أذية المسلمين

ناصر بن محمد الأحمد

2012-10-30 - 1433/12/14
عناصر الخطبة
1/ تحريم أذى المسلمين 2/ صور من الأذى المحرم للمسلمين 3/ كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه

اقتباس

كما أنني لا أريد أن أتعرض للأذية التي يوقعها بعض الرجال على نسائهم ولا للأذية التي تحصل من بعض المدرسين لطلابهم، ولا من تسلط وظلم وإيذاء بعض الرؤساء والمدراء لمرؤوسيهم وموظفيهم ولا من أقل حقوق وإيذاء بعض أصحاب الأعمال والمقاولات لعمالهم .. ولا أريد .. ولا أريد ..

 

 

 

 

أما بعد:

عباد الله: فإن أذية المسلمين من الكبائر، وإن أذية المسلمين لتعد من الجرائم العظيمة في دين الإسلام، كما أن أذية المسلمين عقوبتها أليمة، وعاقبتها وخيمة، قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58] قال المفسرون في معنى هذه الآية الكريمة (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات) أى بأى وجه من وجوه الأذى من قول أو فعل (بغير ما اكتسبوا) أي لم يكن ذلك لسبب فعلوه يوجب عليهم الأذية ويستحقونها به، فأما الأذية للمؤمن والمؤمنة بما كسبه مما يوجب عليه حداً أو تعزيراً، فذلك حق أثبته الشرع.

ثم أخبر سبحانه أن من أذى المؤمنين والمؤمنات بغير حق فقد احتمل بهتاناً وإثماً يعاقب عليهما أشد العقوبة، وفى الحديث الصحيح "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه".

أيها المسلمون: لا أريد في هذه الخطبة أن أتعرض للإيذاء الذي قد يوقعه بعض المسلمين على بعض من جراء سبّ أو شتم أو غيبة أو نميمة، وما أشبه هذه الأنواع من الإيذاءات التي قال الله تعالى فيها وفى غيرها، (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) [النور: 15]، فلا أريد أن أدخل في تفاصيل هذا النوع من الإيذاء، وإن كان إيذاءً منهياً عنه وهو داخل في عموم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58].

كما أننى لا أريد أن أتعرض لإيذاء بعض المسلمين بجيرانهم، بشتى أنواع الأذى، وصورها كثيرة لا تُعد ولا تُحصى، وإن كان أذية الجيران من الكبائر المحرمة وقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة عند الحاكم وابن حبان: "إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار وتؤذي جيرانها بلسانها، فقال عليه الصلاة والسلام: "لا خير فيها، هي في النار"، وأذية الجيران داخل أيضاً في عموم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58].

كما أنني -أيها الإخوة- لا أريد أن أتعرض لصور الإيذاء الكثيرة، التي يرتكبها كثير من التجار في هذا الوقت، من جشع في رفع الأسعار واحتكار لبعض السلع، وغش في بعض البضائع وهذه الألوان وغيرها داخل في عموم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58].

كما أنني لا أريد أن أتعرض لأذية المسلمين في طرقاتهم وشوارعهم، من رمي النفايات والأوساخ والنجاسات فيها من قبل البعض، فيأتي إلى صناديق القمامة، ومن عجزه وكسله يلقي بأوساخه ونفاياته بجانب هذه الصناديق، ولا يبالي بوضع هذه الأشياء في طرقات المسلمين، والغالب يتصور أن هذه أمور بسيطة وسهله ولا يدري أنه آذى عباد الله بذلك.

يقول عليه الصلاة والسلام: "اتقوا اللعانين"، قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: "الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم"، وقد أخبر عليه الصلاة والسلام بأن إماطة الأذى عن الطريق صدقة. وأنها من شُعب الإيمان قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58].

كما أنني -أيها الإخوة- لا أريد أن أتعرض للأذية التي يوقعها بعض الرجال على نسائهم ولا للأذية التي تحصل من بعض المدرسين لطلابهم، ولا من تسلط وظلم وإيذاء بعض الرؤساء والمدراء لمرؤوسيهم وموظفيهم ولا من أقل حقوق وإيذاء بعض أصحاب الأعمال والمقاولات لعمالهم. ولا من تأخير بعض الجهات لصالح الناس ومعاملاتهم. فهذا وغيره داخل في عموم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58].

لكن يا عباد الله: أود أن أتعرض لصور من الإيذاء الذي يقع على المسلمين على مستوى الأمة كلها.

إذا كان إيذاء المسلمين ببعض الأمثلة التي أشرت إليها تعد كبيرة من الكبائر، وجريمة من المحرمات. فما بالكم ببعض الأذى، وألوان من الأذى، يتضرر منه ملايين المسلمين، ويقع الضرر والأذى على مجموع الأمة.

فإن الأذية كلما انتشرت دائرتها وتوسعت كان إثم مرتكبها أعظم، وعقوبته أشد ولنتعرض -أيها الأخوة- لعدد من المجالات، التي أُوذي فيها المسلمون، ومازالوا يؤذون في كافة الأمصار، وكل البلاد.

أولها وأخطرها، مجال الاعتقاد، الذين بؤذون المسلمين في عقائدهم. هذا السيل من المحاولات والجهود التي تصب الآن على عقائد المسلمين لتمييعها، وإذابة شخصيتها. أنا أتساءل عن عظم إثم هذا عند الله تعالى، إذا كانت اللعنة تحق على من يتخلى في طرقات المسلمين وفى ظلهم، ويؤذيهم في طرقاتهم، فكيف بالذين يؤذون المؤمنين في عقائدهم، ربما أذية التخلي في طريق أو تحت ظل شجرة، تؤذي أفراداً معدودين لكن ألوف المسلمين سوف يتضررون ويؤذون في عقائدهم. فقيسوا هذا بهذا (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58].

أليس من أذية المسلمين في عقائدهم، هو هذه المحاولات لكسر حاجز العداء بينهم وبين الكفار، ومحاولة تمييع هذه القضية، أليس من أذية المسلمين في عقائدهم محاولة إقناعهم باليهود والنصارى أياً كان نوع هذا الإقناع وبأية طريقة كانت.

أليس من أذية المسلمين في عقائدهم، وتصوراتهم وأفكارهم: السماح لتيار العلمنة، يسرح ويمرح في بلاد المسلمين من أقصاه إلى أقصاه، بدءًا من تنحية كتاب الله عز وجل عن الحكم والتحاكم إليه، وجعل الدولة علمانية، تحكم بالقوانين الوضعية، إلى السماح لهم بالعبث والكتابة، في الجرائد والمجلات التي تدار في بلاد المسلمين شرقاً وغرباً.

أليس من أذية المسلمين في عقائدهم وتصوراتهم أن يغيّر مناهج التعليم في مدارس الطلاب ويحذف ويضاف بعض الأشياء؛ لأنها تخالف سياسات ما تسمى بالدول العظمى، وتجرح مشاعرهم، (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58].

مجال آخر من مجالات أذية المسلمين العامة: مجال الثقافة والوعي.

أيها المسلمون: إننا نعيش الآن في عصر، بلاد الدنيا كلها انفتحت تقريباً على بعض، وأصبحت الأخبار والأحوال تتناقل هنا وهناك، فما أن يحصل أو يقع أمر ما في أي مكان، فإذا بإذاعات الدنيا تعلم وتنشر ذلك الخبر مما دام الأمر كذلك. فإنني لأعجب من العقلية التي تعيشها بعض الإذاعات في عالمنا العربي والاسلامي حتى الآن. هذا التكتم الإعلامي، وهذا التحجيم على عقول الناس، وعدم إعطائهم الصورة الحقيقية والصحيحة لما يجري، وبث الأخبار المشوهة، وهذا النفي المتكرر لكثير ما يقع، فسرعان ما يحصل أمر ما، أو يشاع خبر، وكل الدنيا تعلم بوقوعه، وصحة ثبوته، فإذا بك تفاجأ، أيها المسلم المسكين، أن إذاعة ما تنفي ذلك الخبر، فإلى هذا الحد يصل إيذاء المسلمين، والمحاولة من التضييق حتى على سماعهم للأخبار.

فكما قلت لكم بأن الأوضاع الآن ليست كالسابق صار أغلب الأشياء مكشوفاً للجميع، الصغار والكبار، الرجال والنساء، حتى النساء في هذا العصر أصبحن يتكلمن في السياسة، ولهن تحليلات سياسية لكثير مما يجري على مسرح الأحداث. فلماذا هذا الاستغفال من إذاعات العالم العربي دون استثناء إلى الآن لشعوبها ما هي النتيجة، بل ماذا حصل بالفعل، الحاصل الآن، أن أغلب المسلمين فقدوا الثقة بإذاعاتهم وصار اتجاه تلقي وسماع الأخبار من إذاعة لندن، ومنتكارلوا، وصوت أمريكا وغيرها من الإذاعات التي تعطيك شيئاً من الحقيقة والواقع، بل إذا أردنا أن نعرف ما يجري في البلاد الإسلامية، توجهنا إلى هذه الإذاعات.

هذا أيها الإخوة، صورة من صور الإيذاء للمسلمين، إيذاؤهم في ثقافتهم، إيذاؤهم في وعيهم بما يدور حولهم، إيذاؤهم في معرفة واقعهم، (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58].

مجال آخر، من مجالات أذية المسلمين، مجال الاقتصاد.

أيها المسلمون: إن الموارد والخيرات الموجودة في العالم الإسلامي موارد خيرات لا توجد في بلاد الدنيا كلها. إن أراضي المسلمين غنية جداً. وهذا أمر لا يخفى للشرق ولا للغرب، ومع ذلك يا عباد الله، فهناك لا أقول ألوف، بل ملايين وملايين من أبناء هذه الأمة الذين يعيشون على الأراضي الإسلامية وفي عالمنا الإسلامي دون استثناء، من يعيشون في فقر، لا يعلم بحالهم إلا الله عز وجل.

ولو كان هناك توزيع عادل لثروات وخيرات بلاد المسلمين، لما وجدت مثل هذه الحالات، ولما أُوذي المسلمون، في أرزاقهم ومعيشتهم. ونحن بهذا الكلام لا نعترض على قدر الله عز وجل؛ حيث جعل من الناس أغنياء وجعل منهم فقراء، لكن أن يحصل الحال إلى خروج الروح من البدن وإلى الموت بسبب الفقر والجوع، ولا يكون هذا حالات فردية، أو أعداد قليلين. فهذا أمر غير طبيعي، وهو إيذاء للمسلمين، ودليل على أن ظلم ما حاصل في خيرات بلاد الإسلام. (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58].

صورة أخرى من صور الإيذاء في مجال الاقتصاد. ألا وهو الربا. الربا الذي غطى بسحابته السوداء بلاد المسلمين كلها دون استثناء. وضرب بأطنابه في أراضي المسلمين، ظلماً وعدوانًا وإيذاء.

الذي لا يريد الربا، جعلوا الربا يدخل عليه في عقر داره بأي شكل من الأشكال، ولو أن يصله غباره.

فلماذا هذه المحاربة لله، المحاربة العلنية ولماذا مضايقة وإيذاء عباد الله، حتى في أموالهم الخاصة، ولا ندري هل هذا الاستنزاف الهائل لأموال ضخمة جداً في الآونة الأخيرة، وذهابها دون جدوى. هل هي بسبب محق البركة بسبب التعامل بالربا أم ماذا؟

فنسأل الله عز وجل أن يرحمنا برحمته.

قال الله تعالى، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58].

بارك الله لى ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم ...

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله:

مجال آخر من مجالات أذية المسلمين، الأذية العامة، مجال القيم والأخلاق والسلوك.

أيها المؤمنون عباد الله لقد ظلت هذه الأمة بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم فترة طويلة من الزمن، أمة محافظة على قيمها وأخلاقها وسلوكها الشرعي، نعم كانت بعض الحالات من المخالفات، لكن كانت فردية، بقيت الأمة محافظة لما كانت الخلافة راشدة، وكان حكم الله عز وجل قائماً، وسيف العدل واقفاً.

ولما بدأ الانحراف يدخل على الدولة الإسلامية في أواخر الدولة الأموية، ثم الدولة العباسية، وما تلاها من دول، لما دخل الانحراف على حكومات تلك الدول، وكما يذكر في كتب التاريخ، بأن الفساد أول ما بدأ في قصور الأمراء والسلاطين في ذلك الزمان، ثم بدأ يخرج خارج القصور حتى انتشرت في العاصمة الإسلامية، وكانت أيامها بغداد، ثم بدأ الفساد يتوسع في الانتشار حتى وصل إلى باقي المدن المجاورة وهكذا، وحتى وصل الدور إلينا في هذه الفترة من عمر تاريخ هذه الأمة، وأصبح الفساد والمعاصي، وهتك عرض القيم والأخلاق هي الصورة الظاهرة، وصارت العفة والمحافظة هو الأمر المستغرب المستنكر.

أيها المسلمون: من المسؤول عن هذا الفساد الذي يعم ويطم عالمنا الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، من المسؤول عن فتح أماكن لبيع الخمور علانية وبأنظمة تحميها قوانين تلك الدولة، في بلاد المسلمين؟! ومن المسؤول على فتح بيوت للزنى واللواط في أراضي المسلمين بموجب أنظمة ولوائح تسير عليها؟ أليس كل هذا أذية للمسلمين وتحدٍّ ظاهر لدينهم ومشاعرهم، حتى أصبح الشخص الذي يريد أن يحافظ على عرضه ونفسه من الوقوع في الانحراف، يعاني الكثير والكثير
من المسؤول عن انتشار المخدرات بهذا الشكل الرهيب في الآونة الأخيرة، وصارت تفتك بشباب وشابات المسلمين وفي كثير من الحالات تؤدي بحياتهم، وأنا شخصياً أعلم حالات وغيري يعلم الكثير والكثير.

كم من أب ما عرف طعم النوم الأشهر تلو الأشهر، من جراء وقوع ولده أو بنته في حبائل المخدرات! كم من أسرة مسلمة، بقيت تبكي على نفسها فترة من الزمن؛ لأنهم فقدوا أحد أولادهم من إثر جرائم المخدرات!

فنقول من المسئول عن انتشار هذه الأمور في بلاد المسلمين ولماذا هذه الأذية لكثير من الأبرياء. (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58]، لا يصح ولا يعقل بأن نلقي اللوم على أمريكا أو روسيا أو غيرها من الدول التي تعادي الإسلام نحن لا نشك بأن الكفار عموماً يحرصون على إفساد شباب هذه الأمة. لكن في نفس الوقت لو كانت الجبهة الداخلية محكمة، وكان الضبط الداخلي موجوداً، لما استطاع الأعداء النفوذ والدخول إلينا، (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [آل عمران: 120].

أما عن أذية المسلمين في أخلاقهم وقيمهم عن طريق ما يسمى بالبث المباشر، فأتصور أنه لا تكفيه هذه العجالة، ولعله يكون لنا في مناسبات قادمة خطب كاملة عن هذا العدو الجديد، حتى نتبين خطره وآثاره على المجتمع.

والكل يعلم أنه قد بدأت تصل أو وصلت أجزاء من البث المباشر، ولقد جاءتني ونقل إليّ عن بعض ما يبث على المسلمين في هذا البث المباشر، وأغلبكم لا أظن أنه يخفاه. فكل من ساهم في إيصال هذا الفساد وهذا السفور الواضح، وهذه المحاربة للدين علانية عن طريق البث المباشر، فكل من ساهم في إيصال هذا أو كانت له علاقة في إيصالها فإنه يناله شيء من إثم أذية المسلمين. وربما نالته دعوة بعض الصالحين والصالحات الذين ينكرون ولا يرضون بهذه الأمور (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58].

عباد الله: هذه بعض الجوانب من جوانب أذية المسلمين وهناك جوانب أخرى أعرضنا عن الحديث عنها؛ خشية الإطالة.

فاتقوا الله أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى واحذروا من أذية المسلمين، واحذروا من الأذية أو العمل الذي يكون ضرره متعدٍ إلى الآخرين.

فإن أذية المسلمين حرام، وعقوبته في الآخرة أشد وأخزى.

اللهم أبرم لهذه الأمة..
 

 

 

 

المرفقات

المسلمين1

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات