عناصر الخطبة
1/ توديع رمضان 2/ فرحة العيد 3/ شكر نعمة العيد 4/ بعض أحكام العيد 5/ التحذير من معاصٍ ترتكب في العيد 6/ نداء للتمسك بالعبادة بعد رمضان 7/ زكاة الفطراقتباس
إنه وإن انقضى رمضان، فإن فضل الله لا ينقضي، فما إن يودع المسلمون شهرهم إلا ويستعدون ويسعدون بعيدهم السعيد الذي جعله الله موسماً للسرور، ومحطةً يقف عندها العاملون ليروِّحوا عن أنفسهم، ويُدخلوا عليها البهجة والأنس بلقاء الأحباب، والسلام على الجيران والإخوان والأصحاب ..
أما بعد: قرُب الرحيل، وأزِف الفراق، وما هي إلا ساعات وينتظر المسلمون خبر انقضاء هذا الشهر الكريم، الذي طالما تاقت لـه النفوس، واشتاقت لـه القلوب.
كنا بالأمس نعُدُّ لـه وننتظره، وإذا بنا اليوم نودعه! يودعه المؤمنون والأسى يُلهب قلوبهم، والألم يعصر أفئدتهم، فيعبر عن ذلك الألم تكلم العبرة التي ترتسم على المحيا، وتُغرِق العين بالدموع.
فاللهمَّ، يا جابر القلوب المنكسرة، اجبر كسرنا على فراق شهرنا، اللهم واختم لنا شهرنا بغفرانك، والعتق من نيرانك، يا أرحم الراحمين.
عباد الله: إنه، وإن انقضى رمضان، فإن فضل الله لا ينقضي، فما إن يودع المسلمون شهرهم إلا ويستعدون ويسعدون بعيدهم السعيد الذي جعله الله موسماً للسرور، ومحطةً يقف عندها العاملون ليروِّحوا عن أنفسهم، ويُدخلوا عليها البهجة والأنس بلقاء الأحباب، والسلام على الجيران والإخوان والأصحاب.
في العيد يُسرُّ الجميع بفضل الله وكرمه، تجد الطفل ضاحكاً مسروراً ينظر إلى نفسه فيفرح؛ لأنه قد لبس الجديد، وحاز على هدية العيد من أب أو أخ أو قريب.
فإذا رأى الأب ابنه ورأت المرأة ولدها والسعادة تغمر قلبه، والسرور بادٍ على محياه، أوجب لهما ذلك أضعاف ما بالطفل من السرور.
انظر إلى الناس وهم يتوافدون على مُصَلَّى العيد، قد أحضروا أطفالهم وهم يرفلون بأحسن الألبسة، وينعمون بأنعم الثياب.
ثم انظر إليهم إذا فرغوا من صلاتهم وهم يتصافحون ويتعانقون، يتبينْ لك قول ربك (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10]، ويتجلى بذلك امتثال الناس لقول حبيبهم محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو يوصي أمته: "وكونوا عباد الله إخواناً".
أيها المسلمون: بالسلام واللقاء، والود والصفاء، والمحبة والوفاء، يتذكَّر المؤمن يوم السعادة الكبرى، تلكم السعادة التي يجدها المؤمنون عندما يؤمرُ بهم إلى الجنان، تحفهم ملائكة الرحمن، فإذا دخلوها وجدوا طِيب العيش، ولذة النعيم، وعلموا أن لذة الدنيا لم تكن تساوي عند نعيم الجنة شيئاً.
يدخلون فتحييهم الملائكة، وينزع الله من قلوبهم كل سوءٍ وغلٍ وفسادٍ، فتحصل بينهم الأُلفة التي تزيد نعيمَهم نعيماً، فلا تسمع إلا طيب الكلام، وترديد السلام، في دار السلام، (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ) [الحجر:46-48].
ثم لا يلبثون فيها حيناً حتى يسمعون أكرم سلام، وأحسن كلام، إنه سلام الله على أهل الجنة: (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس:58].
إخوة الإسلام: إنَّ مِن شُكر نعمة الله بالعيد وما يحصل فيه من آلاء لا يحصيها إلا المنعم بها، إن من شكر نعمة الله بذلك أن نشعر بإخوانٍ لنا في العقيدة لا يكادون يهنئون بما نهنأ به، لما بهم من الفقر والشدة والحاجة.
فيا عباد الله: العيد عيد الجميع، فأَدْخِلوا على قلوب أولئك الضعفاء السرور، وتصدَّقُوا عليهم وارحموهم، عسى الله أن يرحمكم، في يوم تعظم فيه الحاجة، ويشتدُّ فيه العَوَز.
عباد الله: إذا كانت ليلة العيد شُرع للمسلمين عبادة عظيمة تدل على تعظيمهم لربهم، وشكرهم لخالقهم المتفضل عليهم، إنها عبادة التكبير، فإذا غربت الشمس من آخر أيام رمضان سُنّ لكم -أيها المسلمون- أن تكبروا الله بأصوات مرتفعة، إشعاراً بحمد الله، وإظهاراً لشكره، والثناء عليه: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:185]. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
فإذا صليتم الفجر من يوم العيد وقبل الذهاب إلى المصلى فاستنوا بسنة حبيبكم -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان من سنته أن يأكل تمرات يقطعهن على وتر، أي يأكل ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً.
ألا ولْيَكُنْ في الحسبان أنه لا ينبغي التساهل في حضور صلاة العيد، فهي سنة مؤكدة، بل إن من العلماء من قال بوجوبها، وهو قول قوي نصره بعض المحققين.
أيها الإخوة في الله: وليس معنى كون العيد موسماً للسرور أن نُحِلَّ فيه ما حرم الله، فهذا نقيض الحكمة من العيد، ومخالفٌ لما يجب أن يكون من شكر المنعم سبحانه وتعالى.
ألا وإن من أبرز المظاهر المحرمة تلكم الحفلات المشتملة على الموسيقى والغناء فإنها محرمة في دين الله، فلا يجوز المشاركة فيها، بل يجب إنكارها.
أيها المسلمون: ومن الحديث عن العيد أنتقل إلى حديث عمَّا بعد العيد، فأوجِّه نداءً قصيراً لكنه صادرٌ من قلب ملؤه الشفقة والمحبة، أوجه ندائي إليك يا مَن لا يصلي إلا في رمضان فأقول:
أخي: ها أنت قد صليت في رمضان، فقل لي بربك هل وجدتَ الصلاة أمراً شاقاً، أم هل ألفيتها عبأً ثقيلاً؟ لا أظنك إلَّا أن تنفي مشقتها وتقر بيسرها وسهولتها، ثم بعد ذلك تعترف بأن سبب تركك للجماعة إنما هو تزيين الشيطان، وغفلة القلب.
أخي: إن كان سبب تهاونك الغفلة والشيطان فاعلم أن الأمر خطير، فتارك الجماعة آثم عاصٍ، وتارك الصلاة بالكلية أو في بعض الأحيان بحيث ينقضي وقتها وهو لم يؤدها كافر خارج من الملة.
أخي في الله: هذه نصائح أغلى من الذهب، قد صغتها لك وكُلِّي أملٌ أن لا تدع منها شيئاً تراه حقاً إلا عملت به، واحتسبت عند الله الأجر في تطبيقه.
أسأل الله أن يوفقنا لمرضاته، وأن يتغمدنا برحمته.
الخطبة الثانية:
عباد الله: بعد انقضاء شهر الصيام يعبِّر المسلمون عن فرحهم بفضل ربهم وذلك عن طريق امتثالهم لأوامره، وتطبيقهم لشرعه سبحانه.
وإن مما أمر الله به عباده بعدما مَنَّ عليهم بنعمة إدراك رمضان، أن يؤدوا زكاة الفطر، فأخْرِجُوها قبل خروجكم لصلاة العيد، صاعاً عن كل أفراد الأسرة وجوباً، وعن الحمل الجنين استحباباً، وإياكم وإخراجَ القيمة! فإنه خلاف السُّنَّة.
فعلى المسلم أن يخرج زكاة فطره عينية لا نقدية، وذلك بإخراج ما يأكله أهل البلد من القوت من أرز أو غيره.
ألا وصلوا على حبيبكم ونبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم-...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم