أسباب الخير والسعادة في الدنيا والآخرة

عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر

2022-10-10 - 1444/03/14
عناصر الخطبة
1/ الأسباب الجالبة لمنافع الدنيا والآخرة 2/ تحقيق الإيمان هو أصل فلاح وسعادة الدنيا والآخرة 3/ تحصيل العلوم النافعة 4/ التوكل على الله وحده 5/ بذل الأسباب النافعة المقربة إلى الله

اقتباس

مَن يتأمّل آيَ القرآن وأحاديثَ النبي -عليه الصلاة والسلام- يجدُ أنَّ الأمور مرتبطةٌ بأسبابها، فَلاَ بُدَّ من بذل الأسبابِ النافعةِ، والوسائل المفيدة، المقرِّبة لنيلِ رضا الله والفوزِ بخيرات الدنيا والآخرة، فأهلُ السعادة حقًّا وصدقًا هم الباذلون للأسبابِ النافعةِ، المجانبون للأسبابِ المهلكةِ...

 

 

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهُ الأولين والآخرين، وقيومُ السماوات والأرضين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله وأمينه على وحيه، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمّة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعدُ:

عبادَ الله معاشرَ المؤمنين: اتقوا الله تعالى؛ فإنَّ من اتقى الله وقاه، وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه، ثم اعلموا -رعاكم الله- أن من حكمة الله -جل وعلا- ورحمته أن جعل العباد مفتقرين إلى جلب المنافع الدينية والدنيوية، وإلى دفع المضار الدينية والدنيوية، واقتضت حكمته ومضت سنته -سبحانه- أن هذه المنافعَ لا تُنالُ إلا ببذل الأسباب لنيلها، والمضارَ لا تندفعُ إلا ببذل الأسباب التي تدفعها، وقد بين -جلَّ وعلا- هذه الأسباب في كتابه أتمَّ تبيين، وبينها رسوله -صلى الله عليه وسلم- في سنّته أحسنَ بيان؛ فمن سلك هذه الأسباب فاز بكل مرغوب، ونجا من كل مرهوب.

عباد الله: وأصل أسباب الخير والسعادة والفلاحِ في الدنيا والآخرة تحقيقُ الإيمان، والعمل الصالح، وفي هذا آيٌ كثيرة ودلائلُ وفيرة، منها قول الله -جل وعلا-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97]، وقوله -جل وعلا-: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً * حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً * وَكَأْساً دِهَاقاً) [النبأ: 31 – 34]، وقوله -تبارك وتعالى-: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) [القلم: 34]، وقوله -جل وعلا-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) [الكهف: 107]، والآياتُ -عباد الله- في هذا المعنى كثيرةٌ عديدةٌ.

ومن الأسباب العظيمة المبينة في الكتاب والسنة تحصيلُ العلومِ النافعةِ؛ فقد جعل الله -جل وعلا- العلمَ سببًا لرفعةِ العبدِ في الدنيا والآخرة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة: 11]، (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) [الزمر: 9]، (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) [الرعد: 19].

ثم إنه -جل وعلا- جعل العلم لا يُنالُ إلا ببذل أسبابه الموصلة إلى تحصيله ونيله، ومن ذلك حسنُ السؤال، وحسنُ الطلب، وحسنُ التعلُّمِ؛ يقول الله -جل وعلا-: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل: 43]، وفي الحديث يقول -عليه الصلاة والسلام-: "إنما العلمُ بالتّعلم، وإنما الحلمُ بالتّحلم".

وجعل -جلَّ وعلا- تقواهُ والحركةَ وتركَ الدعةِ والسكونِ سببًا لنيل الأرزاق والخيرات؛ يقول -جلَّ وعلا-: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) [الطلاق: 2 – 3]، ويقول الله -جلَّ وعلا-: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) [الملك: 15]، ثم إنه -جلَّ وعلا- جعل للتيسير أسبابًا عديدةً، وللتعسيرِ أسبابًا عديدةً، بيَّنها في قوله: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) [الليل: 5 – 10].

وجعل -جلَّ وعلا- حسنَ التّوكلِ عليه، والقيامَ بعبوديتِه وطاعتِه سببًا لكفايته لعبدِه وتأييدِه لَه؛ قال الله -جلَّ وعلا-: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 36]، وقال -جلَّ وعلا-: (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) [الطلاق: 3].

وجعل -سبحانه وتعالى- الإحسانَ بنوعيه -الإحسانَ إلى الله بحسن العبادة والإحسانَ إلى الخلق بحسنِ المعاملَةِ- سببًا لنيل رحمته -جلَّ وعلا-؛ فقال: (وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف: 56]، وقال -جلَّ وعلا-: (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ) [الرحمن: 60].

وجعل -جلَّ وعلا- العواقبَ الحميدةَ، والمآلاتِ الطيبةَ، والنتائجَ المباركةَ في الدنيا والآخرة، جَعلها تُنالُ بالصبرِ والتّقوى؛ قال -جلَّ وعلا-: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) [طه: 132]، وقال -جلَّ وعلا-: (قَالُوا أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [يوسف: 90]، وجعل –سبحانه- الدعاء سببًا لنيل الخيرات والفوزِ بعظيم العطايا والهبات، وهو -جلَّ وعلا- لا يَردُّ عبدًا دعاه، ولا يُخَيِّبُ مؤمنًا ناجاه، وهو القائل –سبحانه-: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر: 60]، وقال -جلَّ وعلا-: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ) [إبراهيم: 39]، وقال -جل وعلا-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186].

وجعل –سبحانه- للاستغفار والإكثار منه ثمارًا عديدة، وخيراتٍ عميمةً، وفضائلَ متعددةً في الدنيا والآخرة: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) [نوح: 10 – 12]، وجعل -سبحانه- لنيل مغفرته ورحمته والفوزِ برضَاهُ أسبابًا عظيمة، جمعها -جلَّ وعلا- في قوله: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) [طه: 82].

وجعل -جلَّ وعلا- لمصاحبةِ الأخيارِ تأثيرًا، ولمصاحبةِ الأشرارِ تأثيرًا، والمؤمن مدعوُّ لمصاحبةِ الأخيارِ ومجانبةِ الأشرارِ، وفي الحديث يقول -عليه الصلاة والسلام-: "المرء على دين خليله؛ فلْينظُرْ أحدكم من يُخالِل".

وهكذا -عبادَ اللهِ- مَن يتأمّل آيَ القرآن وأحاديثَ النبي -عليه الصلاة والسلام- يجدُ أنَّ الأمور مرتبطةٌ بأسبابها، فَلاَ بُدَّ من بذل الأسبابِ النافعةِ، والوسائل المفيدة، المقرِّبة لنيلِ رضا الله والفوزِ بخيرات الدنيا والآخرة، فأهلُ السعادة حقًّا وصدقًا هم الباذلون للأسبابِ النافعةِ، المجانبون للأسبابِ المهلكةِ، وهم في هذا كله معتمدون على الله، مُتوكلونَ عليه، وَاثقونَ به -جلَّ وعلا-، مُلتجئونَ إليه في كل أمورِهِمْ؛ صغيرِها وكبيرِها، دَقيقِها وجليلِها.

أسأل الله بأسمائه الحسنى أن يوفقنا جَميعًا لفعلِ أسباب الخير، وأن يجنبنا أسبابَ الشرِّ والفسادِ، وأن يوفقَنا لحسنِ التوكُّلِ عليه والثقةِ به سبحانه، وأن لا يكلَنا إلى أنفسنا طَرفَةَ عينٍ، أقولُ ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه يغفر لكم، إنه هوُ الغفورُ الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله عظيمِ الإحسان، واسعِ الفضلِ والجود والامتنان، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

عبادَ الله: اتقوا الله تعالى، ثم اعلموا -رعاكم الله- أن سعادةَ العبدِ وفلاحَه في الدنيا والآخرة ترتكز على أصلين متينين، وأساسين عظيمين، عليهما مدار السعادة ومُرتَكَزُها، ألا وهما: التوكلُ على الله وحدَهُ، وبذلُ الأسبابِ النافعةِ المقربةِ إلى اللهِ، وقد جمع بين هذين الأصلَين العظيمين في آياتٍ كثيرةٍ، وأحاديثَ عديدةٍ في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ منها قول الله -جلَّ وعلا-: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة: 5]، وقوله -جلّ وعلا-: (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [هود: 123]، وفي الحديث يقول -عليه الصلاة والسلام-: "احرِص على ما ينفعُك، واستعن بالله". ويقول -عليه الصلاة والسلام-: "لو توكلتم على الله حق توَكُّلِهِ، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتعودُ بطانًا". وفي قوله: "تغدو خماصًا" إشارة إلى فعل الأسبابِ. وفي الحديث الآخر عندما سأله سائلٌ عن ناقته: أَيعقِلُها ويتوكَّلُ، أو يطلِقُهَا ويَتَوَكَّلُ؟! قال -صلى الله عليه وسلم-: "اعقلها وتوكل". فأرشدَه إلى فعل الأسباب وعدمِ الركون إليها، وإنما الاعتماد على الله والثقةُ بالله والتوكلُ على الله وحده، فبهذا -عبادَ الله- تُنالُ السعادةُ، ويَتحققُ الفلاحُ في الدنيا والآخرة.

واعلَمُوا -رعاكم الله- أن الكَيِّسَ من عبادِ الله من دانَ نفسه وعَملَ لما بعد الموت، والعَاجزُ من أَتبعَ نفسَه هَواهَا وتَمنىَ على اللهِ الأمانِي، واعلَموا أيضًا -رحمكم الله- أن أصدق الحديث كلامُ الله، وخيرَ الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالة في النار، وعليكم بالجماعةِ؛ فإن يدَ الله مع الجماعة.

وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على إمامِ الهداة، وسيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى علي واحدةً صلى الله عليه بها عشرًا". اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيمَ، إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، وارْضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارْضَ اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدين، اللهم اِنصر من نصر دينَكَ وكتابكَ وسنَة نبيِك محمد -صلى الله عليه وسلم-، اللهمَّ وانصر عبادَك المؤمنين يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وعليك بأعداءِ الدين؛ فإنهم لا يُعجِزُونَك، اللهم إنا نجعلُكَ في نحورِهم، ونعوذُ بِكَ اللهم من شرورِهم.

اللهم أَصلِح وُلاةَ أمورنا، واجعلهم هُداةً مهتدين، اللهم وَفِّق وليَّ أمرِنا لما تُحبُ وتَرضى، وأَعِنه على البِّر والتقوى، وسدِّده في أقواله وأعماله، وارزقه البطانة الصالحة الناصحة، اللهم وفق جميع ولاة أُمور المسلمين للعمل بكتابك، واِتباع سنة نبيك -صلى الله عليه وسلم-.

اللهم أَصلِح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأَصلِح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموتَ راحةً لنا في كلِّ شر، اللهم آتِ نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنتَ وليُّها ومولاها، اللهم أصلِح ذات بينِنا، وأَلِّفْ بين قلوبنا، واِهدِنا سبل السلام، وأَخرِجْنَا من الظلمات إلى النور، وبارِك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقواتنا وأزواجنا وذرياتنا، واجعلنا مباركين أينما كنا، اللهم إنا نعوذ بك من الغلا ومن البَلاَ، ومن الفتنِ كلَها، ما ظهرَ منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة، وسائرِ بلاد المسلمين عامة، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم إنا نعوذ بك من منكراتِ الأخلاق والأهواء والأدواء، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهم اهدنا وسددنا.

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياءِ منهم والأموات، اللهم اغفر لنا ما قدّمنا وما أخّرنا، وما أسررنا وما أعلنا، أنت المقدِّم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير.

اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأَرسِلِ السماءَ علينا مدرَارًا، اللهم اسِقنا وأغِثنا، اللهم اسقِنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، إلهنا وسيدنا ومولانا، ورازقنا يا من بيده ملكوت كل شيء، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وزدنا ولا تنقصنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، اللهم إنا نسألك غيثًا مغيثًا هنيئًا مريئًا سَحًّا طبقًًا، نافعًا غيرَ ضارٍ، عاجلاً غيرَ آجل، اللهم سُقيا رحمةٍ لا سُقيا هدْمٍ ولا عذَابٍ ولا غَرَقٍ، اللهم أَغِثْ قلوبنا بالإيمان، وديارَناَ بالمطَر يا منَّان، وآخرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
 

 

 

 

المرفقات

الخير والسعادة في الدنيا والآخرة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات