر العلماء، صاروا يتنافسون في هذه الوظيفة لما فيها من الحوافز والمرغبات المادية درجة المعلم أعلى من درجة المهندس بل أعلى من كثيرًا من الوظائف التي قد تكون أهم منها في بلاد أخرى لكنها يقدمون المعلم على غيره وحق لهم أن يقدم.

 

فالمهندس يبني حجرًا، وأما المعلم فيبني بشرًا، لعله يتبادر إلى أذهاننا تلك البلاد وننسى أيها الأحباب أن ديننا قد ضخَّم وفخَّم وعظَّم من شأن العلماء والمعلمين ورفعهم وجعلهم في منزلة عالية ووصفهم بأحسن الأوصاف وأعطاهم أعظم الألقاب، هذا نبينا -صلى الله عليه وسلم- يقول: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، وهذه خيرية مطلقة.

 

ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم"، بل إن ربنا -تبارك وتعالى- جعل العلماء مرجعية الأمة في النوازل ووصفهم بأنهم أولوا الأمر، قال الله -تبارك وتعالى-: (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ..) [النساء:83]، من هم أولي الأمر في هذه الآية؟ هم العلماء.

 

بل في قول الله -تبارك وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) [النساء: 59]، قال جماعة من العلماء: أولي الأمر هنا هم العلماء، فالعلماء فوق الأمراء والعلماء فوق الحكام والعلماء فوق الرؤساء، وأيّ منزلة أعلى من هذه المنزلة التي أعطاها ديننا لأهل العلم وقدمهم على غيرهم وفضلهم على أصحاب الاختصاصات والمهن الأخرى.

 

والأدلة على تعظيم العلم أيها الأحباب كثيرة لا يسع المقام لذكرها وفيما ذكرنا كفاية لمن اكتفى.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه  إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا به وتوحيدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا مزيدًا.

 

وبعد أيها الأحباب الكرام: تاريخنا الإسلامي مليء بالنماذج الرائعة التي ضربت أروع الأمثال، وسطرت أعظم المآثر في الحرص والاجتهاد في تحصيل العلم والتعلم، نماذج لم تعرف البشرية مثلها وليست هذه النماذج تعد بالأصابع بل هي آلاف مؤلفة وأعداد لا يحصيها إلا الله -تبارك وتعالى- وهم كانوا سبب نهضة هذه الأمة.

 

صبروا على العلم، صبروا على التعلم، رحلوا في تحصيل العلم، سافروا الليالي والشهور والأعوام، بعضهم قضى أكثر من ثلاثين عامًا يتنقل من مكان إلى مكان يلتمس العلم ويبحث عنه ويطلبه، صبروا على الجوع والفقر وأنفقوا كل ما يملكون من الأموال لأجل تحصيل العلم، صبروا على السهر تحت أضواء الشموع والفوانيس، ولم تكن الكهرباء موجودة عندهم ليستفيدوا منها تحملوا أصعب الظروف المناخية من البرد والحر والرياح والعواصف.

 

تغربوا عن الأوطان ساروا حفاة على أقدامهم يمشون ويقطعون الصحاري والفيافي كل ذلك من أجل تحصيل العلم في وضع وفي ظروف كانت وسائل العلم فيها محدودة وقليلة وصعبة ولكنهم عرفوا قيمة ما يطلبون وعرفوا أهمية ما يبحثون عنه وهو العلم فصبروا لأجله:

 

بقَدْرِ الكدِّ تُكتَسَبُ المَعَــالي *** ومَنْ طَلبَ العُلا سَهِـرَ اللّيالي

ومَنْ رامَ العُلى مِنْ غَيرِ كَـدٍّ *** أضَاعَ العُمرَ في طَـلَبِ المُحَالِ

تَرُومُ العِــزَّ ثم تَنامُ لَيـلاً *** يَغُوصُ البَحْرَ مَن طَلَبَ اللآلي

 

واليوم أيها الأحباب تيسرت وسائل تحصيل العلم وأصبح الوصول إليها ميسورًا المدارس منتشرة والجامعات متعددة والكتب تطبع بالآلاف والوسائل التقنية اليوم قربت كل بعيد ويسّرت كل صعب وذللت كل عقبة حتى صار الوصول إلى المعلومة في متناول الأطفال فضلا عن الكبار.

 

ولكن للأسف أيها الأحباب حتى تيسرت هذه الوسائل والسبل ضعفت الهمم وفطرت العزائم وانصرف الناس عن العلم والتعلم وعزفوا عنه كثيرا.

ولهذا أسباب متعددة لعلنا نتحدث إن شاء الله عن شيء منها في خطبة لاحقة.

 

ونحن في هذه الأيام أيها الأحباب نستقبل عامًا دراسيًّا جديدة، وفي بدأ هذا العام ونحن نستقبل هذا العام الجديد فإننا نستشرف مستقبلاً أحسن ونأمل بإذن الله واقعًا أفضل حين نرى أبناءنا وهم يقبلون على المدارس ويتوجهون إليها بأعداد كبيرة وأعدادهم في كل عام في ازدياد هذا يدعو إلى التفاؤل، ولابد من التفاؤل فإن اليأس إذا سيطر على القلوب وإذا اقتنع الناس أن الواقع المؤلم لا يمكن تغييره فإنه سيستمر لكن إذا وجد الأمل والتفاؤل في القلوب بمستقبل أفضل وواقع أحسن فإنه بإذن الله –عز وجل- سيتحقق ما نأمله، وستسير عجلة التغيير والتقدم إلى الأمام.

 

وكم هم عظماء أبناء فلسطين منذ أكثر من ستين عامًا وهم يرزحون تحت ذاك الاحتلال الغاشم الاحتلال الصهيوني الظالم، ولكن مع هذا لم يمنعهم هذا الوضع ولم تمنعهم تلك المآسي والأحزان والآلام ولم يمنعهم ذاك الاحتلال الظالم من مواصلة التعليم؛ لأنهم علموا أنهم لن يغيروا واقعهم إلا بالعلم واليوم فلسطين تسجل أعلى نسب التعليم بالمقاييس العالمية أعلى نسب التعليم على المستوى العربي والإقليمي تأتي في المرتبة الثانية عربيًّا في مستوى التعليم، ثمانية وتسعون بالمائة من أبناء فلسطين يتجهون إلى المدارس ليتعلموا ومخرجاتهم من أجود المخرجات ومن أحسن المخرجات ولهذا شهدنا وشهد العالم كله نتيجة هذا الاهتمام بالعلم في الأحداث الأخيرة التي جرت في غزة وكيف انقلبت الموازين.

شعب اهتم بالعلم فنفعه الله بهذا العلم ورفعه الله –عز وجل- به.

 

نحتاج أيها الأحباب أن تكون عندنا مثل هذه القناعة أن نقتنع بأن أول طريق التغيير والإصلاح هو العلم فإذا اهتممنا به وبذلنا له كل جهودنا وطاقاتنا وسخّرنا له إمكانياتنا واجتهدنا في تحصيله وفي تعليمه لأبنائنا أخذنا  بأيديهم وشددنا من عزائمهم وحففناهم على الاجتهاد في العلم فإننا بإذن الله –عز وجل- سنشهد واقعًا أفضل وأحسن، صحيح أن هناك الكثير من المعوقات وكثيرًا من العقبات لكن لا ينبغي أن تقف هذه العقبات أمامنا ينبغي أن تكون عزائمنا أقوى وينبغي أن تكون هممنا أعلى ومن كانت عزيمته نافذة ومن كانت همته عالية فإنه لن تقف أمامه حتى الجبال.

 

لعلنا في خطوة قادمة -بإذن الله- نتحدث عن بعض هذه المعوقات وعن بعض هذه العقبات وما هو واجب الجميع تجاهها وكيف التعامل معها.

 

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يُصلح أحوالنا كلها، ونسأله -سبحانه وتعالى- أن يصرف عنا الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، اللهم آمنا في أوطاننا..

 

 

المرفقات

النهوض بالأمة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات