أحكام القضاء

خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني

2023-09-29 - 1445/03/14 2023-10-08 - 1445/03/23
التصنيفات: المعاملات
عناصر الخطبة
1/من الذي يتولى القضاء؟ 2/الآدابُ الَّتِي يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّصِفَ بِهَا 3/كَيْفِيَّةُ الوُصُولِ إِلَى الحُكْمِ 4/مَتَى يحْلِفُ الشَّاهِدُ؟ 5/مَنْ الذي تَكونُ عليه اليمينُ؟ 6/أنواع القسمةِ.

اقتباس

قِسْمَةُ تَرَاضٍ وَاخْتِيَارٍ، لَا تَجُوزُ إِلَّا بِرِضَا الشُّرَكَاءِ كُلِّهِمْ، وَهِيَ التي يَكُونُ فِيهَا ضَرَرٌ عَلَى الشُّرَكَاءِ، أَوْ أَحَدِهِمْ إِذَا قُسِمَتْ؛ وَمِثَالُهَا: أَنْ تَكُونَ دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، لِأَحَدِهِمَا عُشْرُهَا، وَلِلْآخَرِ البَاقِي، إِذَا اقْتَسَمَاهَا...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71]، أما بعد:

 

فإن أصدق الحديث كتاب الله -عز وجل-، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ، أما بعدُ: فحَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان: «أحكام القضاء»، وسوف ينتظم حديثنا معكم حول سبعة محاور:

المحور الأول: من الذي يتولى القضاء؟

 

المحور الثاني: الآدابُ الَّتِي يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّصِفَ بِهَا.

 

المحور الثالثُ: كَيْفِيَّةُ الوُصُولِ إِلَى الحُكْمِ.

 

المحور الرابع: مَتَى يحْلِفُ الشَّاهِدُ؟

 

المحور الخامس: مَنْ الذي تَكونُ عليه اليمينُ؟

 

المحور السادس: أنواع القسمةِ.

 

واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ؛ المحور الأول: من الذي يتولى القضاء؟

 

اعلموا -أيها الإخوة المؤمنون- أنَّهُ لا يَتَوَلَّى القَضَاءَ إلا منْ تَوَفَّرتْ فيهِ ثمانيةُ شروطٍ: الأولُ: أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، فَلَا يَتَوَلَّى القَضَاءَ كَافِرٌ؛ لِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا)[الطلاق: 2]؛ ففي هذهِ الآية اشترطَ الله -عز وجل- أنْ يكونَ الشاهدانِ عدلينِ، والقاضي أولى بذلكَ.

 

الثاني: أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا، فَلَا يَتَوَلَّى القَضَاءَ صَبِيٌّ، وَلَا مَجْنُونٌ، وَلَا سَكْرَانُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا يُقْبَلُ، فَعَلَى غَيْرِهِمْ أَوْلَى.

 

الثالث: أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا، فَلَا يَصِحُّ تَوْلِيَةُ المَرْأَةِ القَضَاءَ؛ رَوَى البُخَارِيُّ عنْ أَبِي بَكْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً».

 

الرابع: أَنْ يَكُونَ عَدْلًا، فَلَا يَصِحُّ تَوْلِيَةُ الفَاسِقِ القَضَاءَ؛ لِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)[الحجرات: 6].

وَقَوْلِهِ -تَعَالَى-: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا)[الطلاق: 2].

 

والفَاسِقُ: هُوَ المُصِرُّ علَى الصَّغيرةِ، أَو مُرتَكِبُ الكبيرةِ.

 

الخامس: أَنْ يَكُونَ سَمِيعًا؛ لِيَسْمَعَ كَلَامَ الخَصْمَيْنِ.

 

السادس: أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا؛ لِيَعْرِفَ المُدَّعِي مِنَ المُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالمُقِرَّ مِنَ المُقَرِّ لَهُ، وَالشَّاهِدَ مِنَ المَشْهُودِ عَلَيْهِ.

 

السابع: أَنْ يَكُونَ نَاطِقًا؛ لِيَنْطِقَ بِالفَصْلِ بَيْنَ الخُصُومِ، فَلَا يُجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى القَضَاءَ أَخْرَسُ؛ لِأَنَّ الأَخْرَسَ لَا يُمْكِنُهُ النُّطْقُ بِالحُكْمِ، وَلَا يَفْهَمُ جَمِيعُ النَّاسِ إِشَارَتَهُ.

 

الثامن: أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَا يَحْكُمُ فِيهِ، فلا يجوز لأحد أن يقضي في شيءٍ يجهل حكمه؛ رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنْ بُرَيْدَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: وَاحِدٌ فِي الجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِي النَّارِ، فَأَمَّا الَّذِي فِي الجَنَّةِ: فَرَجُلٌ عَرَفَ الحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ».

 

المحور الثاني: الآدابُ الَّتِي يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّصِفَ بِهَا: يُستحبُّ للقاضِي أَنْ يَتَّصِفَ بِسَبْعَةِ آدابٍ: الأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ؛ حتَّى لا يَطْمَعَ فِيهِ الظَّالِمُ فَيَنْبَسِطَ عَلَيْهِ.

 

الثاني: أَنْ يَكُونَ لَيِّنًا مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ؛ حتَّى لا يَهَابَهُ صَاحِبُ الحَقِّ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنِ اسْتِيفَاءِ حُجَّتِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ.

 

الثَّالثُ: أَنْ يَكُونَ حَلِيمًا ذَا أَنَاةٍ؛ حتَّى لا يَغْضَبَ مِنْ كَلَامِ الخَصْمِ، فَيَمْنَعَهُ ذَلِكَ مِنَ الحُكْمِ بَيْنَهُمَا.

 

الرابعُ: أَنْ يَكُونَ ذا أناة؛ حتَّى لا تُؤَدِّي عَجَلَتُهُ إِلَى مَا لَا يَنْبَغِي.

 

الخَامسُ: أَنْ يَكُونَ ذَا فِطْنَةٍ، وذكاءٍ، وَيَقَظَةٍ؛ حتَّى لا يُؤْتَى مِنْ غَفْلَةٍ، وَلَا يُخْدَعَ لِغِرَّةٍ.

 

السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ عفيفًا، كَافًّا نَفْسَهُ عَنِ الحَرَامِ؛ حتَّى لا يَطْمَعَ فِيهِ أَحَدُ الخُصُومِ فَيُعْطِيَهُ رِشْوَةً.

 

السَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى عِلْمٍ بِأَحْكَامِ الحُكَّامِ مِنْ قَبْلِهِ؛ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ الوُصُولُ إِلَى الحُكْمِ؛ قَالَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه-: «لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ: عَفِيفٌ، حَلِيمٌ، عَالِمٌ بِمَا كَانَ قَبْلَهُ، يَسْتَشِيرُ ذَوِي الأَلْبَابِ، لَا يخافُ في اللهِ لومَةَ لائمٍ».

 

المحور الثالثُ: كَيْفِيَّةُ الوُصُولِ إِلَى الحُكْمِ:

اعلموا -أيها الإخوة المؤمنون- أنه لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ فِي الأَوْقَاتِ التِي تَمْنَعُهُ الرَّأي منْ سَدَادِ الرَّأْي، كالغَضَبِ، وَشِدَّةِ الجُوعِ، وَشِدَّةِ العَطَشِ، والهَمِّ، وَالمَلَلِ، وَالكَسَلِ، وَالنُّعَاسِ، والبَرْدِ المُؤْلِمِ، والحَرِّ المُزْعِجِ، وَشِدَّةِ البَولِ؛ رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنْ أَبِي بَكْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَهُوَ غَضْبَانُ».

 

وَكَيْفِيَّةُ الوُصُولِ إِلَى الحُكْمِ تَكُونُ بِمَا يلي:

المرحلة الأولى: إِذَا حَضَرَ القَاضِيَ خَصْمَانِ، فَادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ شَيْئًا تَصِحُّ دَعْوَاهُ، فَلِلْقَاضِي مُطَالَبَةُ الخَصْمِ بِالخُرُوجِ مِنْ دَعْوَاهُ قَبْلَ سُؤَالِهِ، فَيَقُولُ لَهُ القاضي: مَا تَقُولُ فِيمَا يَدَّعِي عَلَيْكَ؟ فَإِنْ أَقَرَّ لَزِمَهُ الحَقُّ، وَانْتَهَتِ القَضِيَّةُ.

 

المرحلة الثانية: إِنْ أَبَى المُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُقِرَّ، قَالَ القَاضِي لِلْمُدَّعِي: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟، فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَةً، وَهِيَ الشُّهُودُ، حَكَمَ القَاضِي لِلْمُدَّعِي، وَأَلْزَمَ المُدَّعَى عَلَيْهِ الحَقَّ؛ رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنْ عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «الْبَيِّنَةُ عَلَى المدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى المدَّعَى عَلَيْهِ».

 

المرحلة الثالثة: إِنْ عَجَزَ المُدَّعِي عَنِ البَيِّنَةِ طَلَبَ القَاضِي مِنَ المُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ، فَإِنْ حَلَفَ، حَكَمَ القَاضِي لَهُ، وَسَقَطَتِ الدَّعْوَى؛ رَوَى مُسْلِمٌ عنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الحَضْرَمِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ، وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ الحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي كَانَتْ لأَبِي، فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي، أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِلْحَضْرَمِيِّ: «أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «فَلَكَ يَمِينُهُ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: «لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ»، فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا أَدْبَرَ: «أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لِيَأْكُلَهُ ظُلْمًا، لَيَلْقَيَنَّ اللهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ».

ورَوَى البُخَارِيُّ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ، فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟»، قُلْتُ: لَا، فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: «احْلِفْ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِذًا يَحْلِفَ، وَيَذْهَبَ بِمَالِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[آل عمران: 77].

 

وَرَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- «قَضَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى المدَّعَى عَلَيْهِ».

 

المرحلة الرابعة: إِنْ أَبَى المُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ، حَكَمَ عَلَيْهِ القَاضِي بِالامْتِنَاعِ عَنِ الحَلِفِ، وَأَلْزَمَهُ الحَقَّ.

 

المحور الرابع: مَتَى يحْلِفُ الشَّاهِدُ؟

لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ الشَّاهِدَ فِي مَوْضِعَيْنِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الأَصْلَ أَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَحْلِفُ: الأول: فِي شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الوَصِيَّةِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمْ؛ لِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ)[المائدة: 106]؛ فَقَوْلُهُ -تَعَالَى-: (أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ)؛ أَيْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ؛ وَرَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنَ المسْلِمِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِدَقُوقَا هَذِهِ، وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا مِنَ المسْلِمِينَ يَشْهَدُ عَلَى وَصِيَّتِهِ، فَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقَدِمَا الْكُوفَةَ فَأَتَيَا الْأَشْعَرِيَّ فَأَخْبَرَاهُ، وَقَدِمَا بِتَرِكَتِهِ وَوَصِيَّتِهِ، فَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ: «هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَحْلَفَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ بِاللهِ مَا خَانَا، وَلَا كَذِبَا، وَلَا بَدَّلَا، وَلَا كَتَمَا، وَلَا غَيَّرَا، وَإِنَّهَا لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ وَتَرِكَتُهُ، فَأَمْضَى شَهَادَتَهُمَا».

 

الثاني: فِي شَهَادَةِ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالزِّنَا إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَرْبَعَةُ شُهَدَاءَ، يَحْلِفُ لِكُلِّ شَاهِدٍ يَمِينًا؛ لِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)[النور: 6]؛ فَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِيهَا فَرَجٌ لِلْأَزْوَاجِ، وَزِيَادَةُ مَخْرَجٍ إِذَا قَذَفَ أَحَدُهُمْ زَوْجَتَهُ وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، أَنْ يُلَاعِنَهَا، كَمَا أَمَرَ اللهُ -عز وجل- وَهُوَ أَنْ يُحْضِرَهَا إِلَى الْإِمَامِ، فَيَدَّعِيَ عَلَيْهَا بِمَا رَمَاهَا بِهِ، فَيُحَلِّفُهُ الحَاكِمُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ فِي مُقَابَلَةِ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ.

 

المحور الخامس: مَنْ الذي تَكونُ عليهِ اليمينُ؟

اليمينُ تَكونُ على أحد ثَلاثةٍ: الأول: إِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ فِي الحُقُوقِ المَالِيَّةِ، حَلَفَ المُدَّعِي يَمِينًا مَعَ شَهَادَتِهِ وَحُكِمَ لَهُ بِهِ؛ رَوَى مُسْلِمٌ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- «قَضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ».

 

الثاني: تَكُونُ اليَمِينُ عَلَى المُدَّعِي، وَالمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَا إِذَا اخْتَلَفَا المُتَبَايِعَانِ فِي قَدْرِ ثمنِ السلعةِ وهي موجودةٌ، كأنْ يقولَ البَائِعُ: بِعْتُ بِكَذَا، وَيقول المُشْتَرِي بل بأَقَلَّ، فهُنا يَحْلِفُ البَائِعُ بِاللهِ: لَقَدْ بِعْتُهُ بِكَذَا، فَإِذَا حَلَفَ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: إِمَّا أَنْ تَأْخُذَ السِّلْعَةَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ البَائِعُ، وَإِمَّا أَنْ تَحْلِفَ: مَا اشْتَرَيْتُهَا إِلَّا بِمَا قُلْتُ، فَإِنْ حَلَفَ، فُسِخَ العَقْدُ بَيْنَهُمَا، وَرُدَّ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا دَفَعَ؛ رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنْ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ -رضي الله عنهما- أنه بَاعَ مِنَ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ رَقِيقًا مِنْ رَقِيقِ الإِمَارَةِ، فَاخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ.

فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: بِعْتُكَ بِعِشْرِينَ أَلْفًا.

وَقَالَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ.

فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنْ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-.

قَالَ: هَاتِهِ.

فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ، وَالْبَيْعُ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ، فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ، أَوْ يَتَرَادَّانِ الْبَيْعَ».

قَالَ: فَإِنِّي أَرَى أَنْ أَرُدَّ الْبَيْعَ، فَرَدَّهُ.

 

الثالث: إِنْ عَجَزَ المُدَّعِي عَنِ البَيِّنَةِ طَلَبَ القَاضِي مِنَ المُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ؛ رَوَى مُسْلِمٌ عنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الحَضْرَمِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ، وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ الحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي كَانَتْ لأَبِي، فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا، لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِلْحَضْرَمِيِّ: «أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «فَلَكَ يَمِينُهُ».

ورَوَى البُخَارِيُّ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ، فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟»، قُلْتُ: لَا، فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: «احْلِفْ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِذًا يَحْلِفَ، وَيَذْهَبَ بِمَالِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[آل عمران: 77].

 

المحور السادس: أنواع القسمةِ:

القِسْمَةُ نَوعَانِ: الأَولُ: قِسْمَةُ تَرَاضٍ وَاخْتِيَارٍ، لَا تَجُوزُ إِلَّا بِرِضَا الشُّرَكَاءِ كُلِّهِمْ، وَهِيَ التي يَكُونُ فِيهَا ضَرَرٌ عَلَى الشُّرَكَاءِ، أَوْ أَحَدِهِمْ إِذَا قُسِمَتْ؛ وَمِثَالُهَا: أَنْ تَكُونَ دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، لِأَحَدِهِمَا عُشْرُهَا، وَلِلْآخَرِ البَاقِي، إِذَا اقْتَسَمَاهَا لَا يَصْلُحُ لِصَاحِبِ العُشْرِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ، فَيَتَضَرَّرُ لِذَلِكَ، فَإِذَا طَلَبَ صَاحِبُ الكَثِيرِ القِسْمَةَ لَا يُجْبَرُ الآخَرُ.

 

الثاني: قِسْمَةُ إِكْرَاهٍ وَإجْبَارٍ، لَا ضَرَرَ فِيهَا عَلَى الشُّرَكَاءِ، فَيُكْرَهُ وَيُجْبَرُ الشُّرَكَاءُ عَلَيْهَا؛ وَمِثَالُهَا: أَرْضٌ وَاسِعَةٌ وَقَرِيبَةٌ، وَبُسْتَانٌ وَدَارٌ كَبِيرَةٌ، وَدُكَّانٌ وَاسِعٌ؛ فَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ القَسْمَ، وَأَبَى الآخَرُ أَجْبَرَهُ القاضي عَلَى القَسْمِ؛ رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ».

 

فَإِذَا اقْتَسَمَ الشَّرِيكَانِ بِالقُرْعَةِ وَجَبَتْ إِلَّا فِي حالين: الأولى: إِنْ ظَهَرَ عَيْبٌ فِي نَصِيبِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، وَكَانَ مَجْهُولًا وَقْتَ القَسْمِ جَازَ الرُّجُوعُ فِي القُرْعَةِ؛ رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا ضَرَرَ، وَلَا ضِرَارَ».

وَرَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «المسْلِمُ أَخُو المسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ».

 

الثانيةُ: إِنْ غُبِنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَبْنًا فَاحِشًا، كَأَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا قِيمَتُهُ مَائَةٌ بِأَلْفٍ، جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي القُرْعَةِ؛ رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ».

 

أقولُ قولي هذا، وأَستغفرُ اللهَ لي، ولكُم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، أما بعد:

 

فَإِذَا تَدَاعَى اثْنَانِ عَيْنًا لَيْسَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا لَهُ لَا حَقَّ لِلْآخَرِ فِيهَا، وَجَعِلَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ وإِذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا فِي أَيْدِيهِمَا، وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَا، وَجُعِلَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وإِذَا كَانَتِ العَيْنُ فِي يَدِ أَحَدِ المُدَّعَينِ، فَهِيَ لَهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِيهَا إِذِا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وإِذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا، فَادَّعَاهَا مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لِنَفْسِهِ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا، وَيَأْخُذُهَا.

رَوَى مُسْلِمٌ عنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الحَضْرَمِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ، وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ الحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي كَانَتْ لأَبِي، فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي، أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِلْحَضْرَمِيِّ: «أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «فَلَكَ يَمِينُهُ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: «لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ»، فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا أَدْبَرَ: «أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لِيَأْكُلَهُ ظُلْمًا، لَيَلْقَيَنَّ اللهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ».

 

الدعـاء...

 

• اللهم ثبِّت قلوبَنا على الإيمان.

 

• اللهم اهدنا لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

 

• اللهم ثبِّتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

 

• اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.

 

• اللهم قنا شح أنفسنا، واجعلنا من المفلحين.

 

• اللهم اغفر لنا ذنوبَنا، وإسرافنا في أمرِنا.

 

• اللهم ارزقنا العلمَ النافع، والعملَ الصالحَ.

 

• اللهم ألِّفْ بين قلوبِنا.

 

• اللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك.

 

 

 

أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.

 

 

[1] صحيح: رواه البخاري (4425).

[2] انظر: «الكافي» (6/ 87)، و«كشاف القناع» (15/ 33).

[3] صحيح: رواه أبو داود (3575)، والترمذي (1322)، وابن ماجه (2315)، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ فِيهِ يَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ بُرَيْدَةَ «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ»، وصححه الألباني.

[4] انظر: قبل «الكافي» (6/ 87-88)، و«شرح المنتهى» (6/ 483)، و«كشاف القناع» (15/ 65)، و«فتح الوهاب» (3/ 542).

[5] رواه ابن عبد البر في «الاستذكار» (7/ 278)، ومثله عن عمر بن عبد العزيز عند البيهقي في «الكبرى» (10/ 110)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (8/ 298).

[6] متفق عليه: رواه البخاري (7158)، ومسلم (1717)

[7] انظر: «الكافي» (6/ 119).

[8] صحيح: رواه الترمذي (1391)، وقال: «حسن صحيح»، وصححه الألباني.

[9] صحيح: رواه مسلم (139).

[10] صحيح: رواه البخاري (2667).

[11] متفق عليه: رواه البخاري (2514)، ومسلم (1711).

[12] انظر: «تفسير الطبري» (9/ 66-67).

[13]دَقُوقَا: بَلَدٌ بَيْنَ بَغْدَادَ، وَإِرْبِلَ؛ [انظر: «معجم البلدان»، لياقوت الحموي (2/ 459)].

[14] صحيح: رواه أبو داود (3607)، وقال الألباني: صحيح الإسناد إن كان الشعبي سمعه من أبي موسى.

[15] انظر: «تفسير ابن كثير» (6/ 14).

[16] صحيح: رواه مسلم (1712).

[17] رقيق الإمارة: أي مماليك الخلافة الذين لم يقسموا على أحد.

[18] صحيح: رواه أبو داود (3513)، والنسائي (4648)، وابن ماجه (2186)، وصححه الألباني.

[19] صحيح: رواه مسلم (139).

[20] صحيح: رواه البخاري (2667).

[21] انظر: «الكافي» (6/ 139-141)، و«العمدة» (2/ 417)، و«كشاف القناع» (15/ 202، 203)، و«شرح المنتهى» (6/ 584).

[22] صحيح: رواه أحمد (1/ 313)، وابن ماجه (2340)، وحسنه النووي في «الأربعين»، وصححه الألباني.

[23] صحيح: رواه أحمد (1/ 313)، وابن ماجه (2340)، وحسنه النووي في الأربعين، وصححه الألباني.

[24] متفق عليه: رواه البخاري (2442)، ومسلم (2564).

[25] صحيح: رواه أحمد (1/ 313)، وابن ماجه (2340)، وحسنه النووي في «الأربعين»، وصححه الألباني.

[26] انظر: «الكافي» (6/ 154)، و«شرح المنتهى» (6/ 601، 605)، و«كشاف القناع» (15/ 232).

[27] صحيح: رواه مسلم (139).

 

المرفقات

أحكـام القضاء.doc

أحكـام القضاء.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات