وصايا مهمة لشباب الأمة

حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ أهمية فترة الشباب للأمم والأفراد 2/ ضرورة اغتنام الشباب في البناء والعمل الصالح 3/ أخطار تهدد الشباب 4/ وصايا وتنبيهات للشباب في بداية الفصل الدراسي 5/ العلاج النافِع والدواء الشافي من خطر الشيطان وإغوائِه 6/ التحذير من الخوض في الدماء.
اهداف الخطبة

اقتباس

إن شبابَ الإسلام اليوم تتقاذَفُ بهم أمواجُ الفتن؛ من أفكارٍ مُنحرِفة، ومشارِبَ ضالَّة، وشهواتٍ جامِحة، وغزوٍ فكريٍّ لا ساحلَ له، حتى إن أحدَهم ليحمِلُ تلك الوسائل في يدِه فيما يُسمَّى بالجوَّالات. فهم في ضرورةٍ مُلِحَّةٍ إلى الالتِحام بعُلماء الأمة المشهُود لهم في الأمة بالعلمِ والورَع، والديانة والصلاح، والعقل والثبات. بحاجةٍ إلى أن يصدُروا عنهم خاصَّةً في قضايا مهمة حصلَ من الخطأ في فهمِها نتائجُ وخيمةٌ عبر تأريخ الأمة المُحمدية؛ كقضية التكفير، كقضية الولاء والبراء، كمسائل الإنكار، كالبَيعة والجهاد، ونحو هذه القضايا الخطِرة...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستَهديه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِه.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70، 71].

 

أمة الإسلام:

الشبابُ في الأمة محطُّ الأنظار، ومعقِدُ الآمال .. مشاعِلُ الحاضر، وبُناةُ المُستقبل. ومن هنا أحاطَتهم التوجيهاتُ الإسلاميةُ بالعناية التامَّة والرعاية الخاصَّة، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) [التحريم: 6].

 

وقتُ الشباب ثمينٌ لا عِوَضَ له، وزهرةٌ لا مثيلَ لها. فيجبُ على كل مُوفَّقٍ في هذه الحياة أن يغتنِمَ شبابه في طاعة الله - جل وعلا -، وأن يعمُره بعبادةِ ربِّه والتقرُّب إليه - سبحانه -، وأن يكون في جهادٍ لا يفتَر في مُصارعة الهوى والنفس والشيطان.

 

فرسولُنا - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اغتنِم خمسًا قبل خمس ..»، وذكرَ منها: «وشبابَك قبل هَرَمك» (رواه أحمد وغيره).

 

فيا شبابَ الإسلام:

اغتنِموا هذا الوقت العظيم في طاعة الله - جل وعلا -، تحت ظلِّ الأوامر الربانيَّة، والتوجيهات النبوية، تنالُوا العاقبةَ الحسنة في الدنيا، والفوزَ الأعظَم عند الربِّ الأكرَم.

 

اسمَعوا إلى هذا الحديث العظيم عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: «سبعةٌ يُظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه ..»، وذكرَ منهم: «وشابٌّ نشأَ في عبادةِ الله» (رواه البخاري).

 

معاشر المسلمين:

أعظمُ منَّةٍ أن يُوفِّق الله - سبحانه - العبدَ في شبابِه ليغتنِمَه في طاعة مولاه، والمُسارعة إلى رضا ربِّه، والبُعد عن نواهِيه. كيف والمُسلمُ مسؤولٌ عن هذه النعمة، مُحاسَبٌ عن هذه المنَّة؟

 

روى الترمذيُّ عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تزولُ قدَمَا عبدٍ يوم القيامة حتى يُسألَ عن أربعٍ: عن عُمره فيما أفناه، وعن شبابِه فيما أبلاه، وعن مالِه من أين اكتسبَه وفيمَ أنفقَه، وماذا عمِلَ فيما علِم».

 

إخوة الإسلام:

في صلاحِ الشبابِ صلاحُ الأمة، فلن تسعَدَ الأمةُ الإسلاميةُ ولن يحصُلَ لها عزٌّ وفلاح، وسُؤددٌ وشأنٌ إلا حينما يكونُ شبابُها كما كانوا في العهد الأول: صلاحٌ في الدين، وإعمارٌ للحياة، وجدٌّ في كل عملٍ مُثمِر وفعلٍ خيِّر.

 

عن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: "كان شبابٌ من الأنصار سبعين رجلاً يُقال لهم (القراء)، يكونون في المسجِد فإذا أمسَوا انتَحَوا ناحيةً من المدينة فيتدارَسُونَ ويُصلُّون، يحسبُهم أهلُهم بالمسجد، ويحسبُهم أهلُ المسجد في أهلِيهم، حتى إذا كان في وجهِ الصبحِ استعذَبُوا من الماء، واحتطَبُوا من الحطَب، فجاؤُوا به فأسنَدوه إلى حُجَرِ النبي - صلى الله عليه وسلم " (رواه أحمد).

 

إن هؤلاء الشباب وأمثالُهم ممن ربَّاهم محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - بتعاليم الوحي، هم الذين تنوَّرَت بهم الأرض، وازدهرَت بهم الحضارةُ الإنسانيةُ التي لم تعرِف في التاريخ مثالاً.

 

فيا شبابَ الإسلام:

إنكم في أمسِّ الحاجة إلى الحذَر من الأسباب التي تُوقِعُكم وتُوقِعُ أمَّتَكم ومُجتمعَاتكم في مزالِق الهوى وخُطوات الشيطان، مما تؤُولُ عاقبتُه إلى شُرورٍ مُستطيرةٍ وأضرارٍ عظيمة، عند حدِّ قول الله - جل وعلا -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) [النساء: 71].

 

إن الشبابَ المُسلم اليوم يجبُ عليه أن يكون كما كان في الماضي كيِّسًا فطِنًا، فلا يستجيبُ إلى ما لا يُحقِّقُ للإسلام غايةً ولا يرفعُ للحقِّ راية. فكم يحرِصُ أعداءُ الإسلام - أيها الشباب - بكل السُّبُل أن يُوقِعُوكم في مطايا المهالِك ومسالِك الغواية، والبُعد عن القِيَم الإسلامية السامِية، ومبادِئِه السَّمحة اليسيرة التي تسلُكُ بكم مناهجَ الوسطيَّة والاعتِدال، وتقودُكم إلى رعاية المصالِح وجلبِ المنافِع لأنفُسكم ولأمَّتكم، ولبُلدانكم ولمُجتمعاتكم.

 

ولذا حرِصَ الأعداءُ على أن يتفنَّنوا بكل طُرقِ المكر والخديعة لإفساد شبابِ الإسلام. وهل حصلَ في الأندلُس ما حصلَ إلا بغزو الشبابِ، وأن ينالُوا في عقائِدهم وأفكارِهم؟!

 

أيها الشباب:

احرِصوا على تفويت الفُرصة على أعداء الإسلام، ولذلك لا يكونُ إلا بأن تحمِلوا بصدقٍ وإخلاصٍ مِشعلَ الإيمان والعقيدة الصحيحة، والتحلِّي بالعلم النافع والعمل الصالح، الذي تستنيرُ به عقولُكم وتصفُو بصائرُكم، وتُسدَّدُ به أفكارُهم، وتُصوَّبُ به آراؤُكم، فتكونوا حينئذٍ عاملَ إصلاحَ وصلاح، سالِمين من عاديات الأشرار، وعادِيات الفتن، وهائِجات المِحَن.

إن الله - جل وعلا - يقول عن فتيةٍ آمنوا: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ) [الكهف: 13، 14].

 

إخوة الإسلام:

إن شبابَ الإسلام اليوم تتقاذَفُ بهم أمواجُ الفتن؛ من أفكارٍ مُنحرِفة، ومشارِبَ ضالَّة، وشهواتٍ جامِحة، وغزوٍ فكريٍّ لا ساحلَ له، حتى إن أحدَهم ليحمِلُ تلك الوسائل في يدِه فيما يُسمَّى بالجوَّالات.

فهم في ضرورةٍ مُلِحَّةٍ إلى الالتِحام بعُلماء الأمة المشهُود لهم في الأمة بالعلمِ والورَع، والديانة والصلاح، والعقل والثبات. بحاجةٍ إلى أن يصدُروا عنهم خاصَّةً في قضايا مهمة حصلَ من الخطأ في فهمِها نتائجُ وخيمةٌ عبر تأريخ الأمة المُحمدية؛ كقضية التكفير، كقضية الولاء والبراء، كمسائل الإنكار، كالبَيعة والجهاد، ونحو هذه القضايا الخطِرة.

 

قال - جل وعلا -: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النحل: 43].

والعلماءُ مسؤولون عن تلك الأمانة. فعلى العلماء والدعاة إجادةُ الطرح، والاتِّزانُ في المُعالجة، والحذَر من المُسارعَة في الفتاوى إلا بعد فهمٍ دقيقٍ وعلمٍ عميق، مع مُراعاةٍ للمآلات المُتوقَّعة؛ فكم جرَّت على الأمة بعضُ الفتاوى والطُّروحات ما لا يُحصَى من الإضلال والضلال؟!

 

يا شبابَ الأمة .. يا شبابَ القرآن:

إنكم حينما تنعَموا بنعمة العاطفةِ الجيَّاشة لهذا الدين، فذلك محمودٌ لكم في الآخرة والأولى، ولكن بشرطِ أن تكون العاطفةُ محكومةً بعلمِ الوحيِ والهديِ النبوي، وإلا فكم ممن يُريدُ أن يُطِبَّ زُكامًا فيُحدِثُ جُذامًا!

فتجُرُّ حينئذٍ هذه العواطِفُ المُطلقة تجُرُّ على الإسلام وعلى الأمة الإسلامية ومُجتمعاتها ويلاتٍ لا تتناهَى، وحسراتٍ لا تنقضِي. نسألُ اللهَ العافيةَ لأمة الإسلام.

 

معاشر المسلمين:

ونحن في مُستهلِّ فصلٍ دراسيٍّ، فيجبُ تذكيرُ المُعلِمين الفُضلاء أنهم حُرَّاسُ الفضيلة، وبُناةُ العقول. فعليهم أن يتَّقُوا اللهَ - جل وعلا - في أجيال المُسلمين، وأن يغرِسُوا فيهم المبادئ الإسلامية الأصيلة، والأخلاق النبوية النبيلة، وأن يُحذِّروهم من المزالِق الخطِرة، والمسالِك المُعوَجَّة التي لا تخدمُ دينًا، ولا تُقيمُ لهم دُنيا.

رسولُنا - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته».

 

يا شبابَ هذه البلاد! احمَدوا اللهَ على نعمه المُتعدِّدة تنعَمون وأهلِيكم بعيشٍ سعيدٍ وأمنٍ وأمانٍ. فكُونوا خيرَ من يُدافِعُ عن أرض الحرمين ويذُودُ عن حِياضِها، فربُّكم - جل وعلا - يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: 2].

 

يا شبابَ هذه البلاد! كُونوا حرِيصين على توحيد الكلمة ورصِّ الصف، والسَّير في دُروب الإصلاح والصلاح، وإياكم ومُفارقَة الجماعة، والشُّذوذَ عن المُجتمع؛ فإن يدَ الله مع الجماعة.

 

أيها المُسلمون:

إن الشيطانَ عدوٌّ للإنسان يُزيِّنُ له القبائِح، وأسبابَ الغيِّ والضلال، وينصِبُ له من الحبائِل والمصائِد والمكائِد ما يُغوِيه عن المنهَج الحقِّ ويصُدُّه عن الطريق المُستقيم، (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر: 6].

 

وإنه للشبابِ أشدُّ عداوةً في تسييرهم في رَكبِ الباطل وطريق السَّعير. فكُونوا - يا شبابَنا - بدرايةٍ بوسائلِه ومصائِدِه، واحذَروا من مكائِدِه وشُروره، (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) [الأعراف: 27].

 

فهو - أي: الشيطان - يدخلُ على الشباب المُتديِّن من جهة دعوته إلى الغُلُوِّ، ومُجاوزَة الحدِّ، والخروج عن الهديِ الصحيح والمنهجِ الحقِّ. وأما إذا لم يكُن كذلك فيصطادُهم بتزيينه لهم الفساد، ويُلهِيهم بطُول الأمل ونضارَة الشباب، حتى يُوقِعَهم في المُوبِقات والفواحِش والمعاصِي.

 

قال ابن القيم: "قال بعضُ السلَف: ما أمرَ الله به من أمرٍ إلا وللشيطان فيه نزعَتان: إما إلى تفريطٍ أو تقصير، وإما إلى مُجاوزةٍ وغلُوٍّ، لا يُبالِي بأيِّهما ظفَر". اهـ.

 

العلاجُ النافِع والدواءُ الشافي من خطر الشيطان وإغوائِه: التوجُّه إلى العلم النافع، والاشتِغالُ بالعمل الصالح في الدين وفي الدنيا، والإكثارُ من تلاوة كتابِ الله - جل وعلا - وتدبُّره، وكثرة ذكرِه، والاستِعاذة بالله من الشيطان الرجيم، قال - جل وعلا -: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) [الحجر: 42].

 

أيها الشباب المسلم:

الشبابُ له فورةٌ وله قوَّةٌ. فكُن - أيها الشابُّ - رقيقُ القلب، ليِّنُ الطبع، حسنَ السُّلوك، مُتمثِّلاً رحمةَ الإسلام ومحاسنَه، (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: 159].

 

ولتكُن فضيلةُ الرحمة مُلازمةً لك حتى في أحلَك المواقِف، وأصعَب الأزمات، كُن من أصحاب القلوب الرحيمة بعيدًا عن قسوَة القلب وغِلظَة الطبع، نافرًا عن مسالِك العُنف والقسوَة والفُحشِ والتفحُّش، قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُنزعُ الرحمةُ إلا من شقيٍّ» (أخرجه الترمذي، وقال: "حديثٌ حسن").

 

كُن مُتمثِّلاً بشمائل الإسلام العُليا، ومُثُله العُظمى، تعِش في مُجتمعِك مُتخلِّقًا بكل خُلُقٍ كريمٍ، مُتِّصِفًا بالرحمة في معناها الأسمَى، وأُفُقها الأعلى.

 

تمسَّك بقِيم الفضل والإحسان، تمتَّع بمعالِي القِيَم وفضائل الشِّيَم، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن من خيارِكم أحسنَكم أخلاقًا» (متفق عليه).

 

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ما من شيءٍ أثقلُ في ميزان المُؤمن يوم القيامة من حُسن الخُلُق» (رواه الترمذي، وقال: "حديثٌ حسنٌ صحيح").

 

وعند أبي داود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن المُؤمن ليُدرِك بحُسن خُلُقه درجةَ الصائم القائِم».

 

أيها الشابُّ:

كُن مُحبًّا لنفع العباد، فرسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس»؛ أخرجه الطبراني بسندٍ حسن.

 

واحذَر - أخي الشاب - من أذى مُجتمعك، والضرر بأقاربِك وجيرانِك. احفَظ الجوارِح عن الأذى بالآخرين، فذلك من أعظم أعمال البرِّ والعمل الصالِح.

 

عن جُندب بن جُنادة قال: قلتُ: يا رسول الله! أرأيتَ إن ضعُفتُ عن بعض العمل - أي: من أعمال البرِّ -؟ قال: «تكُفُّ شرَّك عن الناس؛ فإنها صدقةٌ منك على نفسِك» (رواه مسلم).

 

أقول هذا القول، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المُسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

أحمدُ ربي وأشكرُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِه.

 

أما بعد .. فيا أيها المسلمون:

إن خيرَ زادٍ في هذه الدنيا هو تقوى الله - جل وعلا - وطاعتُه في السرِّ والعلَن.

 

أيها المُسلمون:

إن من أعظم الفساد الواقِع اليوم في الأمة - ولا حولَ ولا قوة إلا بالله - الحقدَ الدَّفين الكَمين الذي يكُنُّه بعضُ أبناء الأمة الإسلامية لبعضِها الآخر، وذلك مما لا يُرضِي اللهَ - جل وعلا -، ولا يتَّفِقُ مع توجيهات المُصطفى - صلى الله عليه وسلم -.

 

إن هذا الحقدَ الدَّفين الشيطانيَّ قد ترتَّبَ عليه جرائمُ شنيعة في الماضِي وفي الحاضِر. هذا الحِقدُ يعتمِدُ سفكَ دماء الأبرياء، والعتُوَّ في الأرض بالإجرام العظيم، والإفساد الجَسيم.

 

ألا فليتَّقِ الله - جل وعلا - أهلُ الإسلام، ألم يقُل الله - جل وعلا - ذو الجبَروت: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) [المائدة: 32].

 

كيف يقتُلُ المُسلم من يقول: لا إله إلا الله؟ والله - جل وعلا - يقول: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93].

 

ماذا دهاكُم يا أبناء الإسلام؟! ماذا أصابَكم يا أمة القرآن؟! ماذا حصلَ بكم يا أمة سيِّد الأنبياء والمُرسَلين؟! إلى أن يصِل بكم الأمرُ أن يقتُل بعضُكم بعضًا، ويُذيقَ بعضُكم بعضَكم الآخر أصنافَ المآسِي والتَّنكيل والحِصار والتشريد والتقتيل والتفجير! مما ضجَّت الأفلاكُ من أهوالِها، واستعاذَ الشمسُ منها والقمر.

 

أليس لكم إسلامٌ يحكمُ بينكم؟! وقرآنٌ تتعقَّلون به أمورَكم؟! ونبيٌّ هادٍ أرشدَكم إلى ما تُفلِحُ به دُنياكُم وأُخراكُم؟!

 

أين يذهبُ أولئك من الله الجبَّار القهَّار، وهم يعملون هذه الأعمال الإجراميَّة في أرض المُسلمين، وعلى من يقول: لا إله إلا الله؟!

 

ألم يقُل نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه البخاري: «لا يزالُ العبدُ في فُسحةٍ من دينه ما لم يُصِب دمًا حرامًا».

 

ألم يُحذِّركم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يا أمة الإسلام؟! ألم يُحذِّركم من هذه الحال المُخزِية؟! ألم يقُل - عليه الصلاة والسلام - كلامًا لا يقبلُ التأويل: «لا ترجِعوا بعدي كُفَّارًا يضرِبُ بعضُكم رِقابَ بعضٍ» (متفق عليه).

 

إن الإسلام الذي يحكُمكم قد عظَّم أمرَ الدماء، ولم يجعَل لتأويلٍ مهما كان سببًا لإزهاقِها إلا بحقِّ الإسلام المعروف عند قُضاة الإسلام.

قال - صلى الله عليه وسلم -: «أولُ ما يُقضَى بين الناس يوم القيامة في الدماء»؛ متفق عليه.

وفي "السنن" - سنن الترمذي وابن ماجه -: «لقتلُ مُسلمٍ أعظمُ عند الله من زوال الدنيا».

 

بل إن الإسلام يُحرِّمُ قتلَ المُعاهَد الذي أُعطِيَ العهد والأمان على نفسه في دار الإسلام، ولو كان من الأمان من آحاد المُسلمين؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «من قتلَ مُعاهَدًا لم يرَح رائحةَ الجنة، وإن ريحَها ليُوجَدُ من مسيرة أربعين عامًا».

 

فاتَّقوا الله يا أهل الإسلام، لا يتسجِرَّنكم الشيطان في مزالِق الرَّدى ومهاوِي الشرِّ، إنها دُنيا فانية، إنها ظلٌّ زائِل.

 

كُونوا وقَّافين عند حدود الله. إياكم وأذيَّة المُسلمين ومن إخافة المُؤمنين، قبل أن تُعرَضوا على ربِّ العالمين؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «من أخافَ مُؤمنًا كان حقًّا على الله ألا يُؤمِّنَه من أفزاع يوم القيامة» (أخرجه الطبراني في "الأوسط").

 

يا أمة الإسلام:

كُونوا كما أرادَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «لا يُؤمنُ أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسِه».

فالمُؤمنون نفسٌ واحدة يتوادُّون، ويتعاطَفُون في الله - جل وعلا -.

 

ثم إن الله - جل وعلا - أمرَنا بأمرٍ عظيم، ألا وهو: الصلاة والسلام على النبيِّ الكريم.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبِه أجمعين.

اللهم أصلِح أحوالَنا وأحوالَ أمَّتنا، اللهم الطُف بنا وبأمَّتنا، اللهم الطُف بنا وبأمَّتنا، اللهم الطُف بالمُسلمين، اللهم أمِّن روعَهم، اللهم أمِّن روعَهم، اللهم أمِّن روعَهم، اللهم أمِّن روعَهم، اللهم أمِّن خوفَهم يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم يا ذا الجلال والإكرام ارفَع عن المُسلمين هذه الأحوال المُخزية، اللهم ارفَع عنهم هذه الأحوال المُخزِية، اللهم ارحَمهم برحمتِك، اللهم ارحَمهم برحمتِك، اللهم أنزِل عليهم رحمةً من عندِك تُصلِحُ بها أحوالهم، اللهم فرِّج همَّهم، اللهم اكشِف غمَّهم، اللهم فرِّج همَّهم، واكشِف غمَّهم، اللهم ارفع عنهم الفتن ما ظهر منها وما بطَن، اللهم ارفع عنهم الفتن ما ظهر منها وما بطَن يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم اغفر للمُؤمنين والمؤمنات، والمُسلمين والمُسلمات، الأحياء منهم والأموات.

اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّ وترضى.

 

اللهم احفَظ بلادَ المُسلمين، اللهم احفَظ جميع بلاد المُسلمين من كل شرٍّ ومكروه، اللهم احفَظ جميع بلاد المُسلمين من كل شرٍّ ومكروه، اللهم احفَظ بلادَ المُسلمين من كل شرٍّ ومكروه، اللهم من أرادَ بلاد المُسلمين بسُوءٍ فأشغِله بنفسِه، اللهم أشغِله في نفسه، اللهم أشغِله في نفسه، اللهم عليك به، اللهم عليك به فإنه لا يُعجِزُك، اللهم عليك به فإنه لا يُعجِزُك، اللهم واجعَل تدبيرَه في تدميره يا حي يا قيوم.

 

اللهم أنت الغنيُّ الحميد، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا وأغِث ديارَ المُسلمين، اللهم اسقِنا، اللهم اسقِنا، اللهم اسقِنا، اللهم اسقِ قلوبَنا بالإيمان، وبالطاعة يا ذا الجلال والإكرام، واسقِ بلادَنا بالغيث النافع، اللهم اسقِ بلادَنا وبلادَ المُسلمين بالغيث النافع يا غنيُّ يا حميد، يا غنيُّ يا حميد، يا ذا الجلال والإكرام.

 

عباد الله:

اذكروا الله ذِكرًا كثيرًا، وسبِّحوه بُكرةً وأصيلاً.

 

 

المرفقات
وصايا مهمة لشباب الأمة.doc
التعليقات
زائر
31-10-2024

جميلةجداً

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life