أبواب الرزق

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-09 - 1444/03/13
التصنيفات:

علاء الدين عوض

 

إنَّ الهمَّ الذي يُصبح الناس عليه ويُمسون، والهمَّ الذي يشغل بال الجميع، والهمَّ الذي يعمل له الجميعُ هو: كيف يكون رزق أحدنا دارًّا، وعيشه قارًّا؟ وكيف تكون عيشته هنية؟ وكيف يوسِّع الله له في داره، ويوسِّع له في رزقه؟

 

 

 

هذا سؤال جميع الناس به مشغولون، وجَميع الناس يفكِّرون في تَحسين دخلِهم، وفي تحسين مُستوى معيشتِهم.

 

 

 

كلُّ شخص يتمنَّى أن يكون رزقه واسعًا ومُباركًا، وكلُّ شخص يَخشى الفقر؛ لأنَّ الفقر شبحٌ مخيف، كل الناس يأمُل الغنى ويَخشى الفقر، كل الناس يخشى أن يمدَّ يدَه للناس، وأن يَحتاج للناس!

 

 

 

بعض الناس تَجده يتغرَّب عن بلده، ويبتعد عن أهله، وبعضهم يسهر الليالي، ويعمل بزمن إضافي، وكلُّ هذا لتحسين الدخل، ولزيادة الرِّزق، فكلُّنا يريد أن يكون رزقه واسعًا، وعيشه كريمًا.

 

 

 

والسؤال: كيف نصل إلى هذه الغاية؟ كيف تكون أرزاقُنا واسعةً؟ كيف يكون عيشُنا هنيئًا؟

 

ربُّنا جل جلاله في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بيَّنَ لنا الأسباب الجالبة للرِّزق:

 

فأوَّلُها:

 

  • التوبة والاستغفار:

 

أن يَجري على لسان أحدنا: "اللهمَّ إنِّي استغفرك وأتوب إليك"، مَن أدمن الاستِغفار جعَل الله له بابًا واسعًا للرزق؛ يقول ربُّنا جلَّ جلاله على لسان نبيه نوح عليه السلام مخاطبًا قومه: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ﴾ [نوح: 10، 11]، وعلى لسان نبيِّه هودٍ يقول ربنا: ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52]، والاستغفار سبب جالب لكل خير في الدنيا والآخرة؛ فالإنسان يَحرص على أن يُكثر من الاستغفار.

 

 

 

السبب الثاني لجلب الرزق:

 

  • تقوى الله:

 

تقوى الله عز وجل سبب لخيري الدنيا والآخرة؛﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4]، ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96].

 

 

 

فالواجب على الإنسان أن يتَّقيَ الله عز وجل؛ خصوصًا في المكسب وفي الرزق، يَحرص الإنسان على ألا يَطعم إلا حلالًا طيِّبًا، وألا يُطعِم أبناءه إلا حلالًا طيبًا.

 

 

 

كانت امرأة من نساء السلف تقول لزوجها إذا خرج إلى عمله: "اتَّقِ الله ولا تُطعمنا إلا حلالًا؛ فإنا نَصبر على الجوع، لكنَّا لا نَصبر على النار"!

 

 

 

ثالثًا - من الأسباب الجالبة للرزق:

 

  • صلة الرحم:

 

صِلة الرَّحم؛ تلك العبادة التي أصبحَت مفقودةً في زماننا هذا، وأصبح قليل مِن الناس يَحرص عليها.

 

 

 

صِلة الرحم من أسباب الرِّزق، ومِن أبواب الرزق؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن سرَّه أن يُبسط له في رزقه، أو يُنسأ لهُ في أثره، فليَصِلْ رَحِمَه))، الذي يُريد سعة الرزق وطول العمر يَصِلُ رحمَه، وصِلة الرَّحِم تكون بالزيارة، وتكون بالاتصال، وتكون بإهداء الهدايا، وتكون بإعطاء المال.

 

 

 

رابع هذه الاسباب:

 

  • الإنفاق:

 

الإنفاق من أبواب الرِّزق الكبيرة، ومن الأسباب الجالبة للرِّزق، ومِن الأسباب التي تجعل البركة في الرزق: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله: أَنْفِق يا بنَ آدم أُنْفِقْ عليك))؛ رواه البخاري ومسلم.

 

 

 

هذا الحديث من الأحاديث العظيمة التي تحثُّ على الصدقة والبذل والإنفاق في سبيل الله، وأنها من أعظم أسباب البركة في الرزق ومضاعفته، وإخلاف الله على العبد ما أنفقه في سبيله.

 

 

 

وربنا جلَّ في علاه وعَدَنا بأن من ينفق يُخلف الله عليه؛ فقال: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].

 

 

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما مِن يوم يُصبِح العباد فيه إلا ملَكان يَنزلان، فيقول أحدهما: اللهمَّ أعطِ منفِقًا خَلفًا، ويقول الآخر: اللهمَّ أعطِ ممسِكًا تلفًا))؛ متفق عليه.

 

 

 

وكثيرًا ما نُشاهد هذا في المجتمع، وأنت خارج مِن العمَل تَجد أحد المساكين في الطريق فتتصدَّق عليه، وبعد عدَّة أيام تأتيك مكافأة في العمل، أو يأتيك حافز من العمل! وأنت خارجٌ من الجامعة تُعطي مسكينًا صدقةً وبعد أيام يُرسل لك أخوك أو خالك أو عمك مالًا!

 

 

 

فالإنفاق مِن أكبر أبواب الرِّزق، وعلينا أن نَحرص على أن نُنفِق مِن أموالنا للسائل والمسكين، وعابر السبيل واليتيم، خصوصًا في هذه الأيام التي كثرت فيها حاجة الناس إلى الطعام والشراب، والدواء والسكن.

 

 

 

وأخيرًا نُوصي أنفسنا ونُوصيكم بهذه الوصية النبوية التي أوصى بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا هريرة فقال له: ((وارضَ بما قَسَم اللهُ لك تَكُنْ أغنى الناس))؛ حسنه الألباني.

 

 

 

تُريد أن تكون أغنى الناس؟ ارضَ بما قسَم الله لك، ولا تمدنَّ عينَيك إلى ما يَملك الناسُ، وربِّ نفسَكَ على القناعة وعلى الرِّضا، وتذكَّر أنَّ ما قلَّ وكفى خيرٌ مما كَثُر وأَلهى!

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات