وقفات مع أحداث أوكرانيا

خالد بن عبدالله الشايع

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/لله تعالى الحكمة البالغة في جميع أقداره 2/تبدل الأيام وتغير الأحوال 3/موقف المسلم مما يحدث في أوكرانيا 4/التحذير من إشاعات وإرجافات المغرضين.

اقتباس

تدور إشاعات بأن حربًا عالمية ثالثة ستقع، ويدبّ الخوف في قلوب بعض الناس، ويخافون من المستقبل، ولمثلهم أقول: أولا تعلمون أن المستقبل بيد الله -تعالى-، وأنه مُدبّر الأمور، وأن الله قد كتب كل شيء عنده في...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

أما بعد فيا أيها الناس: إن الله حكيم في أفعاله، (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)[الأنبياء:23]، وذلك أن الحِكَم قد تَخْفَى على البعض، وإن الله مِن حِكمته قد جعل الأيام تتداول بين الناس، الفقير يصبح غنيًّا، والغني يصبح فقيرًا، والمؤمن يصبح كافرًا والكافر يصبح مؤمنًا، والقوي ضعيفًا والضعيف قويًّا، وهكذا، قال -تعالى-: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)[آل عمران:140].

  

عباد الله: إن الناس في حياتهم، يعيشون الماديات المحسوسة أكثر من الغيبيات، إلا من قوي إيمانه، وعظم توكُّله على الله، ونحن نعيش صراعًا بين بعض دول الكفر التي طالما ظلمت المسلمين جماعات وأفرادًا، واسترخصوا دماءهم، فإذا بهم يُسْقَون بنفس الكأس، فيقتل بعضهم بعضًا، ويظلم بعضهم بعضًا، وإن المسلم لا يستهزئ بأحد ولا يسخر من أحد، ولكن يحمد الله على ضعف الكفر وتسلُّط بعضه على بعض، وانشغالهم بأنفسهم.

 

وإن المسلم ليقف وقفات مع هذه الأحداث:

فمن تلك الوقفات: مداولة الأيام بين الناس، فبالأمس روسيا تقاتل في سوريا، وتقتل الأبرياء، واليوم تنصبّ عليها الأسلحة، وتُدَار الحرب عليها، فعلى الظالم تدور الدوائر.

 

ومنها: أنه إذا وقع قتال بين الدول الكافرة، المؤمن يفرح لأنها تُضْعفهم، وتَشْغلهم عن بلاد المسلمين، ولا نستهزئ بهم ولا نسخر، بل نحمد الله على ذلك؛ لما في قتالهم من مصالح للمسلمين، وندعو بالعافية للمسلمين في كل مكان. قال الإمام الذهبي -رحمه الله- في تاريخه: "في سنة 582 هـ وقع خلاف بين الفرنج -لعنهم الله-، وتفرقت كلمتهم، وكان في ذلك سعادة الإسلام".

 

ومنها: معرفة نوايا الغرب علانية، وبألسنتهم وتصرفاتهم، وإلا فهي معروفة كما أخبرنا الله في كتابه، فها هم يَكيلون بمكيالين، فنظرتهم تغيَّرت لما غزت روسيا دولة نصرانية، وكلامهم اختلف، وتعاطفهم صريح، بعكس كلامهم لما حاربت روسيا في سوريا، ولما حاربت أمريكا في العراق.

 

فدماء المسلمين رخيصة، ودماء النصارى واليهود غالية عندهم، فدل على أن كل الشعارات البرّاقة التي ينادون بها، ومزاعم الحرية التي يتشدّقون بها تلاشت عند مصالحهم.

 

ومنها: أن المسلمين يُحَارَبُون في كل أنحاء المعمورة، وذلك لضعفهم، ولبُعْدهم عن دينهم الحق، ومتى رجع المسلمون لدينهم، رجعت لهم عزتهم وقوتهم.

 

ومنها: أن يسعى المسلمون لتقوية صفوفهم وجيوشهم، ويوحدوا كلمتهم، ليكونوا يدًا واحدة على من عاداهم، فلا خير في الضعف والخور، فانظر إلى روسيا، في زمن التقدم، لا تبالي بأحد، وتغزو جارتها، وتصادر حريتها، وتستولي على خيراتها، أمام نظر العالم أجمع، وتهدّد كل من أراد أن يتدخل، وتهدد بالحرب النووية، والجميع لا يملك إلا الكلام، ولا يفكروا في الدخول للحرب لنصرة المظلوم كما يقولون، وهنا يعرف المسلم منزلة القوة.

 

ومنها: أن الحرب لا خير فيها، فهي دمار، واستنزاف للخيرات والموارد، وذهاب للأرواح.

 

اللهم ارم الظالمين بالظالمين، وأَخْرِج المسلمين من بينهم سالمين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...

 

 

الخطبة الثانية:

 

أما بعد فيا أيها الناس: إن الله ناصر دينه، ومُعِزّ أولياءه، ولكن ذلك مشروط بنصر الله ودينه، كما قال -سبحانه-: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)[محمد:7].

 

عباد الله: تدور إشاعات بأن حربًا عالمية ثالثة ستقع، ويدبّ الخوف في قلوب بعض الناس، ويخافون من المستقبل، ولمثلهم أقول: أولا تعلمون أن المستقبل بيد الله -تعالى-، وأنه مُدبّر الأمور، وأن الله قد كتب كل شيء عنده في اللوح المحفوظ، وأنه لا مُبدّل لقَدَره، وأنه قسّم الأرزاق للناس وهم في بطون أمهاتهم، فعَلام الخوف والهلع، وعلام الركض وراء الإشاعات والمرجفين؟!

 

معاشر المؤمنين: توكلوا على الله المُدبِّر لكل شيء، ولا يقلقكم الخوف والجزع، فلن تموت نفس قبل يومها، ولن تموت حتى تستكمل رزقها، ولن يصيبها إلا ما كتب الله لها.

 

روى الترمذي (2516) وصححه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا، فَقَالَ: "يَا غُلَامُ! إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ".

 

أيها الناس: لقد خلق الله الخلق لعبادته، وتكفَّل برزقهم ومعاشهم، فمن توكَّل على الله كفاه، ومن استنصر به نصره، ومن اعتمد عليه أعانه؛ فلا تلتفتوا لغيره، فما يملك غيره إلا الضعف والخور، والغشّ والخداع.

 

اللهم رُدّ المسلمين لدينك ردًّا جميلاً يا رب العالمين.

المرفقات
GJkfOmlCXXvISvOQmrGSDT2xtbO0Fwi7HxHLEQv9.pdf
4bPzueibyTYN6EGRvQKkDMh8ElSk3AorJyFEfI8Y.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life