اقتباس
وليُعلم أنه ليس من شأن العقيدة أن تُعلم ثم يُنتهى الأمر إلى هذا الحد, بل الحاجة قائمة إلى التذكير بها , وإيقاد ضيائها في القلوب والنفوس لينبعث أثرها في الأعمال والجوارح , فالحديث عن عظمة الله عز وجل جلاله وكمالهووجوب تعلق القلوب به محبة وتعظيماً وتذللاً , وعن اليوم الآخر وما فيه من الوعد والوعيد , والنعيم المقيم والعذاب الأليم تتجدد الحاجة إليه لما يعتري النفوس من الغفلة , ولما جبلت عليه من الضعف والتعلق بمتع الدنيا وشهواتها
29/و/1
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ,
أما بعد :
فإن الخطابة عملية منظمة لتوجيه اهتمام الناس , وغرس المفاهيم الصحيحة لديهم , والارتقاء بهم في عقائدهم وعباداتهم وأخلاقهم .
وحيث أن الخطبة قد تكون مصدر التوجيه الوحيد لطوائف من المصلين ممن حرم نفسه استماع الخير وتلمس مواضعه في وسائل الإعلام ومجالس الذكر وغيرها , فإن من المتعين على الخطيب أن يجعل من منبر الخطابة مدرسة متكاملة في اهتماماتها وعطائها ؛ فيجد فيها المتلقي الدروس العقدية , وتعليم العبادة , والتوجيه الخلقي , ويجعل من هذا أصل في اهتماماته فيما يقدمه للناس , وهو في هذا يساير منهج الشريعة في بيان مسائل الدين , ولفت الأنظار إليها وفق منزلتها في الشرع وأولوياتها في الدين .
وليُعلم أنه ليس من شأن العقيدة أن تُعلم ثم يُنتهى الأمر إلى هذا الحد, بل الحاجة قائمة إلى التذكير بها , وإيقاد ضيائها في القلوب والنفوس لينبعث أثرها في الأعمال والجوارح , فالحديث عن عظمة الله عز وجل جلاله وكماله , ووجوب تعلق القلوب به محبة وتعظيماً وتذللاً , وعن اليوم الآخر وما فيه من الوعد والوعيد , والنعيم المقيم والعذاب الأليم تتجدد الحاجة إليه لما يعتري النفوس من الغفلة , ولما جبلت عليه من الضعف والتعلق بمتع الدنيا وشهواتها , قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى عن الإيمان إنه : (( روح الأعمال , وهو الباعث عليها , والآمر بأحسنها والناهي عن أقبحها , وعلى قدرة قوة الإيمان يكون أمره ونهية لصاحبه , وائتمار صاحبه وانتهاؤه )) مدارج السالكين 3/284.
وإن من الخلل البين أن يجعل الخطيب علاج المشكلات , أو تلمس الأخطاء والبحث عن حلول لها أصل فيما يقدمه للناس , وإنما الموقع الصحيح لهذا أن يكون بين الفينة والأخرى – مع تقدم ما هو أهم من غيره – دون أن يضر بالأصل فضلاً عن أن يكون بديلاً عنه .
ويؤكد هذا أنه كلما زاد الخير وتنامى في المجتمع قل الشر وضاقت مسالكه , والبناء الإيجابي أيسر على النفوس , وهي أقدر على تحمله والتفاعل معه , ثم الخطاب فيه عام للمحسن وغيره ؛ فالمحسن يثبت ويزداد , والمقصر يراجع نفسه وربما عاد إلى رشده .
فالحديث عن فضل صلاة الفجر – مثلاً - وبيان ما فيها من الخير والثواب العاجل والآجل , وما يحصل للمداوم عليها من طمأنينة النفس وراحة القلب , والحفظ والرعاية ... , مقدم على الحديث عن عقوبات المُخل بها , أو المتهاون في وقتها , وربما في بعض الأحوال مغنياً عنه وكافٍ عن ذكره .
التعليقات