عناصر الخطبة
1/روايات حديث افتراق الأمة 2/من فوائد هذا الحديث ودلائله 3/بداية نشوء الفرق ونماذج منها 4/أضرار الفرق الضالة على المسلمين 5/الفرقة الناجية وصفاتها 6/التحذير من الاغترار بفرق الضلال.اقتباس
علينا أن نحذر من الانتماء إلى تلك الفرق التي مزقت الأمة، واستباحت دماءها، ومشاعرها وشعائرها, وعقيدتها ومساجدها، وتنكرت للحق وأهله، وتنكرت للأمه وهويتها، فإياك من الانتماء لأيّ من تلك الفرق، والتشيع لها، ومناصرتها...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102], أما بعد:
أيها المؤمنون: جاء حديث الافتراق في السنن ومسند الإمام أحمد، بروايات متعددة، والحديث ما بين الحسن والصحيح، من ذلك: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ؛ إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ الْجَمَاعَةُ", ومن ذلك: عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى بِضْعٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، أَعْظَمُهَا فِرْقَةُ قَوْمٍ يَقِيسُونَ الْأُمُورَ بِرَأْيِهِمْ؛ فَيُحَرِّمُونَ الْحَلَالَ, وَيُحَلِّلُونَ الْحَرَامَ".
ومن ذلك: عن معاوية بن أبي سفيان، أنه قامَ فينا فقال: ألا إن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قامَ فينا فقال: "ألا إنَّ مَنْ قبلَكم من أهلِ الكتابِ افترقُوا على ثِنتَين وسبعينَ ملَّةً، وإن هذه الملةَ ستفترقُ على ثلاثٍ وسَبعينَ, ثنتانٍ وسبعونَ في النَّار، وواحدةٌ في الجنة، وهي الجماعة", زاد ابن يحيى وعمرو في حديثيهما: "وإنّه سيخرج في أمتي أقوام تَجَارَى بهم تلك الأهواءُ؛ كما يَتَجَارَى الكَلَبُ لِصاحبه -وقال عمرو: الكَلَب بصاحبه- لا يبقى منه عِرْقٌ ولا مَفصِلٌ إلا دخلَه", ومن ذلك: عَنْ أَبِي عَامِرٍ عَبْدِ اللهِ بْنِ لُحَيٍّ، قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَامَ حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الظُّهْرِ، فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا فِي دِينِهِمْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً - يَعْنِي: الْأَهْوَاءَ-، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الْأَهْوَاءُ؛ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلْبُ بِصَاحِبِهِ، لَا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلَا مَفْصِلٌ إِلَّا دَخَلَهُ".
ومن ذلك: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَهَلَكَتْ سَبْعُونَ فِرْقَةً، وَخَلَصَتْ فِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، تَهْلِكُ إِحْدَى وَسَبْعُونَ فِرْقَةً، وَتَخْلُصُ فِرْقَةٌ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! مَنْ تِلْكَ الْفِرْقَةُ؟ قَالَ: "الْجَمَاعَةُ الْجَمَاعَةُ".
أيها المؤمنون: هذا حديث عظيم القدر، كثير الفائدة، فيه رسم لمستقبل الأمة، فيه إعجاز نبوي عن مستقبل الأمة المسلمة.
إن هذا الحديث فيه ثلاثة أمور عظيمة النفع للعام والخاص: فيه بيان، وتحذير، وإرشاد؛ بيان لخطورة التفرق، وتحذير من نتائجه، وإرشاد للتعامل معه.
أما البيان الذي في هذا الحديث، فقد بين فيه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الداء العضال، والمرض الفتاك الذي أصاب من قبلنا، والذي أصابنا من بعدهم وما زال يطاردنا، ما هو هذا الداء؟؛ إنه داء الفرقة في الأمم, فقال: "تفرقت اليهود على واحد وسبعين فرقة"، أي: إن نبيها موسى -عليه السلام- تركهم على ملة واحد، على توراة واحدة، على عقيدة واحدة، على شريعة واحدة، ولكنهم بعد وفاته تفرّقوا واختلفوا, حتى زادوا عن السبعين فرقة، لكل فرقة منهجها وآراؤها, فبماذا حكم عليهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟؛ قال: "تفرقت اليهود على واحد وسبعين فرقه, كلها في النار"، بذلك حكم عليها أنها كلها في النار.
وكذلك بين حال النصارى الذين تركهم عيسى -عليه السلام- على إنجيل واحد,ـ وإله واحد، ونبي واحد، فاختلفوا وتفرقوا تفرقا شديداً, حتى أصبحوا على أناجيل شتى، وآلهة متعددة، ونبي مختلف في إلهيته وعبوديته، فبماذا حكم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليهم؟؛ قال: "وتفرقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة, كلها في النار"، نعم, هذا هو الحكم، كلها في النار دون استثناء.
أيها المؤمنون: ثم بين النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حال أمته بعد وفاته، أعلمنا بما ستكون عليه أحوال أمتنا، بكلام من أمر النبوة والوحي، لابد لكل مسلم من معرفته ومن التدقيق فيه، حيث قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وإنّ أمّتي ستفترق على ثلاثٍ وسبعين فِرقة، كلّها في النار إلا واحدة".
انظروا ماذا قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟، قال: "وإنّ أمّتي ستفترق"، ستفترق: فعل مضارع يفيد الاستقبال, أي: إنها ستفترق بعد موته؛ لأنه زمن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو زمن النبوة والوحي, لا مجال للافتراق البتة.
وهذا ما حدث؛ فقد ترك النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمته على عقيدة صحيحة، وعلى شريعة كاملة, وعلى نسك وشعائر لله واضحة، وعلى الكتاب والسنة، تركهم كما هو, قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما في الحديث الصحيح: "قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا, لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ".
ولكن أصحاب الزيغ والهوى أبوا إلا أن يفارقوا الكتاب والسنة، أبوا إلا أن يزيغوا عن المحجة البيضاء، فنشبت فرق ضالة مضلة في جسم الأمة السليم الأبيض النظيف؛ فأمرضته وسوّدته.
أيها المؤمنون: بدأ نشوء الفرق -ذلك الداء الفتّاك- منذ القرن الأول والثاني الهجريين، وكان مفتتح هذه الفرق الضالة المضلة ومبتدؤها، هو فرقتا الخوارج والرافضة، واستمر ظهور الفرق الضالة المضلة في جسم الأمة حتى القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين، حيث ظهرت فرق ضالة؛ كالقاديانية, والأحباش, والأحزاب الشيعية, والجماعات التكفيرية المتطرفة، وغيرها، وما زال الحبل على الجرار!.
لقد كان الخوارج والروافض الشيعة من أخطر الفرق، ومن أكثرها ضررا على الأمة، ومن أولها؛ حيث استباحوا دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم، وخرجوا على حكم المسلمين وأثاروا الفتن، ونشروا الرعب والخوف، وتشيعوا أحزابا وعسكرة، وكفروا المسلمين، وحرفوا في الآيات والأحاديث، وابتدعوا في الدين ما لم ينزل الله به سلطانا.
ولذلك حذر منهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أشد التحذير؛ ففي صحيح البخاري، عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا، أَتَاهُ ذُو الخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اعْدِلْ، فَقَالَ: "وَيْلَكَ!، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؛ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ", فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!، ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ؟, فَقَالَ: "دَعْهُ؛ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ - وَهُوَ قِدْحُهُ -، فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ المَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ", قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: "فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي نَعَتَهُ".
فالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يبين أن من صفات بعض الفرق الضالة، أنها في الظاهر كثيرة العبادة لله، وقراءة القرآن، وكثّة اللحى والعمائم، ولكنهم حاقدون على المسلمين من أهل السنة، يكفرون المسلمين، ويستبيحون أعراضهم ومساجدهم، كما عايش المسلمون ذلك عقودا من الزمن, وما زالوا يعايشونه.
هؤلاء هم الذين تآمروا على عثمان بن عفان باسم الدين، وباسم الثورة على الظلم، وباسم إعدام الطغاة، تآمروا على خليفة المسلمين عثمان وحاصروه, بقيادة ابن سبأ الرافضي الذي أظهر حبه لأهل البيت، وأهل البيت منهم براء؛ فشيع الناس على عثمان, فدخلوا عليه وبيده القرآن فركلوه بأقدامهم ثم ضربوه على رأسه بحديدة, فسال الدم على مصحفه, وتقاطر على كلمات الحق -سبحانه-.
لقد فعلوا هذا باسم الدين، وباسم نصرة المظلومين؛ كما نرى مثل ذلك اليوم في زماننا، حيث التكفير والقتل وإشاعة الفرقة، والوقوف مع الغازي المحتل ضد بلادهم ومصالح مجتمعهم وحقوق الأمة.
أيها المؤمن: جاء في حديث الافتراق: "وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ", وفي رواية: "ثلاث وسبعين فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ", ففي هذا الحديث تحذير شديد لهذه الأمة من الافتراق، وأن مصير الفرق إلى النار؛ ولذلك علينا أن نحذر من الانتماء إلى تلك الفرق التي مزقت الأمة، واستباحت دماءها، ومشاعرها وشعائرها, وعقيدتها ومساجدها، وتنكرت للحق وأهله، وتنكرت للأمه وهويتها، فإياك من الانتماء لأيّ من تلك الفرق، والتشيع لها، ومناصرتها، فنحن أمة مسلمة، عقيدتنا واضحة، وقرآننا بيّن، وسنّتنا محفوظة, وشريعتنا جَليّة.
أيها المؤمنون: "وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ، إِلَّا وَاحِدَةً"، ويُسأل النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من قبل الصحابة عن أوصاف هذه الفرقة الناجية، فيجيب بقوله: "وَهِيَ الْجَمَاعَةُ", وفي رواية الترمذي: "قَالُوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟, قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي", ففي هذه الحديث هداية وإرشاد ودلالة ودعوة لأنْ نكون من الفرقة الناحية، ثم ذكر صفتها وليس اسمها، نعم، ذكر صفتها، فمن تحققت فيه صفتها فهو من أهلها, منذ عهد الصحابة إلى يوم القيامة، ما صفة الفرقة الناحية؟؛ قال: "ما أنا عليه وأصحابي".
فمن كان على عقيدة الصحابة كما هي في الكتاب والسنة، وعلى شريعة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والصحابة كما هي في الكتاب والسنه، وعلى شعائر وعبادات الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والصحابة كما هي في الكتاب والسنة؛ فهو من الفرقة الناجية.
وهنا لنا أن نتساءل: هل مَن يعتقد أن القرآن محرف وناقص، وأن الصحابة قد خانوا الأمانة هو على ما كان عليه الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه؟! هل من يلعن أبا بكر وعمر, ويتهم عائشة بالزنا, هو على ما كان عليه الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه؟! هل من يكفر المؤمنين من أصحاب الكبائر ويقاتلهم, هو على ما كان عليه الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه؟! وهل من يعتقد بأن الإمام يعلم الغيب ويدبر أمر الكون, هو على ما كان عليه الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه؟!.
أقول ما سمعتم, وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولوالدي ولوالديكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
أيها المؤمنون: إننا حينما نأخذ بميزان "قَالُوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟, قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي"، فنكون على ما كان عليه الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه، إننا بذلك نحفظ ديننا، وعقيدتنا، ووحدتنا، وأمن وأمان وإيمان بلدنا، وندفع بذلك عن أنفسنا وعن أهلنا وعن بلدنا مكر الماكرين, وفتنة المفسدين, وضلال الضالين، واستغلال المبطلين لأتباعهم من الفرق الضالة، ونقي أنفسنا من أن يأتي وقت لا قدر الله تعيث فيه هذه الفرق الضالة في بلادنا فسادا، وتحرمنا الأمن والأمان والإيمان باسم الدين، فنبيت لا نأمن على أعراضنا ولا على بيوتنا، من قوم يزعمون أنهم مسلمون, وأنهم حملة رايات الجهاد!.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ, اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ, اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ, رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛ فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
التعليقات