تقوى

2022-10-06 - 1444/03/10
التعريف
العناصر
الايات
الاحاديث
الاثار
القصص
الاشعار
الدراسات
متفرقات
التحليلات
الإحالات

التعريف

المعنى اللغوى :

 

قال فى المصباح : وقاه الله السوء وقاية : حفظه والوقاء مثل كتاب كل ما وقيت به شيئاً ، وروى أبو عبيد عن الكسائى الفتح فى ( الوقاية ) و (الوقاء) أيضاً و ( اتقيت ) الله ( اتقاءً ) و ( التقية ) و (التقوى ) اسم منه والتاء مبدله من واو والأصل (وقى) أهـ [المصباح المنير فى غريب الشرح الكبير للرافعى (669) - دار المعارف] . وأما

 

المعنى الشرعي:

 

فقد ذكر العلماء في تعريفها عدة عبارات فمن ذلك قولهم : أن تجعل بينك وبين ما حرم الله حاجبا وحاجزا .. امتثال أوامر الله واجتناب النواهي فالمتقون هم الذين يراهم الله حيث أمرهم، ولا يقدمون على ما نهاهم عنه .. قال ابن رجب رحمه الله: وأصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه منه، فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه، من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك، وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه. وقال القشيري: فالتقوى جماع الخيرات. وحقيقة الاتقاء: التحرر بطاعة الله من عقوبته، وأصل التقوى: اتقاء الشرك، ثم بعد ذلك اتقاء المعاصي والسيئات، ثم بعد ذلك اتقاء الشبهات، ثم بعد ذلك ترك الفضلات. وقال ابن مسعود في معنى قوله تعالى: (اتقوا الله حق تقاته) [آل عمران:102] : أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر.

وقال سهل بن عبد الله: من أراد أن تصح له التقوى فليترك الذنوب كلها.

وقال الروذباري: التقوى: مجانبة ما يبعدك عن الله. والتقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل .. التقوى أن يجعل المسلم بينه وبين ما يخشاه من ربه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك وذلك بفعل طاعته واجتناب معاصيه .. وقد سأل عمر رضي الله عنه أبي بن كعب فقال له: ما التقوى؟ فقال أبي: يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقا فيه شوك؟ قال: نعم .. قال: ما فعلت؟ .. قال عمر: أشمر عن ساقي وأنظر إلى مواضع قدمي وأقدم قدما وأؤخر أخرى مخافة أن تصيبني شوكة .. فقال أبي بن كعب: تلك التقوى .. !، فهي تشمير للطاعة ونظر في الحلال والحرام وورع من الزلل ومخافة وخشية من الكبير المتعال سبحانه وتعالى ..

فالتقوى هي أساس الدين، وبها يرتقى إلى مراتب اليقين، هي زاد القلوب والأرواح فبها تقتات وبه تتقوى وعليها تستند في الوصول والنجاة .. قال ابن المعتز: 

خل الذنوب صغيرها *** وكبيرها ذاك التقى 

واصنع كماش فوق أرض الشوك *** يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة *** إن الجبال من الحصى

وتارة تضاف التقوى إلى اسم الله عز وجل كقوله: (واتقوا الله)، فإذا أضيفت التقوى إليه سبحانه فالمقصود اتقوا سخطه وغضبه، ليس المقصود اتقوا القرب منه ولا اتقوا شرعه لكن اتقوا عذابه وسخطه، وعن ذلك ينشأ عقابه الدنيوي والأخروي كما قال تعالى: (ويحذركم الله نفسه) [آل عمران: 28]، وقال تعالى: (هو أهل التقوى وأهل المغفرة) [المدثر: 56]، هو أهل أن يتقى وأن يخشى وأن يهاب وأن يجل وأن يعظم سبحانه وتعالى وأن يعظم في صدور عباده حتى يعبدوه ويطيعوه لأنه المستحق للجلال والإكرام وهو صاحب الكبرياء والعظمة وقوة البطش .. وتارة تضاف التقوى إلى عقاب الله أو إلى مكان العقاب كالنار قال تعالى: (واتقوا النار التي أعدت للكافرين) [آل عمران: 131]، أو إلى زمان العقاب كيوم القيامة قال تعالى: (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) [البقرة: 281]. ويدخل في التقوى الكاملة فعل الواجبات وترك المحرمات والشبهات، وربما دخل فيها أيضا فعل المندوبات وترك المكروهات والمشتبهات فقول الله تعالى: (آلم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) يشمل ذلك كله ..

قال ابن القيم رحمه الله: في التقوى في تعريفها الشرعي: حقيقتها العمل بطاعة الله إيمانا واحتسابا أمرا ونهيا، فيفعل ما أمر الله به إيمانا بالآمر وتصديقا بوعده، ويترك ما نهى الله عنه إيمانا بالناهي وخوفا من وعيده .. قال طلق بن حبيب: إذا وقعت الفتنة فأطفئوها بالتقوى، قالوا: وما التقوى؟ قال: أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله .. وهذا من أحسن ما قيل في حد التقوى .. والتقوى تطلق في القرآن الكريم على عدد من الأمور:

(1) تأتي بمعنى الخشية والهيبة كما قال تعالى: (وإياي فاتقون) [البقرة: 41] أي اخشوني وهابوني، وكذلك في قوله: (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) [البقرة: 281] أي خافوا هذا اليوم وما فيه.

(2) تأتي بمعنى الطاعة والعبادة كقوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) [آل عمران: 102] يعني أطيعوه حق الطاعة واعبدوه حق العبادة، وهو قول مجاهد: أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر.

(3) تطلق على التنزه عن الذنوب وهذه هي الحقيقة في تعريف التقوى في الاصطلاح، قال تعالى: (ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفآئزون) [النور: 52]، يتقه أي يترك المعاصي والذنوب، فترك الطاعة والخشية ثم ذكر التقوى فعلمنا أن حقيقة التقوى شيء إضافي غير الطاعة والخشية في هذا النص وهو تنزيه القلب عن كل قبيح.

والله عز وجل ذكر التقوى ثلاث مرات في آية واحدة، فقال تعالى: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين) [المائدة: 93]، فهذا التكرار ليس تكرارا مجردا، فقال بعضهم: التقوى الأولى تقوى عن الشرك، والثانية تقوى عن البدعة، والثالثة عن المعاصي، ويقابل الأولى التوحيد، والثانية السنة، والثالثة الطاعة، فجمع بين هذه المنازل الثلاث (منزلة الإيمان ومنزلة السنة ومنزلة الاستقامة والطاعة).

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما. طبعا ليس المقصود أن يترك كل الحلال لكن الحذر يقتضي أحيانا ترك شيء من المباح خشية الوقوع في الحرام، ورع. فإن الله قد بين للعباد أنه من يعمل مثقال ذرة شرا يره، فلابد أحيانا حتى تتقي الذرة من الشر أن توسع الدائرة لتبتعد، ولذلك" لا يرتع غنمه فيه وإنما يبتعد عنه ألا وإن لكل ملك حمى وإن حمى الله محارمه"، ومن اقترب من الحمى أوشك أن يقع فيه.

وقال الحسن رحمه الله: ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرا من الحلال مخافة الحرام. وقال الثوري: إنما سموا متقين لأنهم اتقوا ما لا يتقى ما لا يتقى عادة أو ما لا يتقيه أكثر الناس. فالمتقون تنزهوا عن أشياء من الحلال مخافة أن يقعوا في الحرام فسماهم الله متقين، والمتقي أشد محاسبة لنفسه من محاسبة الشريك لشريكه، ولذلك يخلي جميع الذنوب [باختصار من (فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب) المؤلف: محمد نصر الدين محمد عويضة (5/7) ] .

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life