عناصر الخطبة
1/الإدانة الجماعية لهذا الحادثة 2/ الشريعة جاءت بحفظ الأمن والدماء 3/ سد الطرق الموصلة إلى القتل 4/ أهمية الأمن 5/ النهي عن التغافل عن أسباب رئيسة لمثل هذه التصرفات 6/ أهمية التوازن والاعتدال في مثل هذه المواقف 7/ من أسباب سخط الله والعقوباتاهداف الخطبة
تحذير الناس من التفجيرات/ تنبيه الناس إلى أهمية النظر لأسباب هذه التفجيراتاقتباس
.. فلا بدَّ أن يعيَ هؤلاءِ أن مواجهةَ الغُلُوِّ لا تكون بالتنْفيرِ من الدِّينِ وتشْويهِ أهْلهِ، وإظْهارِ العلماءِ والدُّعَاةِ بصورةٍ منفِّرةٍ.. فإن الشَّعْبَ المغْربيَّ مسلمٌ، ويُحِبُّ دينهُ، وهو متمسِّكٌ به مهْما أرْجفَ المُرْجفونَ، فلا بدَّ إذاً من اتِّزَانِ الكلمةِ والاعْتدالِ فيها؛ فالطَّرْحُ المنْصفُ له أثرٌ كبيرٌ في الأَمْنِ والاسْتقرارِ ..
أَمَّا بَعْدُ: فيَا إِخْوَةَ الإِيمَانِ، تسامع الجميعُ بالتَّفجيراتِ التي حدثتْ في الدار البيْضاءِ يوْمَ الجمعةِ الماضيةِ، وراحَ ضحيَّتها عشراتُ القتْلى، ومئاتُ المُصابينَ..
وأيُّ معالجةٍ للحدثِ يجب أن تكون منْطلِقةً من إدانةٍ صريحةٍ واضحةٍ، لا لُبْسَ فيها لهذا العملِ الشَّائنِ المحرَّم..
إنَّ الموْقفَ المبْدئيَّ الشَّرْعِيَ الصَّريحَ يجب أن يكون قدْراً مشْتركاً لدى جميع المؤمنين وجميع العقلاءِ برفْض هذا العمل وتحْريمهِ، وإدانتهِ شَرْعاً..
فالشريعةُ جاءت بحفْظِ الأمْن، وحفْظِ الدِّمَاءِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ "مسلم.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ " الترمذي والنسائي.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لاَ يَزَالُ العَبْدُ فِي فُسْحَةٍ فِي دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَماً حَرَاماً ".
فدم المسلم حرامٌ، وماله حرامٌ، وعرْضه حرامٌ، وقد صان الإسلامُ الدِّماءَ والأمْوَالَ والأَعْرَاضَ، ولا يجوز استحلالُها إلا فيما أحلَّه اللهُ فيه وأباحهُ..
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ".
وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: " مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ " الترمذي.
وقَتْلُ المسلم بغيْر حَقٍّ من كبائر الذُّنُوبِ، والقاتلُ معرَّضٌ للوعيدِ، وقد نهى اللهُ سبْحانهُ وتعالى عن قتْلِ النَّفْسِ بغير حَقٍّ فقال تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِلْحَقّ) [الأنعام:151].
وحفاظاً على النَّفْس المسْلمةِ البريئةِ من إزْهاقِها وقتْلِها بغيْر حَقٍّ نهى رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنِ الإشارةِ إلى مسلم بسلاحٍ ولو كان مزاحاً؛ سَداًّ للذَّريعةِ، وحَسْماً لمادَّةِ الشَّرِّ التي قد تُفْضي إلى القتْل؛ فعن أبي هُرَيْرَةَ أن رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: " لا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ " البخاري. وفي رواية لمسلم قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَدَعَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ ".
فإذا كان مجرَّدُ الإشارة إلى مسلم بالسِّلاح نهى عنْه رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحذَّر منْه ولو كان المشيرُ بالسِّلاح مازحاً، ولو كان يمازح أخاه من أبيه وأمِّه -لأنه قد يقع المحذورُ-؛ فكيْف بمنْ يزْرعُ القنابلَ والمتفجِّراتِ فيستهْدفُ الأرْواحَ المسلمةَ البريئةَ، فيقْتُلُ العشراتِ ويجْرحُ المئاتِ ويروِّعُ الآلافَ من المسلمينَ.. كيْف بمنْ يقتُلُ الصَّغيرَ والمرْأةَ والشَّيْخَ العجوزَ، من غيْر جريرةٍ اقْترفوها..
إنَّ مَنْ فعلَ ذلكَ كان معرَّضاً لأشدِّ العذابِ والعقابِ والوعيدِ -ومن فعل ذلك؟ ومن له المصلحة في ذلك؟ ومن المستفيد من ذلك؟ نفتح عليْها علامات استفْهام كبيرة-، قال الله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) [النساء:93].
ومن أجْلِ ذلك فإنَّ كُلَّ عملٍ تخْريبيٍ يسْتهدف الآمِنين مخالفٌ لأحكام شريعةِ ربِّ العالمين، والَّتِي جاءتْ بعصْمةِ دماءِ المسْلمين والمعاهَدِين..
إخوة الإيمان: إنَّ أساليبَ العُنْفِ ومسالكَه من تفْجيرٍ وتدْميرٍ ونَسْفٍ لا تهْزم القِيَّمَ الكبيرةَ، ولا تُحَرِّرُ شَعْباً، ولا تَفْرِضُ مذْهباً.. العُنْفُ لن يُغَيِّرَ سياسةً، ولن يكْسبَ تعاطُفًا..
العُنْفُ لا يَحْمِلُ مشْروعًا غَيْرَ التَّخْريبِ والإفْسادِ..
العُنْفُ يورِّثُ عَكْسَ مقْصودِ أصْحابهِ.. فَالمشاعرُ والعقولُ كلُّها تلْتقِي على اسْتنْكارهِ ورفْضهِ والبراءةِ منْه ومن أصْحابهِ، ومن ثَمَّ فإنَّه يبْقى علامةَ شُذوذٍ ودليلَ انْفرادٍ وانْعزاليةٍ..
إِنَّ نَشْرَ الرُّعْبِ والتَّرْويع في أوْساطِ المجتمعِ يعدُّ فساداً عظيماً، ولذا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا " أبو داود.
فالأمْنُ مطْلبٌ شرْعيٌّ، ومِنَّةٌ إِلَهيةٌ، ونفْحةٌ ربَّانيةٌ، امْتَنَّ اللهُ به على عبادهِ في مواضعَ كثيرةٍ من كتابهِ كما قال سبحانه: (فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِى أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ وَءامَنَهُم مّنْ خوْفٍ) [قريش:3- 4].
والمحافظةُ على الأَمْنِ مسؤوليةُ الجميع حُكَّاماً ومحكومينَ، رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، والأَمْنُ ليس هو أَمْنُ الأجْسام فحسْب، بل هو أمْنُ العقولِ والأبدان، وسدُّ منافذِ الشرِّ، وأعْظم سببٍ لحفْظِ الأَمْنِ هو الإيمانُ باللهِ، وتطْبيقُ شرْعه، والاِحْتكامُ إلى كتابهِ وسُنَّةِ رسولهِ، وتنْقيةُ المجْتمع مما يضادُّه، قال تعالى: (لَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَنَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ) [الأنعام:82].
في ظلِّ الأَمْنِ تُعْمَرُ المساجدُ وتقامُ الصَّلواتُ، وتُحْفظ الأعْراضُ والأمْوالُ، وتُأْمَنُ السُّبُلُ، ويُنْشَرُ الخيْر، ويعمُّ الرَّخَاءُ، وتُنْشَرُ الدَّعْوَةُ.. وإذا اخْتَلَّ الأَمْنُ كانتِ الفوْضى..
فلْنكنْ كلُّنا جنوداً في حفْظ الأَمْنِ، أَمْنِ العقولِ والقلوبِ، وَأَمْنِ الأجْسادِ والأعْراضِ، ولتحْقيق ذلك لابدَّ أن نبْدأ في تطْبيق شرْع اللهِ في أنْفُسِنَا، وفي بيوتِنا ومجْتمعِنا..
إِخْوَةَ الإِيمَانِ: ويجبُ أنْ لا نتغافلَ عن أسبابٍ رئيسةٍ لمثلِ هذه التَّصرُّفاتِ، حتى وإن كُنَّا لا نوافقُ عليْها، فإنَّ مشاعرَ الإِحْباطِ واليَأْسِ عنْد الكثير من المسلمين وخاصَّةً الشَّبابَ المليءَ بالفوْرةِ والغليانِ، والَّذِي لا يرْضى بالذُّلِّ والهوانِ، وهو يرى كُلَّ يوْم الإرهابَ الأمريكيَّ وتسلُّطَهُ على العالم الإسلاميِّ دون احترام لأنْظمةٍ عالميةٍ، ولا قراراتٍ دوْليةٍ، ويرى كُلَّ يوْم الإرهابَ الصَّهيونيَّ وإذلالَهُ وقتْلهُ للشَّعْب الفلسْطينيِّ، دون أن يكون هناك ردودُ أفْعالٍ جَادَّةٍ مِن الحكوماتِ والأنْظمةِ العربيةِ والإسْلاميةِ، ثُمَّ هو يسْمعُ أيضاً السُّخْريةَ بمعْتقداتِهِ ومقدَّساتِهِ، وربَّما يقْرأُ لأقْلام متطرِّفةٍ تحاولُ تهْميشَ الدِّينِ في حياتِهِ.. كُلُّ هذه الأسْبابِ وغيْرِها واقعٌ يعيشهُ المسْلمُ، ثُمَّ لا يدْري كيْف يعْمل أو ينفِّسُ، فهو بيْن عَجْزٍ وقَهْرٍ، وغيْرةٍ وكَبْتٍ.. وهكذا يتحوَّلُ الغليانُ إلى غلوٍّ وتطرُّفٍ..
ولا شك أن الغيْرةَ على واقع الأُمَّةِ والانْزعاجَ مِمَّا وصلتْ إليْه من الذِّلَّةِ والمهانةِ شَيْءٌ مطلوبٌ، بَلْ واجبٌ على كُلِّ مسْلمٍ ومسْلمةٍ، لكنْ بسلامةِ منْهجٍ وصِحَّةِ معْتقدٍ..
ولا شكَّ أن الغلوَّ يحارَبُ بنشْر العلْم الصَّحيحِ والفهْم المسْتقيم، ويعالَجُ بكلامِ اللهِ وكلامِ رسولهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفهْم السَّلَفِ الصَّالِحِ.. وإلا سنكونُ كمنْ يصبُّ الغَازَ على النَّارِ.
ومِنْ أسْبابِ هذهِ التَّصرُّفاتِ: البطالةُ، والفسادُ الإداريُ والماليُ، وانتشارُ الجرائمِ وتفشِّي المنْكراتِ، والَّتِي تحْملُ بعْض الشَّباب على التَّسَخُّطِ على الأوضاع، وتُذْكِي في قَلْبِهِ نَارَ الحنْق والحِقْدِ على المجْتمعِ والنِّظام جميعاً.. فيجدُ في هذهِ الأعمالِ التَّخْريبيَّةِ مُتَنَفَّساً للتَّشفِّي والشَّماتةِ؛ لأنَّه يرى أن المجْتمعَ قد خذلهُ ولم ينْصرْ قضيَّتهُ..
ومِنْ أسْبابِ هذهِ التَّصرُّفاتِ أيضاً: بعْضُ الَّذين يصطادون في الماءِ العَكِرِ، ويستغلُّونَ الفُرَصَ لأهْوائِهِم من رَمْيِ الإِسْلاَمِ، ومنابرِ الدَّعْوة كلِّها بِالانْحِرَافِ.. ولم يُبْق هؤلاءِ شيْئاً مما يتَّصلُ بالدِّين لم يتَّهموهُ بأنَّه سببُ التَّفْجير، وربَّما لو لم يخْش بعضُهم عاقبةَ التَّصْريحِ لصرَّحُوا بأنَّ القرْآنَ الكريمَ ذاتَه سببُ كُلِّ ذلكَ، فإنَّ هذا مما يُسبِّبُ التطرُّفَ والغليانَ..
فليْسَ من الموضوعيَّةِ ولا مِنَ الإنْصافِ الخَلْطُ بيْن الإسلام الحقِّ وبيْن الانْحرافِ باسْم الإسْلام، كما أنه ليْس مِنَ الإنْصافِ أنْ يُنْتقصَ الإسْلامُ بحجَّةِ وجودِ بَعْضِ الغلاةِ..
فلا بدَّ أن يعيَ هؤلاءِ أن مواجهةَ الغُلُوِّ لا تكون بالتنْفيرِ من الدِّينِ وتشْويهِ أهْلهِ، وإظْهارِ العلماءِ والدُّعَاةِ بصورةٍ منفِّرةٍ.. فإن الشَّعْبَ المغْربيَّ مسلمٌ، ويُحِبُّ دينهُ، وهو متمسِّكٌ به مهْما أرْجفَ المُرْجفونَ، فلا بدَّ إذاً من اتِّزَانِ الكلمةِ والاعْتدالِ فيها؛ فالطَّرْحُ المنْصفُ له أثرٌ كبيرٌ في الأَمْنِ والاسْتقرارِ..
حَفِظَ اللهُ على هذهِ البلادِ دينَها وأَمْنَهَا، وردَّ عنْها كَيْدَ الكائدين وحِقْدَ الحاقدين، وزادَها تمسُّكًا واجْتماعًا وأُلْفَةً واتِّحَادًا؛ إنَّه سميعٌ مجيبٌ.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى مَنْ لاَ نَبِيَّ بَعْدَهُ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَيَا إِخْوَةَ الإِيمَانِ: إنَّ من أسْبَابِ حلولِ سَخَطِ اللهِ، ونزولِ عقابهِ، المعاصي والذُّنوب، والبعْدُ عن شرْع اللهِ، وانْتهاكُ الحرُماتِ، وارْتكابُ الموبقاتِ، فما نزلَ بلاءٌ إلاَّ بِذنْبٍ، وما رُفِعَ إلاّ بتوْبةٍ، والمجْتمعُ الذي يرى المعْصيةَ فلا يُنْكِرُهَا، والذَّنْبَ فلا يسْتقْبحُه، حَرِيٌّ بأن يصابَ بالبلاءِ والمحنِ والفتنِ، كما حَلَّ ببلادٍ كثيرةٍ من بلادِ المسلمينَ لمَّا صَدُّوا عن سبيلِ اللهِ، وأعْرضوا عن ذكْرهِ.
والسَّلامةُ من المعاصي والذُّنُوبِ، والأَخْذُ على أيْدي السُّفهاءِ، والقيامُ بواجبِ الإصلاحِ منْقذٌ من عذابِ اللهِ، وأليمِ عقابهِ، قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) [هود:117].
وهذا الأمْر الذي غفل عنْه كثيرٌ من النَّاسِ - المعاصي والذُّنوب، والبعْدُ عن شرْع اللهِ، وانْتهاكُ الحرُماتِ، وارْتكابُ الموبقاتِ- من أعْظم أسْبَابِ ما حدثَ وكان.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى المَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عنِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدينَ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
التعليقات