عناصر الخطبة
1/صور من بساطة حياة النبي صلى الله عليه وسلم وابتعاده عن التكلُّف 2/النهي عن التكلف المذموم 3/صور من التكلف المذموم 4/لماذا التكلف؟ 5/عش حياتك ببساطة.

اقتباس

عِشْ حياةَ العبوديةِ، عِشْ عبداً بسيطاً، لخالقِه ولسيِّدِه مُطيعاً، ولعبادِه مُتواضعاً وديعاً، واعلم أنَّ من تواضعَ للهِ رفعَه،.. عِشْ كما أنتَ، بطبيعتِكَ التي خلقَها اللهُ -تعالى-، ولا تتكلَّفُ أمامَ أحدٍ، ولا تدَّعي شيئاً لا تعرفُه، ولا تحاولْ لَفتَ نظرِ النَّاسِ إليكَ، فإنَّ من أشَقِّ الأعمالِ أن يعيشَ الإنسانُ بشخصيةِ غيرِه.

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ؛ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

 

أما بعد: فإنَّ أحسنَ الحديثِ كلامُ اللهِ -تعالى-، وخيرَ الهدي هديُ مُحمدٍ -صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ-، وشرَّ الأمورِ مُحْدثاتُها، وكُلَّ مُحْدَثةٍ بِدْعَةٌ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضَلالةٍ في النَّارِ.

 

مَن يتأملْ في سيرةِ نبيِّنا -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-، يجدُ حياةَ البساطةِ، البعيدةَ عن التَّكلُّفِ المذمومِ، وهذا مِصداقُ قولِه -تعالى-: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ)[سورة ص:86].

 

ففي العلمِ، لم يكنْ يتكلَّفُ ما لا علمَ له بهِ، فها هو يقولُ لجبريلَ -عليه السَّلامُ- عندما سألَه عن السَّاعةِ: "ما المسؤولُ عنها بأعلمَ من السَّائلِ"، يعني: لا يعلمُها لا السَّائلُ ولا المسؤولُ. واسمعْ إلى مَسروقٍ -رَحِمَهُ اللهُ- وهو يقولُ: دَخَلْنَا على عَبدِ اللهِ بْنِ مَسعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالَ: "يا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَلْيَقُلْ: اللهُ أعْلَمُ، فَإنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لا يَعْلَمُ: اللهُ أعْلَمُ، قالَ اللهُ -تعالى- لِنَبِيِّهِ -صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ-: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ)".

 

اليوم: هناكَ مَن إذا جلسَ في المجلسِ كأنَّه رادارٌ، يلتفتُ يمينًا وشِمالاً يلتقطُ الأخبارَ، يخوضُ في كلِّ المواضيعِ الصِّغارِ مِنها والكِبارِ، لا يقولُ: لا أعلمُ، وكأنَّها كلمةُ عارٍ وصَغَارٍ، يتعجَّبُ الحضورُ من جُرأتِه على التَّلفيقِ، وعندما ينتهي من كلامِه كأنَّهُ ينتظرُ التَّصفيقِ، ولسانُ حالِ من يسمعهُ:

جهلتَ ولم تَدري بأنَّكَ جاهلٌ *** فَمَنْ لي بأن تَدري بأنَّكَ لا تَدري

 

فيا أخي: إيَّاكَ والتَّكلُّفَ فيما لا تعلمُ، فلا بُدَّ يوماً أن تنكشفَ الحقائقُ، فتنفضحَ بينَ الخلائقِ، وعندَها تَسقطُ الهيبةُ، وتأتي العَيْبَةُ، وقديماً قالَ العربُ: إن كانَ الكلامُ من فضةٍ، فالسُّكوتُ من ذهبٍ.

 

لم يكنْ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- يتكلَّفُ الضِّيافةَ، فعن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قالَ: "جَاء رجلٌ إلى رَسولِ اللهِ -صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ- فقالَ: إنّي مَجهُودٌ، فأرسلَ إلى بعضِ نِسائهِ، فقالتْ: والذي بعثكَ بالحقِّ، مَا عندِي إلا ماءٌ، ثُم أرسلَ إلى الأُخرى، فقالتْ مِثل ذلكَ، حَتى قُلن كلُّهُن مثلَ ذلك: لا، والذي بعثكَ بالحَق، ما عِندي إلا مَاءٌ، فقالَ: "مَن يُضِيفُ هذا الليلةَ رحمَهُ اللهُ"، فقامَ رجلٌ مِن الأنصَارِ، فقالَ: أنا يا رسولَ اللهِ، فانطلقَ بهِ إلى رَحلِه".

 

اليوم: هناكَ من يتكلَّفُ الضِّيافةَ بما لا يُوافقَ شرعٌ ولا عُرفٌ ولا عاداتٌ، لا لشيءٍ إلا ليُقالَ فلانٌ أكرمنا كرماً لم يَنقلْهُ التَّاريخُ في الرِّواياتُ، وبعد أن كانَ إكرامُ الضَّيفِ عبادةً جليلةً لمن يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ، أصبحتْ رياءً ومباهاةً وإسرافاً وتنافُساً لا يُبتغى بهِ اللهُ ولا اليومُ الآخِرُ.

 

فيا أخي: إيَّاكَ والتَّكلُّفَ مع ضيفِك، فإنَّه جاءكَ حُبَّاً وزيارةً لكَ، ليأنسَ برؤيتِكَ وبالحديثِ معكَ، وإيَّاكَ والإسرافَ والمُباهاةَ وتحمُّلَ الدُّيونَ الكثيرةَ، حتى أصبحَ قُدومَ الضَّيفِ عندَ البعضِ من الهمومِ الكبيرةِ، بل قَابلْهُ بالابتسامةِ السَّخيَّةِ، وبالكلمةِ النَّديَّةِ، وقدِّمْ له ما تستطيعُ من المعهودِ، وقلْ له: الجودُ من الموجودُ، فإذا أحسستَ منه بعدمِ الرِّضا والضِّيقِ، فلا تأسَ عليه فمثلُه لا يستحقُّ أن يكونَ صديقٌ.

 

كانَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- لا يتكلَّفُ في مِشيتِه، يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ- إِذَا مَشَى، مَشَى مَشْيًا مُجْتَمِعًا، يُعْرَفُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَشْيِ عَاجِزٍ وَلا كَسْلانَ"، وهي مِشيةُ السَّكينةُ والوَقارِ، فإذا مَشيتَ فلا تتكلَّفْ، وامشِ مِشيةَ العبدِ المتواضعِ، وإيَّاكَ ومِشيةَ الفَخرِ والخُيلاءِ، كأنَّكَ مخلوقٌ قادمٌ من الفضاءِ، واسمعْ الموعظةَ: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا)[الإسراء:37].

 

كانَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- لا يتكلَّفُ في جلوسِه ولا في أكلِه، فَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلْ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، مُتَّكِئًا، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكَ، فَأَصْغَى بِرَأْسِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ تُصِيبَ جَبْهَتُهُ الأَرْضَ، قَالَ: "لَا، بَلْ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ".

 

فيا أيُّها المُباركَ: لا تتكلَّفْ في طريقةِ أكلِك ودعْ عنكَ الإتيكيتَ، وكلْ كما تُحبُّ بما لا يخالفُ شرعَ ربِّكَ والآدابَ، واجلسْ جِلسةَ المُتواضعِ الذي يرى أنَّ كلَّ من في المجلسِ خيراً منه وأعلمَ، وإنْ قدَّموهُ في المكانِ فهو لفَضلٍ منهم وكرمٍ.

 

ما كانَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- يتكلَّفُ الكلامَ، بل كانَ كلامُه كما وصفتْه عائشةُ -رَضيَ اللهُ عَنها-: "كَانَ كلامُ رسولِ اللَّهِ -صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم- كَلاماً فَصْلاً، يفْهَمُهُ كُلُّ مَن يَسْمَعُهُ"، فلماذا إذا تكلَّمَ بعضُنا أو كتبَ موضوعاً، فإنَّه يبحثُ عن المُفرداتِ الغريبةِ، ويأتي بالمصطلحاتِ العجيبةِ، لا لأجلِ أن ينفعَ النَّاسَ أو يَفهموا كلامَه، وإنما ليُقالَ أنَّه مُثقَّفٌ وبليغٌ وعلَّامةٌ، وقد قالَ رسولُ اللهِ -صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ-: "إِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ، وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ والْمُتَفَيْهِقُونَ".

 

فكنْ بسيطاً في كلامِك مع النَّاسِ، مهما كانَ علمُكَ وثقافتُكَ، واخترْ من الكلماتِ أبسطَها وألطفَها، وإيَّاكَ والتكلُّفَ، ليفهمَكَ الصَّغيرُ والكبيرُ، ويحترمَك الجاهلُ والعالِمُ، فقد جاءَ في الحديثِ: "إنَّ اللَّهَ -عزَّ وجلَّ- يبغضُ البليغَ منَ الرِّجالِ، الَّذي يتخلَّلُ بلسانِهِ، كما تتخلَّلَ البقرةُ بلسانِها"؛ فهو يُقلِّبُ لسانَه في فَمِه وبينَ أسنانِه تَلذُّذًا بالكلامِ، كما تَفْعَلُ ذلك البقَرةُ تَلذُّذًا بالطَّعامِ.

 

لم يكنْ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- يتكلَّفُ في مشاعرِه، ففي حديث أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ ابْنَةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ- أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ في احْتِضَارِ وَلَدِهَا، "فَأَتَاهَا فَوُضِعَ الصَّبِيُّ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ-، وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ، فَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ -صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ-، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا هَذَا؟، قَالَ: "إِنَّهَا رَحْمَةٌ، وَضَعَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ مَنْ يَشَاءُ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ".

وبكى -عليه الصلاة والسلام- حنينًا إلى أمه وشوقًا إليها؛ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: "زَارَ النَّبِيُّ -صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ- قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ".

 

فلا تتكلَّفْ مشاعرَك أيُّها الحبيبُ: قد يأتيكَ يومٌ فيه حُزنٌ وبكاءٌ، فلا تحبسْ دمعةً، وقد يمرُّ بكَ يومٌ فيه سعادةٌ وصفاءٌ، فلا تَكتُمْ ضِحكةً، فاللهُ -تعالى- الذي أضحكَ وأبكى.

 

قد يأتيكَ يومٌ فيه صداقةٌ وهناءٌ، وقد يمرُ بكَ يومٌ فيه قطيعةٌ وجفاءٌ، تُحبُّ يوماً، وتبغضُ يوماً، فإذا أحببتَ فابذلْ، وإذا أبغضتَ فاعدلْ، واعلمْ إنَّ العُمرَ واحدٌ، والحياةَ قصيرةٌ، فعِشْها كم أنتَ، بعيداً عن التَّكلفِ.

 

باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ؛ ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ؛ أقولُ ما تسمعونَ وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كلِ ذنبٍ إنه هو الغفورُ الرحيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ وليِّ من اتَّقاه، من اعتمدَ عليه كَفاهُ، ومن لاذَ به وَقاهُ، أحمدُه سبحانَه وأشكرُه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه وحبيبُه وخليلُه ومصطفاهُ، صلى اللهُ وباركَ عليه، وعلى آلِه وصحبِه، ومن دعا بدعوتِه واهتدى بهداهُ.

 

أما بعدُ: عبادَ اللهِ: لماذا التَّكلُّفُ؟.. تأمَّلوا واسمعوا معي إلى رحلةِ الإنسانِ مُنذُ خلقِه: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسانَ مِن سُلالةِ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً في قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ  أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ)[المؤمنون:12-16]، هل انتبَهتُم لشيءٍ في الآياتِ؟، بعدَ خلقِ الإنسانِ في بطنِ أمِّه، جاءَ ذِكرُ الموتِ مُباشرةً، فأينَ الحياةُ الدُّنيا؟، أينَ هذه السِّنونَ التي نحرصُ عليها، ونتشبَّثُ بها، ونتصارعُ فيها؟، لم يذكرْها اللهُ -تعالى- لقِصَرِها وحقارتِها، فهل مثلُ هذه الحياةِ تستحقُّ مِنَّا إلى تكلُّفٍ وعَناءٍ؟

 

خَلَقَنا اللهُ -تعالى- لغايةٍ عُظمى، ولحقيقةٍ كُبرى، قالَ -سُبحانَه-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[الذاريات:56]، فلا نحتاجُ أن نتكلَّفَ ما لم نُخلَقْ من أجلِهِ، فإنما نحنُ عبيدٌ لربِّ الأرضِ، فلا ينبغي لنا أن نتكَبَّرَ في الأرضِ.

 

عِشْ حياةَ العبوديةِ، عِشْ عبداً بسيطاً، لخالقِه ولسيِّدِه مُطيعاً، ولعبادِه مُتواضعاً وديعاً، واعلم أنَّ من تواضعَ للهِ رفعَه، لا تتكلَّفْ في الرِّزقِ، فقد ضمنَه لكَ اللهُ -تعالى-، فقالَ: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)[هود:6]، ولا تتكلَّفَ من العبادةِ ما لا تُطيقُ، فاللهُ لا يكلِّفُ نفساً إلا وسعها، (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)[البقرة:185].

 

عِشْ كما أنتَ، بطبيعتِكَ التي خلقَها اللهُ -تعالى-، ولا تتكلَّفُ أمامَ أحدٍ، ولا تدَّعي شيئاً لا تعرفُه، ولا تحاولْ لَفتَ نظرِ النَّاسِ إليكَ، فإنَّ من أشَقِّ الأعمالِ أن يعيشَ الإنسانُ بشخصيةِ غيرِه.

 

اللهمَّ اهدِنا فيمن هديتَ، وعافِنا فيمن عافيتَ، وتولنا فيمن توليتَ، وبارك لنا فيما رزقتَ وأعطيتَ، وقِنا شَرَّ ما قضيتَ.

 

اللهم اغفر لنا ذنوبَنا كُلَّها دِقَّها وجِلَّها أولَها وآخرَها، ما علمنا منها وما لم نعلمُ، اللهم ارحم موتانا، واهدِ ضالَنا، ورُدَّ غائبَنا، واشفِ مرضانا، واقضِ عنا دينَنا، ولا تؤاخذنا بما فعلَ السفهاءُ منَّا.

 

اللهمَّ آمنا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، واجعل ولايتَنا فيمن خافَكَ واتَّقاكَ واتَّبعَ رِضاكَ يا أرحمَ الراحمينَ، وصلِّ اللهمَّ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه وسَلمْ تَسليماً كَثيراً.

 

المرفقات
وما-أنا-من-المتكلفين.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life