عناصر الخطبة
1/الحزن بما يصيب أهل الإسلام 2/من أسباب النصر الشرعية 3/التحذير من مخططات أعداء الإسلاماقتباس
من أسباب النصر -عبادَ الله- اجتماع الكلمة والحذر من الفُرقة والتنازع؛ فإن ذلك يؤدي إلى الفشل، وأعداء الإسلام فرقوا الأمة إلى بلدان ودول، ولم يكتفوا بذلك بل يسعون إلى تفريق أهل البلد الواحد، وكل مدة من الزمن يرفعون شعارات براقة تجذب...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
عباد الله: إن المسلمَ عندما يرى ما يجري لأهل الإسلام من تسلط الأعداء، وقتل وتشريد وتجويع وسلب للأموال وللأوطان، إلى غير ذلك؛ ليصيبه الحزن الشديد ويتساءل ما الذي جرى لهذه الأمة؟! أليست خير أمة؟! أليست هي الأمة التي ملكت مشارق الأرض ومغاربها؟!.
والجواب عن هذا السؤال مهم جدا، وهو أن من سنن الله التي لا تتغير ولا تتبدل أن أهل الحق إذا لم يأخذوا بأسباب النصر فإنه يصبح هذا حالهم، وأسباب النصر بينها الله -سبحانه وتعالى- في كتابه.
فمن أسباب النصر: إعداد القوة؛ قال -تعالى-: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ)[الأنفال: 60]، فالله -سبحانه- أمرنا أن نعد ما نستطيع من قوة عسكرية ترهب أعداء الله، وذكر الخيل وهي داخلة في القوة، ولكن ذكرها لعظم شأنها في الحروب في ذلك الزمن، ومثلها الآن الطائرات الحربية، وهذه القوة ترهب الأعداء الذين نعرف عداوتهم، وأعداء آخرين لا نعرفهم.
فإذا لم يكن للمسلمين قوة فلا يجوز لهم أن يهاجموا عدوهم؛ لأن هذا سيترتب عليه مفسدة أعظم ومنكرٌ أكبر، وهو قتل المسلمين وقتل أولادهم ونسائهم، وتشريدهم وهدم بيوتهم، ودماء المسلمين ليست رخيصة، يقول -عليه الصلاة والسلام-: "لزوال الدنيا أهونُ على الله من قتلِ رجلٍ مسلمٍ".
ولذلك إذا التقى الصفان في المعركة صف المسلمين وصف الكفار، وكان صف الكفار أكثر من ضعف صف المسلمين جاز التراجع عن القتال؛ لعدم وجود القدرة، فالمسلم يَقْدِر على الواحد والاثنين، فإن كانوا ثلاثة فلا يجب القتال لعدم القدرة؛ قَالَ -تعالى-: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الأنفال: 66].
فالقدرة لا بد من مراعاتها في جهاد العدو، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان في مكة والمسلمون معه قليل وضعفاء ليس عندهم قدرة، وكان يمر بآل ياسر عمار وأبيه وأمه سمية وهم يُعذبون، فيقول لهم: "صبراً؛ فإن موعدكم الجنة"، ولم يقاتل المشركين، فلما اشتد البلاء أذن لهم بالهجرة، فهاجروا من مكة من بلدهم ووطنهم وفيها المسجد الحرام وفيها الكعبة قبلةُ المسلمين، هاجروا إلى الحبشة الهجرة الأولى، ثم الهجرة الثانية، ثم بعد ذلك هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة، وكون له دولة قوية، فدخل مكة في السنة الثامنة من الهجرة وفتحها.
ومن أسباب النصر العظيمة: إقامة الدين وشرع الله؛ قَالَ -تعالى-: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)[التوبة: 33]، والهدى هو العلم النافع، ودين الحق هو العمل الصالح، وبهذا يحصل ظهور هذا الدين وأهله على جميع الأديان، ومعلوم أن دين الإسلام نسخ جميع الأديان فهو الدين الحق وما سواه باطل.
ومن أعظم أسباب النصر: توحيد الله؛ أي: عبادة الله وحدة لا شريك له؛ قَالَ -تعالى-: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[النور: 55].
ومن نظر في بلاد المسلمين وجد الشرك بجميع أنواعه منتشرا، حتى بلغت القبور والأضرحة التي تعبد من دون الله الألوف -والعياذ بالله-، وأصبح بعض المسلمين يوالي المشركين كالرافضة من الإيرانيين والحوثيين وحزب الشيطان ويستمد منهم النصر، فسبحان الله! ما أعظم الجهل بالتوحيد وبتاريخ الرافضة المشركين!، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن الرافضة كما في الفتاوى: "فهم يوالون أعداء الدين من اليهود والنصارى والمشركين، ويعادون أولياء الله الذين هم من خيار أهل الدين وسادات المتقين... وكذلك كانوا من أعظم الأسباب في استيلاء النصارى قديماً على بيت المقدس" أ.ه.
فالنصر -عبادَ الله- على العدو لا بد فيه من هذا الشرط، وهو نصرُ الله بإقامة دينه وشرعه والتمسك بذلك، فإذا حصل فالله وعد -سبحانه وتعالى- بالنصر؛ قَالَ -تعالى-: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)[الحج: 40].
أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يرد المسلمين إلى دينهم، وأن ينصرهم على عدوهم، اللهم إنا نسألك لإخواننا المستضعفين في غزة فرجا ونصراً قريباً، اللهم كن معيناً لهم وناصرا، اللهم عليك باليهود الغاصبين، اللهم عجل بزوال ملكهم يا قوي يا عزيز.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: من أسباب النصر -عبادَ الله- اجتماع الكلمة والحذر من الفُرقة والتنازع؛ فإن ذلك يؤدي إلى الفشل، وأعداء الإسلام فرقوا الأمة إلى بلدان ودول، ولم يكتفوا بذلك بل يسعون إلى تفريق أهل البلد الواحد، وكل مدة من الزمن يرفعون شعارات براقة تجذب من قل علمه وقلت بصيرته، فلنحرص على أن نكون يداً واحدة؛ فإن الفُرقة هزيمة وفشل؛ قَالَ -تعالى- (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الأنفال: 46].
والواجب علينا الحذر من دعاة الفرقة، ومن ذلك الدعوة إلى المظاهرات والخروج على الحكام بدعوى الجهاد ونصرةِ المستضعفين، وهذا -والله- من الإفساد في الأرض، ومن يدعو إلى ذلك هم في الحقيقة على منهج فاسد ولا يبالون بدماء المسلمين، فكم جروا الويلات على بلاد الإسلام بهذه الشعارات البراقة التي تؤثر في الجهال، ولنا عظة وعبرة فيما جرى أيام الربيع العربي من ثورات؛ جرت الويلات على بلاد المسلمين، ولم تأتِ بخير بل بشرٍ أكبر، والعياذ بالله.
فالواجبُ على المسلمين الرجوع إلى الله والأخذ بأسباب النصر على عدوهم، هذا هو الواجب عليهم، وإذا فعلوه سينصرهم الله، وإذا تركوا دينهم وتفرقوا فيما بينهم فلن يحصل النصر مهما كان؛ لأن الله -تعالى- ربط النصر بنصره فقال: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)[الحج: 40].
أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يرد المسلمين إليه رداً جميلاً، وأن يجمع كلمتهم على الحق، وأسأله -تعالى- أن يفرج عن إخواننا المسلمين في كل مكان، وأخصُ إخواننا في غزة، وأن يدمر اليهود الغاصبين، اللهم عجل بزوال ملكهم يا ذا الجلال والإكرام.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم