عناصر الخطبة
1/انقضاء رمضان 2/ زكاة الفطر، وعلى من تجب 3/ الحكمة في زكاة الفطر 4/ من أحكام زكاة الفطر 5/ التكبير وصفته 6/ وجوب صلاة العيد، وعلى من تجب؟ 7/ انقضاء الأعمال بالموت 8/ وقفة لمحاسبة النفساهداف الخطبة
الترغيب في استغلال ما تبقى من رمضان/ تعليم الناس أحكام زكاة الفطراقتباس
ألا أيها المقصر -وكلنا كذلك- ويا أيها المفرط -وكلنا كذلك-: أين مقلتك الباكية؟ أين دمعتك الجارية؟ أين زفرتك الرائحة والغادية؟
.. لأي يوم أخرت توبتك، ولأي يوم ادخرت عدتك؟ دونك هذه الليالي الباقية، سبع وعشرين وتسع وعشرين فقد تكون آخر ليال لك في حياتك، اغتنمها واجعلها هي البداية والنهاية، ولا تأس على ما فات في الليالي الخوالي، فالأعمال والعبرة بالخواتيم
عباد الله: لقد شمر شهر رمضان عن الساق، وآذن بالانطلاق، قوضت خيامه، وتصرمت أيامه، وأزف رحيله، كنا بالأمس نتلقى التهاني بقدومه، ونسأل الله بلوغه، واليوم نتلقى التعازي برحيله، ونسأل الله قبوله.
أيها المسلمون: لقد مضى هذا الشهر الكريم، وقد أحسن فيه أناس وأساء آخرون، وهو شاهد علينا أولنا بما أودعناه من أعمال، شاهد للمشمرين بصيامهم وقيامهم وبرهم وإحسانهم، وشاهد على المقصرين بغفلتهم وإعراضهم وشحهم وعصيانهم، ولا ندري والله هل سندركه مرة أخرى، أم سيحول بيننا وبينه هادم اللذات ومفرق الجماعات.
أيها المسلمون: إن ربكم شرع لكم في ختام شهركم شرائع فاعلموها لتعملوا بها ولا تضيعوها، والأعمال بالخواتيم، ومن ذلك عباد الله: إخراج زكاة الفطر فهي فرض على الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والعبد من المسلمين، جاء في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعاً من تمرا أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
عباد الله: إن الحكمة في زكاة الفطر مركبة من أمرين:
الأول: يتعلق بالصائمين في شهر رمضان وما عسى أن يكون قد شاب صيامهم من اللغو والرفث، فجاءت زكاة الفطر في ختام الشهر لتجبر ذلك كله، وتغسل ما قد يكون علق بالصائم مما يكدر صومه وينقص أجره.
الثاني: يتعلق بالمجتمع وإشاعة المحبة والمسرة في جميع أنحائه، وخاصة المساكين وأهل الحاجة فيه، وذلك أن العيد يوم فرح وسرور فينبغي تعميم هذا الفرح والسرور ليشمل جميع فئات المجتمع ومنها الفقراء والمساكين، ولن يدخل السرور إلى قلوبهم إلا إذا أعطاهم اخوانهم وأشعروهم أن المجتمع يد واحدة يتألم بعضه لألم الآخر ويفرح له.
أيها المسلمون: لزكاة الفطر وقتان: وقت فضيلة، ووقت جواز؛ أما وقت الفضيلة فهو صباح العيد قبل الصلاة، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة.. " رواه البخاري، وأما وقت الجواز فهو قبل العيد بيوم أو يومين، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد فإن أخرت فهي صدقة من الصدقات.
أيها المسلمون: زكاة الفطر يخرجها المرء عن نفسه وعن من ينفق عليه من الزوجات والأقارب والخدم، ويستحب إخراجها عن الحمل الذي في البطن ولا يجب، فإذا أخرج الصائم زكاته دفعها إلى فقراء البلد الذي هو فيه ولا يرسلها لغير بلده متى ما كانت الحاجة لوجودها ماسة، ونصاب تلك الزكاة الواجب إخراجها قرابة الكيلوين وأربعين جراماً من غالب قوت البلد الذي هو فيه.
أيها المسلمون: وإن مما شرعه لكم نبيكم عند ختام شهركم ورؤيتكم هلال فطركم أن تكبروا الله تعالى وتشكروه على ما من به عليكم من الصيام والقيام... (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) [البقرة: 185]. الآية، وصفة التكبير أن يقول المسلم: الله اكبر الله اكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وهذه السنة يجهر بها الرجال من غروب شمس ليلة العيد إلى الصلاة وتسر بها النساء؛ لأنهن مأمورات بالستر والإسرار بالصوت.
عباد الله: وإن من تمام ذكر الله تعالى في ختام شهر الصيام الامتثال لأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأداء صلاة العيد، فقد أمر صلى الله عليه وسلم أمته رجالاً ونساء بأداء تلك الصلاة، حتى النساء اللاتي صلاتهن في بيوتهن خير لهن أمرن بالخروج لهذه الصلاة، قالت أم عطية رضي الله عنها: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج في الفطر والأضحى العواتق والحيض وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله: إحدانا لا يكون لها جلباب قال: لتلبسها أختها من جلبابها.." رواه مسلم.
عباد الله: لئن انقضى شهر الصيام، فإن زمن العمل لا ينقضي إلا بالموت، ولئن انقضت أيام صيام رمضان فإن الصيام لا يزال مشروعاً -ولله الحمد- في كل وقت، ومن ذلك ما رغب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من صيام أيام ست من شوال، فإنها من جملة شكر العبد لربه على توفيقه لصيام رمضان وقيامه، لكن من عليه قضاء من رمضان فليبادر إلى صيامه ثم يتبعه بست من شوال، ليتحقق له بذلك إكمال الصيام المفروض وإتباعه بالست من شوال، قال صلى الله عليه وسلم: " من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر " رواه مسلم.
اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا وتقبل منا دعائنا يا رب العالمين.
أقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم،،،،
الخطبة الثانية:
عبد الله: يا من وفق للاجتهاد بالعمل الصالح في هذا الشهر: ها قد انقضى الشهر وقارب؛ فهل تذكر ألم الجوع والعطش من فقد الطعام؟ أم هل أجهدك القيام؟ لقد ذهب التعب والنصب وثبت الأجر إن شاء الله.
عبد الله: كنت من أول الشهر تقوم لله وتسجد، تقرأ وتصلي وتذكر، وغيرك لم ينفك عن التعب، فقد قام لكن لهواه، واجتهد لكن في تحصيل دنياه، أضاع ليله ونهاره حتى ذهب عنه الشهر ولا أجر، بل هو الوزر وبئس ما فعل، كل الناس يغدو فبائع نفسها فمعتقها أو موبقها.
ألا أيها المقصر -وكلنا كذلك- ويا أيها المفرط -وكلنا كذلك-: أين مقلتك الباكية؟ أين دمعتك الجارية؟ أين زفرتك الرائحة والغادية؟
عبد الله: لأي يوم أخرت توبتك، ولأي يوم ادخرت عدتك؟ دونك هذه الليالي الباقية، سبع وعشرين وتسع وعشرين فقد تكون آخر ليال لك في حياتك، اغتنمها واجعلها هي البداية والنهاية، ولا تأس على ما فات في الليالي الخوالي، فالأعمال والعبرة بالخواتيم.
أيها المسلمون: يا خسارة من لم يغفر له في رمضان، ويا خيبة من حرم من العتق من النيران، ويا أسف على من فاته فيض الرحيم الرحمن.
ترحل الشهر والهفاه وانصرما *** واختص بالفوز في الجنات من خدما
من فاته الزرع في وقت البذار فما *** تراه يحصد إلا الهم والندما
طوبى لمن كانت التقوى بضاعته *** في شهره وبحبل الله معتصما
ثم صلوا على الهادي البشير..
التعليقات