عناصر الخطبة
1/ كلمة بشار عن جريمة قتل الأطفال في غزة 2/ قتل أطفال الحولة 3/ لكل ظالم نهاية 4/ فضائل بلاد الشام 5/ واجبنا نحو أهلنا في سوريا.اهداف الخطبة
اقتباس
تخيلْ لو أنك أنت ذلك الأبُ الذي رجعَ إلى منزلِه فرأى فلذاتِ كبدِه قد قُتلوا قتلاً.. وذُبحوا ذبحًا.. كيف هو شعورُكَ وأنت تجمعُ بقايا لعبِهم التي فرحوا بها عندما أتيتَهم بها وشكروك عليها.. أتذكرُ كلمةَ بابا لما نطقوا بها.. ما أجملَها في أفواهِهم.. أتذكر عندما بدأَ يمشي.. فيخطو خُطوةً ثم يسقطُ فتقومُ تلقفُه من رحمتك به.. كلُ زاويةٍ من زوايا البيتِ لهم فيها ذكرى.. كم أعددتَ من الأفكار لحسنِ تربيتِه!! كم بنيتَ من الآمالِ في التخطيطِ لمستقبلِه!! هاهو الآن جثةٌ هامدةٌ بين...
إن الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
أما بعد: وقفَ السيدُ الرئيسُ في قمةِ غزةَ الطارئةِ المنعقدةِ في الدوحة في 16-01-2009م بعدَ جرائمِ اليهودِ المرتكبةِ في حقِ إخوانِنا في غزةَ فقال:
أيها الأخوةُ القادةُ العرب.. السادةُ الرؤساءُ من الدولِ الإسلاميةِ الصديقة..السادةُ رؤساءِ الوفود.. أيها السيداتُ والسادة..
قمتُنا هذه على صعوبةِ عقدِها وكان الأملُ ألا يتخلفُ عنها أحدٌ تأتي لتعبرَ لشعوبِنا وللعالمِ إننا مع أنفسِنا لا مع أعدائِنا، مع شعوبِنا وضدِ الاحتلال، مع الشهداءِ من الأطفالِ والنساءِ والشيوخِ، وقبل كلِ ذلك مع الأبطالِ المقاومينَ في كلِ مكان.
في هذه اللحظاتِ العصيبةِ تبدو مسؤوليتُنا كقادةٍ عربٍ جسيمةٍ في تقديمِ إجابةٍ جادةٍ وحاسمةٍ عن التساؤلاتِ الحائرةِ في ذهنِ كلِ مواطنٍ عربيٍ وهي: كيف ننقذُ شعبَنا الفلسطينيَ من براثنِ هذه الوحشيةِ المتجبرةِ؟
كيف يمكنُ لنا كأمةٍ عربيةٍ أن نقدمَ الردَ المناسبَ على جرائمِ الاحتلالِ ونحنُ نرى جثثَ الأطفالِ وأشلاءَهم تتناثرُ في كلِ مكانٍ ونلمحُ في عيونِ من بقيَ منهم حيًا ملامحَ الذعرِ التي تختلطُ بالرجاءِ في أن تمتدَ إليهم يدٌ جسورةٌ تنقذُهم من مصيرِهم المحتومِ بعدَ أن افتقدوا الأمانَ في غزةَ المنكوبةِ الباسلةِ؟!
ثم قال في بعضِ كلامِه.. وبما أننا أصحابُ ذاكرةٍ غنيةٍ لأننا أهلُ التاريخِ ومالكو الأرضِ، فسنعدُهم بأننا سنبقى نتذكرُ.. والأهمُ من ذلك هو أننا سنحرصُ على أن يتذكرَ أبناؤُنا أيضًا.. سنخبئ لهم صورَ أطفالِ غزةَ وجروحِهم المفتوحةِ ودماءِهم النازفةِ فوقَ ألعابِهم وسنخبرُهم عن الشهداءِ والثكالى والأراملِ والمعاقين وسنعلمُهم بأن المؤمنَ القويَ خيرٌ وأحبُ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ وأن العينَ بالعينِ والسنَ بالسنِ والبادئُ أظلمُ وأن ما أخذَ بالقوةِ لا يستردُ إلا بها.
وسنشرحُ لهم بأن من يفقدَ ذاكرةَ الماضي سيفقدُ المستقبلَ وسنعلقُ على جدرانِ غرفِهم لوحةً نكتبُ عليها شعارًا لكلِ طفلٍ عربيٍ قادمٍ إلى الحياةِ.. يقولُ له لا تنسَ.. ليكبرَ الطفلُ ويقولُ لهم لن أنسى ولن أغفرَ.
عبادَ الله.. أتدرونَ من هو السيدُ الرئيسُ.. صاحبُ هذه الكلماتُ المؤثرةُ.. إنه بشارُ الأسدِ صاحبُ مجزرةِ الحُولَةِ التي راحَ ضحيتُها أكثرَ من خمسينَ طفلاً من أطفالِ السنةِ الأبرياء.
هل رأيتُم ذلك الطفلَ الذي لم يستطعْ أن يكملَ فطيرتَه لأنها تلوثتْ بدمِه البريء.. بل الأعظمُ من ذلك أنه لن يستطيعَ أن يأكلَها لأن روحَه قد فاضت إلى بارئِها..
هل رأيتُم تلك الطفلةَ التي سقطت لعبتُها الغاليةُ بجانبِها.. فلا اللعبةُ تتحركُ ولا صاحبتُها تستطيعُ اللَعبَ بها بعدَ اليوم.
هل رأيتُم ذلك الطفلَ الممددَ بالقربِ من كتابِه المدرسي.. وبالطبعِ لن يقدرَ على أن يكملَ واجبَه المنزلي لأنه أصبحَ جثةً هامدةً.
تخيلْ لو أنك أنت ذلك الأبُ الذي رجعَ إلى منزلِه فرأى فلذاتِ كبدِه قد قُتلوا قتلاً.. وذُبحوا ذبحًا..
كيف هو شعورُكَ وأنت تجمعُ بقايا لعبِهم التي فرحوا بها عندما أتيتُهم بها وشكروك عليها..
أتذكرُ كلمةَ بابا لما نطقوا بها.. ما أجملَها في أفواهِهم..
أتذكر عندما بدأَ يمشي.. فيخطو خُطوةً ثم يسقطُ فتقومُ تلقفُه من رحمتك به..
كلُ زاويةٍ من زوايا البيتِ لهم فيها ذكرى..
كم أعددتَ من الأفكار لحسنِ تربيتِه!!
كم بنيتَ من الآمالِ في التخطيطِ لمستقبلِه!!
هاهو الآن جثةٌ هامدةٌ بين يديك.. قد قتلَ الأشرارُ كلَ ذلك ظلمًا وعدوانًا.. هذا هو شعورُ إخوانِكم في سوريا..
ولكن.. أين ستذهبُ يا بشارُ.. من العزيزِ الجبار!!
أين ستذهبُ يا بشارُ.. من اللهِ الواحدِ القهارِ!!
ألم يكن لك في فرعونَ عبرة.. الذي (اسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) [القصص: 39- 40].
ألم يكن لك في عادٍ عبرة.. الذين (اسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ) [فصلت: 14- 16].
ألم يكن لك في ثمودَ عبرة.. الذين (كَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) [الحجر: 82- 84].
يا قاتلَ الأطفالِ، يومُكَ آتِ *** سَتَنَالُ فيه مَرَارةَ الحَسَراتِ
أبْشِرْ بيومٍ كالحٍ تَلْقى به من *** بَعْدِ ذُلِّ العيشِ ذُلَّ مماتِ
يا قاتلَ الأطفالِ، قلبُكَ مِجْمَرٌ *** للحِقْدِ، يُرْسِلُ أقبحَ النَّبَضَاتِ
ما أنتَ بالإنسانِ، فالإنسانُ *** لا يُلْقِي قذائفَه على الفَلَذَاتِ
يا قاتلَ الأطفالِ في شامِ العُلا *** يا زارعَ الأَلْغَامِ في الطُّرُقاتِ
ما أنتَ إلاّ عَقْرَبٌ تَنْدَسُّ في *** أثوابِ أبناءٍ لنا وبناتِ
يا قاتلَ الأطفالِ، يا مُتَمَسِّحًا *** بسفاسفِ الإفرنج و«الآياتِ»
ستراكَ عينُ الشامِ أقبحَ راحلٍ *** عنها، وتُبْصِرُ منكَ شرَّ رُفَاتِ
يا قاتلَ الأطفالِ يا مُتَمِرِّسًا في *** قتلِ ما ينمو من الزَّهَرَاتِ
عُذْرًا إلى شِعْرِي فقد دنَّسْتُه *** بقبيحِ ذِكْرِكَ يا أَخَا النَّزواتِ
يا قاتلَ الأطفالِ، تلك جريمةٌ *** خَتَمَتْ عليكَ بخاتَمِ الهَفَواتِ
هي مُبْتَغَاكَ ومُنْتَهاكَ، وهكذا *** بالجُرْمِ يُنْهي اللهُ حُكْمَ طُغَاةِ
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ.. وأستغفرُ اللهَ تعالى لي ولكم من كلِ ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِ العالمين منزلِ الكتابِ ومجريِ السحابِ وهازمِ الأحزابِ وناصرِ المؤمنينَ العزيزِ الوهابِ والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا ونبيِنا محمدٍ قائدِ المجاهدينَ وإمامِ الهداةِ والمصلحينَ وعلى آلهِ وصحبِه الأطهارِ الأبرارِ ومن سارَ على نهجِهم واقتفى أثرَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ.. أما بعد:
أما أنتم يا أهلَ الشام فطوبى لكم كما قال زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «طُوبَى لِلشَّامِ.. طُوبَى لِلشَّامِ.. طُوبَى لِلشَّامِ» فَقُلْنَا: لِأَيٍّ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَنِ بَاسِطَةٌ أَجْنِحَتَهَا عَلَيْهَا».
أما أنتم يا أهلَ الشام فـ (لاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء، وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) [آل عمران: 139- 142].
أبشروا بقول الله سبحانه وتعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج: 40- 41].
أبشروا فهذا الابتلاءُ الذي تتعرضون له هو طريقُ النصرِ في الدنيا والجنةِ في الآخرةِ (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) [البقرة: 214].
أبشروا (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح: 5 -6].
عبادَ اللهِ.. لا تنسوا إخوانَكم في سوريا كلٌ بحسبِه.. بالدعاءِ في أوقاتِ الإجابةِ.. وبالمالِ عبرَ الوسائلِ الرسميةِ المتاحةِ.. لعلَ اللهَ تعالى أن يعذرَنا وأن يتجاوزَ عن تقصيرِنا.
اللهم إنا نسألُك بأنا نشهدُ أنك أنتَ اللهُ لا إلهَ إلا أنتَ الأحدُ الصمدُ الذي لم يلدْ ولم يولدْ ولم يكنْ له كفوًا أحدٌ،لا إلهَ إلا أنتَ سبحانَك إنا كنا من الظالمين، اللهم اجعلْ لأهلِ سوريا فرجًا ومخرجًا، اللهم واحقنْ دماءَهم، واحفظْ أعراضَهم، وآمنْهم في وطنِهم، اللهم واكشفْ عنهمُ البلاءَ، اللهم يا جبارُ يا قهارُ قاتلْ المتجبرينَ الفجارَ، اللهم خذْهم أخذَ عزيزٍ مقتدرٍ، اللهم وانصرْ الإسلامَ وأعزْ المسلمين، اللهم وأنعمْ علينا وعليهم بالأمنِ والأمانِ يا لطيفُ يا منانُ، والحمدُ للهِ ربِ العالمين.
التعليقات