عناصر الخطبة
1/خطر أصدقاء السوء 2/بعض القصص المأسوية لأصحاب المخدرات 3/التآمر على إفساد الشباب 4/وسائل القضاء على المخدرات ومحاربتها 5/الوسائل المعينة على الاقلاع عن المخدراتاقتباس
ربُّ أسرةٍ، أسعدُ لحظاتِ زوجتِه وأولادِه عندما يعودُ لهم من عملِه، فيرتمونَ في أحضانِه، فيحسونَ بذلك الدفءِ العجيبِ، والأمانِ الغريبِ، فليسَ لهم في الدنيا إلا هذا الأبُ الحبيبُ، وبينَ ليلةٍ وضحاها، انقلبَ ذلك الأبُ الحنونُ إلى وحشٍ كاسرٍ، فسكنَ الخوفُ معهم في البيتِ، إذا جاءَ هربَ منه كلُ شيءٍ، وإذا خرجَ عاشوا في قلقٍ لأنهم يعلمونَ أنهم سيأتيهم بغيرِ الوجهِ الذي خرجَ به، مؤثرٌ ذلك المنظرُ والأطفالُ يسألونَ ببراءةِ الأطفالِ أمَهم المَكلومةَ: يا أماهُ، أينَ أبانا الأولُ؟ إنها الـ...
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ الذي خلقَ الإنسانَ وعلَّمه البيانَ، وزيّنَه بالعقلِ وشرّفَه بالإيمانِ.
أحمدُه تعالى أدَّبنَا بالقرآنِ، وخاطبَنا بقولِه تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) [المائدة: 90].
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له أمرَنا بالخيرِ والإحسانِ، ونهانا عن الفسوقِ والعصيانِ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه المبعوثَ بالحُجَّةِ والبيانِ، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وأصحابِه وسلمَ تسليماً كثيراً.
أما بعد:
(قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنعام: 71-72].
صورةٌ مُعبِّرةٌ، رَجُلٌ كَانَ مَعَ قَوْمٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَضَلَّ الطَّرِيقَ، فَحَيَّرَتْهُ الشَّيَاطِينُ، وَزَيَّنَتْ لَهُ هَوَاهُ، وَدَعَتْهُ إِلَيْهِ، فَأَصْبَحَ حَيْرَانَ، تَائِهاً، ضَالّاً عَنِ الْجَادَّةِ، لَا يَدْرِي كَيْفَ يَصْنَعُ، وَأَصْحَابُه عَلَى الطَّرِيقِ، فَجَعَلُوا يَدْعُونَهُ إِلَيْهِمْ، يَقُولُونَ: "اِئْتِنَا فَإِنَّا عَلَى الطَّرِيقِ" فَأَبَى أَنْ يَأْتِيَهِمْ.
كثيرٌ من الصُوَرِ في الواقعِ تحكي مثلَ هذه المشهدِ القرآني، ودعونا نقتصرُ على بعضِها فيما يتعلَّقُ بآفةِ العصرِ، وقاصمةِ الظهرِ، التي جعلتْ البُيوتَ خراباً، وحوَّلتْ الأحلامَ سراباً، إنها المخدِّراتُ، وما أدراكَ ما المخدِّراتُ!.
شابٌ مُطيعاً لربِّه، بارَّاً بوالديه، مُتفوِّقاً في دراستِه، يعيشُ حياةً جميلةً مَلِيئَةً بالأمانيِّ والأحلامِ، تعرَّفَ يوماً على من ظَنَّه صاحِباً، فأعطاه الثِّقةَ والصداقةَ، ولا يعلمُ المسكينُ أنه أمامَ ذِئبٍ كاسرٍ في لِباسِ حَمْلٍ وديعٍ، وفي لحظةِ ضعفٍ أعطاه ما أوهَمه بأنه علاجُ الغُمومِ ومفتاحُ السعادةِ، فكانت هي بدايةُ النهايةِ، تغيَّرتْ الحياةُ الجميلةُ إلى ليلِ أشباحٍ، وانطفأَ بعدَ الإضاءةِ المصباحُ، فأصبحتْ الطاعةُ فُسوقاً، وأصبحَ البِرُّ عُقوقاً، فمسكينةٌ تلك الأمُ التَعِيسةُ، التي رُدُّتْ إلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، فحُرِمتْ من ابنِها في وقتٍ هي أشدُ الحاجةِ إليه، فهي أسيرةُ المرضِ والأحزانِ، وهو أسيرٌ خلفَ القُضبانِ، إنها المخدِّراتُ، وما أدراكَ ما المخدِّراتُ!.
فتاةٌ كانت قرةَ عينِ أبيها، وشمعةَ أملِ أمِها، من أجملِ البناتِ خَلْقاً وخُلُقاً، دخلتْ الجامعةَ، فأبى الحاسداتُ أن تُمدحَ فتاةٌ بَيْنَهنَّ بعفةٍ وأدبٍ، فأتينَ بما منه الشيطانُ أصابَه العَجَبَ، فوقعتْ المسكينةُ في الشِراكِ، وأصبحتْ أُلعوبةً في يدِ كلِ مُخادعٍ وأفَّاكٍ، ولكم أن تتخيلوا تلكَ اللحظةَ وقد استلمها أبوها من رِجالِ الأمنِ بعدما أُخبرَ عن قصةِ تلكَ السهرةِ الأثيمةِ، والحقيقةِ الأليمةِ، فلا يدري (أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ) [النحل: 59] إنها المخدِّراتُ، وما أدراكَ ما المخدِّراتُ!.
ربُّ أسرةٍ، أسعدُ لحظاتِ زوجتِه وأولادِه عندما يعودُ لهم من عملِه، فيرتمونَ في أحضانِه، فيحسونَ بذلك الدفءِ العجيبِ، والأمانِ الغريبِ، فليسَ لهم في الدنيا إلا هذا الأبُ الحبيبُ، وبينَ ليلةٍ وضحاها، انقلبَ ذلك الأبُ الحنونُ إلى وحشٍ كاسرٍ، فسكنَ الخوفُ معهم في البيتِ، إذا جاءَ هربَ منه كلُ شيءٍ، وإذا خرجَ عاشوا في قلقٍ لأنهم يعلمونَ أنهم سيأتيهم بغيرِ الوجهِ الذي خرجَ به، مؤثرٌ ذلك المنظرُ والأطفالُ يسألونَ ببراءةِ الأطفالِ أمَهم المَكلومةَ: يا أماهُ، أينَ أبانا الأولُ؟ إنها المخدِّراتُ، وما أدراكَ ما المخدِّراتُ!.
هذه بعضُ الصُوَرُ، وتركنا الكثيرَ منها مما لا يُقالُ، ومما تزولُ من هَوْلِها الجبالُ، فعالمُ المُخَدِراتِ والمُسكراتِ، عالمٌ مُظلمٌ، الداخلُ فيها مفقودٌ، والخارجُ منها مولودٌ، كم في البيوتِ فيه من أخبارٍ حزينةٍ، وكم في الصدورِ فيه من أسرارٍ دَّفينةٍ.
عبادَ اللهِ: إن الأرقامَ المُخيفةُ التي تُعلنُ عنها وزارةُ الداخليةُ في مضبوطاتِ المُخدِراتِ والمُسكراتِ، والطُرقُ الاحترافيةُ التي يتمُّ تهريبُها بها، يجعلُنا نشعرُ بأن ما يَدخلُ البلادَ منه أضعافاً مُضَاعَفَةً، وأن له سُوقاً رائجةً، وزبائنَ كثيرةً!.
والأهمُ من ذلك، أن خلفَ هذه المؤامرةِ أعداءٌ للعقيدةِ والدينِ، لا يُريدونَ لشبابِ الأمةِ خَيْراً ولا فلاحاً، ولا لأبناءِ الوطنِ نُهُوضاً ولا نجاحاً، يصفُ الشاعرُ الحالَ بقولِه:
مؤامرةٌ تَدورُ على الشبابِ *** ليُعرِضَ عن مُعانقةِ الحِرابِ
مؤامرةٌ تقولُ لهم تعالوا *** إلى الشَهَواتِ في ظِلِّ الشَرابِ
مؤامرةٌ مَرامِيها عِظَامٌ *** تُدَبِّرُها شياطينُ الخَرابِ
تَفرَّقَ شملُهم إلا علينا *** فَصِرنا كالفريسةِ للكلابِ
يا أهلَ الإيمانِ: إن واجبَ المجتمعِ في محاربةِ هذه الآفةِ الخطيرةِ واجبٌ مُحَتَّمٌ، تبدأُ من التربيةِ الإسلاميةِ الصحيحةِ، ومعرفةِ جُلساءِ الأبناءِ والنصيحةِ، فإذا حَدَثَ ما حَدَثَ، فتعالوا نرى كيفَ تعاملَ المجتمعُ النَبويُّ مع حالاتِ الإدمانِ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال: أُتِيَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ -أي الخمرَ-، قَالَ: "اضْرِبُوهُ" قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَخْزَاكَ اللَّهُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُولُوا هَكَذَا، لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ، وَلَكِنْ قُولُوا رَحِمَكَ اللَّهُ".
فما أجملَ هذا، إقامةُ الحدودِ الشرعيّةِ، مع عدمِ لعنِ المُذنبِ، أو الدعاءِ عليه، بل الدعاءُ له بالرحمةِ والمغفرةِ لعلها تُصادفُ ساعةَ استجابةِ، فيغفرُ اللهُ -تعالى- ما فاتَ، ويُعينُه على تركِ هذه المُوبقاتِ، فيَعيشُ بقيةَ عُمُرهِ يتقلبُ في الرَحَماتِ.
ويزداد عَجَبُكم إذا علمتُم أن من اُبتليَ بهذه المعصيةِ هو أحدُ جُلساءُ النبيِ -صلى الله عليه وسلم-، بل كانَ يُضحكُه كثيراً، فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَكَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تَلْعَنُوهُ فَوَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ".
لا إلهَ إلا اللهُ، ما هو أثرُ هذا الكلامِ على ذلك الرجلِ؟
عندما يتذكرُ محبتَه للهِ -تعالى- ولنبيِّه -عليه الصلاة والسلام- ثم يَلومُ نفسَه، ويدورُ في بالِه قولَ الشافعي:
تَعْصِي الإِلهَ وَأنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ *** هذا مُحالٌ في القياسِ بَديعُ
لَوْ كانَ حُبُّكَ صَادِقاً لأَطَعْتَهُ *** إنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ
في كلِّ يومٍ يَبتديكَ بنعمةٍ *** منهُ وأنتَ لشُكرِ ذاكَ مُضيعُ
فذكِّروا من وقعَ في ذلك بأيِ عملٍ صالحٍ له، من برِ والدينِ، أو كفالةِ يتيمٍ، أو صدقةٍ جاريةٍ، أو حُبٍّ للصالحينَ، وإن لم تروا أثرَ ذلك ظاهراً، فو اللهِ إن له أثراً في قلبِ ذلك العاصي عظيماً.
وكذلك جاءِ في حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لأَصْحَابِهِ: "بَكِّتُوهُ -أي وبخوه وأنبوه-، فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ يَقُولُونَ: مَا اتَّقَيْتَ اللَّهَ، مَا خَشِيتَ اللَّهَ، وَمَا اسْتَحْيَيْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ أَرْسَلُوهُ".
وفي هذا توجيهٌ لأهلِ الإيمانِ، أن ينصحوا أخاهم، ويركِّزوا على الجانبِ الإيماني في النصيحةِ، وأن عملَه معصيةٌ للهِ ورسولِه، فيُثيرونَ غِيرتَه الدينيةَ، ويُهيّجونَ عاطفتَه الإسلاميةَ، ويُلهبونَ مشاعرَه الإيمانيةَ، فأعينوا وَاعِظَ اللَّهِ فِي قَلْبِه، لعلَه يعودُ إلى خالقِه وربِّه.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ وَسِعتْ رحمتُه ذنوبَ المسرفينَ، وأعجزتْ نِعَمُه إحصاءَ العادِّينَ، عَظُمَ حلمُه فستر، وبَسط يدَه بالعطاءِ فأكثَر، أطاعَه الطائعونَ فشكر، وتابَ إليه المذنِبونَ فغفر، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له غفرَ بالندمِ كبيرَ الآثامِ، ومحا بتوبةِ ساعةٍ خطايا أعوامٍ، وأشهدُ أن نبيَنا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه، أرسلَه ربُّه هدىً ورحمةً، صلى اللهُ وباركَ عليه وعلى آلِه الطاهرينَ، وعلى أصحابِه الغرِّ الميامينَ، والتابعين بإحسانٍ وسلمَ تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فأما أنت يا من اُبتليتَ بشيءٍ من هذا، فلا زالَ البابُ مفتوحاً، والعَرضُ مَطروحاً، فإيّاكَ أن تستهويكَ الشياطينُ في الأرضِ حيرانَ، فإن لك أصحاباً يدعونكَ إلى الهدى ائْتِنَا، واسمع إلى الوصفةِ الرَّبانيةِ في الخلاصِ من هذه الحالةِ، قالَ اللهُ -تعالى- بعدَها: (وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنعام: 72].
فالصلاةَ الصلاةَ، فإنها مفتاحُ كلِ خيرٍ، ومن أقامَها على الوجهِ المطلوبِ، تحقَّقَ بها الوعدُ المرغوبُ: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) [العنكبوت: 45].
فعليكَ بالمساجدِ فإنها بُيوتُ الأتقياءِ، وأماكنُ قَبولِ الدُعاءِ: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف: 28].
وعليكَ بتقوى اللهِ -تعالى- ومُراقبتِه، استشعرْ نظرَه إليك، وسماعَه كلامِك، ولا تكنْ من الذين: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا) [النساء: 108].
بل كن من عبادِه التائبينَ، الذين هم لما أجرموا نادمينَ، وتذكّرْ ذلك النداءَ الوَدودَ، وأنت في قمةِ الصدودِ: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].
فألبسَك وِسامَ: "يَا عِبَادِيَ" وأنت على الباطلِ في تَّمادِي، فأَجبْ أصحاباً على الطريقِ: "إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا" تُنادي.
(وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنعام: 72].
والثالثةُ، هي: تذكُّرُ ذلك اليومَ: (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [المطففين: 4 – 6].
ألا تخافُ ذلك الوقوفَ بينَ يدي اللهِ -تعالى-، حينَ يكونُ الشهودُ، هُم من كنتَ تعتقدُ أنك تسعى في إسعادِهم: (حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ) [فصلت: 20 -22].
فصبرُ أيامٍ، يقودُك إلى دارِ السلامِ: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [النازعات: 40-41].
اللهم احفظ شبابَ وفتياتِ المسلمينَ من كلِ شرٍ ومكروه، ومن كلِ عدوٍ للدينِ، واجعلهم عتاداً لكلِ خيرٍ وفضيلةٍ ومجدٍ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم