أحب رسول الله

الشيخ عبدالعزيز بن محمد النغيمشي

2022-06-10 - 1443/11/11 2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/وجوب محبة النبي -عليه الصلاة والسلام- 2/من مظاهر محبة النبي -عليه الصلاة والسلام- 3/تفاوت مراتب الناس في محبة النبي -عليه الصلاة والسلام- 4/واجبنا تجاه النبي -عليه الصلاة والسلام- 5/دفاع الله -تعالى- عن نبيه.

اقتباس

والمؤمنُ يَحمِيْ مقامَ الرسولِ أَن يَتَطَاوَلَ عليه زَنِيمٌ، أَو يتجرأَ عليه لَقِيطٌ, أَو يتَفَوَّهَ في عِرْضِهِ وَقِح, يَقومُ المؤمنٌ أَمامَ عِرضِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مقامَ الفِداء, يَغارُ على عِرضِ الرسولِ لا يَرْضى أَن يُمَسَّ ويُسْتباح, يذودُ المؤمنُ عَن عِرضِ الرسولِ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

أَمَّا بَعْدُ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102], (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1], (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70، 71].

 

أيها المسلمون: جُبِلَتِ النفوسُ على مَحَبَّةِ مَنْ يُحبُّها؛ فالنفوسُ إلى مَن تُحِبُّ ميَّالة، والحُبُّ ليسَ تَكَلُّفاً وتَصَنُّعاً وتَمَلُّقاً,  وصَادِقُ الحُبِّ لا يَخْفَى عنِ الفَطِنِ.

 

الحُبُّ أَقْوى ما يكونُ سَجِيَّةً, يَغْزُوْ القُلُوْبَ وَيَسْتَقِرُّ بِعُمْقِها, وَمُدَّعِي الحُبِّ لَنْ يَصْدُقْ بِقَوْلَتِهِ, حتى يُبَرْهِنَ حُسنَ القولِ بالعملِ.

 

وَيَتَمَكَّنُ الحبُّ من قلبِ الوفيِّ, إذا رأى مُحْسِناً بالفضلِ يَغْشَاهُ، ولم تَزَلْ قُلُوبُ الناسِ تأسِرُها صنائعُ المعروفِ, وَتَقُوْدُها أَيَادِي الإِحْسَان, وأعظَمُ الحُبِّ حُبٌّ قد تجلَلَه نورٌ مِنَ اللهِ يَسْمُو عَنْ هَوى البَشَرِ.

 

وإذا أَطنبَ الناسُ في الحديثِ عَنْ أَحْبابِهم, فأَوْرَدُوا مآثرَهم، وعَدَّدُوا فَضائِلَهُم, رَفْرَفَ قَلْبُ المؤمنِ طَرَباً لِذِكْرِ أَغْلَى حَبِيْبٍ وأَكْرَمِ نَبِيٍّ مُحمدٍ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-.

 

إِذْ لَم يَزَلِ المؤُمِنُ يَسْتَحْضِرُ في كُلِّ لحظةٍ من لحظاتِ حياتِه, كَم هيَ مِنَّةُ اللهِ عليهِ بهذا الرسولِ الكريمِ, الذي أَنْقَذَهُ اللهُ بِهِ من ضَلالٍةٍ تُورِدُ صاحِبَها إلى النار, وهداهُ اللهُ بِه إلى صِراطٍ يَنْتَهي بِه إلى الجَنَّة!.

 

يَسْتَحْضِرُ المؤمنُ مِنَّةُ اللهِ عليهِ بهذا الرسولِ الكريمِ, الذي أَرسَلَهُ اللهُ رحمةً للعالمين, فَبَلَّغَ رِسالَةَ رَبِه بلاغاً مُبيناً، ونَصَحَ لأُمَّتِه نُصحاً عَظِيماً, نَصَحَ لأُمَّتِهِ وهو لَها مُحِبٌّ, وبَلَّغَها وهو عَلَيْهَا مُشْفِقٌ.  

 

نَبِيٌّ كريمٌ, يَعِزُّ عليهِ أَنْ يَرى مِنْ أُمَّتِه مَنْ هوَ عَن الهدايةِ مُعْرِضٌ، ويَشِقُّ عليه أَنْ يرى مِنْهُم مَنْ عَنِ الحقِّ يُكابِر, روى البخاريُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى لله عليه وسلم- قال: "إنَّما مَثَلِي ومَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نارًا، فَلَمَّا أضاءَتْ ما حَوْلَهُ جَعَلَ الفَراشُ وهذِه الدَّوابُّ الَّتي تَقَعُ في النَّارِ يَقَعْنَ فيها، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ ويَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فيها، فأنا آخُذُ بحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وهُمْ يَقْتَحِمُونَ فيها"(رواه البخاري), (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[التوبة: 128]. 

 

يَسْتَحْضِرُ المؤمنُ مواقِفَ الأذى التي كابَدَها هذا الرسولُ الكريمُ -صلى لله عليه وسلم-, وهو يَسْعى في هدايةِ البَشَرِيَّةِ ويُجاهِدُ في نجاتِها, فلا يزالُ الحُبُّ يتغَلْغَلُ في قَلبِ المؤمنِ لرسولِ اللهِ -صلى لله عليه وسلم-, حَتَّى يكونَ رسولُ اللهِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ شيءٍ سِوى الله.

 

حُبٌّ لِرَسُوْلِ اللهِ -صلى لله عليه وسلم- يَنْفُذُ إلى أَعَمَاقِ القلبِ حتى يَسْتَقِرَّ في سُوَيْدَائِه, فلا يكونُ في القلبِ حُبٌّ لأَحدٍ مِن البشرِ مُقَدَّمٌ على حُبِّ رسولِ اللهِ -صلى لله عليه وسلم-, ولَن يتحقق الإيمانُ للِعَبد حتى يكونَ لِرسوُلِ اللهِ -صلى لله عليه وسلم- في قَلبِهِ أكملُ الحُبِّ وأَصْدَقُهُ وأَوفاه؛ "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِين"(رواه البخاري ومسلم).

 

هُو مُهْجَتي هو راحَتِي هو رُوْحِي *** هو جَنَّتي في رَوْضِهِ تَطِيْبُ جُرُوْحي

هو قُدْوَتي هو أُسْوَتي هو سَيدي *** في شَرْعِهِ أعلَيْتُ كُلَّ صُرُوحي

 

وعلى قَدْرِ محبةِ العَبْدِ لرسولِ اللهِ -صلى لله عليه وسلم- يَكونُ اتِّباعُهُ لَه, وعلى قدرِ اتِّباعِهِ لرسولِ اللهِ -صلى لله عليه وسلم- يعلو مَقامُهُ عند الله؛ (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[آل عمران: 31], مُحِبٌّ تَمَكَّنَ الحُبُّ مِنْ قَلْبِهِ, فهو على خُطا الحبيبِ يَسِير, يَقتَفِي أَثَرَهُ في كُلِّ أَمرٍ، ويتشبّهُ بِه في كُل فِعْلٍ, وأَصْدَقُ الحُبَّ ما تَشْهَد بِهِ الحالُ, وأَولى الناسِ بمقامِ الحُبِّ مَنْ قادَ المُحِبِّينَ إلى سَبِيْلِ رَبِّ العالَمِين.

 

حُبٌّ يقودُ إلى المكارِم والعُلا *** وإلى مَرَاضِ اللهِ يَسْتَهوِيْكَ

هذا رسولُ اللهِ أَكرمُ سَيِّدٍ *** يَدعوكَ كَي تَمضِيْ إلى بارِيكَ

 

(وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ)[النور: 54], مُؤمنٌ أَحبَّ رسولَ اللهِ حَقاً, فقلبُهُ لرؤُيةِ الرسولِ يَتَشَوَّق, ولو رأى رسولَ الله -صلى لله عليه وسلم- يوماً في منامِه, لظل يَتَنَعَّمُ بِتِلكَ الرؤُيَا ويَسْتَلِذُّ بها ما حَيي.  

 

إِنَّهً الحُبُّ الذي حَدَّثَ عنهُ رسولُ اللهِ -صلى لله عليه وسلم- أَصحابَهُ يوماً, فَعَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال سَمِعتُ رَسُوْلَ الله -صلى لله عليه وسلم- يقول: "مِنْ أشَدِّ أُمَّتي لي حُبًّا، ناسٌ يَكونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أحَدُهُمْ لو رَآنِي بأَهْلِهِ ومالِهِ"(رواه مسلم), قَالَ الْقُرْطُبِيّ -رحمه الله-: "كُلّ مَنْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إِيمَانًا صَحِيحًا, لَا يَخْلُو عَنْ وِجْدَان شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْمَحَبَّة الرَّاجِحَة، غَيْر أَنَّهُمْ مُتَفَاوِتُونَ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ مِنْ تِلْكَ الْمَرْتَبَة بِالْحَظِّ الْأَوْفَى، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ مِنْهَا بِالْحَظِّ الْأَدْنَى، كَمَنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا فِي الشَّهَوَات مَحْجُوبًا فِي الْغَفَلَات فِي أَكْثَر الْأَوْقَات، لَكِنَّ الْكَثِير مِنْهُمْ إِذَا ذُكِرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- اِشْتَاقَ إِلَى رُؤْيَته، بِحَيْثُ يُؤْثِرهَا عَلَى أَهْله وَوَلَده وَمَاله وَوَالِده، وَيَبْذُل نَفْسه فِي الْأُمُور الْخَطِيرَة، وَيَجِد مَخْبَر ذَلِكَ مِنْ نَفْسه وِجْدَانًا لَا تَرَدُّد فِيهِ, غَيْر أَنَّ ذَلِكَ سَرِيع الزَّوَال بِتَوَالِي الْغَفَلَات" ا.هـ.

 

عباد الله: محبةُ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- تَنْمُو في القُلُوبِ, وتتجذرُ حِيْنَ تُسْقَى بِمَاءِ الإيمانِ، ولئن تَرَحَّلَ بِكَ الشَّوْقُ يوماً لرؤيةِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- ثُمَّ انْقَلَبَ الشوقُ يائساً مِنْ تَحَقُّقِ ذلكَ لَك في الدُّنيا, فأَيْقِظِ الشَّوْقَ يَخفِق في الجوانِحِ من جديد, وبِشِّرْ النَّفسَ باللقْيا على الكُثُبِ, في جَنَّةِ الخُلدِ لا تُخطِيكَ صُحبَتُه, بأكرِم الدارِ لا هَمٌّ ولا حَزَنُ؛ (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)[النساء: 69].

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين, وسلم تسليماً.

 

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- لعلكم ترحمون.

 

أيها المسلمون: نَعَمْ, هُوَ رسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وهو أَكرَمُ الخَلْقِ على الله, لَهُ منزِلَةٌ شَرِيفَةٌ أَنْزَلَهُ اللهُ إياها, فلا أَحدَ من العالَمِينَ يُدانِيْه.

 

وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيَّ إلى اسمهِ *** إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ

وشقَّ لهُ مِنْ اسمهِ لِيُجِلَّهُ *** فَذُو العَرْشِ مَحْمُوْدٌ وَهذا مُحَمَّدُ

 

إقرارٌ لَه بأعظَمِ مكانَة، واعترافٌ لَه بأكمل فضل، وحُبٌّ لَه بأصَدَقِ الشواهِدِ مَقرون, ومَعَ هذا كُلَّهُ, فلا يُنْزَلُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مَنَزلَةً أعلى مِن منزلَةِ الرسالة، لا يُصْرَفُ لَه شيءٌ من العبادَةِ, لا يُسْتغاثُ بِه ولا يُدعى، ولا يُتَوَسَّلُ إليه ولا يُرْجى، لا تُرْفَعُ إليه الحوائجُ، ولا يُسألُ لكشفِ الكُروبِ، ولا يُحلَفُ بِه؛ فَمَن فَعَلَ شيئاً من ذلك فقد انحرفَ عن شَرِيعِةِ محمدٍ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-, وتعرضَ لمقت الله وسَخَطه, أَوْحَى إِليهِ رَبُه أَنْ يَتْلُو على الناسِ: (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا * إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا)[الجن: 21 - 23].

 

عباد الله: وأبعدُ الناسِ وأَشْقاهُم، وأَضَلُّهُم وأَعْمَاهُم، وأَذلُّهُم وأَرداهُم، مَن أَعرَضَ عن دَعْوَةِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وكَفَرَ بها وصَدَّ عنها, وأَخبَثُ منهُ وأخزى، وأَشَرُّ منه وأَردى، وأبعدُ منهُ وأَقصى, مَن تضاعَفَ شَقاؤهُ, فَناصَبَ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- العداء، وتطاوَلَ على جنابِه بالسُخريةِ والاستهزاء, يَشْقى في الدُّنيا ويخزى في الآخرة؛ جنابُ الرسولِ محفوظٌ، وعِرْضُهُ مُصانٌ، ومَقامُه مَحْمِيّ, واللهُ في عليائِه ناصِرُهُ وكافِيه؛ (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)[الحجر: 95].

وغداً يقومُ الناسُ لِرَبِّ العالمين, ويَشْتَدُّ الخطبُ وتتوالى الأهوالُ, ويُوقَفُ العبادُ، ويدنو الحساب, ويقومُ محمدٌ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مقامُهُ المحمودَ الذي وعَدَهُ رَبُّه، فَيؤذنُ لَه بالشفاعة, ويبدأُ الحسابُ وتُنصَبُ الموازِينُ, ويعظُمُ الكربُ وتُحشَرُ الأُمم؛ (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[الجاثية: 28], ويُسألُون: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ)[القصص: 65], هناكَ يَعْلَمُ مَن استهزأ بالرسولِ وكَفَرَ كيف يكونُ جوابُه؟! (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ)[القصص: 66].

 

شانئُ الرسولِ مَبتورٌ ومقطوعُ, مبتُورٌ لا يَبْقَى لَه ملكٌ، ولا يدومُ لَهُ عِزٌّ، ولا يَمْتَدُّ لَه أثَر, والمؤمنُ يَحمِيْ مقامَ الرسولِ أَن يَتَطَاوَلَ عليه زَنِيمٌ، أَو يتجرأَ عليه لَقِيطٌ, أَو يتَفَوَّهَ في عِرْضِهِ وَقِح, يَقومُ المؤمنٌ أَمامَ عِرضِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مقامَ الفِداء, يَغارُ على عِرضِ الرسولِ لا يَرْضى أَن يُمَسَّ ويُسْتباح.

 

يذودُ المؤمنُ عَن عِرضِ الرسولِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بِكُلِّ ما مُكِّنَ ومَلَك, يَنشُرُ سُنَّتَه، يدعو إلى شَرِيعَتِه, يَسْتَمْسِكُ بدِينِه, يكشِفُ أباطيلَ المعتدين, يسعى في كُلِّ سبيلٍ يتحققُ بِهِ إرغامٌ للمتطاوِلِين,  فَذاكَ من أعظَمِ مراتِبِ الجهادِ التي تُقَرِّبُ مَن رَبِّ العالمين.

 

اللهم عليك بِكُلِ عدوٍ يحاربُ دِينك، ويَصدُّ عن سبيلك، ويستهزئ بسيد المرسلين.

 

 

المرفقات

أحب رسول الله.pdf

أحب رسول الله.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات