عناصر الخطبة
1/في تقلب الأيام والأعوام عبرة لأولي الألباب 2/للمسلم في مناسبة نهاية العام ذكرى لحساب يوم القيامة

اقتباس

فَسَقَطَ مَيمونٌ يَفْحَصُ بِرِجْلِهِ كَمَا تَفْحَصُ الشَّاةُ الْمَذْبُوحَةُ، فَأَقَامَ طَوِيلًا ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَخَذَهُ وَلَدَهُ بِيَدِهِ فَخَرَجَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا أَبَتَاهُ، هَذَا ‌الْحَسَنُ؟، قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ هَذَا، فَوَكَزَهُ فِي صَدْرِهِ وَكْزَةً، ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ، لَقَدْ قَرَأَ...

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ جَلَّ في عُلاهُ، لَهُ الأسماءُ الحُسنى والصِّفاتُ العُلى، هو الأولُ والآخرُ والظَّاهرُ والبَاطنُ، وهَو بِكلِّ شَيءٍ عَليمٌ، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، يَعلمُ خَائنةَ الأعينِ وما تُخفي الصُّدورُ، مَا مِنْ دَابةٍ في الأرضِ إلا هو آخذٌ بناصيتِها، إنَّ رَبي على صِراطٍ مُستقيمٍ، وأَشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُه ورسولُه وخيرتُه من خَلقِهِ، اللهمَّ صلِّ وسلِّم عَليهِ وعَلى سَائرِ الأنبياءِ والمرسلينَ، وارضَ اللهمَّ عن أَصحابِهِ والتَّابعينَ، ومن تَبعَهم بإحسانٍ إلى يَومِ الدِّينِ وسَلِّمْ تَسليمًا كثيرًا، أما بَعدُ:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).

 

قَدْ يَسألُ سَائلٌ: هَلْ في آخرِ العَامِ أَحكَامٌ خَاصةٌ وعِباداتٌ؟، فَنَقولُ: لَيسَ لِنِهايةِ السَّنَّةِ عِباداتٌ ولَكِنْ فِيهِ ذِكرى وعِظاتٌ، فِيمَا نَراهُ مِن عَجيبِ أقدارِ ربِّ العالمينَ، في أَحداثِ الأيامِ والشُّهورِ والسِّنينَ، (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)، يَغفرُ ذَنبًا، ويُفرِّجُ كَرْبًا، ويَكشفُ غَمًّا، ويَنصرُ مَظلومًا، ويَأَخذُ ظَالماً، ويَفُكُّ عَانيًا، ويُغني فَقيرًا، ويَجبُر كَسيرًا، ويُشفي مَريضًا، ويُقيلُ عَثرةً، ويَسترُ عَورةً، ويُعزُّ ذَليلًا، ويُذلُّ عَزيزًا، ويُعطي سَائلًا، ويَذهبُ بِدَولةٍ، ويَأتي بِأُخرى، ويُداولُ الأيّامَ بينَ الناسِ، يَرفعُ أَقوامًا، ويَضعُ آخرينَ، كَم وَدَّعنا مِن مَفقودٍ، وكَم استَقبلنا مِن مَولودٍ، زَلازِلَ لا يَستَطيعونَ لها مَنعاً، وفَياضاناتٍ لا يَقدِرونَ لَها رَدعَاً، أوبئةً احتارَ فيها العُلماءُ، وحُروباً لا يَعلمُ خَطَرها إلا العُقلاءُ، وهكذا يَسوقُ ربُّنا المقاديرَ التي قَدَّرَها قَبلَ خَلقِ السماواتِ والأرضِ بخَمسينَ أَلفِ عَامٍ، فَلا يَتقدَّمُ شَيءٌ منها عَن وَقتِهِ ولا يَتأخَّرُ، كُلٌّ مِنها قَد أَحصاهَا كِتابُه، وجَرى بِهَا قَلمُه، ونَفذَ فيهَا حُكمُه، وسَبقَ بِهَا عِلمُه، عِندَها يُدْرِكُ الْعَبْدُ شَيْئًا مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَإِحَاطَتِهِ بِخَلْقِهِ، فَهو المُتصرِّفُ في المَمَالكِ كلِّها وَحدَه لا شَريكَ لَهُ، تَصرُّفَ مَلِكٍ عَادلٍ قَادرٍ، رَحيمٍ تَامِّ المُلكِ قَاهرٍ، لا يُنازعُهُ في مُلكِه مُنازعٌ، ولا يُعَارضُه فيه مُعارضٌ، (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).

 

سُبْحَانَ رَبِّيْ عَظِيْمُ الشَّانِ مُقْتَـدِرٌ *** وَرَوْعَـةُ الْكَـوْنِ آيَاتٌ وَتِبْيَـانُ

 

نَتَذكَّرُ في آخرِ العامِ ونَحنُ نَرى شِدةَ الحِسابِ في الشَّرِكاتِ، وصَرامةَ تَدقيقِ التَّقاريرِ المَاليةِ والكُشوفاتِ، ذَلكَ الحِسابُ الدَّقيقُ، (فَمَنْ ‌يَعْمَلْ ‌مِثْقالَ ‌ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ ‌يَعْمَلْ ‌مِثْقالَ ‌ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).

 

ونَتذَكَّرُ ذَلكَ الكِتابَ الذي أحصى كُلَّ شيءٍ، ولَم يُغادرْ أيَّ شَيءٍ، (وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ ‌صَغِيرَةً ‌وَلا ‌كَبِيرَةً إِلَاّ أَحْصاها وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً).

 

فَحَاسِبْ نَفسَكَ اليومَ في زَمَنِ التَّرفِ والمُلهياتِ، وانتَبِه مِن التَّوسُعِ في المَلَذاتِ والشَّهواتِ، وقُلْ لِنَفسِكَ مَا قَالَه اللهُ تعالى لنبيِّهِ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: (‌وَلَا ‌تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زُهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى).

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: إِنِّي خَلَّفْتُ ‌زِيَادَ ‌بْنَ ‌أَبِي ‌زِيَادٍ وَهُوَ يُخَاصِمُ نَفْسَهُ فِي ‌الْمَسْجِدِ، يَقُولُ: اجْلِسي أَيْنَ تُرِيدِينَ؟، أَيْنَ تَذْهَبِينَ؟، أَتَخْرُجِينَ إِلَى أَحْسَنَ مِنْ هَذَا ‌الْمَسْجِدِ؟، انْظُرِي إِلَى مَا فِيهِ، تُرِيدِينَ أَنْ تُبْصِرِي دَارَ فُلَانٍ، وَدَارَ فُلَانٍ، مَا لَكِ مِنَ الطَّعَامِ يَا نَفْسُ إِلَّا هَذَا الْخُبْزُ وَالزَّيْتُ، وَمَا لَكِ مِنَ الثِّيَابِ إِلَّا هَذَانِ الثَّوْبَانُ، وَمَا لَكِ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا هَذِهِ الْعَجُوزُ، أَفَتُحِبِّينَ أَنْ تَمُوتِي؟، ويُجِيبُ عَنْ نَفْسِهِ فَيَقولُ: أَنَا أَصْبِرُ عَلَى هَذَا الْعَيْشِ.

ألَيْسَ مِنَ الخُسْرَانِ أن لَيَالِيَا *** ‌تَمُرُّ ‌بِلَا ‌نَفْعٍ وتُحْسَبُ مِنْ عُمُرِي

 

ونَتَذكَّرُ في آخرِ العامِ ونَحنُ نرى تَقييمَ الموظفينَ السَّنويَّ، فَمنهُم الفَائزُ والخَاسرُ، ومِنهُم الرَّاضي والسَّاخطُ، كَيفَ يتَفاوتُ النَّاسُ يومَ القِيامةِ، (‌فَمِنْهُمْ ‌شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَاّ مَا شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَاّ مَا شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ)، وأنَّ الفَوزَ الحقيقيَّ عِندما تَنجو في ذَلكَ اليومِ العَظيمِ، فَتكونَ من أصحَابِ جَنَّةِ النَّعيمِ، (‌كُلُّ ‌نَفْسٍ ‌ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَاّ مَتاعُ الْغُرُورِ)، إنَّهُ واللهِ الفَوزَ الذي لا خَسارةَ بَعدَه.   

 

نفعني اللهُ وإياكمْ بهَدْيِ كتابهِ وسنّةِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم، أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ، فاستغفروهُ يغفرْ لكمْ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ غافرِ الذنوبِ وساترِ العيوب، والصلاةُ والسلامُ على إمامِ المستغفرين، وداعي الناسِ للتوبةِ أجمعين، أما بَعدُ:

 

نَتَذكَّرُ في آخرِ العامِ ونَحنُ نرى تَصفيَّةَ التُّجارِ للبَضائعِ القَديمةِ، تَصفيةَ القُلوبِ مِن الشَّحناءِ والخِلافاتِ الأثيمةِ، فلا صَلاةً تُرفعُ، ولا عِبادةً تَنفعُ، ولا دُعاءً يُسمعُ، يَقولُ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: (تُفْتَحُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً، إِلَاّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى ‌يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى ‌يَصْطَلِحَا)، فَكُنْ خَيرَهما الذي يَبدأُ بالسَّلامِ، وكُنْ سَليمَ القَلبِ عَلى أهلِ الإسلامِ، لَتَنجوَ يَومَ تُبلى السَّرائرُ، وَمَا لَكَ ‌مِنْ ‌قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ، (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَاّ مَنْ أَتَى اللَّهَ ‌بِقَلْبٍ ‌سَلِيمٍ).

 

نَتَذكَّرُ ونَحنُ في نِهايةِ كُلِّ عَامٍ من الأعوامِ، نِهايةَ الدُّنيا وكأنَّها حِلمٌ مِن الأحلامِ، يَومَ نَستيقِظُ مِن رَقدَتِنا ونَحنُ غَافِلونَ، فَنَقولُ هَذا ما وَعَدَ الرَّحمنُ وصَدَقَ المُرسلونَ، قَالَ مَيْمُونُ بنُ مِهرانَ للحَسَنِ البَصريِّ: يَا أَبَا سَعِيدٍ قَدْ ‌آنَسْتُ مِنْ قَلْبِي غِلْظَةً فَاسْتَلِنْ لِي مِنْهُ، فَقَرَأَ ‌الْحَسَنُ: (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ)، فَسَقَطَ مَيمونٌ يَفْحَصُ بِرِجْلِهِ كَمَا تَفْحَصُ الشَّاةُ الْمَذْبُوحَةُ، فَأَقَامَ طَوِيلًا ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَخَذَهُ وَلَدَهُ بِيَدِهِ فَخَرَجَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا أَبَتَاهُ، هَذَا ‌الْحَسَنُ؟، قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ هَذَا، فَوَكَزَهُ فِي صَدْرِهِ وَكْزَةً، ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ، لَقَدْ قَرَأَ عَلَيْنَا آيَةً لَوْ فَهِمْتَهَا بِقَلْبِكَ لَأَبْقَى لَهَا فِيكَ كُلُومٌ، أَيْ: جُروحٌ.

 

فَلْنُبادِرْ إلى اللهِ تَعالى ولِسانُ حَالِنا: (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ)، عسى أن يُقالَ لِنا: (‌لا ‌تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).

 

اللهمَّ احفظ علينا أَمنَنا وإيمانَنا، واجمعْ كَلمتَنا على الحقِّ والهُدى، واغفرْ لنا ما سَلفَ من ذُنوبٍ وأَخطاءٍ فِيما مَضى من عَامِنا، واجعلْ عَامَنا الجديدَ عَامَ خَيرٍ وبَركةٍ ونَصرٍ للإسلامِ والمسلمينَ، اللهمَّ أَعنَّا فيه على الصَّالحاتِ وجنِّبنا الموبقاتِ والمهلكاتِ، اللهمَّ أَعزْ الإسلامَ والمسلمينَ، واخذل الطُّغاةَ والمُفسدينَ وسَائرَ أَعداءِ الدِّينِ، اللهمَّ آمِنا في أَوطانِنا، وأَصلحْ أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، وأَيدْ بالحقِّ إمامَنا ووَليَ أَمرِنا، اللهمَّ وفقه لما تُحبُّ وتَرضى، وخُذْ بناصيتِهِ للبرِّ والتَّقوى، اللهمَّ هَيءْ له البِطانةَ الصالحةَ، اللهمَّ كُنْ لَهُ عَلى الحقِّ مُعيناً وظَهيراً، ومُؤيداً ونَصيراً يا ذا الجلالِ والإكرامِ، اللهمَّ وفق جَميعَ وُلاةِ المسلمينَ لتَحكيمِ شَرعِك، واتباعِ سنةِ نَبيِّك صَلى اللهُ عَليهِ وسَلمَ، اللهمَّ اجعلهم رَحمةً على عِبادِكَ المؤمنينَ، اللهم اغفر للمسلمينَ والمسلماتِ، والمؤمنينَ والمؤمناتِ، الأحياءِ منهم والأمواتِ، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا، رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ).

المرفقات
2pCGomdE1fnuizZUMn1utpqlgtWTKayfDdn6UYnT.pdf
hsG3dgMpG3rf2Anc3uXIorfg94DQaZZQLMZC8DhN.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life