عناصر الخطبة
1/استحباب الاعتكاف في العشر الأواخر 2/مقاصد الاعتكاف 3/أعمال صالحة في العشر الأواخر 4/أهمية إصلاح النية 5/آداب الاعتكاف.اقتباس
فيستحب الإكثار من العبادة في هذه الأيام كالصلاة، والصدقة، وقراءة القرآن، وذكر الله -عز وجل- وغيرها من سائر العبادات. ومن قام ليلة القدر مصدِّقًا بأنها حق، مخلِصًا لله غفر الله له ما تقدم من ذنبه...
الخطبةُ الأولَى:
إن الحمدَ لله؛ نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70، 71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله -عز وجل-، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ.
أما بعدُ: فحَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان: "أحكام الاعتكاف"، واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ.
اعلموا -أيها الإخوة المؤمنون- أن الله -عز وجل- يفرح أشد الفرح بمن التزم طاعته، وأكثر منها، وهو غنيٌّ عنا -سبحانه وتعالى-.
روى ابنُ مَاجَه بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَا تَوَطَّنَ [1] رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، إِلَّا تَبَشْبَشَ اللهُ لَهُ، كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ" [2].
ويُستَحبُّ للمسلمِ أنْ يعتَكِفَ في المسجِدِ في العشرِ الأَواخرِ من رمضَانَ. رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنه- "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِه"[3]؛ لأن هذه الأيام العشر فيها ليلة القدر والعبادة فيها أفضل من عبادة ألف شهر.
قال الله -تعالى-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)[القدر: 3]؛ فيستحب الإكثار من العبادة في هذه الأيام كالصلاة، والصدقة، وقراءة القرآن، وذكر الله -عز وجل- وغيرها من سائر العبادات.
ومن قام ليلة القدر مصدِّقًا بأنها حق، مخلِصًا لله غفر الله له ما تقدم من ذنبه. رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[4].
وقد حثَّنَا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- على الاجتهَادِ في العبادة في هذه الأيام حتى ندرك أجرها، وثوابها. رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنِ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ -يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ- فَإِنْ ضَعُفَ أَحَدُكُمْ أَوْ عَجَزَ، فَلَا يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي"[5].
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجتهد في هذه الأيام العشر اجتهادًا عظيمًا. رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ، وَشَدَّ الْمِئْزَرَ"،[6] ومعنى قولها -رضي الله عنها-: "وَشَدَّ الْمِئْزَرَ": أي اجتهد في فعل العبادات، وزاد فيها على عادته -صلى الله عليه وسلم- في غيره[7].
وسألتْ أمُّ المؤمنين عائشةُ -رضي الله عنها- عن أفضل دعاءٍ تقوله في ليلةِ القدر؛ فأخبرها النبي -صلى الله عليه وسلم-أن تقولَ: "اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي".
رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: "قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي"[8].
أكثروا -أيها الإخوة المؤمنون- من قراءة القرآن في هذه الأيام المباركة؛ فقارئ القرآن له بكل حرف يقرؤه عشر حسنات. روى الترمذي وحسَّنه عن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ"[9].
وقارئ القرآن يكرمه الله يوم القيامة ويرضى عنه. روى الترمذي وحسَّنه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "يَجِيءُ القُرْآنُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ حَلِّهِ، فَيُلْبَسُ تَاجَ الكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ زِدْهُ، فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ، فَيَرْضَى عَنْهُ، فَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَارْقَ، وَيُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً".[10]
والقرآن يشفع لقارئه يوم القيامة حتى يُدخله الجنة. رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، فَيُشَفَّعَانِ"[11].
أكثروا -أيها الإخوة المؤمنون- من الصدقة في هذه الأيام المباركة؛ فإنها سبب من أسباب مغفرة الذنوب. رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الصَّلَاةُ بُرْهَانٌ،[12] وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ[13] حَصِينَةٌ،[14] وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ[15]"[16].
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كثير الصدقة في رمضان. رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْقُرْآنَ فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ"[17].
وأكثروا -أيها الإخوة المؤمنون- من صلاة النوافل في هذه الأيام المباركة. رَوَى مُسْلِمٌ عن رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي: "سَلْ"، فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الجَنَّةِ، قَالَ: "أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ"، قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ: "فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ[18]". [19]
ورَوَى مُسْلِمٌ عن ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللهُ بِهِ الجَنَّةَ؟، فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ للهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً، إِلَّا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً"[20].
ومن صلى لله ثنتي عشر ركعة تطوعًا بنى الله له بيتًا في الجنة. رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي للهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا، غَيْرَ فَرِيضَةٍ، إِلَّا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ"[21].
ورَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنه- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ ثَابَرَ [22] عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنَ السُّنَّةِ بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ: أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفَجْرِ"[23].
وأذكركم -أيها الإخوة المؤمنون- بأن تتصالحوا مع إخوانكم، وأن تفضوا الخصام والشحناء بينكم وبين إخوانكم؛ لأن الخصام والشحناء سبب من أسباب حَجْب مغفرة الله عن العبد. رَوَى مُسْلِمٌ عن أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيَغْفِرُ اللهُ -عز وجل- فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا إلَّا امْرَاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أَخِّرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَخِّرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا"[24].
أقولُ قولي هذا، وأَستغفرُ اللهَ لي، ولكُم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا.
أما بعد: فمنْ أراد الاعتكاف، فعليه أن ينويَ باعتكافِه التقربَ إلى الله -تعالى-، وابتغاء الثواب منه -تعالى-؛ رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"[25].
وَلَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ إِلَّا لِحَاجَةٍ. رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَانَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ، فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ"[26]، أي من بول، وغائط، وغُسلٍ.
ورَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتِ: "السُّنَّةُ عَلَى المعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا، وَلَا يَشْهَدَ جَنَازَةً، وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً، وَلَا يُبَاشِرَهَا، وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ"[27].
وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الخُرُوجِ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ، وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَأْتِيهِ بِهِ، فَلَهُ الخُرُوجُ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ[28].
وإِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ. لِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)[البقرة: 187].
الدعـاء...
اللهم لك أسلمنا، وبك آمنا، وعليك توكلنا، وإليك أنبنا، وبك خاصمنا.
اللهم إنا نعوذ بعزتك، لا إله إلا أنت أن تضلنا، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون.
اللهم إنا نسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.
اللهم إنا نسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك -صلى الله عليه وسلم- ونعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبدك ونبيك -صلى الله عليه وسلم-.
اللهم إنا نسألك الجنة، وما قرَّب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول وعمل، ونسألك أن تجعل كلَّ قضاء قضيتَه لنا خيرا.
أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.
[1] توطن: أي التزم حضورها.
[2] صحيح: رواه ابن ماجه (800)، وابن ماجه (8332)، وصححه أحمد شاكر، والألباني.
[3] متفق عليه: رواه البخاري (2026)، ومسلم (1172).
[4] متفق عليه: رواه البخاري (1901)، ومسلم (760).
[5] متفق عليه: رواه البخاري (2021)، ومسلم (1165)، واللفظ له.
[6] صحيح: رواه البخاري (2024)، ومسلم (1174)، واللفظ له.
[7] انظر: «شرح صحيح مسلم» (8/ 71).
[8] صحيح: رواه الترمذي (3513)، وقال: «حسن صحيح»، والنسائي (7665)، وابن ماجه (3850)، وأحمد (25384)، وصححه الألباني.
[9] صحيح: رواه الترمذي (2910)، وقال: «حسن صحيح غريب»، وصححه الألباني.
[10] صحيح: رواه الترمذي (2915)، وحسنه، ووافقه الألباني في «صحيح الجامع» (8030).
[11] صحيح: رواه أحمد في «مسنده» (6626)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (2882).
[12] الصلاة برهان: أي حجة ودليل على إيمان صاحبها. [انظر: «تحفة الأحوذي» (3/ 191-192)].
[13] الصوم جنة: أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات، والجنة: الوقاية. [انظر: «النهاية في غريب الحديث» (1 / 308)].
[14] حصينة: أي مانعة من المعاصي بكسر القوة، والشهوة. [انظر: تحفة الأحوذي (3/ 192)].
[15] والصدقة تطفئ الخطيئة: التي تجر إلى النار يعني تذهبها، وتمحو أثرها. [انظر: تحفة الأحوذي (3/ 192)].
[16] صحيح: رواه الترمذي (614)، وصححه الألباني.
[17] متفق عليه: البخاري (6)، و مسلم (6149).
[18] السجود: أي الصلاة. [انظر: «شرح صحيح مسلم» (4/ 206)].
[19] صحيح: رواه مسلم (489).
[20] صحيح: رواه مسلم (488).
[21] صحيح: رواه مسلم (728).
[22] ثابر: أي داوم، وحافظ.
[23] صحيح: رواه الترمذي (414)، ورواه النسائي (1801) عن أم حبيبة ڤ، وصححه الألباني.
[24] صحيح: رواه مسلم (6711).
[25]متفق عليه: رواه البخاري (1)، ومسلم (1907).
[26] متفق عليه: رواه البخاري (2029)، ومسلم (297).
[27]صحيح: رواه أبو داود (2475)، وصححه الألباني.
[28] انظر: «الكافي» (283-284).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم