أحكام الأذان

خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني

2023-10-06 - 1445/03/21 2023-10-17 - 1445/04/02
التصنيفات: الصلاة
عناصر الخطبة
1/مشروعية الأذان 2/صفات مستحبة في المؤذن 3/شروط الأذان وسننه 4/عِظم ثواب الأذان 5/كيفية الأذان الصحيح 6/كيفية الإقامة الصحيحة 7/ترديد الأذان.

اقتباس

المؤذن يشهدُ له كلُّ من سمعه يوم القيامة بالإيمان، وعلو مكانته.. والمؤذن له أجرٌ عظيم، ومن ذلك أنه يغفر له مدى صوته، ولهُ مثل أجر من صلى معه.. والمؤذنونَ يأتون يوم القيامة أكثر الناس أجورًا، وأكثرهم أتباعًا...

الخطبةُ الأولَى:

 

إن الحمدَ لله؛ نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله -عز وجل-، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ.

 

أما بعدُ: فحَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان: "أحكام الأذان"، واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ.

 

اعلموا -أيها الإخوةُ المؤمنونَ- أنَّ الأَذَانَ مَشْرُوعٌ لِلصَّلَواتِ الخَمْسِ دُونَ غَيْرِهَا. ولابدَّ أَنْ يَكُونَ الأَذَانُ بَعْدَ دُخُولِ الوَقْتِ، فَلَا يُجْزِئُ قَبْلَ الوقْتِ. رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عن مَالِكِ بْنِ الْحُويْرِثِ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأَذِّنَا وأَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا". [1]

 

ومن السنةِ أن يُؤذنَ للفجر أذانان: أحدهما قبل دخول الوقت بساعة أو نصف ساعة، والآخر بعد دخول الوقت. رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَن عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ -رضي الله عنه-ما أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا واشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ".[2]

 

والفائدة من الأذان الأول للفجر هي إعلام قائم الليل، وتنبيه النائم بقُرب صلاة الفجر. رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلاَلٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ؛ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَلِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الفَجْرُ"[3]. [4]

 

ويستحب أن يكون المؤذنُ حسنَ الصَّوتِ. رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: لَمَّا حَدَّثْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالأَذَانِ قَالَ لِي: "فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ، فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ، فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوتًا مِنْكَ"[5].

 

ويستحب أن يكون المؤذنُ أَمينًا؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى الأَوقَاتِ، يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، وغَيْرِهَا؛ روى الشافعيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عنْ أَبِي مَحْذُورَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أُمَنَاءُ المسْلِمِينَ عَلَى صَلَاتِهِمْ، وسُحُورِهِمُ المؤَذِّنُونَ"[6].

 

ويُستحبُّ أنْ يكونَ المؤذنُ مُتَطَهِّرًا مِنَ الحَدَثِ الأَصْغَرِ، والأَكْبَرِ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ، ويُسْتَحَبُّ فِي الذِّكْرِ أَنْ يَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ. رَوَى أبو داودَ بسندٍ صحيحٍ عنِ المهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وهُو يَبُولُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوضَّأَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: "إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللهَ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ".[7]

 

ويستحبُّ للمؤذن أن يضع أُصبعيه فِي أُذُنَيْهِ، ويلتفت يَمِينًا وَشِمَالًا فِي الحَيْعَلَتَيْنِ. رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤَذِّنُ، ويَدُورُ، ويُتْبِعُ فَاهُ هَاهُنَا وهَاهُنَا، وإِصْبَعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ".[8]

 

يُسْتَحَبُّ للمؤذن أَنْ يَلْتَفِتَ بِرَأْسِهِ وعُنُقِهِ، لَا بِصَدْرِهِ يَمِينًا لِحَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، وشِمَالًا لِحَيَّ عَلَى الفَلَاحِ. رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنْ أَبِي جُحَيْفَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وهُو فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ، فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَا هُنَا وهَا هُنَا يَمِينًا وشِمَالًا يَقُولُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ".[9]

 

اعلموا -أيها الإخوةُ المؤمنونَ- أن ثوابَ الأذان عظيمٌ لا يعلم قدره إلا الله -سبحانه وتعالى-، رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ [10]وَالصَّفِّ الأَوَّلِ،[11] ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا [12]عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ[13] لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا[14]". [15]

 

وكيفية الأذان الصحيح ما يلي:

1- أن يتجه المؤذن نحو القبلة.

2- ثم يضع أصبعيه في أذنيه رافعًا وجهه إلى السماء.

3- ثم يقول:

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ

أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ

أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ

حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. ويلتفتُ برأسه يمينًا وشمالًا.

حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ. ويلتفتُ برأسه يمينًا وشمالًا.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ [16] (رواه أبو وداود 499، وابن ماجه 706، وأحمد 16477، عن عبد الله بن زيد، وصححه الألباني).

 

ويستحب أن يقول المؤذن في أذان الفجر بعد قوله "حيَّ على الفلاح": "الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ"؛ رَوَى أَبُو دَاودَ بسند صحيح عنْ أَبِي مَحْذُورَةَ -رضي الله عنه- أنَّه كَانَ يَقُولُ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ: "الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ".[17]

 

وكيفية الإقامة الصحيحة ما يلي:

1- أن يتجه المؤذن نحو القبلة.

2- ثم يضع أصبعيه في أذنيه رافعًا وجهه إلى السماء.

3- ثم يقول:

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ

أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ

أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ

حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ.

حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ.

قدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ [18] (رواه أبو وداود 499، وأحمد 16477، عن عبد الله بن زيد، وصححه الألباني).

 

اعلموا أيها الإخوةُ المؤمنونَ أنَّ من رَدَّدَ الأذانَ من قلبِه دخلَ الجنة. رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا قَالَ المؤَذِّنُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ.

فَقَالَ أَحَدُكُمْ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ.

ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.

قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.

ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ.

قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ.

ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ.

قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.

ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ.

قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.

ثُمَّ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ.

قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ.

ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.

قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الجَنَّةَ".[19]

 

ومن قال هذا الدعاءَ بعدَ سماعِ المؤذنِ وجبتْ له الجنةُ. رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ،[20] وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ[21] وَالفَضِيلَةَ،[22] وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ[23] لَهُ شَفَاعَتِي[24] يَوْمَ القِيَامَةِ".[25]

 

ومن قال حين يسمع المؤذنَ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا"؛ غَفَرَ اللهُ لَهُ ذَنْبَهُ. رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي الله عنهم- عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ المؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ".[26]

 

أقولُ قولي هذا، وأَستغفرُ اللهَ لي، ولكُم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا.

 

 أما بعد: -اعلموا أيها الإخوة المؤمنون- أن المؤذن يشهدُ له كلُّ من سمعه يوم القيامة بالإيمان، وعلو مكانته. رَوَى البُخَارِيُّ عن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ،[27] جِنٌّ، وَلَا إِنْسٌ، وَلَا شَيْءٌ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ[28]". [29]

 

ورَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "المؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ".[30]

 

والمؤذن له أجرٌ عظيم، ومن ذلك أنه يغفر له مدى صوته، ولهُ مثل أجر من صلى معه. روى الطبراني بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "المؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ،[31] وَأَجْرُهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ".[32]

 

والمؤذنونَ يأتون يوم القيامة أكثر الناس أجورًا، وأكثرهم أتباعًا. رَوَى مُسْلِمٌ عن مُعَاوِيَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "المُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا[33] يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[34].

 

الدعـاء...

اللهم إنا نسألك الفردوس أعلى الجنة.

اللهم ابسط علينا من بركاتك، ورحمتك، وفضلك، ورزقك.

 

اللهم جدِّد الإيمان في قلوبنا.

اللهم إنا نسألك النعيم يوم العَيْلة، والأمن يوم الخوف.

 

اللهم إنا عائذون بك من شر ما أعطيتنا، وشر ما منعتنا.

اللهم إنا نعوذ بك من صلاة لا تنفع.

 

اللهم إنا نعوذ بك من جار السوء، ومن زوج تُشيِّبنَا قبل المَشيب، ومن ولد يكون علينا ربًّا، ومن مال يكون علينا عذابا، ومن خليل ماكر عينُه ترانا، وقلبه يرعانا؛ إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيئة أذاعها.

 

أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.

 

[1] متفق عليه: رواه البخاري (658)، ومسلم (674).

[2] متفق عليه: رواه البخاري (617)، ومسلم (1092).

[3] وليس أن يقول الفجر: أي ليس أذانه؛ لأن الفجر قد طلع.

[4] متفق عليه: رواه البخاري (621)، ومسلم (1093).

[5] حسن: رواه أبو داود (499)، والترمذي (189)، وابن ماجه (706)، وحسنه الألباني.

[6] حسن: رواه الشَّافِعِي في «المسند» (1/ 58ترتيب)، والبيهقي في «الكبرى» (1/ 426)، والطبراني في «الكبير» (6/ 311)، وحسنه الألباني في «الإرواء» (220).

[7] صحيح: رواه أبو داود (17)، وابن ماجه (350)، وصححه الألباني.

[8] صحيح: رواه الترمذي (197)، وقَالَ: حسن صحيح، وأحمد (4/ 308)، وصححه الألباني.

[9] متفق عليه: رواه البخاري (634)، ومسلم (503).

[10] النداء: أي الأذان. [انظر: «شرح صحيح مسلم» (4/ 157)].

[11] مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ: أي أنهم لو علموا فضيلة الأذان، وقدرها وعظيم جزائه، ثم لم يجدوا طريقا يحصلونه به لضيق الوقت عن أذان بعد أذان، أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد لاقترعوا في تحصيله، ولو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة نحو ما سبق وجاءوا إليه دفعة واحدة، وضاق عنهم، ثم لم يسمح بعضهم لبعض به لاقترعوا عليه. [انظر: «شرح صحيح مسلم» (4/ 158)].

[12] يَسْتَهِمُوا: أي يقترعوا. [انظر: «شرح صحيح مسلم» (4/ 157-158)].

[13] التَّهْجِيرِ: أي التبكير إلى الصلاة أي صلاة كانت. [انظر: «شرح صحيح مسلم» (4/ 158)].

[14] حَبْوًا: أي زاحفين على أيديكم وأرجلكم كما يحبي الصبي، والحبو: أن يمشي على يديه وركبتيه، أو استه. [انظر: «النهاية في غريب الحديث» (1/ 336)].

[15] متفق عليه: رواه البخاري (615)، ومسلم (437).

[16] صحيح: رواه أبو وداود (499)، وابن ماجه (706)، وأحمد (16477)، عن عبد الله بن زيد ﭬ، وصححه الألباني.

[17] صحيح: رواه أبو وداود (504)، والنسائي (633)، وأحمد (15378)، عن أبي محذورة ﭬ، وصححه الألباني.

[18] صحيح: رواه أبو وداود (499)، وأحمد (16477)، عن عبد الله بن زيد ﭬ، وصححه الألباني.

[19] صحيح: رواه مسلم (385).

[20] الدعوة التامة: المراد ألفاظ الأذان يدعى بها إلى عبادة الله تعالى، ووصفت بالتمام وهو الكمال؛ لأنها دعوة التوحيد المحكمة التي لا يدخلها نقص بشرك، أو نسخ، أو تغيير، أو تبديل.

[21] الوسيلة: أي ما يتقرب به إلى غيره.

[22] الفضيلة: أي المرتبة الزائدة على سائر الخلائق، والمراد هنا منزلة في الجنة لا تكون إلا لعبد واحد من عباد الله عز وجل.

[23] حلت: أي وجبت، واستحقت.

[24] شفاعتي: أي أن أشفع له بدخول الجنة، أو رفع درجاته حسبما يليق به.

[25] صحيح: رواه البخاري (614).

[26] صحيح: رواه مسلم (386).

[27] مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ: أي آخر ما يصل إليه الصوت وينتهي.

[28] إلا شهد له يوم القيامة: أي يشهد له كل شيء حتى الحيوان، والشيطان بعلو درجته، وإيمانه. [انظر: «إكمال المعلم» (2/ 257)، و«فتح الباري» (2/ 89)].

[29] صحيح: رواه البخاري (609).

[30] صحيح: رواه أبو داود (515)، وابن ماجه (724)، وأحمد (7600)، وصححه أحمد شاكر، والألباني.

[31] مدى صوته:مدى الشيء غايته، والمعنى: أنه يستكمل مغفرة الله إذا استوفى وسعه في رفع الصوت فيبلغ الغاية من المغفرة إذا بلغ الغاية من الصوت؛ [انظر: «معالم السنن»، للخطابي (1/ 155)].

[32] صحيح: رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (7942)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (6643).

[33] أعناقا: جمع عنق، واختلف السلف والخلف في معناه:

فقيل: معناه أكثر الناس تشوُّفًا إلى رحمة الله تعالى؛ لأن المتشوِّف يطيل عنقه إلى ما يتطلع إليه، فمعناه كثرة ما يرونه من الثواب.

وقال النضر بن شميل: إذا ألجم الناس العرق يوم القيامة طالت أعناقهم؛ لئلا ينالهم ذلك الكرب والعرق.

وقيل: معناه أنهم سادة ورؤساء، والعرب تصف السادة بطول العنق.

وقيل: معناه أكثر أتباعا.

وقال ابن الأعرابي: معناه أكثر الناس أعمالا. [«شرح صحيح مسلم» (4/ 91-92)].

[34] صحيح: رواه مسلم (387).

المرفقات

أحكام الأذان.doc

أحكام الأذان.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات