عناصر الخطبة
1/مع المعلمين والمعلمات 2/مع الآباء والأمهات 3/مع الطلاب والطالبات 4/كلمة في نجاح الحج 5/أسباب تميّز هذا الحج ونجاحِه.اهداف الخطبة
اقتباس
وكثيرٌ من الآباء يهملون أولادهم ولا يبالون بهم، ولا يقول: يا ولدي ماذا صنعت اليوم؟ ويا ابنتي ماذا صنعتِ اليوم؟ وهذا لا ينبغي؛ لأن الوالدَ صاحبَ البيتِ راعٍ في بيته ومسؤولٌ عن رعيته. واعملوا - أنّ أولادكم سوف يختلطون بأولادٍ آخرين، والبنات كذلك تختلط ببناتٍ أُخريات، فيجب أنْ تغرسوا في قلبوهم محبةَ الصالحين, والفرارَ مِن الفاسدين؛ لأنَّ الفاسد سينقل العدوى إلى أولادكم, ويَطْبَعُوهم بِطِباعهم...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليما كثيراً.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- واعلموا أنّ الناس قد أخذوا بعض الراحة, في هذه الإجازة الطويلة المباركة, والراحةُ لو دامت لقتلت صاحبها, فلابد من الجد والاجتهاد, وها هي المدارس قد شارفت على فتح أبوابها للطلاب والمعلمين, واسْتعدّ القطاعُ التعليميُّ لتهيئة الجو المناسبِ لأبنائنا الطلاب
.
ولنا مع بداية العام الدراسيّ عدةُ وقفات:
الوقفة الأولى: مع المعلمين والمعلمات -وفقهم الله-, الذين سَخَّروا أنفسَهم ووقتَهم لتعليمِ وتربية أبنائنا وبناتِنا.
أيها المعلمون: استشعروا نعمة ومكانة العمل الذي تقومون به, فأنتم تُؤدون رسالةً عظيمة, والطلاب بين أيديكم يتَلَقَّفُون كلامكم بالقبول والإصغاء, ويقتدون بأخلاقكم وآدابكم؛ فكونوا قدوةً حسنةً في مواعيد العمل ودخول الحصص, فلا يجوز التأخر عن دخول الحصة بلا حاجة ولا عذر, كما أفتى بذلك ابن عثيمين -رحمه الله- وقال: "لا يحل للمعلم ولا للمعلمة التأخر عن دخول الفصل, من حين إعلان دخول الحصة".
وليس من العدل أن يأخذ الموظف من معلمٍ أو معلمةٍ أو غيرهما، راتبه كاملاً، ويتساهل في أداء وظيفته التي جُعل له الراتبُ في مقابلة القيام بها، فإن حصل ذلك منه فليتحمل الوعيد المذكور في قوله تعالى: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) ا.ه.
والذي يتأخر ولا يبُالي بالانضباط: يكون قدوةً سيّئةً للطلاب والمجتمع والمعلمين الجدد. فالمعلم الْمُستجد إذا رأى مَن تَقدَّمه في التعليم يُكثر التأخر والغياب, ربما تأثر به واقتدى به, فعليه إثمه وإثم مَن عمل بعمله إلى يوم القيامة.
وعلى الْمعلم ألا يفرق بين الشريف والوضيع، والقريب والبعيد، والغني والفقير، يجب أن يكون الطلبةُ عنده سواء؛ لأنَّ الْمعلم كالقاضي, يجب أن يجعل الناس عنده سواء، لا يقل: "هذا قريبي، أو هذا ابن صديقي، أو هذا ابن الأمير، أو هذا ابن الوزير, أو هذا ابن المدير، يجب أنْ يكونَ الكلُّ عنده سواء".
الوقفةُ الثانية: مع الآباء والأمهات.
فيا أيها الآباءُ والأمهات المشفقون على أولادكم: بادروا بشراءِ ما يحتاج إليه أولادكم من أدواتٍ مكتبيةٍ أو غيرها.
واحرِصوا على مُتابعتهم أولاً بأوَّل, فالأولاد في ابتداء الدراسة يرون الزمن بعيداً, فيهملون في أول السنة ويتكاسلون، ويقول القائل منهم: "إذا قرب الاختبار راجعت"، وهذا لا شك أنه تفكير خاطئ؛ لأن الإنسان إذا أخر هضم الدروس إلى آخر الوقت فإنها لا يهضمها، وتكون علوماً سطحية لا يستفيد منها، لكن إذا كرس الجهود من أول السنة, صار يتلقى العلوم شيئاً فشيئاً وترسخ في ذهنه، وإذا جاء وقت الامتحان لم يتعب التعب الشديد.
وكثيرٌ من الآباء يهملون أولادهم ولا يبالون بهم، ولا يقول: يا ولدي ماذا صنعت اليوم؟ ويا ابنتي ماذا صنعتِ اليوم؟ وهذا لا ينبغي؛ لأن الوالدَ صاحبَ البيتِ راعٍ في بيته ومسؤولٌ عن رعيته.
واعملوا -معاشر الآباء-: أنّ أولادكم سوف يختلطون بأولادٍ آخرين، والبنات كذلك تختلط ببناتٍ أُخريات، فيجب أنْ تغرسوا في قلبوهم محبةَ الصالحين, والفرارَ مِن الفاسدين؛ لأنَّ الفاسد سينقل العدوى إلى أولادكم, ويَطْبَعُوهم بِطِباعهم.
واحرصوا على إلحاق أولادكم بحلقات تحفيظ القرآن في المساجد؛ لأن هذه الحلقات -ولله الحمد-, يحصل فيها خيرٌ كثير، يحفظ الطالبُ من الصغر كلام الله -عز وجل-، ويتأدبُ بالآداب الحسنة، ويستغل وقته فيما ينفعه في الدين والدنيا.
أيها الأب العاقلُ اللبيب: قد يأتي إليك ابنك يومًا ما, فيشكو لك إساءةَ المعلم أو المدير بدون حق, فما موقفك؟
إنك لن تخلو من اتخاذ إحدى هذه الخيارات:
الخيار الأول: أنْ تتجاهله ولا تُصدّقَه, وسَتُعَظِّم في قبله مكانةَ المعلم وقدرَه.
الخيار الثاني: أنْ تقبل كلامه وتُصدقه, وتُبادرَ إلى المدرسة وتُهاجمَ المعلمَ أو المدير, مهما حكى لك غَلَط ابنِك وسوءَ أخلاقِه وسلوكِه.
الخيار الثالث: أنْ تُهدِّئَ من غضبه بحكمةٍ, وتمتصَّ غضبه بتَحْسين الظن بمعلمه أو مديرِه, ثم تذهبُ مِن الغد وتَتَحقَّقَ من الأمر.
فإذا وجدت المعلم قد أخطأ فناصحه بأدبٍ وحكمة, وإذا وجدت ابنك قد كذب أو فهم المعلم فهمًا خاطئًا, فعِظْه وبيّن له مكانة المعلم, وأنه ما قسى عليك إلا شفقةً بك.
لا يخلو أبٌ مِن اتخاذ أحد هذه الخيارات, وقد رأينا وواجهنا جميع هذه التصرفات.
ولا أُراك -أيها الأبُ العاقلُ- إلا أنك تأخذ بالخيار الأخير, المبنيِّ على الحكمة والعقل والأدب.
ومما يُؤسف له, تَعَجُّلُ بعضُ الآباء في مُخاصمة المعلم, بسبب تصديقِه المطْلَقِ لكلامِ ابنه, بل ووصل الحال ببعضهم إلى الصراخ على المعلم أمام ابنه.
ووالله الذي لا إله إلا هو, لقد رأينا أغلبَ أبناءِ هؤلاءِ الذين ينتهجون هذا المنهج الأعوج, ويقفون مع أبنائهم في كلِّ صغيرةٍ وكبيرة؛ هم أفشلَ الأبناء دراسةً وأخلاقًا ومستقبلاً.
الوقفةُ الثالثة: مع الطلاب والطالبات.
إنَّ الواجب عليكم أنْ تعرفوا قدر معلميكُم, وأن تحترموهم وتُكرموهم, وتصبروا على الحدّة التي قد تعتري المعلم والمعلمة.
واحترموا الكتب التي تأخذونها, ففيها العلم الذي تتغذون به, والدولةُ رعاها الله بذلت فيها ما لا يُحصى من المال والجهد, وصرفت لأجلها الكثير من الطاقات, وبَذَلت الجهود الكبيرة, فكيف لا تُقدرونها قدرها, وكيف ترمون بها نهاية العام في الشوارع, تَدُوسُها الأرْجُل وإطاراتُ السيارات؟!.
وهذا حرام عليكم, وعارٌ عليكم وعلى المجتمع بأكملِه.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين, وسلَّم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها المسلمون: لقد شهد القاصي والداني بنجاح حج هذا العام, وخلُوِّه من المنغصات والمكدرات.
وما ذاك إلا بتوفيق الله تعالى وحده, ثم بجهود هذه الدولة المباركة, التي جعلت من أَوْلى أولويّاتِها خدمةَ بيت الله الحرام, وحُجّاجَه وزُوّارَه, ثم بجهود رجال الأمن جزاهم الله خير الجزاء, فقد ضربوا أروع الأمثلة في مُساعدة الحجاج وذوي الحاجات, وتذليلِ الطرق والعقبات لهم, وإطعامِ جائعهم, والوقوفِ مع كبار السن والمرضى منهم, والبشاشةِ في وجوههم.
فاللهم اجزهم عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
ومن أسباب تميّز هذا الحج ونجاحِه: امتناعُ حُجاج الدولة الصفوية الحاقدة, التي جيّشت الجيوش لغزو المسلمين في بلدانهم, في العراق ولبنان, وسوريا واليمن, بل وهي التي تُرسل الكثير من العابثين والحاقدين الْمُجَنَّدِين, وتُلْبِسُهم ثياب الحج ليعبثوا بأمن بلاد الحرمين, وتُثيرُ القلاقلَ والفتنَ بين الحجاج, ونرى حجاجهم يُعاكسون سيرَ الحجاج, ولا يُسْتَغْرَبُ انعاكسُ سيرهِم وأبدانِهِم, مادامتْ قلوبُهم وفِطَرُهم منكوسةً معكوسة.
فالحمد الله الذي أراح الحجاج من كيدهم, وسَلَّم البلاد مِنْ شرهم.
التعليقات